* تأملات في كتاب
عزرا: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15
الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ
(1) الزيجات الأجنبية (ع1، 2)
(2) تذلل عزرا (ع3-5)
(3) اعتراف وشكر لله (ع6-15)
1 وَلَمَّا كَمَلَتْ هذِهِ تَقَدَّمَ إِلَيَّ الرُّؤَسَاءُ قَائِلِينَ: «لَمْ يَنْفَصِلْ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ وَالْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرَاضِي حَسَبَ رَجَاسَاتِهِمْ، مِنَ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ وَالْعَمُّونِيِّينَ وَالْمُوآبِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ. 2 لأَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ بَنَاتِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ وَلِبَنِيهِمْ، وَاخْتَلَطَ الزَّرْعُ الْمُقَدَّسُ بِشُعُوبِ الأَرَاضِي. وَكَانَتْ يَدُ الرُّؤَسَاءِ وَالْوُلاَةِ فِي هذِهِ الْخِيَانَةِ أَوَّلًا».
"ولما كملت هذه" أي بعد رجوع المسبيين مع عزرا إلى أورشليم وشكرهم وتقديمهم الذبائح في الهيكل وكذلك المقتنيات التي حمولها وبعد استقرارهم في بلادهم حوالي أربعة شهور، أي في الشهر التاسع (عز 10: 9) وهو شهر كانون الأول الموافق شهر ديسمبر. أخبر رؤساء شعب الله عزرا أنهم وجدوا عددًا من الكهنة واللاويين والشعب قد ارتبطوا بوثنيات من الشعوب المحيطة، مثل موآب وبنى عمون ..
من هذا نستنتج خيانة الشعب لله، إذ كسروا شريعته التي تقضى بعدم التزاوج بوثنيات (خر34: 15-16). وكانت هذه الخيانة سريعة، فلم تمضِ إلا أربعة أشهر بعد وصول عزرا ومن معه حتى حدث هذا التزاوج بالأجنبيات، ولعل ما شجع الراجعين على هذا هو اكتشافهم أن الفوج الأول من الراجعين قد تزوج أيضًا بأجنبيات.
المؤسف أنه قد سقط في هذه الخطية كهنة ولاويين وبعض رؤساء الشعب وهذا بالطبع شجع الشعب العادي على السقوط في هذه الخطية فخطيتهم كانت مزدوجة؛ لأنهم أخطأوا وأعثروا غيرهم من الشعب.
يفهم من (ع1) أن الرؤساء الذين أخبروا عزرا هم بعض الرؤساء المدققين الذين تمسكوا بالشريعة ولم يتزوجوا بأجنبيات. والله هو الذي حرك قلوب هؤلاء الرؤساء المدققين؛ لينبهوا عزرا فينقَّى الشعب من هذه الخطية.
إن خطية التزوج بأجنبيات تكررت كثيرًا كما يظهر فيما يلي:
بدأت من أيام نوح عندما تزوج الأبرار بنو شيث ببنات الناس، أي بنات قايين، فابتعدوا عن الله ولم يبق إلا نوح وأسرته (تك6: 1، 2).
أيام موسى في شطيم عندما تزوج شعب الله بالموآبيات، فانكسروا في الحرب وعاقبهم الله وقتذاك بالوبأ (عد25: 2).
انتشرت جدًا أيام القضاة، فسقط فيها معظم الأسباط (قض3: 5، 6).
وسقط في هذه الخطية أعظم الحكماء وهو سليمان ومال قلبه عن الله ولكن رحمة الله أدركته قبل نهاية حياته (1 مل11: 1-11).
أيضًا تكررت هذه الخطية أيام عزرا وبعده أيام نحميا (نح13: 23-28).
حذر منها الأنبياء حتى آخرهم وهو ملاخى (ملا2: 11)؛ لينبه الشعب للابتعاد عنهم.
وبولس الرسول ينص صراحة على الابتعاد عنها في أيامه وحتى الآن (2 كو6: 14-18).
† كن حريصًا في الابتعاد عن مصادر الشر في علاقتك بمن حولك، كن محبًا فيها للكل ولكن لا تختلط بالشر؛ لئلا تسقط فيه. وإن سقطت فتب سريعًا؛ لأن رحمة الله مستعدة أن تقبلك.
3 فَلَمَّا سَمِعْتُ بِهذَا الأَمْرِ مَزَّقْتُ ثِيَابِي وَرِدَائِي وَنَتَّفْتُ شَعْرَ رَأْسِي وَذَقْنِي وَجَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا. 4 فَاجْتَمَعَ إِلَيَّ كُلُّ مَنِ ارْتَعَدَ مِنْ كَلاَمِ إِلهِ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ خِيَانَةِ الْمَسْبِيِّينَ، وَأَنَا جَلَسْتُ مُتَحَيِّرًا إِلَى تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ. 5 وَعِنْدَ تَقْدِمَةِ الْمَسَاءِ قُمْتُ مِنْ تَذَلُّلِي، وَفِي ثِيَابِي وَرِدَائِي الْمُمَزَّقَةِ جَثَوْتُ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَبَسَطْتُ يَدَيَّ إِلَى الرَّبِّ إِلهِي،
ع3:
عندما سمع عزرا بانتشار الزيجات الغريبة بين شعبه تأثر جدًا، وملأ الحزن قلبه، فعمل ما يلي:1- مزقت ثيابى وردائى: أي مزق كل ملابسه وهذه عادة قديمة في البلاد الشرقية ومازالت حتى الآن في بعض بلاد الصعيد في مصر، تعبيرًا عن عدم احتماله الضيق وليس له مظهر يفتخر به، بل يعبر عن قلبه الممزق بالثياب الخارجية الممزقة.
ويذكر لنا الكتاب المقدس كثيرون قد مزقوا ثيابهم في المواقف الصعبة مثل رأوبين، عندما لم يجد يوسف أخيه في البئر (تك37: 29) ويعقوب عندما رأى قميص يوسف ملطخًا بالدم (تك37: 34). وكذلك يفتاح الجلعادى، الذي نذر أن يقدم أول من يقابله ذبيحة بعد انتصاره في الحرب، فوجد ابنته (قض11: 35). وأيضًا أيوب عندما غطته النكبات (أى1: 20).
2- نتفت شعر رأسى وذقنى:
عادة أخرى شرقية قديمة تعبيرًا عن الحزن الشديد، فالذقن تمثل الوقار وشعر الرأس يمثل تاج، خاصة عند النساء، كما حدث مع أيوب عند حلول الضيقات به (أى1: 20).
3- جلست متحيرًا:
لأنه ذو سلطان أن يعاقب الخونة ويأمرهم بترك نساءهم الأجنبيات ولكنه في نفس الوقت يرى ضعف شعبه وأنهم قد لا يحتملوا هذا العقاب، فيتركوا الله؛ لتعلقهم بنساءهم وأطفالهم وينضموا للأمم ويعبدوا الأوثان؛ لذا عبر عن حزنه في نفسه ولم يعاقب أحد، ولكن بعد ثلاثة عشر عامًا تحسنت حالة الشعب الروحية، فاستطاع نحميا أن يأمر المتزوجين بأجنبيات أن ينفصلوا عن زوجاتهم، بل عاقبهم بعنف وضربهم ونتف شعور رؤوسهم فأطاعوه.
زاد من حيرة عزرا أنه كيف لم يتعلم الشعب من آبائه الذين تزوجوا بأجنبيات، فسمح لهم الله بالسبي ليؤدبهم.
وتحير أيضًا لأنه كيف يخالف الشعب الشريعة وهم يسكنون حول هيكل الله المقدس، أي كيف لم يخافوا الله.
وأخيرًا تحير لأنه يعرف طول أناة الله ولكن يعرف أيضًا عدله وأن غضبه شديد، فكيف سيحتمل هذا الشعب عقاب الله، إن لم يتوبوا.
ظل عزرا متحيرًا لا يعرف هل يوبخهم، كيف يوبخهم وكيف لا يفقدهم مشفقًا على ضعفهم، فهو يريد خلاصهم بأية طريقة.
هنا تظهر أبوة عزرا وإحساسه كخادم بشعبه فلم يكتفِ بأنه لا يخطئ، بل بمحبة تذلل أمام الله؛ ليرحم الله شعبه، أي أولاده.
ع4: سمع الشعب بتذلل عزرا لمعرفته بوجود زيجات وثنية بينهم، فحدث ما يلي:
مجموعة تحرك قلبها وخافت الله، فسلكوا مثل عزرا، إذ اجتمعوا حوله يصلون ويتذللون أمام الله ليرحم شعبه ويسامح المخطئين.
مجموعة أخرى من الشعب لم تتأثر بتذلل عزرا.
مجموعة ثالثة ظلت منغمسة في الخطية، مستبيحة الشهوات الشريرة والزيجات الوثنية.
اجتمع خائفوا الله حول عزرا، فوجدوه متذللًا ومتحيرًا، كما ذكرنا في الآية السابقة وتكرار الكتاب المقدس "جلوسه متحيرًا" يؤكد أنه استمر فترة طويلة في الصلاة والتذلل والحيرة.
استمر عزرا في تذلله حتى المساء وغالبًا كان صائمًا، أي قضى يومه كله في صوم وصلاة وتوبة وتضرع أمام الله عن شعبه.
ع5: عندما حان وقت تقدمة المساء، شعر عزرا برجاء، فقام رافعًا قلبه لله في شكل هذه المحرقة، التي تقدم في المساء إرضاءً لله، أي قام ليسترضى الله، بتذلله، أي ثيابه الممزقة وخضوعه في سجوده وصلاته في يديه المبسوطتين أمام الله، فقد شعر أن لا ملجأ له إلا الله، فسكب صلواته ودموعه وحيرته وسلم نفسه لله، طالبًا تدخله ليطهر شعبه ويخصلهم من خطاياهم.
إن سجود عزرا وبسط يديه في الصلاة يرمز للمسيح في بستان جثسيماني، عندما سجد وأخذ يصلى بدموع كثيرة، من أجل خطايا شعبه. وعزرا أيضًا يشبه موسى الذي بسط يديه وأخذ يصلى؛ حتى انتصر شعبه على عماليق.
† إن الله ينظر إلى مخدعك منتظرًا أن تسجد أمامه وتقدم توبة عن خطاياك وتضرعات عن كل من تحبهم وهو يستجيب للدموع المنسكبة والنفس المنسحقة أمامه.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
6 وَقُلْتُ: «اللّهُمَّ، إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلهِي وَجْهِي نَحْوَكَ، لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا، وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى السَّمَاءِ. 7 مُنْذُ أَيَّامِ آبَائِنَا نَحْنُ فِي إِثْمٍ عَظِيمٍ إِلَى هذَا الْيَوْمِ. وَلأَجْلِ ذُنُوبِنَا قَدْ دُفِعْنَا نَحْنُ وَمُلُوكُنَا وَكَهَنَتُنَا لِيَدِ مُلُوكِ الأَرَاضِي لِلسَّيْفِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَخِزْيِ الْوُجُوهِ كَهذَا الْيَوْمِ. 8 وَالآنَ كَلُحَيْظَةٍ كَانَتْ رَأْفَةٌ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ إِلهِنَا لِيُبْقِيَ لَنَا نَجَاةً وَيُعْطِيَنَا وَتَدًا فِي مَكَانِ قُدْسِهِ، لِيُنِيرَ إِلهُنَا أَعْيُنَنَا وَيُعْطِيَنَا حَيَاةً قَلِيلَةً فِي عُبُودِيَّتِنَا. 9 لأَنَّنَا عَبِيدٌ نَحْنُ، وَفِي عُبُودِيَّتِنَا لَمْ يَتْرُكْنَا إِلهُنَا بَلْ بَسَطَ عَلَيْنَا رَحْمَةً أَمَامَ مُلُوكِ فَارِسَ، لِيُعْطِيَنَا حَيَاةً لِنَرْفَعَ بَيْتَ إِلهِنَا وَنُقِيمَ خَرَائِبَهُ، وَلْيُعْطِيَنَا حَائِطًا فِي يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ. 10 وَالآنَ، فَمَاذَا نَقُولُ يَا إِلهَنَا بَعْدَ هذَا؟ لأَنَّنَا قَدْ تَرَكْنَا وَصَايَاكَ 11 الَّتِي أَوْصَيْتَ بِهَا عَنْ يَدِ عَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ قَائِلًا: إِنَّ الأَرْضَ الَّتِي تَدْخُلُونَ لِتَمْتَلِكُوهَا هِيَ أَرْضٌ مُتَنَجِّسَةٌ بِنَجَاسَةِ شُعُوبِ الأَرَاضِي، بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي مَلأُوهَا بِهَا مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ بِنَجَاسَتِهِمْ. 12 وَالآنَ فَلاَ تُعْطُوا بَنَاتِكُمْ لِبَنِيهِمْ وَلاَ تَأْخُذُوا بَنَاتِهِمْ لِبَنِيكُمْ، وَلاَ تَطْلُبُوا سَلاَمَتَهُمْ وَخَيْرَهُمْ إِلَى الأَبَدِ لِكَيْ تَتَشَدَّدُوا وَتَأْكُلُوا خَيْرَ الأَرْضِ وَتُورِثُوا بَنِيكُمْ إِيَّاهَا إِلَى الأَبَدِ. 13 وَبَعْدَ كُلِّ مَا جَاءَ عَلَيْنَا لأَجْلِ أَعْمَالِنَا الرَّدِيئَةِ وَآثَامِنَا الْعَظِيمَةِ، لأَنَّكَ قَدْ جَازَيْتَنَا يَا إِلهَنَا أَقَلَّ مِنْ آثَامِنَا وَأَعْطَيْتَنَا نَجَاةً كَهذِهِ، 14 أَفَنَعُودُ وَنَتَعَدَّى وَصَايَاكَ وَنُصَاهِرُ شُعُوبَ هذِهِ الرَّجَاسَاتِ؟ أَمَا تَسْخَطُ عَلَيْنَا حَتَّى تُفْنِيَنَا فَلاَ تَكُونُ بَقِيَّةٌ وَلاَ نَجَاةٌ؟ 15 أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ، أَنْتَ بَارٌّ لأَنَّنَا بَقِينَا نَاجِينَ كَهذَا الْيَوْمِ. هَا نَحْنُ أَمَامَكَ فِي آثَامِنَا، لأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نَقِفَ أَمَامَكَ مِنْ أَجْلِ هذَا».
ع6:
شعر عزرا -بأبوته للشعب- إنه مسول عن خطاياهم لأنه كقائد روحي مسئول أن يعلم شعبه ويحذرهم من الخطايا، فهو يقدم توبة عن تقصيره وليس فقط تشفعًا عن شعبه المخطئ، فأعلن خجله وخزيه أمام الله من أجل هذه الخطايا. وهذه هي صلاة توبة واعتراف أمام الله وهي تحمل معنيين:اعتراف عزرا بخطايا شعبه، مقدمًا توبة عنهم.
ثقة في غفران الله.
إحساسه بقداسة الله، التي يخجل عندما يقف أمامها.
اتضاعه في نظره إلى الأرض وعدم قدرته على رفع وجهه نحو الله.
يعلن أيضًا عزرا -كواحد من الشعب- أن خطاياهم قد ارتفعت فوق الرؤوس بل تعاظمت إلى السماء. وهذا يعنى ما يلي:
انتشار الخطية بين الشعب، حتى وإن كان عدد منهم قد سقط في الزيجة الوثنية ولكن قد يوجد آخرون قد سقطوا بالنظر، أو الفكر، أو أي درجة من درجات الزنى.
الخطية تُذل الإنسان وترتفع فوق رأسه وتدنسه.
الخطية تغيظ الله بتعاظمها إلى السماء.
الخطية انتشرت بين الشعب وسقط فيها كثيرون فتعاظمت إلى السماء. وهم بهذا يشبهون أهل سدوم وعمورة، الذين ارتفعت خطاياهم إلى السماء، فاستحقوا أن يموتوا حرقًا (تك18: 20) وهذا معناه إعلان عزرا اعترافه بالخطية التي بسببها يستحقون الهلاك، ولكنه يطلب مراحم الله وغفرانه.
إن عزرا لا يطلب شيئًا من الله، بل يعترف بخطاياه كإبن في خجل أمام عظمة أبيه، الذي يحبه.
إن عزرا هنا يرمز للمسيح البار القدوس، الذي حمل خطايا شعبه، رغم أنه لم يخطئ في شيء.
ع7: ملوكنا وكهنتنا
: رؤساؤنا المدنيون والروحيون.ملوك الأراضي: ملوك الإمبراطوريات التي استعبدت اليهود مثل آشور وبابل.
يكمل عزرا اعترافه فيعلن أمرين:
تأصل خطية الارتباط بوثنيات منذ أيام الآباء.
هذه الخطية شنيعة واستحقت عقابًا شديدًا وهو السبي والهلاك عندما فعل الآباء هذه الخطية. وبالتالي فالخطية الحادثة في أيام عزرا تستحق نفس العقاب وهو الهلاك والعبودية والنهب، فهو اعتراف من عزرا أن الله حنون، لم يعاقبهم بحسب خطاياهم رغم فعلهم هذه الخطية الشنعاء.
ع8: لدن الرب
: حضرة الله.وتد: قطعة من الخشب تثبت بها الخيمة في الأرض.
إن خطايا شعب الله شنيعة منذ سنينًا طويلة والله أطال أناته كثيرًا عليهم ولكن سمح لهم بالتأديب، وجاء غضبه عليهم ولكن لفترة قصيرة جدًا يشبهها الله بلُحيظة، حتى يتوبوا ويرجعوا إليه، ففترة السبي صغيرة جدًا ولا تعد شيئًا أمام مراحم الله، التي يهبها لشعبه إلى الأبد في ملكوته.
وإن كانت الخطية قد طردت الشعب من الأرض التي وهبهم الله إياها، فيعود الله ويرجعهم إليها ويثبتهم فيها، كما تثبت الخيمة بالوتد في الأرض، على شرط أن يظلوا متمسكين بوصاياه، كما يثبت المؤمنين به في كنيسته إلى الأبد، ما داموا متمسكين به.
فاللُحيْظة هي تأديب السبي والوتد هو وصايا الله وشريعته في العهد القديم، يضاف إليها في العهد الجديد الأسرار المقدسة.
إن تأديب الله ورحمته هدفها أن ننتبه ونرفض الخطية، فنستنير روحيًا، فنرى الله ونتمتع بعشرته، فنقضى حياتنا القليلة على الأرض، التي هي استعداد للسماء، حيث ندخل في أمجاد إلى الأبد، تهون أمامها كل أتعاب الأرض القليلة.
إن الابتعاد عن الله والسقوط في الخطية، الذي أدى إلى السبي هو فترة ظلمة، أما الرجوع إلى أورشليم وعبادة الله في هيكله فهو الاستنارة وهو الحياة التي ينالها الشعب في فترات عبادتهم لله وسط العبودية التي يخضعون لها في أشور، وبابل، ثم مادي وفارس.
ع9: إن رحمة الله تتجلى في شعبه لاهتمامه بهم، مع أنهم مستعبدون لملوك أشور وبابل وفارس، فيتدخل الله بإعجاز ويحرك ملوك فارس، وهم كورش وداريوس، ثم أرتحشستا، فيعيدوا شعب الله إلى أورشليم ويشجعونهم ويعطونهم آنية بيت الرب وأموال وأخشاب وعطايا كثيرة؛ ليبنوا الهيكل ويعبدوا الله.
لم يعد الشعب فقط إلى أورشليم، بل بنى الهيكل أيام زربابل، ثم بالعبادة أيام عزرا، وأخيرًا أعطاهم الله حائطًا في أورشليم، والمقصود حماية الله لهم والتي ظهرت أيضًا عندما بنى نحميا سور أورشليم وأبوابه.
: لا تعقدوا معاهدات سلام، أو تحالف معهم.
يستكمل عزرا اعترافه نيابة عن الشعب كله، فيقول ماذا نقول أمام مراحمك الكثيرة، التي أعادتنا من السبي وبنت لنا الهيكل وترعانا وتعطينا كل إحتياجاتنا، ولكن يا لخزينا فأمام هذا الحب العجيب عصيناك وتركنا وصاياك؛ لأنك أعلنت لنا أن أرض كنعان التي ستَّمِلكنا إياها هي أرض نجسة بعبادة الأوثان التي يعبدها الساكنين فيها وكل ما يتصل بها من خطايا. وأن هذه الخطايا منتشرة في كل مكان في هذه الأرض.
وأوصيتنا ألا نرتبط بزيجات وثنية، كما أعلن لنا أنبياؤك، مثل موسى النبي (تث7: 1-3)، ولا نرتبط مع سكان الأرض الوثنيين بمعاهدات وتحالفات، بل لا نخالطهم؛ لنحيا في إيماننا بالله الواحد وسلوكنا المستقيم ولا نتشبه بخطايا الوثنيين.
ووعدتنا أن تسندنا وتحمينا، فنكون أقوياء وننال خيرات الأرض، بل نورثها أيضًا لأولادنا طالما نحن مطيعين لوصاياك.
ع13: يعترف أيضًا عزرا بأن التأديب الإلهي بالسبي هو أقل مما تستحقه خطايا شعبه، فيعلن اعترافه بشناعة الخطايا التي أدت إلى أن يعاقب الله الشعب بالسبي. ولكن حتى بعدما عاقب ظهرت مراحمه في إعادة البقية منهم، أي المحبين لله والعبادة في بيته عن طريق الرجوع لأورشليم على يد زربابل، ثم عزرا.
ع14: يستنكر عزرا ما فعله شعبه بعودتهم إلى كسر وصايا الله والتزاوج بوثنيات. ويعلن إستحقاقهم بعقاب أكبر بأن يفنى حتى البقية التي عادت إلى أورشليم؛ لأنها تنجست بعبادة الأوثان؛ لأن رفض وصايا الله هى رفض لشخصه وإعلان عدم محبة الشعب له، فمن يقبل الوصية يقبل الله واضعها.
ع15: فى ختام الصلاة يعترف عزرا ببر الله وحنانه الذي ظهر في أنه أبقى بقية لشعبه، أي الراجعين من السبي، الذين ساعدهم وبنى لهم الهيكل؛ ليعبدوه فيه.
وأكد عزرا أن خطيتهم على رؤوسهم وفى خزىٍ وخجلٍ أمام الله وسلَّم حياته هو الشعب لله؛ لأنهم مستحقون كل عقاب؛ لسبب الزواج بالأجنبيات ولم يطلب رحمة من الله، أو معونة لشعوره بخزى الخطية، وفى ثقة ترك حياته وشعبه بين يدى الله، مؤمنًا بأبوته، التي لن تتخلى عنهم، أو تهملهم. إنه يشعر بشرف عظيم أن الله سمح له أن يقف ويصلى أمامه، فلا يستطيع أن يطلب أكثر من هذا. إنه اتضاع عجيب ومثال للصلاة المنسحقة والتوبة الحقيقية أمام الله.
† على قدر اتضاعك واعترافك بخطاياك وتذللك أمام الله تنال مراحم كثيرة، فلا تترك يومك ينتهى قبل أن تحاسب نفسك وتعترف أمام الله، فتنال غفرانه وبركاته.
← تفاسير أصحاحات عزرا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير عزرا 10 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير عزرا 8 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/ezra/chapter-09.html
تقصير الرابط:
tak.la/prv384g