ما أن قال رب المجد يسوع لتلاميذه قبيل صعوده: "اذهبوا إلى العالم أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر 16: 15)، حتى انطلقوا للكرازة إتمامًا لهذه الوصية، بعد أن نالوا وعد الروح القدس، قوة من الأعالي... وبدأوا يذيعون إنجيل الخلاص... وهكذا تأسست الكنيسة بالتعليم الشفوي والوعظ الشخصي، بكرازة وشهادة وتقليد الرسل وتلاميذهم...
وإذ اتسع حقل الرسل الكرازي، تطلب الأمر اتصال الرسل بالكنائس التي أسسوها بواسطة الرسائل... وتطلب الأمر - لجاجة الأجيال القادمة- سجلًا إيمانيًا عن حياة السيد المسيح وتعليمه، من شهود أمناء موثوق بهم. فالتقليد الشفوي بين البشر العاديين، غير المعصومين من الخطأ، عُرضه لتغيرات على مدى السنين والأجيال، تفقده صحته وصدقه، كلما ابتعد عن مصدره الأصلي... وفي النهاية يصبح من العسير معرفة الأخطاء والإضافات التي تتراكم فوقه... كما كان هناك احتمال خطر كبير في التحريف والتشويه العمدي للتاريخ والعقيدة المسيحية، بواسطة الهراطقة لا سيما المتهودين ومَن لهم ميول وثنية، بل ومن أعداء المسيحية... إذن فقد أصبحت كتابة سجل يحوي كلمات وتعاليم وأعمال الرب يسوع وتلاميذه في غاية الأهمية والضرورة، ليس لتأسيس الكنيسة، بل لحفظها من أي انحراف...
ومن هنا كتب رسل المسيح سبعة وعشرين سفرًا بإرشاد الروح القدس. كُتِبَ معظمها بين عاميّ 50، 70، باستثناء إنجيل يوحنا ورؤياه ورسائله فقد كُتبت بعد ذلك... "للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب، الذي في البر" (2 تي 3: 16).
كانت مهمة الكنيسة الأولى هي جمع هذه الكتابات في قانون، لتصبح متميزة عن الكتابات الأبوكريفا أو الكتابات المنسوبة زورًا للرسل، وحتى عن الكتابات الأرثوذكسية لكنها نتاج بشري خالص وليس بإلهام الروح القدس...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
وهي في قيامها بهذه المهمة كانت مسوقة ومرشدة بروح الله وإحساس بالحق... وقد بدأ هذا العمل منذ القرن الأول المسيحي. وهذا واضح مما ذكره بطرس الرسول في رسالته الثانية مشيرًا إلى رسائل القديس بولس "كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضًا... كما في الرسائل كلها أيضًا متكلمًا فيها عن هذه الأمور" (2 بط 3: 15، 16)... وكانت هذه الكتب المقدسة معروفة ومتداولة في الكنيسة كلها وعلى المستوى العام منذ النصف الأول من القرن الثاني الميلادي...
والكتابات الرسولية على ثلاثة أنواع: تاريخية، وتعليمية، ونبوية... والبشائر (الأناجيل الأربعة)، وسفر أعمال الرسل، تتبع النوع الأول والرسائل تتبع النوع الثاني، وسفر الرؤيا يتبع النوع الثالث... في الأناجيل نرى يسوع المسيح في صورته الجسدية يسير على الأرض ويكمل عمل الفداء، وفي الأعمال والرسائل نراه يؤسس الكنيسة ويملأها ويقودها بروحه. وفي رؤيا يوحنا، يظهر في مجده مع عروسه -كنيسة القديسين- يملك إلى الأبد في الأرض الجديدة، في مدينة الله...
والآن نتقدم لنعرض في عجالة لأسفار العهد الجديد(34)... على أنه لا يدخل في نطاق بحثنا في هذا الكتاب، كتابة مقدمات للأسفار، أو إثبات صحتها من الداخل، لكننا فقط نُلقي بعض الضوء عليها ونعرض للشهادة التاريخية لها، وأنها رسولية.
217 | |
218 | |
219 | |
220 | |
221 | |
222 | |
223 | |
224 |
_____
(*) توضيح من الموقع: الصورة بالكتاب المطبوع (وهي صفحة أخرى من نفس الوثيقة) مكتوب عليها: "وثيقة موراتوري مُثَبت فيها الأسفار المقبولة كأسفار قانونية ويرجع تاريخها على الأقل إلى سنة 170 م.". ولكن تم تعديل التعليق على الصورة من قبل الموقع لتوضيح أن تاريخ الوثيقة هو القرن السابع، وبها دلائل قوية تشير أنها ترجع إلى سنة 170 م. أو القرن الرابع. حيث تشير إلى البابا بيوس الأول بابا روما كشخص معاصر.
(34) انظر المقالات الخاصة بكتاب العهد الجديد وعن كل سفر من أسفاره في:
Smith, Dictionary of the Bible "4 volumes"
.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/new-testament-authors.html
تقصير الرابط:
tak.la/8c72df2