انحطاط الإنسان من الحالة السالف شرحها، بسبب انهماكه في الماديات.
1- إذًا فهكذا صور الخالق جنس البشر كما قلنا، وهكذا قصد به أن يستمر. ولكن الناس إذ استخفوا بالأمور الأفضل، ورفضوا إدراكها، بدأوا يبحثون عن الأمور الأقرب إليهم التي فضلوها على تلك.
2- على أن الأمور الأقرب إليهم هي الجسد وحواسه. وهكذا إذ أبعدوا عقلهم عن الأشياء المدركة بالتفكير بدأوا يفكرون في أنفسهم، وبهذا، وبحصر الفكر في الجسد وسائر الأمور الأخرى الحسية، وإذ انخدعوا بما حولهم، سقطوا في شهوات أنفسهم، منفضلين ما هو لذواتهم عن التأمل فيها هو لله. وإذ انغمسوا في هذه رافضين ترك الأمور القريبة إليهم، أوقعوا نفوسهم في حبائل الملذات الجسدية فاضطربت (نفوسهم) وارتبكت بكل أنواع الشهوات، بينما نسوا كلية القوة التي نالوها أصلًا من الله.
3- على أن صحة هذا تتبين في الإنسان الذي خُلق أولًا كما تخبرنا الكتب المقدسة عنه. لأنه هو أيضًا طالما كان عقله مركزًا في الله ومداومًا على التأمل في الله كان متحولًا عن التأمل في الجسد. ولكنه عندما ابتعد عن التفكير في الله بمشورة الحية، وبدأ يتأمل في نفسه، فإنهما لم يترديا إلى شهوات الجسد فحسب، بل عرفا أنهما عريانان، وإذ عرفا هذا خجلا. على أنهما لم يعرفا أنهما عريانان من اللباس بقدر ما عرفا أنهما تجردا من التأمل في الأمور الإلهية، وحولا ذهنهما إلى الضد. لأنهما إذ ابتعدا عن التأمل في الواحد الحق أي الله، وعن الرغبة فيه، فإنهما منذ تلك اللحظة انشغلا بشهوات مختلفة، وشهوات الحواس الجسدانية المتعددة.
4- ونتج من هذا بطبيعة الحال أنهما إذ تولدت فيهما الرغبة لكل شيء بلا استثناء بدأا يألفان هذه الرغبات لدرجة أنهما كانا يخشيان أن يتركاها. لهذا بدأت النفس تخضع للجُبن والخوف والملذات والتفكير في الفناء. لأنها إذ لم تشأ أن تترك شهواتها صارت تخشى الموت وانفصالها عن الجسد. وأيضًا إذ بدأت تشتهي، ووجدت أنها عاجزة عن إتمام شهواتها تعلمت ارتكاب القتل والمظالم. وهذا يدفعنا بطبيعة الحال لكي نوضح على قدر الاستطاعة كيف تفعل هذا.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/mans-degradation.html
تقصير الرابط:
tak.la/4c32386