St-Takla.org  >   books  >   anba-raphael  >   you-desired-to-renew-him
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب وأردت أن تجدده - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة

5- شروحات الآباء

 

2- شروحات الآباء

 عبّرَ الكُتّاب المسيحيون الأولون، وآباء الكنيسة منذ القديم، وحتى عصرنا هذا، كلٌ منهم عبّر بشرحه الخاص، ورؤيته الشخصية، عن جانب لعمل المسيح الفدائي على الصليب. فكل منهم قد عكس شارحًا ما اختبره، وتذوقه، والتقاه في عمل المسيح، دون أن يتجاهل، أو يحقّر من تفاسير، وشروحات الآباء الآخرين، المعتبرين أعمدة.

يقول القديس كيرلس الكبيرأعتقد أن الذين يدرسون الأسفار المقدسة، يمكنهم الاستعانة بكل الكتابات الأمينة، والصالحة، الخالية من الأخطاء، وهكذا يجمعون أفكار الكثيرين في وحدة واحدة، لخدمة الرؤيا وإدراك الحق، هؤلاء يرتفعون إلى مستوى جيد من المعرفة، ويتشبهون بالنحلة العاملة الحكيمة النشيطة التي تجمع شهد العسل، الذي للروح القدس.” [12]

ويقول القديس أثناسيوس الرسولي العظيم: "لقد كتبتُ هذا الشرح المختصر حسبما تعلمتُ، أمّا بالنسبة لك، فأرجو أن تقبل هذا الشرح، ليس كتعليم كامل وتام في ذاته، بل كبداية تحتاج إلي أن تُكَمِّلَها مُعتَمِدًا علي نصوص الأناجيل والمزامير". [13]

ويقول القديس كيرلس الكبير أيضًا: "على المرء أن يفسر الكتب المقدسة حتى لو سبقه آخرون"[14].

والخبرة الشخصية لهؤلاء الآباء، لا تنفصم ولا تنفصل، عن الخبرة الكنسية الجماعية على مر الأجيال في التلامس مع الصليب، وفهم عمل المسيح الخلاصي. فلذلك، لم تقبل الكنيسة الجامعة الأرثوذكسية، منذ البداية أي رأي ليس عليه إجماع[15]. وفهمت تفاسير الآباء، بطريقة تكاملية، لا تصادمية [16].

St-Takla.org Image: Meghalo Arshi Erfs (2), The High Priest: Jesus Christ in the middle and beside him are the Coptic Orthodox Popes that defended the faith: on the right Pope Athanasius of Alexandria, and beside His Pope Cyril the Great (holding a plate), on the left side: Pope Peter the Seal of Martyrs (holding the censer) and Pope Discoros the Hero of Orthodoxy. The icon is inspired by "Meghalo" Coptic hymn (The Greatest High Priest), and the words at the background are that hymn's lyrics - ink and color with Photoshop, 2013, used with permission - by Mina Anton صورة في موقع الأنبا تكلا: ميغالو أرشي إريفس (2)، رئيس الكهنة: السيد المسيح يتوسط المشهد وبجانبه على اليمين واليسار الآباء البطاركة المدافعين عن الإيمان: على اليمين البابا أثناسيوس الرسولي - البابا كيرلس عمود الدين (يحمل لوحًا)، وعلى اليسار البابا بطرس خاتم الشهداء الممسك بالمبخرة و البابا ديسقورس بطل الأرثوذكسية. والأيقونة مستوحاة من لحن ميغالو أي رئيس الكهنة اﻷعظم، والكلمات في الخلفية هي كلمات لحن ميغالو بالقبطية - حبر ثم تلوين بالفوتوشوب، 2013، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

St-Takla.org Image: Meghalo Arshi Erfs (2), The High Priest: Jesus Christ in the middle and beside him are the Coptic Orthodox Popes that defended the faith: on the right Pope Athanasius of Alexandria, and beside His Pope Cyril the Great (holding a plate), on the left side: Pope Peter the Seal of Martyrs (holding the censer) and Pope Discoros the Hero of Orthodoxy. The icon is inspired by "Meghalo" Coptic hymn (The Greatest High Priest), and the words at the background are that hymn's lyrics - ink and color with Photoshop, 2013, used with permission - by Mina Anton

صورة في موقع الأنبا تكلا: ميغالو أرشي إريفس (2)، رئيس الكهنة: السيد المسيح يتوسط المشهد وبجانبه على اليمين واليسار الآباء البطاركة المدافعين عن الإيمان: على اليمين البابا أثناسيوس الرسولي - البابا كيرلس عمود الدين (يحمل لوحًا)، وعلى اليسار البابا بطرس خاتم الشهداء الممسك بالمبخرة و البابا ديسقورس بطل الأرثوذكسية. والأيقونة مستوحاة من لحن ميغالو أي رئيس الكهنة اﻷعظم، والكلمات في الخلفية هي كلمات لحن ميغالو بالقبطية - حبر ثم تلوين بالفوتوشوب، 2013، موضوعة بإذن - رسم الفنان مينا أنطون

وفهمُ العمل الإلهي العظيم، لابد أن ينطلق من إيمان الكنيسة، وحياتها المعاشة، مذاقة في الليتورجيا، وحياة الآباء، وخبرتهم الروحية، متسقًا مع الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس.

يقول القديس أثناسيوس الرسولي: " دعونا ننظر إلى تقليد الكنيسة الجامعة، وتعليمها، وإيمانها، الذي هو من البداية، والذي أعطاه الرب، وكرز به الرسل، وحفظه الآباء، وعلى هذا الأساس تأسست الكنيسة، ومن يسقط منه فلن يكون مسيحيًا، ولا ينبغي أن يدعى كذلك فيما بعد.[17]".

ويقول القديس إيريناؤسإن الكتب المقدسة كاملة، إذ هي صادرة من الله وروحه، حتى وإن عجزنا عن إدراك أسرارها”. [18]

ويقول القديس أثناسيوس الرسولي: “إن تعليم الحق يكون أدق ما يمكن حينما نستمده من الكتاب المقدس وليس من مصادر أخرى [19]

ويقول القديس يوحنا ذهبيّ الفم: “في الكتب المقدسة لن نتردد مثقال ذرة أو نقطة، إنما يلزمنا أن نبحث كل شيء، فإن الروح القدس هو الذي نطق بالكل، وليس شيء من المكتوب جاء بغير فائدة [20]

لذلك، فإنه من الخطأ الجسيم، أن يُنظر إلى عمل المسيح الخلاصي، في اتجاه واحد، ورؤية واحدة منعزلة عن الخبرة الكنسية الجماعية، والرؤى التفسيرية الممتدة للآباء الأولين. فهناك أوجه متعددة قد كُشفت لنا عبر هؤلاء. فليس الطريق للاقتراب من هذا السر ومحاولة فهمه، أحاديًا، بل هو طريق متعدد المداخل، بل هو طرق متنوعة نستطيع من خلالها معًا أن نقترب بخشوع من فهم وإدراك سر المسيح.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

لاحظ قارئي الحبيب، أن القديس أثناسيوس الرسولي، حينما أراد أن يشرح سر تجسد الكلمة، كتب كتابًا من 57 فصل، وختمه بهذه العبارات الدالة على أن سر التجسد لا يمكن الانتهاء من شرحه، ولا يمكن الوصول إلى منتهاه، ولا يمكن حصر شرحه في اتجاه واحد: "وباختصار، فإن الأعمال التي حققها المخّلص بتأنسه، عظيمة جدًا في نوعها، وكثيرة في عددها، حتى أنه إذا أراد أحد أن يحصيها، فإنه يصير مثل الذين يتفرسون في عرض البحر، ويريدون أن يحصوا أمواجه. لأنه كما أن الإنسان لا يستطيع أن يحصى كل الأمواج بعينيه، لأن الأمواج تتتابع بطريقة تبلبل ذهن كل من يحاول ذلك، هكذا مَن يحاول أن يحصى كل أعمال المسيح في الجسد، فمن المستحيل أن يدركها كلها، إذ إن الأعمال العظيمة التي تفوق ذهنه هى أكثر من تلك التي يظن أنه قد أدركها.

إذًا فمن الأفضل ألاّ يحاول الإنسان أن يتحدث عنها كلها، مادام لا يستطيع أن يوفي ولو جزءًا منها حقه، وإن ذكرنا عملًا آخر منها، فإننا نترك لك باقى الأعمال كلها للتعجب منها. لأنها كلها عجيبة على السواء. وأينما وجّه الإنسان بصره فإنه يرى ألوهية الكلمة، ويتملك عليه الذهول العظيم". [21]

بالإضافة إلى أن فهم العمل الإلهي، يحتاج نقاوة في النفس، وطهارة في الروح، واتضاع قلب، كما علمنا القديس أثناسيوس الرسولي: "إن دراسة الكتب المقدسة ومعرفتها معرفة حقيقية تتطلبان حياة صالحة، ونفسًا طاهرة وحياة الفضيلة التي بالمسيح. وذلك لكي يستطيع الذهن -باسترشاده بها- أن يصل إلى ما يتمناه وأن يدرك بقدر استطاعة الطبيعة البشرية ما يختص بالله الكلمة. فبدون الذهن النقي، والتمثل بحياة القديسين، لا يستطيع الإنسان أن يفهم أقوال القديسين. فكما أنه إذا أراد إنسان أن يبصر نور الشمس عليه أن يمسح عينيه ويجليها، لكي تقترب نوعًا ما من نقاوة النور الذي يريد أن يراه، حتى إذا استنارت العين يمكنها أن ترى نور الشمس. أو كما أنه إذا أراد إنسان أن يرى مدينة أو قرية فيجب عليه أن يذهب إلى هناك لكي يراها، هكذا فمن يريد أن يعرف فكر أولئك الذين يتكلمون عن الله يلزمه بالضرورة أن يبدأ بغسل نفسه وتطهيرها بتغيير طريقة حياته ويقترب إلى القديسين أنفسهم بالاقتداء بأعمالهم. وهكذا إذ يشترك معهم في السلوك يمكنه أيضًا أن يفهم ما قد أُعلن لهم من الله، وبعد ذلك إذ يكون قد ارتبط بهم ارتباطًا وثيقًا فإنه يفلت من الخطر المحدق بالخطاة والنار في يوم الدينونة، ويحصل على ما أُعِدَ للقديسين في ملكوت السموات، " ما لم تَرَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال إنسان" ما أُعد للذين يعيشون في الفضيلة، ويحبون الله الآب بالمسيح يسوع ربنا الذي به ومعه يحق للآب نفسه، مع الابن نفسه، في الروح القدس، الكرامة والقدرة والمجد إلى دهر الدهور أمين."[22]

 

(يا إلهي الصالح، تحنن على ضعفي، وعدم نقاوة قلبي، وافهمني تدبير خلاصك، بالرغم من قساوة قلبي، ونجاسات نفسي، اتوسل إليك اكشف عن عينيّ، لأتأمل عجائب تدابيرك الصالحة، ليس من أجل صلاح فيّ؛ فأنت وحدك تعرف ضعفاتي، وتعرف الأشياء الأخرى التي لي.)

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[12] القديس كيرلس الكبير، شرح إنجيل يوحنا الكتاب الأول المقدمة.

[14] القديس كيرلس الكبير، تفسير إشعياء PG 71.12A.

[15]لِأَنَّهُ قَدْ رَأَى ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ وَنَحْنُ،” (أع 15: 28).

وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا.” (2تي 2:2).

أَمْ مِنْكُمْ خَرَجَتْ كَلِمَةُ ٱللهِ؟ أَمْ إِلَيْكُمْ وَحْدَكُمُ ٱنْتَهَتْ؟” (1كو 14: 36).

[16] أذكّر القارئ الحبيب أن هدف هذا الكتاب، هو شرح أن عمل الفداء بصليب ربنا يسوع المسيح، هو عمل كبير جدًا، متعدد الوجوه، ويحتمل أنواعًا كثيرة من الشرح المتكامل، وأن ما تم تقديمه من شروحات بطول التاريخ، في الشرق والغرب، يمكن ان يفهم بصورة تكاملية، وليست تصادمية، باستثناء ما رفضته الكنيسة الجامعة، من شروحات منحرفة، منذ البداية.

[19] القديس أثناسيوس الرسولي، دفاع عن قانون إيمان مجمع نيقية، فقرة 32.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/anba-raphael/you-desired-to-renew-him/patristic.html

تقصير الرابط:
tak.la/m5skkh3