القديس لوقا -باعترافه- لم يعاين الرب يسوع بالجسد... دوّن إنجيله وقدمه إلى شخص يدعى ثاؤفيلس (= محب الله)... ويبدو أن ثاؤفيلس هذا كان ذا مركز اجتماعي ملحوظ، بل ويحتمل أنه كان في خدمة الدولة، كما يظهر من لقب "عزيز"(74)، الذي يخاطبه به لوقا... وقيل عن ثاؤفيلس أنه كان أنطاكيًا، لكن الأرجح أنه كان إسكندريًا(75)... والثابت أن ثاؤفيلس هذا كان متنصرًا أو موعوظًا يستعد للعماد، وذلك من قول القديس لوقا له: "لتعرف صحة الكلام الذي وعظت به" (1:4)...
كتب لوقا إنجيله للأمميين وعلى الأخص اليونانيين، لذا فهو يشرح بإيجاز للقراء الأمميين موقع المدن الفلسطينية والمسافات بينها وبين أورشليم(76). وهو لا يرجع إلى النبوات ويشير إلى إتمامها في يسوع الناصري كما فعل متى، لكنه يلقي نظرة عامة على المسيح كمخلّص جميع البشر(77)، ومتمم اشتياقات كل قلب... ومن هنا فإن سلسلة نسب المسيح يرجعها ليس فقط إلى إبراهيم كما فعل متى، بل إلى آدم ابن الله وأب جميع البشر (3: 38)، وهو يهتم اهتمامًا خاصًا بإبراز أن المسيح مخلّص للأمم أيضًا(78)... والقديس لوقا يظهر المسيح الإنسان في ملء بشريته، وأنه مثلنا في كل شيء ما خلا الخطية... ويصوره في كل البشارة على أنه صديق الخطاة الرحيم، شافي المرضى، معزي منكسري القلوب، راعي الخروف الضال...
وهناك دلالات قوية على أن لوقا كتب إنجيله بين سنتي 58، 63... أما مكان كتابته فغير معروف، والآراء مقسمة بين بلاد اليونان والإسكندرية وأفسس وقيصرية وروما. ويحتمل أن يكون العمل قد تم على مراحل في هذه الأماكن كلها، بينما كان يجمع لوقا مادة إنجيله(79) من الذين كانوا منذ البدء معاينين وخدامًا للكلمة"(لو1: 2).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
اقتبس يوستينوس الشهيد عدة اقتباسات من إنجيل لوقا، وإيريناؤس ذكره بصراحة [إنجيل لوقا رفيق بولس].. وذكرته الوثيقة التاريخية المعروفة باسم [وثيقة موراتوري](80) Muratorian Fragment التي ترجع إلى نحو منتصف القرن الثاني، باسم إنجيل [لوقا الطبيب].. والإنجيل موجود ضمن كل المخطوطات القديمة والترجمات... هذا فضلًا عن شهادة بعض العلماء البارزين الأوائل من أمثال أوريجينوس(81).
_____
(74) استخدم بولس الرسول هذا اللقب في خطابيه أمام فيلكس وفستوس الواليين الرومانيين (أع 23: 26؛ 24: 3؛ 26: 25).
(75) Smith; Dictionary of the Bible, Bol. 3, pp. 1476, 1477;
الدرر النفيسة في مختصر تاريخ الكنيسة جـ 1: ص 101.
(76) انظر: (لو1: 26؛ 4: 31؛ 23: 51؛ 24: 13).
(77) فكرة الخلاص واضحة جدًا في كتابات لوقا، سواء إنجيله أو سفر الأعمال: (انظر لوقا 1: 47، 69، 77؛ 2: 11، 30؛ 19: 9).
(78) انظر: (لوقا 2: 32؛ 3: 6؛ 4: 26، 27؛ 17: 12-18)، وهو الوحيد الذي ذكر إرسالية السبعين رسولًا الذين يمثلون الأمم الوثنية مقابل الرسل الاثني عشر الذين يمثلون أسباط إسرائيل (لو10: 1).
(79) Schaff, Vol. 1, pp. 670 - 675
.(80) هي وثيقة هامة مثبت فيها الأسفار المقبولة كأسفار قانونية. سميت كذلك لأن أول مَن نشرها سنة 1740 هو العالم الإيطالي Muratori من مخطوطة كانت في مكتبة أمبروسيوس بميلان، لكنها كانت أصلًا في الدير الأيرلندي الكبير في بوبيو Bobbio - ويرجع تاريخها على الأقل إلى سنة 170 م. إن لم يكن قبل ذلك "Salmon, pp. 42, 43".
(81) Schaff, Vol. 1, p. 668
.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/gospel-of-luke.html
تقصير الرابط:
tak.la/24amg7g