St-Takla.org  >   books  >   fr-athnasius-fahmy  >   st-magdalene
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب مريم المجدلية، قديسة القيامة: رؤية آبائية - القمص أثناسيوس فهمي جورج

8- مريم المجدلية عند أقدام المصلوب

 

تبعت المجدلية ربنا يسوع المسيح، كل أيام حياته على الأرض، وكانت ممن تبعوه في رحلته الأخيرة من الجليل إلى أورشليم، لم تتركه في المحاكمة، ولا عند دار الولاية بلا خوف من تهديد الكهنة والفريسيين.

وفى حب نادر ووفاء فريد سارت في موكب المسيح المصلوب، حتى بلغت رابية الجلجثة حيث صلبوا السيد والملك ومجده الملوكي كان يشع من فوق خشبة الصليب:

كانت موجودة في منزل بيلاطس وسمعت رؤساء الكهنة يطلبون دمه الذكي الذي كان غالى الثمن في قلبها.

سمعت بيلاطس البنطي يحكم بموته على الصليب رغم أنه لم يجد فيه علة ولم يوجد في فمه غش.

بكت بمرارة عندما غادر الرب قصر بيلاطس وهزء به ولطم. رأته يقاد إلى هضبة الجلجثة حاملًا الصليب فصرخت وبكت.

ووقفت أقرب ما استطاعت (عند أقدام المصلوب)، ليت وجودها يواسى المسيح عندما يتجرع آلامه الفصحية.

بقلب متألم راقبته إلى المنتهى، فرأت رئيس الجند يطعنه بالحبة، شاهدة على فتح جنبه وميلاد الكنيسة (بماء المعمودية ودم الافخارستيا).

بأيدي حانية تلمست جراحات المصلوب عندما أنزلوه من على الخشبة العتيدة.

St-Takla.org Image: The Crucifixion of Jesus Christ with Virgin Mary, Saint John the Beloved and Saint Mary Magdalene صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة يسوع المسيح المصلوب مع القديسة العذراء مريم، القديس يوحنا الحبيب، والقديسة مريم المجدلية

St-Takla.org Image: The Crucifixion of Jesus Christ with Virgin Mary, Saint John the Beloved and Saint Mary Magdalene.

صورة في موقع الأنبا تكلا: يسوع المسيح المصلوب مع القديسة العذراء مريم، القديس يوحنا الحبيب، والقديسة مريم المجدلية.

ساعدت يوسف ونيقوديموس في إنزال الجسد المسحوق من على الصليب، وإعداده للدفن، ثم وضعه في المقبرة في البستان. وبحسب أمانة مريم المجدلية، ظلت إلى النهاية تخدم الرب بكل اجتهاد وجهد وسعى، حركتها محبتها نحو الرب لتنظر إله وحده برغبة كبيرة وأمانة كثيرة، فأخذت على عاتقها السير خلفه في موكب الصليب، وامتلأت نفسها بمكيال المحبة والطاعة للمتألم الذي لا يتألم، الذي أظهر بالضعف ما هو أعظم من القوة.

وفى وقفتها عند الصليب وجد ربنا يسوع المسيح ثمارًا من هؤلاء الذين تعب لأجلهم وجال وسطهم يصنع خيرًا، ناظرًا إلى الواقفين عند الصليب، نظرة الوداد والمشاركة التي يستريح فيها المثيل إلى مثيله.

ووقفت المريمات عند أقدام المصلوب في لحظات الضيق والألم، ومعهم التلميذ الذي كان يسوع يحبه، ويا لهذه الأوقات التي تظهر القديسين.. فينما تجف الأوراق الصفراء من حرارة الشمس تزداد الأوراق الخضراء حيوية!!

بقيت المجدلية عند الصليب (مر 1: 40؛ مت 27: 55؛ يو 19: 25) على مستوى النظر والسمع والتلامس مع شخص المسيح المصلوب، بثقة مزيدة وحب ملتهب ووفاء نادر وجمال حب كالذهب الخالص الذي لا يصدأ ولا يتغير بل يشبه في ألوانه أشعة الشمس.

ووقفت تبكى ولا شيء أثمن من الدموع، لذلك قيل إننا سوف ندان بموجب العبرات التي نذرفها، وما أعمق التقوى المخلصة التي لمريم المجدلية، وهذا السر الذي كثيرًا ما نجهله، ألا وهو التوبة بدموع وانكسار القلب.

ووقف تنظر للذي لم يعرف خطية وصار خطية لأجلنا، وقفت متألمة عند صليب المسيح الذي افتدنا من لعنة الناموس وصار لعنة لأجلنا، وبذل نفسه لأجل خطايانا لينقذنا من العالم الحاضر الشرير وليقدم نفسه فدية لأجل الجميع.

ووقفت تحت أقدام المصلوب حيث الدم الإلهي يجرى متدفقًا، فتذوقت حلاوة التطهير وقوة الخلاص والغفران، أليست هي التي تذوب حبًا في الحبيب المعلق على الصليب الذي حررها من ماضيها الملوث!!

ذاقت الوقوف بجوار الصليب، تستظل بستر جناحيه فأحست بالآم الرب وأناته من أجل البشرية، ورأت مقدار غفرانه ودمه الغزير الذي غسل به خطايانا الكثيرة.

أليست الجلجثة هي مذبح الكنيسة، والدم الذكي هو دم كأس العهد الجديد، الذي كل من يتناوله باستحقاق، يعطى الخلاص والغفران والحياة الأبدية.

لقد كتبت النعمة على قلب المجدلية القوانين الروحية، والأسرار السمائية على صفحات قلبها بالمشاركة والاتصال الشخصي المستمر بمن سبق واقتناها بعد أن شفاها وأعطاها حياة القلب المتجدد.

 لم تكن من الذين اقتربوا منه بالجسد ووقفوا بعيدًا بقلوبهم، فمن كان بالجسد أقرب إليه من أولئك الذين رفعوه على الصليب؟! كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. من كان أكثر بعدًا عنه مثل الذين جدفوا عليه..؟ ذات الأشخاص الذين كانوا قريبين منه، كانوا أيضًا بعيدين عنه، قريبين بأجسادهم بعيدين بقلوبهم.

لكن المجدلية وقفت عند الصليب الذي من قبله دخل الفرح إلى العالم، هناك تناجى الحبيب حياة نفسها وسعادة قلبها وكل طموحها، وهو معلقًا على الصليب يقطر دمًا لأجل خلاصنا.

حملته مع يوسف ونيقوديموس، وهو الذي يحمل المسكونة كلها على كفه، انزلوا الذي علق على خشبة وهو الذي يعلق الأرض كلها على لا شيء، حملوا كنز الحياة الذي يحمل الكل فيه ويجمع الخليقة كلها في شخصه..

قبلته وأمسكت به ومسحت له دمه، الذي اقتنى به الكنيسة، وأسرعت إليه بالطيب وهو منبع كل الأطياب والعطور، والذي يجعل البحر كقدر عطارة.

لقد تبارى الفنانون في رسم أيقونة مريم المجدلية عند الصليب، ومنهم الفنان روبنس Rubens في قطعته الفنية "النزول من على الصليب" التي يصور فيها المجدلية ومريم زوجة كلوبا، يساعدان يوسف ونيقوديموس في إنزال جسد الرب من على الصليب، وإعداده للدفن ثم وضعه في القبر، إذ أنها كانت تجاه القبر وبقيت هكذا حتى أنزل يوسف الرامي الجسد المقدس. (مت 27: 61، مر 15: 47، لو 23: 55).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-magdalene/cross.html

تقصير الرابط:
tak.la/jwrc456