ليس الشر عنصرًا أساسيًا في طبيعة الأشياء. خلقه الإنسان الأصلية، وتكوينه في النعمة، وفي معرفة الله.
1- في البدء لم يكن الشر موجودًا. بل أنه ليس له وجود الآن في الذين قد تقدسوا، كما أنه ليست له علاقة بطبيعتهم بأي حال من الأحوال. على أن الناس فيما بعد بدأوا يخترعونه، ويحكمون صنعه لضررهم. ومن ثم اخترعوا الأصنام أيضًا حاسبين غير الموجود كأن له وجود.
2- لأن الله جابل الكل، وملك الكل، الذي يعلو على كل جوهر، ويعجز البشر عن اكتشافه، نظرًا لعظم صلاحه، وسموه كل السمو، خلق -مخلصنا يسوع المسيح بكلمته- الجنس البشري على صورته، وكوَّن الإنسان قادرًا على رؤية وإدراك الحقائق بواسطة هذه المشابهة لشخصه، مانحًا إياه أيضًا أن يدرك ويعرف حتى أزليته، حتى إذا ما احتفظ بطبيعته كاملة لا ينحرف عن فكرته عن الله قط، ولا يرتد عن شركة القديسين. بل إذ نال نعمته التي وهبها إياه، ونال أيضًا قوة الله من كلمة الآب، استطاع أن يغتبط وتكون له شركة مع اللاهوت، عائشًا حياة الخلود كاملة ومباركة يقينًا. لأنه إذا لا يعوق معرفته للاهوت شيء فانه يحتفظ أبدًا -بطهارته- بصورة الآب، الله الكلمة، الذي خلق هو نفسه على صورته. وانه ليدهش إذ يتأمل في العناية الإلهية التي تمتد إلى الكون عن طريق “الكلمة” مرتفعًا عن الأشياء الحسية والمظاهر الجسمية ومتصلًا بقوة عقله بالإلهيات والأشياء التي تُدرك بالعقل في السماوات.
3- لأنه حينما لا يتصل العقل البشري بالأجساد، ولا يختلط به من الخارج أي شيء من شهواتها، بل يبقى ساميًا فوقها تمامًا، ويظل مستقلًا بنفسه كما قصد به من البدء، فإنه يتعالى إلى فوق متساميًا عن الحسيات وكل الأمور البشرية، وإذ يرى “الكلمة” فإنه يرى فيه أيضًا أبا “الكلمة”، متلذذًا بالتأمل فيه، ومكتسبًا التجديد من الانعطاف نحوه.
4- وذلك تمامًا كأول إنسان خلق -الذي سُمي بالعبرانية آدم- إذ وُصِفَ في الكتب المقدسة بأن عقله كان متجهًا نحو الله بحرية لا يعيقها الخجل، وبأنه كان يشارك القديسين في التأمل في الأمور التي يدركها العقل، والتي كان يتمتع بها في المكان الذي كان فيه - الذي دعاه القديس موسى رمزيًا بالجنة(*). لذلك فإن طهارة النفس كافية في حد ذاتها للتأمل في الله، كما يقول الرب أيضًا “طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله”.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(*) توضيح من الموقع: يقصد أنها مجرد حديقة أرضية garden وليست جنة مُشْبِعَة لروح الإنسان مثل الفردوس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/evil.html
تقصير الرابط:
tak.la/x2tjzyx