* تأملات في كتاب استير: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14
الأَصْحَاحُ الخَامِسُ
نجد في تتمة سفر أستير الموجودة بالأسفار القانونية الثانية، في قصة دخول أستير على الملك في الآيات من (1-19) ولكن نلاحظ أن الثلاثة آيات الأولى (تتمة أستير 15: 1-3) مكتوب فوقها أنها مزيدة في النسخة العامية، أي أنها غير موجودة بالنسخة الأصلية الأرامية وبالتالي ليست في الترجمة السبعينية، ولهذا حذفناها هنا ومحتواها موجود في الأصحاح السابق.
وفى النسخة البيروتية للكتاب المقدس الذي بين أيدينا نجد أن (أس 5: 1)(1) هو ملخص للآيات من (تتمة أستير 15: 4-19) الموجودة في تتمة سفر أستير. وهذه الآية (أس 5: 1) غير موجودة في الترجمة السبعينية. وعلى هذا فلم نذكرها هنا ووضعنا بدلًا منها الآيات الستة عشر من تتمة سفر أستير من الأسفار القانونية الثانية (تتمة أستير 15: 4-19) كما في النسخة الأصلية. وبعدها وضعنا الآيات المذكورة في الأصحاح الخامس في النسخة البيروتية التي بين أيدينا من (ع2-14) مع تغيير ترقيم الأعداد وبهذا يصبح الأصحاح الخامس الذي بين يديك مكون من تسعة وعشرين آية كما بالنسخة الأصلية.
(1) دخول أستير إلى الملك (ع1-18(3))[+ تتمة أستير 15: 4-19]
(2) وليمة أستير الأولى (ع19(4) - 23(8))
(3) الإعداد لصلب مردخاي (ع24(9) - 29(14))
1 (4) ثُمَّ إِنَّهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ
(لما كفت عن الصلاة)* نَزَعَتْ ثِيَابَ حِدَادِهَا، وَلَبِسَتْ مَلاَبِسَ مَجْدِهَا. 2 (5) وَلَمَّا تَبَرَّجَتْ بِبِزَّةِ الْمُلْكِ وَدَعَتْ مُدَبِّرَ وَمُخَلِّصَ الْجَمِيعِ اللهَ اتَّخَذَتْ لَهَا جَارِيَتَيْنِ، 3 (6) فَكَانَتْ تَسْتَنِدُ إِلَى إِحْدَاهُمَا كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَقِلَّ لِكَثْرَةِ تَرَفِهَا وَرُخُوصَتِهَا، 4 (7) وَالْجَارِيَةُ الأُخْرَى كَانَتْ تَتْبَعُ مَوْلاَتَهَا رَافِعَةً أَذْيَالَهَا الْمُنْسَحِبَةَ عَلَى الأَرْضِ. 5 (8) وَكَانَ احْمِرَارُ وَجْهِهَا وَجَمَالُ عَيْنَيْهَا وَلَمَعَانُهُمَا يُخْفِي كَآبَةَ نَفْسِهَا الْمُنْقَبِضَةِ بِشِدَّةِ خَوْفِهَا. 6 (9) فَدَخَلَتْ كُلَّ الأَبْوَابِ بَابًا بَابًا ثُمَّ وَقَفَتْ قُبَالَةَ الْمَلِكِ، حَيْثُ كَانَ جَالِسًا عَلَى عَرْشِ مُلْكِهِ بِلِبَاسِ الْمُلْكِ مُزَيَّنًا بِالذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ، وَمَنْظَرُهُ رَهِيبٌ. 7 (10) فَلَمَّا رَفَعَ وَجْهَهُ وَلاَحَ مِنِ اتِّقَادِ عَيْنَيْهِ غَضَبُ صَدْرِهِ، سَقَطَتِ الْمَلِكَةُ، وَاسْتَحَالَ لَوْنُ وَجْهِهَا إِلَى صُفْرَةٍ، وَأَتْكَأَتْ رَأْسَهَا عَلَى الْجَارِيَةِ اسْتِرْخَاءً. 8 (11) فَحَوَّلَ اللهُ رُوحَ الْمَلِكِ إِلَى الْحِلْمِ، فَأَسْرَعَ وَنَهَضَ عَنِ الْعَرْشِ مُشْفِقًا وَضَمَّهَا بِذِرَاعَيْهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَى نَفْسِهَا وَكَانَ يُلاَطِفُهَا بِهذَا الْكَلاَمِ: 9 (12) مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ، أَنَا أَخُوكِ، لاَ تَخَافِي، 10 (13) إِنَّكِ لاَ تَمُوتِينَ، إِنَّمَا الشَّرِيعَةُ لَيْسَتْ عَلَيْكِ وَلكِنْ عَلَى الْعَامَّةِ. 11 (14) هَلُمِّي وَالْمُسِي الصَّوْلَجَانَ. 12 (15) وَإِذْ لَمْ تَزَلْ سَاكِتَةً، أَخَذَ صَوْلَجَانَ الذَّهَبِ وَجَعَلَهُ عَلَى عُنُقِهَا وَقَبَّلَهَا وَقَالَ: لِمَاذَا لاَ تُكَلِّمِينَنِي؟ 13 (16) فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُكَ يَا سَيِّدِي كَأَنَّكَ مَلاَكُ اللهِ فَاضْطَرَبَ قَلْبِي هَيْبَةً مِنْ مَجْدِكَ. 14 (17) لأَنَّكَ عَجِيبٌ جِدًّا يَا سَيِّدِي، وَوَجْهُكَ مَمْلُوءٌ نِعْمَةً. 15 (18) وَفِيمَا هِيَ تَتَكَلَّمُ سَقَطَتْ ثَانِيَةً وَكَادَ يُغْشَى عَلَيْهَا، 16 (19) فَاضْطَرَبَ الْمَلِكُ وَكَانَ جَمِيعُ أَعْوَانِهِ يُلاَطِفُونَهَا. 17 (2) فَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ وَاقِفَةً فِي الدَّارِ نَالَتْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، فَمَدَّ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ قَضِيبَ الذَّهَبِ الَّذِي بِيَدِهِ، فَدَنَتْ أَسْتِيرُ وَلَمَسَتْ رَأْسَ الْقَضِيبِ. 18 (3) فَقَالَ لَهَا الْمَلِكُ: «مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ الْمَلِكَةُ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُعْطَى لَكِ».
ع1:
استمرت أستير تصلي وهي صائمة لمدة يومين وليلتين. وفى اليوم الثالث وهي ما زالت صائمة، بعد أن أنهت صلاتها المنسحقة أمام الله، طالبة معونته، خلعت ثياب التقشف والتذلل أمام الله، التي قد تكون من المسوح، أو الملابس الرخيصة والخشنة، ولبست بدلًا منها ثياب الملك وتزينت لتقابل الملك.إن صوم وصلاة أستير لمدة ثلاثة أيام يرمز لموت المسيح وقبره ثلاثة أيام وفى اليوم الثالث قام من الأموات، وهكذا أيضًا الكنيسة -التي ترمز إليها أستير- ماتت مع المسيح في القبر وقامت بقوة؛ لتقابل الملك، أى تتراءى أمام الله مستترة بمسيحها الفادى.
: أظهرت زينتها ومحاسنها.
بزة الملك: هيئة الملك.
ترفها: رفاهيتها.
رخوصتها: نعومتها وليونتها كما يقال الغصن الرخص، أي الغصن الجديد الأخضر اللين.
تزينت أستير ولبست ملابسها الملوكية، فظهر جمالها الجذاب، لكنها لم تعتمد على جمالها، بل على الله الذي يساندها في دخولها إلى الملك؛ لتنقذ شعبها، فهي تؤمن إيمانًا كاملًا أن الله هو الذي أوصلها إلى هذا المركز؛ ليستخدمها في إنقاذ شعبها، كما علمها أبوها الروحي مردخاي.
كانت أستير في خوف وضعف شديدين، ليس فقط بسبب صومها، ولكن بسبب رهبة مواجهة الملك، وكيفية إقناعه لتنجى شعبها من الهلاك. فاتخذت لها جاريتين تستند على الواحدة؛ كأنها لنعومتها لا تستطيع أن تسير وحدها؛ بل محتاجة أن تستند على شخص آخر. أما الجارية الثانية فكانت تسير وراءها، وترفع أذيال ثوبها الملكى العظيم، الطويل، الذي يمتد وراءها. فظهرت في جمال عظيم كملكة تجتذب الأنظار، وفى أبهة ومعها هاتين الجاريتين.
إن أستير ترمز هنا للمسيح الذي عند صلبه كان يستند على اللاهوت في إتمام الفداء، وهذا اللاهوت ترمز له الجارية الأولى التي تستند عليها أستير. أما الجارية الثانية التي ترفع أذيالها وتمشى وراءها فترمز للناسوت الخاضع له لإتمام الفداء.
وأستير أيضًا ترمز للكنيسة وكل نفس بشرية تجاهد في طريق الحياة الروحية، فتستند على جارية هي الروح التي تتعلق بالله. أما الجارية الثانية فترمز للجسد الذي يخضع للروح ويسير خلفه.
ع5: كانت أستير تشعر بخوف شديد وهي تدخل إلى الملك؛ لأنها تخالف القوانين الملكية ومعرضة للموت، خاصة أن الملوك قديمًا والملك أحشويروش بالتحديد كان متقلب المزاج، وبالتالي يمكنه أن يتخذ قرارًا عنيفًا فجأة، دون تروى، أو بحث، كما حدث مع وشتي الملكة السابقة، عندما عزلها لعدم حضورها الوليمة بين السكارى.
ولكن نفسها المنقبضة وخوفها الشديد لأنها تواجه الموت حوله الله إلى شيء جميل جدًا، وهو احمرار وجهها، الذي يبين الحيوية والجمال، ولمعان بشرتها يعطيها جاذبية وعيناها الخائفتان كانتا تلمعان، فظهرت ببريق يأسر القلوب ويكمل روعة جمالها.
عجيب هو الله الذي يحول الضعف إلى قوة والخوف إلى جمال؛ ليتمم قصده الإلهي، فهو يعمل فينا، مهما كان ضعفنا ويعطينا نعمة، بل ومهابة أيضًا في أعين من حولنا؛ لأننا آمنا به.
إن أستير وهي تدخل إلى الموت ترمز للمسيح في بستان جثسيماني وهو مقبل على الموت ويتصبب عرقه كقطرات دم، ولكن يظهر مدى جماله في إخلاء مشيئته؛ لإتمام فدائنا.
ع6: تقدمت أستير وهي في هذا الخوف العظيم مستندة على جاريتها؛ لتدخل من الباب الأول الذي يؤدى إلى أبواب متتالية؛ حتى وصلت إلى القاعة التي يجلس فيها الملك على عرشه، فرأته في منظر رهيب وهو يلبس ملابس الملك المزينة بالذهب.
وأستير هنا ترمز للمسيح الذي اجتاز أبواب السماء؛ حتى وصل بالجنس البشرى للدخول إلى الملكوت، أي أصبح لنا الحق فيه -إن آمنا به وعِشْنَا معه- أن يكون لنا مكان في السماء إلى الأبد.
ع7: اتقاد
: اشتعال.عندما نظر الملك إلى أستير امتلأ غضبًا وظهر ذلك في عينيه الناظرتين إليها بشدة، ولعله تعجب لجرأتها في الدخول إليه بدون استئذان، إذ لم يدعها للدخول، بل أتت من نفسها. ولا نعلم مدى الشر الذي كان في قلبه، وما كان ينوى أن يفعله بها.
ولكن هذا المنظر المرعب الذي رأته أستير أكد لها أنه سيأمر بقتلها، فخافت جدًا وكادت تفقد وعيها وتسقط على الأرض، فسندت رأسها على جاريتها واستندت بشدة عليها. وتحول لون وجهها الأحمر الجميل إلى الصفرة من الذعر والارتعاب.
: استردت وعيها وأفاقت.
من أجل صلوات وأصوام أستير وكل شعبها تدخل الله وحول قلب الملك للعطف على أستير. إذ أنه عندما رآها في ضعف وخوف، حتى كادت تسقط على الأرض أشفق عليها جدًا وقام مسرعًا من على عرشه واحتضنها وسندها، حتى لا تسقط.
وأعلمها إن شريعة ملوك فارس التي تقضى بقتل من يدخل على الملك بدون أن يدعوه لا تنطبق عليها، بل على باقي الشعب. وهذا الكلام نوع من الحب والإشفاق ظهر من الملك؛ لأن الشريعة تأتى على الكل، ولكن الله أنطقه بهذه الكلمات. ثم طلب الملك من أستير أن تلمس الصولجان؛ لتتطمئن أنها لن تموت؛ لأن الشريعة تقول بأن من يمد له الملك الصولجان ويلمسه لا يموت.
إن الصوم والصلاة، أي الجهاد الروحي وحمل الصليب هو الذي أنقذ أستير ورفعها من الموت إلى الحياة، وأعطاها نعمة في عيني الملك، فاحتضنها كما يحتضننا الله ويدخلنا إلى ملكوته. والصولجان الموضوع على رقبتها يرمز للصليب، الذي يرفع الإنسان المجاهد إلى الاحضان الإلهية ويمتعه بعشرة المسيح.
قال الملك لأستير "أنا أخوكِ"، وهو يرمز للمسيح البكر بين إخوة كثيرين. وأستير ترمز للكنيسة. وكما يقول في سفر النشيد "يا أختى العروس" (نش4: 9، 10، 12).
عجيب هو الله الذي يحول قلب الملك المحب لسفك الدماء إلى هذا الحنان العجيب. حقًا إن "قلب الملك في يد الرب كجداول مياه حيثما شاء يميله" (أم21: 1).
ع12: تعجبت أستير جدًا لعمل الله العجيب في تحول الملك الوحشي إلى حنان وعطف لم تكن تتوقعه، فكانت مذهولة وساكتة، ولعلها كانت تشكر الله من كل قلبها. وإذ ظلت ساكتة حاول الملك طمأنتها، فوضع الصولجان على عنقها؛ لأنها لم تستطع أن ترفع يدها لتمسك بالصولجان، بل قبلها الملك أيضًا وقال لها لماذا أنت ساكتة، أي تكلمى ولا تخافى؛ لأنى أحبك.
ع13، 14: أمام حنان الله الذي ظهر في احتضان الملك لها وتقبيلها، أي أنها مقبولة ومحبوبة لديه ووضع الصولجان على رقبتها، أي نالت نعمة على يد الملك المتسلط على كل شيء، كل هذا شجع أستير، فتكلمت أمام الملك في حضرة الله، وقالت "رأيت وجهك كوجه ملاك"، وهذا التعبير كان شائعًا قديمًا عند مقابلة الأحباء والعظماء، كما يقال الآن "رأيت وجهك منيرًا" كنوع من التشجيع وإظهار الحب للمرضى والمتعبين. وأمام منظرك أيها الملك العظيم اضطرب قلبى وكدت أفقد وعيى، لأن منظرك عجيب في المجد، والنعمة تظهر واضحة على وجهك.
هكذا نرى عمل الله الذي ينطق الملك بكلمات الحنان ويحول قلبه للعطف على أستير، وفى نفس الوقت يعطى حكمة لأستير، فتمتدح الملك ويتحول منظر ضعفها إلى تأثر بعظمة الملك، فيزداد حبه لها وإشفاقه عليها.
إن أستير قابلت ملكًا وحشيًا وأعطاها الله نعمة في عينيه ولكننا نحن المؤمنين نقابل إلهًا عظيمًا فوق كل الآلهة وكلىِّ الحنان والحب، فهو مختلف عن ملوك الأرض فيما يلي:
إن أحشويروش ملك متكبر أما إلهنا فوديع ومتواضع القلب.
الدخول إلى أحشويروش لا يمكن أن يكون إلا بدعوة منه، وهذا يحدث حسب مزاج الملك. أما إلهنا فيدعونا في كل حين للتحدث معه قائلًا "ينبغى أن يصلى كل حين ولا يمل" (لو18: 1).
إن كانت شريعة ملوك فارس تمنع الدخول للملك، لكن إلهنا يعطينا مواعيد كثيرة ونعم أهمها أننا أولاده "أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (1 يو3: 1).
لم يكن لأستير صديق يشفع فيها للدخول أمام الملك، بل على العكس كان صديق الملك عدو لها وهو هامان. أما نحن فلنا شفيع عند الآب هو مسيحنا الذي فدانا بدمه، والروح القدس أيضًا يشفع فينا بأنات لا ينطق بها (1 يو2: 1، رو8: 26).
وعد الملك أستير أن يعطيها طلبتها إلى نصف المملكة (ع18(3)). أما مسيحنا فيعطينا كل الملكوت، والروح الذي فينا يستطيع أن يفحص حتى أعماق الله (1 كو2: 10).
ع15، 16: برغم ما قالته أستير من كلمات الإعجاب والمديح للملك، إلا أنها ظلت تشعر بالخوف؛ لأن مواجهة الموت ليس أمرًا سهلًا، فضغطت عليها مشاعرها؛ حتى أنها كادت يُغشى عليها مرة أخرى وسقطت، فسندتها جاريتها. واضطرب الملك خوفًا عليها وحاول معاونو الملك الواقفون في حضرته ملاطفتها وتشجيعها؛ إذ رأوها في خوف عظيم.
ع17(2): بتشجيعات معاونى الملك أفاقت أستير، وشجعها الملك للمرة الثانية ومد لها صولجان الملك، فانتصبت أستير وتقدمت ولمست رأس قضيب الملك، أي الصولجان وفرح الكل بعودة أستير إلى وعيها.
ع18(3): هنا شجعها الملك وقال لها ماذا تطلبين؟ إنى مستعد أن أجيب طلبتك مهما كانت وأعطيكِ حتى إلى نصف مملكتى، وهذا يظهر مدى حب الملك لها ونعمة الله التي وجدتها في عينيه.
† إن الله القادر أن يحول الأشرار إلى محبين لك يطمئنك، فلا تنزعج من أي تهديد، أو مشاكل تحيط بك. وثق أن صلاتك وأصوامك تنقذك من كل شر وتحول الأعداء إلى أحباء.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
19 (4) فَقَالَتْ أَسْتِيرُ: «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْيَأْتِ الْمَلِكُ وَهَامَانُ الْيَوْمَ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلْتُهَا لَهُ». 20 (5) فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَسْرِعُوا بِهَامَانَ لِيُفْعَلَ كَلاَمُ أَسْتِيرَ». فَأَتَى الْمَلِكُ وَهَامَانُ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا أَسْتِيرُ. 21 (6) فَقَالَ الْمَلِكُ لأَسْتِيرَ عِنْدَ شُرْبِ الْخَمْرِ: «مَا هُوَ سُؤْلُكِ فَيُعْطَى لَكِ؟ وَمَا هِيَ طِلْبَتُكِ؟ إِلَى نِصْفِ الْمَمْلَكَةِ تُقْضَى». 22 (7) فَأَجَابَتْ أَسْتِيرُ وَقَالتْ: «إِنَّ سُؤْلِي وَطِلْبَتِي، 23 (8) إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، وَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ أَنْ يُعْطَى سُؤْلِي وَتُقْضَى طِلْبَتِي، أَنْ يَأْتِيَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي أَعْمَلُهَا لَهُمَا، وَغَدًا أَفْعَلُ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ».
ع19(4):
طلبت أستير أخيرًا طلبها من الملك وهو أن يقبل حضور وليمة أعدتها له، يحضر فيها هو وهامان صديقه المقرب إلى قلبه. وقد أرادت أستير بطلبها هذا ما يلي:إظهار حبها للملك واشتياقها للجلوس معه وأكل الطعام في حضرته وبين يديه. فهذا في حد ذاته يشبعها ويفرحها.
أن تسر الملك، إذ أعدت له الأطعمة التي يحبها والخمر التي تبهجه، ليفرح ويكون مستعدًا لسماع طلبتها.
إنها تطلب راحة الملك قبل راحتها، فهي لا تريد طلبة مادية من مقتنيات، أو خدمة لأحد أحبائها، بل ما يسعد الملك .. وهذا ما سيظهر في الوليمة الثانية.
دعت مع الملك صديقه؛ لتظهر اهتمامها بالملك ومن يحبهم.
ومن المؤكد أن دعوتها للملك إلى الوليمة كان بإرشاد إلهى، بعد أن رفعت صلوات وأصوام أمام الله.
ع20(5):
وافق الملك في الحال على طلب أستير وهذا يظهر النعمة الإلهية التي أعطاها الله لأستير في عينيه؛ حتى أنه قال لعبيده أسرعوا بإخبار هامان؛ ليأتى معى إلى وليمة أستير الملكة.هذا يبين مدى محبة الملك لأستير في الموافقة السريعة على طلبها، فهو حقًا يريد أن يسعدها ويجيب لها اى طلب تريده؛ لأن الله قد حرك قلبه نحوها.
† إن كنت تحب الله فأسرع إلى طاعة وصاياه. لا يكفى أن تكون مقتنعًا بالوصية وتؤجلها، بل أسرع إلى تنفيذها، فتتمتع ببركات الله الوفيرة وتقطع على إبليس كل وسائله التي يعطلك بها عن إتمام وصاياه.
ع21(6): بعد أن أكل الملك وشرب الخمر وطابت نفسه، جدد وعوده لأستير إذ قال لها: ما هي طلبتك وأنا مستعد أن أعطيها لك مهما كانت عظيمة حتى لو كانت إلى نصف مملكتى؟ إذ أنه كان متوقعًا أن تتطلب أستير منه طلبة مادية.
ع22(7)، 23(8): أجابت أستير وقالت للملك إن طلبتى أن يقبل الملك حضور وليمتى التي أعملها له في اليوم التالي ويحضر فيها هو وهامان أيضًا وذلك لما يلي:
أن تعلق قلبه بمحبتها، فقد ظهر تعاطفه وحبه لها وفرحه بالجلوس معها، فأرادت أن تشبعه بجمالها وعذب حديثها.
كان ذلك بحكمة إلهية سبق الله وأرشدها إليه، عندما صامت وصلت.
حضور هامان في الوليمة الثانية أمر مهم؛ حتى تواجهه بخطأه وجريمته أمام الملك ولا تعطى فرصة لخداعه وشره أن يؤثر على الملك، وهذا يبين ثقتها بالله وشجاعتها وقوتها في مواجهة المشاكل معتمدة على الله.
إن حكمة أستير درس لكل امرأة في التعامل مع زوجها باللطف والمحبة والاتضاع، فتكسب محبته ويقبل الاستجابة لطلباتها.
24 (9) فَخَرَجَ هَامَانُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فَرِحًا وَطَيِّبَ الْقَلْبِ. وَلكِنْ لَمَّا رَأَى هَامَانُ مُرْدَخَايَ فِي بَابِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَقُمْ وَلاَ تَحَرَّكَ لَهُ، امْتَلأَ هَامَانُ غَيْظًا عَلَى مُرْدَخَايَ. 25 (10) وَتَجَلَّدَ هَامَانُ وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَأَرْسَلَ فَاسْتَحْضَرَ أَحِبَّاءَهُ وَزَرَشَ زَوْجَتَهُ، 26 (11) وَعَدَّدَ لَهُمْ هَامَانُ عَظَمَةَ غِنَاهُ وَكَثْرَةَ بَنِيهِ، وَكُلَّ مَا عَظَّمَهُ الْمَلِكُ بِهِ وَرَقَّاهُ عَلَى الرُّؤَسَاءِ وَعَبِيدِ الْمَلِكِ. 27 (12) وَقَالَ هَامَانُ: «حَتَّى إِنَّ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ لَمْ تُدْخِلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا إِلاَّ إِيَّايَ. وَأَنَا غَدًا أَيْضًا مَدْعُوٌّ إِلَيْهَا مَعَ الْمَلِكِ. 28 (13) وَكُلُّ هذَا لاَ يُسَاوِي عِنْدِي شَيْئًا كُلَّمَا أَرَى مُرْدَخَايَ الْيَهُودِيَّ جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ». 29 (14) فَقَالَتْ لَهُ زَرَشُ زَوْجَتُهُ وَكُلُّ أَحِبَّائِهِ: «فَلْيَعْمَلُوا خَشَبَةً ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَفِي الصَّبَاحِ قُلْ لِلْمَلِكِ أَنْ يَصْلِبُوا مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا، ثُمَّ ادْخُلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَرِحًا». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ عِنْدَ هَامَانَ وَعَمِلَ الْخَشَبَةَ.
ع24(9): خرج هامان من وليمة أستير الأولى وهو في فرح عظيم، إذ شعر أنه ينال الكرامة التي ينالها الملك، فلم يدع سواه إلى وليمة الملكة، فقد كان غارقًا في الكبرياء.
وبعد ذلك مر هامان بباب الملك، فوجد مردخاي جالسًا ولم يسجد له، فاغتاظ جدًا؛ لأنه غارق في كبريائه. ونرى هنا مردخاي ثابتًا في إيمانه رغم صدور الأمر بهلاكه مع شعبه لكنه ظل يعبد الله وحده ولا يسجد لسواه؛ لأنه صام وصلى، فأعطاه الله هذا الثبات في الإيمان.
ع25(10)-27(12): رغم غيظ هامان الشديد، تماسك ولم يظهر غضبه على مردخاي، ولكنه دخل إلى بيته وجمع أحباءه وزوجته، وأخذ يعدد أمامهم أوجه عظمته في الممتلكات والأبناء، وترقيته إلى أعلى مكان في القصر الملكى، واختيار أستير الملكة له وحده، ليكون مع الملك في وليمتها الأولى والثانية.
إن كبرياء هامان يظهر أنه يخفى في داخله صغر نفس شديد، فهو يشعر بثقته في نفسه من سجود الناس له، وإذا لم يسجد له واحد فقط يهتز ويضطرب جدًا، ويجرى إلى سرد أوجه عظمته، لعله بهذا يستعيد ثقته في نفسه ويحل السلام في قلبه. ولكن من المستحيل أن يحصل على السلام؛ لأن كلام الله واضح "لا سلام قال الرب للأشرار" (أش48: 22).
ع28(13): ثم يعلن هامان ضعفه عند رؤية مردخاي جالسًا بباب الملك، فيضطرب جدًا ولا يطيق نفسه ولا تنفعه كل عظمته.
وهامان يرمز للشيطان المضطرب دائمًا عند رؤية أولاد الله جالسين في باب ملك الملوك، أي في كنيسته. ومهما كانت قوة الشياطين، فهم مضطربون أمام ثبات أولاد الله في الإيمان وتمسكهم بالكنيسة.
ع29(14): لقد استصدر هامان أمرًا ملكيًا بإبادة اليهود، وسيتم ذلك بعد إحدى عشر شهرًا، ولكنه لا يطيق أن ينتظر هذه المدة على مردخاي. فلما رأت زوجته زرش اضطرابه، قدمت له حلًا وهو صلب مردخاي على خشبة طويلة، طولها خمسون ذراعًا، أي يصلب مرتفعًا على خشبة ارتفاعها حوالي خمسة وعشرين مترًا، وحتى يكون عبرة لكل من في مدينة شوشن القصر، ويستطيع هامان أن يراه عن بعد وهو في منزله، فيشفى غليله بموت مردخاي أمام عينيه. واستحسن هامان هذه الفكرة التي قدمتها زوجته وأحباؤه وأسرع لإعداد الخشبة؛ ليصلب عليها مردخاي فيقتله قبل أن يذهب إلى وليمة أستير الثانية. متأكدًا أن الملك لن يرفض طلبه لمكانته العظيمة عند الملك، خاصة أن الملك وافق على إبادة كل شعب مردخاي، أى اليهود. فأمر بإعداد الخشبة وتأهب للذهاب إلى الملك في الصباح للحصول على أمر الملك بصلب مردخاي.
إن رقم خمسون له معنى عظيم في طقس اليهود، إذ في السنة الخمسين، أي سنة اليوبيل يتحرر العبيد وتسقط الديون ويتخلص منها أصحابها.
وهذه الخشبة التي كان هامان يريد أن يصلب عليها مردخاي، صارت لهلاكه، كما سنرى في (أس 7). وهذه الخشبة ترمز للصليب الذي مات عليه المسيح، فحرر البشرية بتقييده الشيطان.
إن كثرة أموال وسلطة هامان لم تستطع أن تزيل اضطرابه عند رؤية شخص واحد مؤمن وهو مردخاي. وهذا يؤكد أن الإنسان مهما ملك من الممتلكات وهو ما زال ساقطًا في الكبرياء لا يستطيع أن ينال السعادة التي يتمتع بها إنسان فقير متضع يحيا مع الله.
† احترس من الكبرياء فهي أم لشرور كثيرة؛ لئلا تعمي عينيك عن الحق وتنجرف في خطايا كثيرة مثل الكراهية والحقد والانتقام. إن الاتضاع هو أقصر طريق إلى قلب الله، فينقذك من كل شيء.
_____
(1) توضيح من الموقع: وهي الآية: "وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَبِسَتْ أَسْتِيرُ ثِيَابًا مَلَكِيَّةً وَوَقَفَتْ فِي دَارِ بَيْتِ الْمَلِكِ الدَّاخِلِيَّةِ مُقَابِلَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَالْمَلِكُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ مُقَابِلَ مَدْخَلِ الْبَيْتِ" (أس 5: 1).
← تفاسير أصحاحات أستير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أستير 6 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أستير 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/esther/chapter-05.html
تقصير الرابط:
tak.la/c86b7ma