ع1: تراخى الشعب ولم يعد له حماسًا لبناء بيت الرب لما يلي:

1. انشغالهم ببناء بيوتهم الخاصة والأغنياء منهم اهتموا بتزيينها فغشوا بيوتهم من الداخل (حج1: 3).

2. ضعف ميلهم الروحي، فقد بدأوا بحماس ولكن فترت عزيمتهم، حتى كادت تتلاشى من جهة بناء بيت الرب.

من أجل الضعف الروحي الشديد للشعب أرسل الله لهم نبيين وليس نبيًا واحدًا هما حجى وزكريا، كما أرسل قبلًا إيليا وإليشع، ثم أشعيا وبعده إرميا وكذلك دانيال وحزقيال في السبي.

بدأت نبوة حجى قبل نبوة زكريا بعدة أشهر واتسمت نبوات حجى بالتوبيخ على بناء اليهود بيوتهم وإهمالهم بناء بيت الرب، أما زكريا فقد اتسمت نبوته بالتشجيع (زك4: 6) وهكذا بهذا التكامل تتم الفائدة الروحية وينهض الشعب.

أيضًا تتصف نبوة حجى بالكلام المباشر، أما زكريا فيستخدم الرؤى بكثرة ليقرب المعنى.

كانت نعمة الله مساندة للنبيين، فتكلما باسم الرب وكانت لهما مهابة وتأثير روحي على الشعب؛ لتعضيد الرب لهما، خاصة وأن الشعب كله كان في تكاسل، حتى القائدان زربابل ويشوع استسلما لهذا الضعف، فكان من الضرورى تدخل الله؛ ليشجع شعبه حتى يعبدوه.

 

St-Takla.org Image: As a result, the work on the temple stopped for about 16 years. Instead the Jews put their energies into building expensive houses for themselves. King Cyrus of Persia died and King Darius succeeded him. During the second year of King Darius’ reign two prophets, Haggai and Zechariah, spoke messages from God urging the Jews to continue with the rebuilding work on the temple. Zerubbabel and Jeshua got the builders back to work once more. (Ezra 4: 5، 24; 5: 1-2) - Ezra, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "واستأجروا ضدهم مشيرين ليبطلوا مشورتهم كل أيام كورش ملك فارس وحتى ملك داريوس ملك فارس.. حينئذ توقف عمل بيت الله الذي في أورشليم، وكان متوقفا إلى السنة الثانية من ملك داريوس ملك فارس. فتنبأ النبيان حجي النبي وزكريا بن عدو لليهود الذين في يهوذا وأورشليم باسم إله إسرائيل عليهم. حينئذ قام زربابل بن شألتئيل ويشوع بن يوصاداق، وشرعا ببنيان بيت الله الذي في أورشليم، ومعهما أنبياء الله يساعدونهما" (عزرا 4: 5، 24؛ 5: 1-2) - صور سفر عزرا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ع2: تجاوب الشعب مع كلام النبيين بدأ بقيادة زربابل ويشوع في بناء هيكل الله الذي توقف بناؤه حوالي عشر سنوات.

بدء البناء لم يجعل النبيين يتراخيان، بل ظلا في عملهما التشجيعى والتوبيخى حتى يكمل الشعب بناء الهيكل، ولعلهما اشتركا هما وزربابل ويشوع مع الشعب بأيديهما في البناء؛ لتشجيع الشعب.

قادة العمل هم الحاكم وهو زربابل، ورئيس الكهنة وهو يشوع، والنبيان، أي حجى وزكريا، وقائد حياتنا الروحية هو المسيح الملك والكاهن والنبى.

زربابل يرمز للمسيح فيما يلي:

1. زربابل أعاد شعب الله من السبي والمسيح حررنا من سبى الخطية بموته على الصليب.

2. زربابل أسس الهيكل الجديد بعد السبي والمسيح أسس هيكل كنيسة العهد الجديد بذبيحة نفسه على الصليب رغم مقاومات الأعداء لكليهما.

3. زربابل من سبط يهوذا وكذلك المسيح.

ع3: كانت تتبع الإمبراطورية الفارسية عشرون ولاية، إحداهما ولاية عبر النهرين وهي تشمل المنطقة الواقعة غرب نهر الفرات، أي سوريا وفلسطين وما حولها. كان واليًا على هذه الولاية شخص يسمى تتناى ويساعده في هذه الولاية شتر بوزتاى، فوصلت إلى تتناى شكاوى من بعض الأمم المحيطة أن اليهود يبنون هيكلًا بدون تصريح، أو لعل المراقبين التابعين لتتناى في كل ولايته أبلغوه بهذا البناء.

أتى تتناى وشتربوزناى ومجموعة من المساعدين لهما إلى أورشليم، ليتحققوا من الأمر، فوجدوا بالفعل بناء الهيكل يتم، فتكلم تتناى مع الوالى زربابل، الذي يُعتبر مرؤوسًا له على أورشليم واليهودية وسأله هو ومن معه عن التصريح الذي معهم، ليقوموا بهذا البناء. وكان سؤال تتناى استفهامى لتسير الأمور بشكل سليم وليس بعداوة أو مقاومة، كما حدث قبلًا من رحوم في (عز 4).

ع4: سأل تتناى عن أسماء القائمين بالبناء، فتقدم زربابل بشجاعة وكتب اسمه وأسماء الرؤساء المساعدين له في البناء وقدمها إلى تتناى. ونرى هنا أمانة تتناى المحايدة؛ لضبط الأمور ومعرفة ما يجرى في ولايته بالتدقيق وأيضًا شجاعة زربابل وكل مساعديه في البناء؛ لأن الله شجعهم بواسطة النبيين.

ع5: أعطى الله اليهود نعمة في عينى تتناى، فلم يوقفهم عن استكمال بناء الهيكل ولكن أخبرهم أنه سيرسل إلى الملك داريوس، ليتأكد من كلامهم؛ لأن زربابل أخبره كما سنرى في الآيات التالية أن كورش قد أصدر لهم أمرًا بالبناء. وبنعمة الله حاول تتناى مساعدتهم، فلم يهتم بأمر أرتحشستا بإيقاف البناء ووعدهم أنه سيخبرهم برد داريوس على هذا الأمر.

نرى هنا دقة عزرا الكاهن الكاتب، الذي استطاع أن يحصل على نصوص الرسائل المرسلة إلى ملوك فارس، سواء من رحوم الذي كان يعادى اليهود، أو من تتناى المحب لليهود ولعل عزرا قد حصل على هذه النصوص عندما كان يعيش في السبي من سجلات الحكومة قبل أن يأتي إلى أورشليم.

ع8: أخبر تتناى الملك داريوس بأنه قام بزيارة أورشليم لفحص ما وصل إليه من معلومات وشاهد بنفسه ما يجرى فيها من بناء. ويلاحظ أن تتناى في تقريره حاول إقناع الملك وتشجيعه على الموافقة باستكمال البناء ويظهر ذلك مما يلي:

1. وصف الهيكل بأنه بيت الإله العظيم. وهذا يعنى أن الله وضع في قلب تتناى مهابته ومخافته، فرغم أنه وثني يؤمن بتعدد الآلهة لكنه اعتبره إلهًا عظيمًا بين الآلهة.

2. مجَّد البناء بوصفه أنه يُبنى بحجارة عظيمة مع أنها هي الحجارة المتهدمة الباقية من أنقاض هيكل سليمان وهي بالحقيقة حجارة ضخمة (2 أى22: 2) ولكنه لم يصفها أنها حجارة متهدمة، بل عظيمة.

3. أعلن للملك أن العمل يتم بسرعة ونجاح كبير؛ ليبين للملك قوة البناء وبركة هذا الإله الذي يكمل بناء بيته ويساعد المؤمنين به.

 

St-Takla.org Image: Immediately Tattenai, the chief official of the region, Shethar-Boznai and other opponents of the Jews, demanded to know who had given them permission to rebuild the temple. (Ezra 5: 3) - Ezra, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "في ذلك الزمان جاء إليهم تتناي والي عبر النهر وشتربوزناي ورفقاؤهما وقالوا لهم هكذا: «من أمركم أن تبنوا هذا البيت وتكملوا هذا السور؟»" (عزرا 5: 3) - صور سفر عزرا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ع9، 10: أخبر تتناى داريوس بأنه عند فحص ما يتم في أورشليم سأل عن أسماء الرؤساء المسئولين عن البناء وكتب كل الأسماء وأرسلها مع هذه الرسالة إلى الملك وهذا يبين دقته وأمانته، فهو يعمل عمله بأمانة أيضًا يشجع اليهود. يفهم من سؤال تتناى لشيوخ إسرائيل عن من أمرهم ببناء الهيكل أنه قد تولى حديثًا على ولاية عبر النهر ولا يعرف الأمر الذي صدر من كورش عام 536 ق.م، أي منذ ستة عشر عامًا.

ع11: أضاف تتناى بأن شيوخ اليهود أخبروه أنهم يعبدون الله، الذي هو إله السماء والأرض وهذا تعظيم لله عن الآلهة الوثنية وإن كان تتناى يقوله على لسان اليهود ولكن إخبار داريوس به يبين تقديره لله وللمؤمنين به.

قال أيضًا شيوخ اليهود أن هذا البيت بناه ملك عظيم لهم يقصدون سليمان الملك منذ زمن طويل وهو حوالي 500 عام قبل داريوس، أي حوالي عام 1000 ق.م. وهذا يؤكد عظمة هذا البيت أنه بناه ملك عظيم ولإله ليس مثله؛ لأنه إله السماء والأرض.

إجابة الشيوخ تظهر شجاعتهم وإيمانهم بالله، عندما قالوا أنه إله السماء والأرض ولم يخافوا من شكاوى أي أعداء لهم؛ لأنهم قد تشددوا بكلام الله على فم النبيين.

ع12: اعترف شيوخ اليهود بأنهم أخطأوا في حق إلههم وأغضبوه، فسمح لنبوخذنصر ملك بابل أن يهدم هذا البيت العظيم ويسبى آباءهم إلى بلاد المملكة البابلية، وهذا اتضاع وتوبة وإقرار بالحق من شعب الله.

ع13: أخبر الشيوخ تتناى عن حقيقة هامة وهي أن كورش الملك - أول ملوك فارس - في بداية ملكه، أي عام 538 ق.م أصدر أمرًا بإعادة بناء هذا الهيكل، أي أن أمر البناء صدر منذ بداية الإمبراطورية الفارسية وبالتالي فأوامر الملوك لا تُنسخ ولا تُرد.

ع14، 15: أضاف تتناى أن نبوخذنصر ملك بابل قد استولى على آنية بيت الرب المصنوعة من الذهب والفضة وأخذها من أورشليم ونقلها إلى بابل. وبعد سقوط المملكة البابلية تملك كورش أول ملوك مادي وفارس وأخذ هذه الآنية من بابل، وأعطاها لشخص يسمى شيشبصر وهو زربابل وجعله واليًا على أورشليم واليهودية. وطلب كورش من شيشبصر أن يبنى بيتًا للرب في أورشليم ويضع فيه هذه الآنية.

من هاتين الآيتين نرى دقة تتناى وتأكيداته على أن اليهود يبنون هيكلهم بأمر الملك كورش ودليلًا آخر على صدقهم بأنهم قد حصلوا على آنية بيت إلههم من كورش، وهي التي استولى عليها نبوخذنصر وحفظها الله بغير ضرر حتى تعود إلى بيته في أورشليم. ويظهر من هذا أيضًا قوة الله القادر أن يحفظ آنية بيته ويحرك الملوك لتنفيذ مشيئته.

نجد أيضًا أن زربابل، أي شيشبصر شخص مسئول أمام الملك الفارسى، فهو لا يعمل من نفسه، بل له وظيفة تابعة للدولة ويبنى بأمر الملك. وبالتالي يوجه تتناى الملك داريوس إلى أن شيشبصر أي زربابل شخص تابع للمملكة وينفذ أوامرها وليس عاصيًا، أو متمردًا هو وكل من معه وهذا بالطبع يطمئن الملك ويدعوه للموافقة وتأييد استكمال بناء الهيكل.

 

St-Takla.org Image: Tattenai, Shethar-Boznai and their companions wrote a letter to Darius reporting what was going on and listed the names of the Jews involved in the work. (Ezra 5: 4-5) - Ezra, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: تتناي والي عبر النهر وشتربوزناي ورفقاؤهما يرسلون رسالة لداريوس: "حينئذ أخبرناهم على هذا المنوال ما هي أسماء الرجال الذين يبنون هذا البناء. وكانت على شيوخ اليهود عين إلههم فلم يوقفوهم حتى وصل الأمر إلى داريوس، وحينئذ جاوبوا برسالة عن هذا" (عزرا 5: 4-5) - صور سفر عزرا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ع16: أخبر تتناى داريوس الملك أن شيشبصر نفذ أوامر الملك كورش ووضع أساس بيت الرب ويبنى فيه وما زال العمل في بناء الهيكل مستمرًا. ونلاحظ في كلام تتناى ما يلي:

1. زربابل، أي شيشبصر شخص مطيع ملتزم بتنفيذ أوامر الملك.

2. لم يذكر فترة توقف البناء وشكاوى رحوم ورفقائه التي استمرت سنوات طويلة وكيف أوقفت البناء؛ حتى لا يشوش ذهن الملك، بل يعتبر أن البناء يسير بطريقة طبيعية ويحتاج فقط أن يستكمل.

ع17: يختتم تتناى رسالته بما يلي:

1. التفتيش على أمر كورش المحفوظ في خزائن المملكة التي في بابل؛ لتأكيد صدق اليهود وهذا يبين أن تتناى رجل محايد ودقيق.

2. لم يطلب من داريوس الملك أن يفتش على شكاوى رحوم، أو أمر أرتحشستا بإيقاف البناء؛ لأنه يساند اليهود ويريد خيرهم وبناء هيكلهم.

3. كانت بابل إحدى عواصم مملكة مادي وفارس بالإضافة إلى مدينة شوشن القصر، أي أن بابل كانت عاصمة للمملكة البابلية واستمرت كإحدى عواصم مملكة مادي وفارس.

4. يعلن تتناى خضوعه للملك داريوس وانتظاره لأوامره في هذا الأمر؛ حتى ينفذه.