St-Takla.org  >   books  >   adel-zekri  >   basil-judgment-of-god
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب عن دينونة الله، القديس باسليوس الكبير - ترجمة: د. عادل زكري

6- أمثلة للعصيان في العهد الجديد

 

ولذلك أجد في العهد القديم كله مواقف كثيرة جدًا من هذا النوع التي توضح دينونة كل أنواع العصيان. مرة أخرى حين أستشير العهد الجديد أجد أن ربنا يسوع المسيح لم يحل من العقوبة حتى الخطايا التي ارتُكبت سهوًا، برغم أنه يعلق تهديدًا أكثر قسوة على الخطايا المتعمدة، في الكلمات الآتية: ”وَأَمَّا ذلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلاَ يَسْتَعِدُّ وَلاَ يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. وَلكِنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلً“ (لو 12: 47، 48).

عندما أسمع قولاً كهذا من شفتي ابن الله الوحيد، وعندما أتأمل سخط الرسل القديسين ضد الخطاة، وعندما ألاحظ أن معاناة مَن تعدوا حتى في أمر واحد محدد ليست معاناة أقل خطورة، بل بالأحرى أكثر خطورة جدًا، بالمقارنة بما ذكرت في العهد القديم، أدرك جيدًا صرامة الدينونة. لأن ربنا يقول: ”فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ“ (لو 12: 48). تأمل أيضًا المطوَّب بولس الذي يقول مبينًا في نفس الوقت كرامة دعوته وسخطه على كل خطية: ”إِذْ أَسْلِحَةُ مُحَارَبَتِنَا لَيْسَتْ جَسَدِيَّةً، بَلْ قَادِرَةٌ بِاللهِ عَلَى هَدْمِ حُصُونٍ. هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ، وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ“ وليس هذا فقط بل ”وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِمَ (نعاقب) عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ، مَتَى كَمِلَتْ طَاعَتُكُمْ“ (2كو 10: 4- 6).

St-Takla.org Image: Forgive the offender (Corinthians sinner/adulterer) after repenting: "You ought rather to forgive and comfort him, lest perhaps such a one be swallowed up with too much sorrow. Therefore I urge you to reaffirm your love to him. For to this end I also wrote, that I might put you to the test, whether you are obedient in all things. Now whom you forgive anything, I also forgive. For if indeed I have forgiven anything, I have forgiven that one for your sakes in the presence of Christ, lest Satan should take advantage of us; for we are not ignorant of his devices" (2 Corinthians 2: 7-11) - Unknown illustrator. صورة في موقع الأنبا تكلا: مسامحة خاطئ/زاني كورنثوس بعد التوبة: "تسامحونه بالحري وتعزونه، لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط. لذلك أطلب أن تمكنوا له المحبة. لأني لهذا كتبت لكي أعرف تزكيتكم، هل أنتم طائعون في كل شيء؟ والذي تسامحونه بشيء فأنا أيضا. لأني أنا ما سامحت به - إن كنت قد سامحت بشيء - فمن أجلكم بحضرة المسيح، لئلا يطمع فينا الشيطان، لأننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 7-11). - لفنان غير معروف.

St-Takla.org Image: Forgive the offender (Corinthians sinner/adulterer) after repenting: "You ought rather to forgive and comfort him, lest perhaps such a one be swallowed up with too much sorrow. Therefore I urge you to reaffirm your love to him. For to this end I also wrote, that I might put you to the test, whether you are obedient in all things. Now whom you forgive anything, I also forgive. For if indeed I have forgiven anything, I have forgiven that one for your sakes in the presence of Christ, lest Satan should take advantage of us; for we are not ignorant of his devices" (2 Corinthians 2: 7-11) - Unknown illustrator.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مسامحة خاطئ/زاني كورنثوس بعد التوبة: "تسامحونه بالحري وتعزونه، لئلا يبتلع مثل هذا من الحزن المفرط. لذلك أطلب أن تمكنوا له المحبة. لأني لهذا كتبت لكي أعرف تزكيتكم، هل أنتم طائعون في كل شيء؟ والذي تسامحونه بشيء فأنا أيضا. لأني أنا ما سامحت به - إن كنت قد سامحت بشيء - فمن أجلكم بحضرة المسيح، لئلا يطمع فينا الشيطان، لأننا لا نجهل أفكاره" (2 كو 2: 7-11). - لفنان غير معروف.

هنا أيضًا مَن يفحص كل كلمة بدقة، يقدر أن يحصل على معرفة معنى الكتاب المقدس، بحيث إنه لا يوجد أي عذر لدينا لنضل في شبكة الخطية عن طريق اعتقاد مغلوط بأن بعض الخطايا تُعاقب، بينما البعض الآخر يمكن أن يُرتكب بدون عقوبة. لأنه ماذا يقول الرسول؟ ”هَادِمِينَ ظُنُونًا وَكُلَّ عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ“، لذلك فإن كل خطية، لأنها تعبير عن الازدراء بالشريعة الإلهية، تُسمى ”عُلْوٍ يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ“. كذلك هذه الحقيقة تتضح أكثر في سفر العدد. فبعد أن عدَّد الله الخطايا غير المتعمدة، وقد حدَّد ذبائح لتُقدَّم تكفيرًا عنها، أراد أن يضع تشريعًا آخر لشعبه بشأن الخطايا المتعمدة، وبدأ كالتالي: ”أَمَّا النَّفْسُ الَّتِي تَعْمَلُ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ (متعالية/ أو متكبرة)“، فهو يصف وقاحة مَن يرتكبون خطايا إرادية بتعبير ”يد رفيعة“، وهذا يتحدث عنه الرسوا باعتباره ”عُلْو يَرْتَفِعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ اللهِ“، لذلك يقول: ”وَأَمَّا النَّفْسُ الَّتِي تَعْمَلُ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ مِنَ الْوَطَنِيِّينَ أَوْ مِنَ الْغُرَبَاءِ فَهِيَ تَزْدَرِي بِالرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا، لأَنَّهَا احْتَقَرَتْ كَلاَمَ الرَّبِّ وَنَقَضَتْ وَصِيَّتَهُ. قَطْعًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ. ذَنْبُهَا عَلَيْهَا“ (عد 15: 30، 31).

وهنا ينبغي أن نلاحظ أنه لو لم تُهلك حياة الخاطئ ما كانت لخطيته أن تستقر عليه فقط، بل أيضًا على الذين لم يظهروا غضبًا مقدسًا تجاهه. ومثل هذا الاحتمال مُدوَّن في مواضع كثيرة، وقد ورد بالفعل مرات كثيرة. كذلك حتى من خلال الأمثلة الأقل نتعلم الحرص في الأمور الأهم، دعنا نلاحظ جيدًا أي غضب هائل يُجلب في سفر التثنية على مَن كان عاصيًا، كاهنًا كان أو قاضيًا. النص يقول الآتي: ”وَالرَّجُلُ الَّذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ، فَلاَ يَسْمَعُ لِلْكَاهِنِ الْوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إِلهَكَ، أَوْ لِلْقَاضِي، يُقْتَلُ ذلِكَ الرَّجُلُ، فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَيَسْمَعُ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَيَخَافُونَ وَلاَ يَطْغَوْنَ بَعْدُ“ (تث 17: 12، 13).

هنا من الجيد أن نلاحظ كيف أن المتأثر بالفعل كما يجب ستحل عليه رعدة أعظم بسبب هذه الكلمات. كذلك يقول الرسول أيضًا: ”وَمُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إِلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ“. ”كُلَّ فِكْرٍ“، وليس هذا الفكر أو ذاك الفكر. ”وَمُسْتَعِدِّينَ لأَنْ نَنْتَقِم (نعاقب)“ (2كو 10: 5، 6)، ومرة أخرى ليس هذا التصرف أو ذاك التصرف بعينه، بل ”عَلَى كُلِّ عِصْيَانٍ“.

غير أن أي عرف شرير جدًا يضللنا، وأي سُنة بشرية فاسدة فهي منبع شر عظيم لنا. أعني السنة التي بمقتضاها تُدان بعض الخطايا وأما البعض الآخر فينظر إليه بطريقة مختلفة. الجرائم مثل القتل والزنا تمثل هدفًا لغيرة عنيفة لكنها مصطنعة، بينما الجرائم الأخرى مثل الغضب أو التشهير بالآخرين أو السكر أو الجشع فهي لا تعتبر أنها تستحق ولو توبيخًا بسيطًا. لكن بالنسبة لكل هذه التعديات فإن بولس الذي يتحدث فيه المسيح فقد عبَّر في موضع آخر الرأي المذكور سابقًا، إذ قال: ”الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ“ (رو 1: 32).

من المؤكد أنه حيثما يُهدم كل علو يرتفع ضد معرفة الله، ويؤسر كل فكر إلى طاعة المسيح، ويقبل كل عصيان العقوبة المستحقة، هناك لا يُترك شيء غير منهدم، ولا يمر شيء دون عقوبة، ولا يستثنى شيء من طاعة المسيح. كذلك لقد بيَّن الرسول أيضًا أن كل أشكال العصيان لها سمة مشتركة في أن جميعها يمثل الغياب الكامل للتقوى. فيقول: ”الَّذِي تَفْتَخِرُ بِالنَّامُوسِ، أَبِتَعَدِّي النَّامُوسِ تُهِينُ اللهَ؟“ (رو 2: 23). هل هذه مجرد كلمات ليس لها تأثير؟

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

تأمل أيضًا: الرجل الذي كان في كورنثوس واتخذ زوجة أبيه، برغم أنه لم يُتهم بجريمة أخرى سوى هذه الجريمة، فإنه لم يُسلم فقط إلى إبليس لهلاك جسده حتى يعوض عن خطية بثمار تليق بالتوبة،[14] لكن بولس ضم الكنيسة كلها بالمثل في توبيخاته، لأنها لم تطبق القصاص عن جريمة هذا الرجل: ”مَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَبِعَصًا آتِي إِلَيْكُمْ؟“ (1كو 4: 21). وبعد قليل يقول: ”أَفَأَنْتُمْ مُنْتَفِخُونَ، وَبِالْحَرِيِّ لَمْ تَنُوحُوا حَتَّى يُرْفَعَ مِنْ وَسْطِكُمُ الَّذِي فَعَلَ هذَا الْفِعْلَ؟“ (1كو 5: 2).

كذلك هناك حنانيا الذي ذُكِر في سفر الأعمال.[15] ما هو التعدي الآخر الذي وجِد مذنبًا به سوى هذا العصيان؟ وبالتالي كيف يبدو أنه مستحق لمثل هذا السخط العنيف؟ لأنه بعد أن باع حقله أحضر المال ووضعه عند أقدام الرسل، لكن لأنه احتفظ بجزء من ثمن الأرض، حُكِمَ عليه بالموت هو وزوجته في نفس اللحظة، ولم يُحْسَب مستحقًا أن يعرف أي شروط للتوبة عن خطيته، ولا حصل أيضًا على فرصة للندم، ولا وقت ليقدِّم توبة. والمُطَالِب بهذه العقوبة الصارمة جدًا، والمُنَفِّذ لهذا السخط الإلهي على الخاطئ، هو القديس بطرس المُفَضَّل على كل التلاميذ(*)، والذي تَمَيَّز وحده فوق الآخرين بشهادة المسيح، حيث لقبه بالمطوب، والذي ائتُمن على مفاتيح ملكوت السموات.[16]

في رأيك، هل سيضعف قلبه قبل أي إجراء قاس، أيًا كان، عندما يكون بصدد الخوف والرعدة أمام دينونة الله، خاصة عندما يتذكر كلمات الرب: ”إِنْ كُنْتُ لاَ أَغْسِلُكَ فَلَيْسَ لَكَ مَعِي نَصِيبٌ“ (يو 13: 8)؟ وهذه الكلمات قيلت له بالرغم أنه لم يكن قد ارتكب أية خطية، ولا أظهر أية علامة على الازدراء، لكنه بالأحرى كان يقدِّم إكرامًا زائدًا عن الحد لسيده، وكان يُظْهِر تقوى لائقة بخادم وتلميذ.

وعندما نظر إلى إلهه وربه وملكه وسيده ومعلمه ومخلصه، وإله ورب وملك وسيد ومعلم ومخلص كل البشر وكل شيء آخر أيضًا، في صورة الخادم متمنطقًا بمنشفة وراغبًا في غسل قدميه، فعلى الفور كما لو أدرك عدم استحقاقه وذُهل بكرامة مَن يقترب إليه، صرخ قائلاً: ”يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَغْسِلُ رِجْلَيَّ!“ (يو 13: 6)، وأيضًا ”لَنْ تَغْسِلَ رِجْلَيَّ أَبَدًا!“ (يو 13: 8). وبناء على ذلك تم تهديده بصرامة، لدرجة أنه لو لم يكن قد أفلت من عمل يعبر عن العصيان، إذ أدرك ثانية صِدْق كلمات الرب وتراجع عن رفضه، ما كان لشيء من استحقاقاته السابقة أن يكفي للصفح عن هذا العصيان- ولا أعماله البارة، ولا شهاداته عن الرب الذي وصفه بالمطوب بسببها، ولا مواهبه ووعوده، ولا الإعلان ذاته الذي من الله الآب بشأن قناعته العظيمة بابن الله الوحيد.[17]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[14] قارن (1كو 5: 1- 5؛ لو 3: 8).

[16] قارن (مت 16: 17- 19).

[17] قارن (مت 17: 5).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/adel-zekri/basil-judgment-of-god/disobeying-new-testament.html

تقصير الرابط:
tak.la/5vyxjy5