عقيدة "وراثة خطية آدم" عقيدة أساسية لفهم تدبير السيد المسيح في خلاص الجنس البشري. فهم وراثة الخطية الأصلية أو الخطية الجدية يُعَد عنصر رئيسي لفهم تبريرنا بالسيد المسيح. وتم الإسهاب في شرح عقيدة وحدة الجنس البشري، كمدخل هام لفهم علاقتنا بآدم، ثم تجميع الكل في المسيح بصفته آدم الجديد.
من جهة الخطية الأصلية، ركز الآباء على حقيقة أننا لم نشترك مع آدم في الفِعْل لأننا لم نكن موجودين، لكن استخدموا تعبيرات متعددة مثل: صارت الطبيعة البشرية خاطئة، أخطأنا في آدم، صِرْنا شركاء مخالفة آدم، ومن جراء أخطائه عُوقبنا، إذ طالت اللعنةُ الجميعَ، والغضبُ امتد على نسله.
الكنيسة لا تعلّم بأن البشر كأشخاص شارَكُوا آدم في عصيانه، لأنهم لم يكونوا موجودين كأشخاص، ولكن حُسِبَت البشرية كلها خاطئة في شخص آدم الذي أخطأ أولًا.
يمكن وضع هذه النتائج في البيانات التالية:
نتائج خاصة بالنصوص الكتابية - نتائج خاصة بالنصوص الليتورجية - نتائج خاصة بأقوال الآباء - نتائج خاصة بقرارات المجامع المسكونية والمحلية في القرون الأولى
(رومية 5: 12-20) توضح أننا ورثنا خطية آدم وعليه تم إدانة كل الجنس البشري (رو 5: 18). وتضع مقارنة بين وراثتنا لخطية آدم كجنس بشري وهِبَتنا ببر السيد المسيح. ولا يمكن فهم (رومية 5: 12) منفصلة عن باقي الآيات وبعيدًا عن الفكر اللاهوتي لبولس الرسول عن: لماذا ورثنا خطية آدم. ومعنى أننا كنا في آدم عندما أخطأ هو فهم مُتَعَارَف عليه عند بولس الرسول كما يتضح في كتابته عن لاوي الذي كان في صُلْب إبراهيم عندما قدم إبراهيم العشور لملكي صادق (عب 7: 5-10).
يوجد ترجمات قديمة مُعْتَمَدَة من الكنائس الأرثوذكسية القديمة لـ(رومية 5) توضح أننا ورثنا الخطية في آدم. مثل الترجمة القبطية، والترجمة السلافونية القديمة والترجمة البلغارية الأرثوذكسية الرسمية لترجمة الكتاب المقدس المعتمدة من مجمع الكنيسة البلغارية الأرثوذكسية وفي الترجمة الرسمية لمجمع الكنيسة الروسية المأخوذة من الأصل اليوناني "Textus Receptus".
وراثة خطية آدم في كل الجنس البشري تتضح في نصوص الصلوات الليتورجية للقداس الإلهي المُسَلَّمَة منذ العصور الأولى، والتي تؤمن بعقيدة وحدة الجنس البشري. وهذه الصلوات الليتورجية تجعل الأب الكاهن يقف ويصلي في الليتورجيا بلسان واحد نيابة عن كل البشرية في وحدانية بالمسيح. وما يصلي به الأب الكاهن في الليتورجيا القبطية يعبر عن وحدة الجنس البشري في شخص واحد هو آدم قديمًا، ثم في آدم الجديد الرب يسوع المسيح.
عقيدة وراثة الخطية تتضح في ليتورجية المعمودية وقانون الإيمان عندما نقول: "نعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا". حتى ولو أن الطفل عمره دقيقة واحدة على الأرض فهو يحتاج إلى المعمودية لمغفرة الخطايا. أي خطايا؟
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
قد ذكر كثير من الآباء القديسين الأولين وراثة خطية آدم. وقد دعاها البعض بألقاب مختلفة على النحو التالي مُرَتَّبًا ترتيبًا تاريخيًّا:
العلامة أوريجانوس (254 -185 م.) " في كل إنسان دنس خطية متأصل" [446].
القديس الشهيد كبريانوس (258-210 م.) " الطفل الرضيع...... لأن تلك (الخطايا) التي تُغفر له ليست خطاياه الشخصية، ولكن خطايا آخر (آدم)" [447].
القديس غريغوريوس العجائبي (213-270 م.) [448].
القديس غريغوريوس الأرمني (330- 240م)"وفي تحريرهم من الولادة المتورطة في الخطية" [449].
القديس البابا أثناسيوس الرسولي (296-373 م.) "المعصية الأصلية".[450].
القديس أنطونيوس الكبير (356-251 م.) " المعصية الأصلية"[451].
القديس باسيليوس الكبير (330-379 م.) "الخطية الأصلية".[452].
القديس غريغوريوس النزينزي (329-390 م.) "العُري الأصلي... نشارك نفس آدم".[453].
القديس غريغوريوس النيصي (335-395 م). "نحن الذين كنا ورثة الخطية " [454].
القديس أمبروسيوس (340-397 م). "في آدم سقطت أنا".[455].
القديس ديديموس الضرير السكندري (313-398 م.) "جميع الذين انحدروا من آدم أصيبوا بها على التوالي".[456].
القديس يوحنا ذهبي الفم (349-407 م).[457].
القديس أغسطينوس (354-430 م). "هوذا حمل الله: إنه ليس بفرعٍ ممتدٍ من آدم، هو أخذ من آدم الجسد فقط، ولم يأخذ خطيته. إنه لم يأخذ الخطية من العجين الذي لنا، إنما هو الذي ينزع خطيتنا".[458].
القديس كيرلس الكبير (376-444 م.) "‘إننا أسأنا إليه منذ زمن طويل بسبب التعدي في آدم، وبعد هذا بسبب خطايانا الخاصة التي طغت علينا".[459].
مار يعقوب السروجي (451-521 م). "الخطية الأصلية".[460].
القديس ساويرس الأنطاكي (465-538 م). " لكنه (المسيح) لا يزال بدون الخطية التي جاءت علينا" [461].
يتضح من دراسة أقوال الآباء الأولين أن القديس أغسطينوس لم يكن هو أول مَنْ ذَكَرَ وتكلم عن وراثة خطية آدم.
القديس أغسطينوس استخدم تعبير "الخطية الأصلية" للرد على البيلاجية، ولم يعترض الآباء المعاصرون له على استخدام تعبير الخطية الأصلية، خاصة القديس كيرلس الكبير الذي كان معاصرًا للقديس أغسطينوس. وقد كانت هناك رسائل مُتَبَادَلَة بين كل من القديس كيرلس الكبير والقديس أغسطينوس.[462]
قد تم إدانة بيلاجيوس وتلميذه كاليستيوس وأتباعهما حينما أنكروا وراثة خطية آدم ونادوا ببدعة أن الأطفال لا يحتاجون معمودية أو أن معمودية الأطفال ليست لمغفرة الخطايا. وقد ورد في مجمع قرطاجنة الثاني المنعقد سنة 418 م. (القانون 110) ما يلي:"إن قال أي إنسان أن الأطفال حديثي الولادة لا يحتاجون إلى معمودية، أو أنهم يجب أن يعتمدوا لغفران الخطايا، لكن ليست فيهم الخطية الأصلية الموروثة من آدم والتي لا بُد أن تُغْسَل بحميم الميلاد الجديد، وفي حالتهم هذه لا تؤخذ صيغة المعمودية أنها "لغفران الخطايا" بطريقة حرفية، إنما بطريقة رمزية، فليكن محرومًا؛ لأنه وفقًا لـ(رومية 5: 12) اجتازت خطية آدم إلى الجميع."[463]
وقد أيَّد
مجمع أفسس المنعقد (431 م.) برئاسة البابا كيرلس عمود الدين قرارات مجمع قرطاجنة، حيث ذُكِر في الرسالة المجمعية، التي أرسلها
مجمع أفسس إلى سلستين الأول أسقف روما، وأخبروه بما حدث في
مجمع أفسس.[464]
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
[446] Origen. (2001). Commentary on the Epistle to the Romans, Books 1-5. (T. P. Halton, Ed., T. P. Scheck, Trans.) (Vol. 103, pp. 366-367). Washington, DC: The Catholic University of America Press. Orig., Comm. (Ro. 5.9.11, Romans 6:5-6).
[447] Cyprian of Carthage. (1964). Letters (1-81) (H. Dressler, Ed.; R. B. Donna, Trans.; Vol. 51, p. 219). The Catholic University of America Press. Cyp., Ep. (O) 64.5.
[448] القديس غريغوريوس صانع العجائب، مواضيع عن الإيمان، الموضوع 12.
Pseudo-Gregory Thaumaturgus. (1886). Twelve Topics on the Faith. In A. Roberts, J. Donaldson, & A. C. Coxe (Eds.), S. D. F. Salmond (Trans.), Fathers of the Third Century: Gregory Thaumaturgus, Dionysius the Great, Julius Africanus, Anatolius and Minor Writers, Methodius, Arnobius (Vol. 6, p. 52). Buffalo, NY: Christian Literature Company (TOPIC XII).
[449] The Teaching Of Saint Gregory. Revised Edition. Translation,Commentry and Introduction by Robert W. Thomson, 2001, Passage 364 On Birth of Christ , Page 103 &104.
[450] Athanasius Theol., Expositiones in Psalmos (2035: 061); MPG, Volume 27, page 241, line 5.
[451] القديس أنطونيوس الكبير، رسائل القديس أنطونيوس، ترجمة بيت التكريس لخدمة الكرازة. المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية. الطبعة الثالثة يناير 1997.
[452] القديس باسيليوس الكبير، عظة عن المجاعة والجفاف، الفقرة السابعة.
[453] القديس إغريغوريوس النزينزي، العظة 45، على البصخة، فقرة رقم 13.
[454] Gregory of Nyssa. (1893). On the Baptism of Christ. In P. Schaff & H. Wace (Eds.), & H. A. Wilson (Trans.), Gregory of Nyssa: Dogmatic Treatises, etc. (Vol. 5, p. 524). Christian Literature Company.
[455] القديس أمبروسيوس من تفسير المزمور 51، للقمص تادرس يعقوب ملطي.
[456] Faith of the Early Fathers (W. A. Jurgens, trans.; Vol. 2, p. 64). (1970-1979). The Liturgical Press.
[457] القديس يوحنا ذهبي الفم - تفسير الرسالة إلى أهل رومية الإصحاح الخامس العدد 19 مرجع سابق، ص251.
[458] Augustine of Hippo. (1988). Tractates on the Gospel of John 1–10. (T. P. Halton, ا 452 Ed., J. W. Rettig, Trans.) (Vol. 78, p. 101). Washington, DC: The Catholic University of America Press. Aug., Tract. in ev. Joan. 4.10.3 (John 1:19–33).
[459] Cyril of Alexandria. (2022). Commentaries on Romans, 1-2 Corinthians, and Hebrews (J. C. Elowsky, G. L. Bray, M. Glerup, & T. C. Oden, Eds.; D. R. Maxwell, Trans.; p. 113). IVP Academic: An Imprint of InterVarsity Press. (Hebrews 1:9).
[460] كتاب "مختارات من قصائد مار يعقوب أسقف سروج" ترجمها من السريانية إلى العربية مار ملاطيوس برنابا متروبوليت حمص وحماة وتوابعها للسريان الأرثوذكس، تقديم ونشر غريغريوس يوحنا إبراهيم متروبوليت حلب، الناشر: دار الرها - حلب، ص 83 في قول داود عن الرب يسوع أنت حبر إلى الأبد على مِثَال ملكي صادق.
[461] LXV. FROM THE LETTER OF THE SAME HOLY SEVERUS TO EUPRAXIUS THE CHAMBERLAIN, AND ABOUT THE QUESTIONS WHICH HE ADDRESSED TO HIM. Page 16, 17. PATROLOGIA ORIENTALIS, TOMUS DECIMUS QUARTUS, A COLLECTION OF LETTERS OF SEVERUS OF ANTIOCH, FROM NUMEROUS SYRIAC MANUSCRIPTS, EDITED AND TRANSLATED BY E. W. BROOKS.
[462] Augustine of Hippo. (1989). Letters (1*-29*). (T. P. Halton, Ed., R. B. Eno, Trans.) (Vol. 81, pp. 41-42). Washington, DC: The Catholic University of America Press. LETTER 4.
[463] Hefele, C. J. (1876). A History of the Councils of the Church. (H. N. Oxenham, Trans.) (Vol. 2, p. 458). Edinburgh: T&T Clark.
[464] Act V. of Ephesus, Report of the Synod to Celestine. the Third World Council; that is the Third Council of the Whole Christian World, east and west, which was held a. d. 431, at Ephesus in Asia. Vol. II, which contains all of Acts II. to Vl inclusive, with matter between the Acts, translated by James Chrustal, M. A. 2 Emory Street, Jersey City, New Jersey, U. S. A. EnterEd according to Act of Congress, in the year 1904, by JAMES CHRYSTAL, In the Office of the Librarian of Congress, at Washington, D. C. Right of translation reserved. (Pages 177-182).
عمل السيد المسيح في تدبير الخلاص متعدد الاتجاهات والنتائج |
تدبير الخلاص حسب الكنيسة الجامعة |
تعليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية هو نفس تعليم الكنيسة الأولى |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/economy-of-salvation/understanding-econommy.html
تقصير الرابط:
tak.la/nqf7g8d