* تأملات في كتاب استير: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
هذا الأصحاح أُعيد إليه جزء من تتمة السفر وهي الآيات من (ع14-20) ووضعت في مكانها بعد (ع13) وهي موجودة في تتمة السفر في كتاب الأسفار القانونية الثانية (أس 13: 1-7).
(1) ترقية هامان وغضبه على مردخاي (ع1-6)
(2) مؤامرة هامان لقتل اليهود (ع7-11)
(3) بدء خطة إهلاك اليهود (ع12-22)[تتمة أستير 13: 1-7]
1 بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ عَظَّمَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ هَامَانَ بْنَ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيَّ وَرَقَّاهُ، وَجَعَلَ كُرْسِيَّهُ فَوْقَ جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ الَّذِينَ مَعَهُ. 2 فَكَانَ كُلُّ عَبِيدِ الْمَلِكِ الَّذِينَ بِبَابِ الْمَلِكِ يَجْثُونَ وَيَسْجُدُونَ لِهَامَانَ، لأَنَّهُ هكَذَا أَوْصَى بِهِ الْمَلِكُ. وَأَمَّا مُرْدَخَايُ فَلَمْ يَجْثُ وَلَمْ يَسْجُدْ. 3 فَقَالَ عَبِيدُ الْمَلِكِ الَّذِينَ بِبَابِ الْمَلِكِ لِمُرْدَخَايَ: «لِمَاذَا تَتَعَدَّى أَمْرَ الْمَلِكِ؟» 4 وَإِذْ كَانُوا يُكَلِّمُونَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا وَلَمْ يَكُنْ يَسْمَعْ لَهُمْ، أَخْبَرُوا هَامَانَ لِيَرَوْا هَلْ يَقُومُ كَلاَمُ مُرْدَخَايَ، لأَنَّهُ أَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُ يَهُودِيٌّ. 5 وَلَمَّا رَأَى هَامَانُ أَنَّ مُرْدَخَايَ لاَ يَجْثُو وَلاَ يَسْجُدُ لَهُ، امْتَلأَ هَامَانُ غَضَبًا. 6 وَازْدُرِيَ فِي عَيْنَيْهِ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مُرْدَخَايَ وَحْدَهُ، لأَنَّهُمْ أَخْبَرُوهُ عَنْ شَعْبِ مُرْدَخَايَ. فَطَلَبَ هَامَانُ أَنْ يُهْلِكَ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي كُلِّ مَمْلَكَةِ أَحَشْوِيرُوشَ، شَعْبَ مُرْدَخَايَ.
ع1:
بعد هذه الأمور، أى بعد زواج أحشويروش من أستير وعمل وليمة العرس، استراح واستقر أحشويروش وبدأ يفكر في تنظيم قيادة مملكته.كان هامان يشغل وظيفة كبيرة في القصر الملكى، فكان أحد الرؤساء المعروفين، ويظن البعض أنه كان ملكًا في بلاده على شعب عماليق، وعندما خضعت عماليق لمملكة مادي وفارس استدعاه الملك؛ ليعمل في قصره.
كان هامان أيضًا كبيرًا في السن، فكان أحشويروش يعتبره أبًا ومرشدًا (ع19) وذو حكمة (ع16) ويبدو انه كان ذو لسان حسن، فأحبه الملك وشعر أنه مشير عظيم، ولذا قرر ترقيته وجعله رئيسًا لكل الرؤساء العاملين في قصره، أي صار الرجل الثاني في المملكة بعد أحشويروش، كما حدث مع الملك يهوياكين ملك يهوذا المسبى في بابل، إذ رفعه أويل مرودخ ملك بابل وجعل كرسيه فوق جميع كراسى الملوك الموجودين معه في بابل (2 مل25: 27، 28).
ع2: عندما رقى أحشويروش هامان وجعله الرجل الثاني في المملكة، أمر أن يسجد له كل من في المملكة، وكان أحشويروش يشعر أن هذا إكرام وتعظيم لهامان، فأطاع الجميع ما عدا مردخاي.
وكان السجود في المملكة الفارسية بالانبطاح على الوجه واليدين مبسوطتين على الأرض والفم في التراب، وكان يعتبر هذا سجود عبادة؛ لذا رفضه مردخاي، وأعلن السبب أنه يهودي لا يسجد إلا لإله السماء. بالإضافة إلى أن شريعة موسى أوصت بالاحتراس من العماليقى، الذي أساء إلى شعب الله، وكانت الحرب مستمرة بين العماليقى وبين شعب الله طوال الأيام (تث25: 17، خر17: 16).
كل ما فات يبين شجاعة مردخاي، ومن جهة أخرى تمسكه بشريعة الله، فيعبد الله وحده ويحترس من أعدائه.
ع3، 4: تعجب الحراس والعاملون بالقصر الملكى من عدم سجود مردخاي لهامان، وظنوه تكبرًا. فطلبوا منه مرات كثيرة أن يسجد لهامان، ولا يخالف أمر الملك، ولكنه رفض. وأخبرهم أن السبب ليس تكبرًا، بل لأنه يهودي ولا يعبد ويسجد إلا لله وحده. لكنهم لم يقتنعوا، إذ أثاروا هامان عليه، وأخبروه بعدم استعداد مردخاي للسجود له، لأنه ينتمى لجنس اليهود الذي لا يسجد لإنسان. وواضح أنهم قد امتلأوا غيظًا من مردخاي، وبهذه الشكوى أرادوا إخضاعه وإجباره على السجود، إذ تحدوه قائلين: سترى كلام من سيسرى؛ وهم يعلمون أن أمر الملك لابد وأن ينفذ وليس رأى مردخاي.
ع5: اهتم هامان بالأمر وقصد أن يمر أمام مردخاي، فلاحظ أنه لم يسجد له، فاغتاظ جدًا. ولعله فكر أن مردخاي يغير منه ويحسده بسبب ترقية الملك له؛ لأن الملك كان قد رقى مردخاي قبلًا وجعله مسئولًا في القصر الملكى (أس 1: 16) مع أن مردخاي لم يفكر قط بكبرياء، أو غيرة، بدليل ما قاله في صلاته (أس 4: 18-28)
بالإضافة إلى أن قلب هامان كان مغتاظًا من مردخاي بسبب كشفه لمؤامرة الخصيان (أس 1: 12-17) والتي أظهرت أن هامان كان هو في الغالب المخطط لهذه المؤامرة، ويريد الاستيلاء على المملكة.
بدأ هامان يعلن أفكاره الشريرة ضد مردخاي، مظهرًا سوء نيته، وأشاع ذلك في القصر الملكى؛ حتى يقلب الناس عليه. ووصل هذا الكلام لمردخاي، ولكنه لم ينزعج وصلى إلى الله القادر أن يحفظه وينجيه.
ع6: فكر هامان في الانتقام من مردخاي وإهلاكه، بتدبير مؤامرة وشهود عليه بعدم طاعته لأوامر الملك. ولكن غيظ هامان كان أكبر من هذا، فأراد انتقامًا أكبر من مردخاي، بإهلاك كل شعبه اليهود الساكنين في أرجاء مملكة مادي وفارس. وهذا يبين مدى عنف وشراسة هامان وكراهيته لليهود، إذ أنه عماليقى الأصل، كما ذكرنا والعماليق يكرهون اليهود.
† تمسك بعبادتك لله مهما كانت المقاومات المحيطة بك، ولا تخشى إظهار أنك مسيحى وثق أن الله قادر أن يحميك وسط كل الظروف.
7 فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، أَيْ شَهْرِ نِيسَانَ، فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَشَرَةَ لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، كَانُوا يُلْقُونَ فُورًا، أَيْ قُرْعَةً، أَمَامَ هَامَانَ، مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ، وَمِنْ شَهْرٍ إِلَى شَهْرٍ، إِلَى الثَّانِي عَشَرَ، أَيْ شَهْرِ أَذَارَ. 8 فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ: «إِنَّهُ مَوْجُودٌ شَعْبٌ مَّا مُتَشَتِّتٌ وَمُتَفَرِّقٌ بَيْنَ الشُّعُوبِ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِكَ، وَسُنَنُهُمْ مُغَايِرَةٌ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ، وَهُمْ لاَ يَعْمَلُونَ سُنَنَ الْمَلِكِ، فَلاَ يَلِيقُ بِالْمَلِكِ تَرْكُهُمْ. 9 فَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْيُكْتَبْ أَنْ يُبَادُوا، وَأَنَا أَزِنُ عَشَرَةَ آلاَفِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ فِي أَيْدِي الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ لِيُؤْتَى بِهَا إِلَى خَزَائِنِ الْمَلِكِ». 10 فَنَزَعَ الْمَلِكُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَعْطَاهُ لِهَامَانَ بْنِ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيِّ عَدُوِّ الْيَهُودِ. 11 وَقَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: «الْفِضَّةُ قَدْ أُعْطِيَتْ لَكَ، وَالشَّعْبُ أَيْضًا، لِتَفْعَلَ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ».
ع7: نيسان
: يقابل شهرى مارس وأبريل في السنة الميلادية.فورا: كلمة فارسية معناها قرعة ومنها كلمة فوريم، وهو عيد سيأتى ذكره في هذا السفر.
آذار: كلمة فارسية معناها فبراير ومارس.
بعد أن قرر هامان إهلاك اليهود، بحث عن أنسب يوم في السنة لإهلاكهم، ودعى العرافين المعروفين في المملكة؛ ليلقوا فورا، أي قرعة لاختيار هذا اليوم. فألقوا قرعة ليعرفوا الشهر، ثم اليوم، وكانت نتيجة القرعة اختيار يوم 13 آذار، أي بعد إحدى عشر شهرًا من وقت إلقاء القرعة، التي تمت في شهر نيسان من السنة الثانية عشر لملك أحشويروش، أي بعد حوالي خمس سنوات من زواجه بأستير.
ويظهر هنا تدخل الله الذي لم يفهمه أحد وقتذاك، إذ جعل ميعاد إبادة اليهود بعد إحدى عشر شهرًا والتي في خلالها سترفع الصلوات ويتدخل الله لينقذ شعبه. أما هامان الشرير ففرح باختيار هذا اليوم، إذ ستكون أمامه فرصة كافية لإرسال وكلائه في كل مكان بالمملكة، والبحث عن اليهود للتأكد من إبادتهم جميعًا في هذا اليوم. ويتضح أيضًا كيف أن قوة الله فوق قوة الشيطان العاملة في العرافين، فالله ضابط الكل قادر أن يحول الشر إلى خير.
ع8: حتى يصل هامان إلى غرضه وهو إبادة اليهود قابل الملك أحشويروش وأظهر له شر اليهود في الأمور الآتية:
تكلم عنهم باحتقار فقال "شعب ما" ومتشتت ومتفرق بين جميع الشعوب، أي ليس لهم قيمة تذكر.
لهم سنن، أي قوانين وشرائع مختلفة عن باقي الشعوب الخاضعة للمملكة، وهذا بالطبع يضايق الشعوب المحيطة بهم. ويؤكد أنهم غرباء عمن حولهم.
يرفضون الخضوع لسنن الملك وقوانينه، فهم عصاة لا يخضعون للمملكة.
تشتتهم وسط الشعوب وعصيانهم للملك يثير هذه الشعوب، فيحدث تمرد وعصيان في أرجاء المملكة.
بهذا العرض أثار هامان الملك ضد اليهود، وما قاله هامان هو خطة شيطانية يستخدمها الشيطان في أحيان كثيرة حتى يومنا هذا بوضع جزء من الحقيقة مع أكاذيب لخداع الناس، كما فعلت الحية في حديثها مع حواء، وكما أثار المضطهدون الرومان ضد المسيحيين في القرون الأولى.
ع9: استكمل هامان حديثه مع الملك بعدما استثاره ضد اليهود، فقال إن حسن عند الملك التخلص من هذا الشعب المسئ للمملكة، فليأمر الملك ويكتب هذا الأمر لإبادة هذا الشعب. ولعل هامان اعتمد على وجود بعض أعداء لليهود في المملكة، لأنهم يعبدون إله واحد ولا يشتركون مع الأمم المحيطة بهم في عبادة آلهتهم الوثنية، ولهم طقوس وعبادات غريبة عن الشعوب، مثل حفظ السبت والتطهيرات والختان.
وقدم إغراءً للملك، الذي كان يعانى من نقص في موارده المالية، بعد هزيمته أمام اليونان كما ذكرنا، فوعد هامان الملك أن يقدم لخزائن المملكة عشرة آلاف وزنة فضة بعد إتمام العمل وهو إبادة اليهود. إذ أن هامان كان سيحصل على أسلاب وغنائم هؤلاء اليهود وممتلكاتهم من الفضة والذهب والماشية وباقى المقتنيات والتي يفوق ثمنها هذا المبلغ، فيقدم المبلغ للملك وغالبًا يحصل هو ومعاونوه وكل من قاموا بإبادة اليهود على مكافآت كبيرة.
ع10: وزنة فضة
: لها عدة أوزان تتراوح ما بين 20-40 كجم.وافق الملك في الحال على كل كلام هامان، وهذا شيء في غاية الغرابة. فلم يبحث، أو يتحقق من أي كلام قاله، وذلك يرجع لثقته الشديدة فيه، بالإضافة إلى انشغاله بشهواته وكرامته، وعدم اهتمامه برعاية الشعوب الخاضعة له.
وزاد الملك على ذلك أن أعطاه خاتمه؛ ليختم به الأمر الملكى والرسائل التي سترسل إلى كل بلاد المملكة لإبادة اليهود. وهذا يؤكد ليس فقط ثقته في هامان، بل عدم تدقيقه، إذ أعطاه خاتمه الذي يستطيع أن يختم به على أي شيء ويستولى على معظم ما في المملكة. ولعل الملك كان مستغرقًا في شهواته وشرب الخمر وقتذاك.
ع11: أضاف الملك وقال لهامان خذ أيضًا الفضة بالإضافة للخاتم، ومنحه السلطة لإبادة شعب اليهود. كل هذا يؤكد محبة الملك لهامان، بالإضافة لانغماسه في الشهوات، فهو يعطيه كل غنائم اليهود التي تزيد بالطبع عن عشرة آلاف وزنة فضة. وهكذا نرى الشيطان يفقد الإنسان عقله إن انغمس في شهواته وابتعد عن الله.
†
اختبر كل أمر بالصلاة ولا تتسرع في قراراتك حتى يعطيك الله حكمة وتسير مطمئنًا في خطواتك.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
12 فَدُعِيَ كُتَّابُ الْمَلِكِ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْهُ، وَكُتِبَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ هَامَانُ إِلَى مَرَازِبَةِ الْمَلِكِ وَإِلَى وُلاَةِ بِلاَدٍ فَبِلاَدٍ، وَإِلَى رُؤَسَاءِ شَعْبٍ فَشَعْبٍ، كُلِّ بِلاَدٍ كَكِتَابَتِهَا، وَكُلِّ شَعْبٍ كَلِسَانِهِ، كُتِبَ بِاسْمِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ وَخُتِمَ بِخَاتَمِ الْمَلِكِ. 13 وَأُرْسِلَتِ الْكِتَابَاتُ بِيَدِ السُّعَاةِ إِلَى كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ لإِهْلاَكِ وَقَتْلِ وَإِبَادَةِ جَمِيعِ الْيَهُودِ، مِنَ الْغُلاَمِ إِلَى الشَّيْخِ وَالأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، فِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ، أَيْ شَهْرِ أَذَارَ، وَأَنْ يَسْلِبُوا غَنِيمَتَهُمْ. 14 (1) «مِنْ أَرْتَحْشَشْتَا الأَكْبَرِ الْمَالِكِ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى الْحَبَشَةِ، عَلَى الْمِئَةِ وَالسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ إِقْلِيمًا، إِلَى الرُّؤَسَاءِ وَالْقُوَّادِ الَّذِينَ فِي طَاعَتِهِ. سَلاَمٌ. 15 (2) إِنِّي مَعَ كَوْنِي مُتَسَلِّطًا عَلَى شُعُوبٍ كَثِيرِينَ وَقَدِ أَخْضَعْتُ الْمَسْكُونَةَ بِأَسْرِهَا تَحْتَ يَدِي، لَمْ أُحِبَّ أَنْ أُسِيءَ إِنْفَاذَ مَقْدِرَتِي الْعَظِيمَةِ، وَلكِنِّي حَكَمْتُ بِالرَّحْمَةِ وَالْحِلْمِ حَتَّى يَقْضُوا حَيَاتَهُمْ بِلاَ خَوْفٍ وَبِسَكِينَةٍ وَيَتَمَتَّعُوا بِالسَّلاَمِ الَّذِي يَصْبُو إِلَيْهِ كُلُّ بَشَرٍ. 16 (3) فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ مَشُورَتِي كَيْفَ يَتِمُّ ذلِكَ، فَكَانَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ يَفُوقُ مَنْ سِوَاهُ فِي الْحِكْمَةِ وَالأَمَانَةِ وَهُوَ ثُنْيَانُ الْمَلِكِ اسْمُهُ هَامَانُ. 17 (4) قَالَ لِي: إِنَّ فِي الْمَسْكُونَةِ شَعْبًا مُتَشَتِّتًا لَهُ شَرَائِعُ جَدِيدَةٌ يَتَصَرَّفُ بِخِلاَفِ عَادَةِ جَمِيعِ الأُمَمِ وَيَحْتَقِرُ أَوَامِرَ الْمُلُوكِ وَيُفْسِدُ نِظَامَ جَمِيعِ الأُمَمِ بِفِتْنَتِهِ، 18 (5) فَلَمَّا وَقَفْنَا عَلَى هذَا وَرَأَيْنَا أَنَّ شَعْبًا وَاحِدًا مُتَمَرِّدٌ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ، طَائِفَةً تَتَّبِعُ شَرَائِعَ فَاسِدَةً وَتُخَالِفُ أَوَامِرَنَا وَتُقْلِقُ سَلاَمَ وَاتِّفَاقَ جَمِيعِ الأَقَالِيمِ الْخَاضِعَةِ لَنَا، 19 (6) أَمَرْنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ هَامَانُ الْمُوَلَّى عَلَى جَمِيعِ الأَقَالِيمِ وَثُنْيَانُ الْمَلِكِ الَّذِي نُكْرِمُهُ بِمَنْزِلَةِ أَبٍ، يُبَادُونَ بِأَيْدِي أَعْدَائِهِمْ هُمْ وَنِسَاؤُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ وَلاَ يَرْحَمُهُمْ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الثَّانِي عَشَرَ شَهْرِ آذَارَ مِنْ هذِهِ السَّنَةِ. 20 (7) حَتَّى إِذَا هَبَطَ أُولئِكَ النَّاسُ الْخُبَثَاءُ إِلَى الْجَحِيمِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يُرَدُّ إِلَى مَمْلَكَتِنَا السَّلاَمُ الَّذِي أَقْلَقُوهُ». 21 (14) صُورَةُ الْكِتَابَةِ الْمُعْطَاةِ سُنَّةً فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ، أُشْهِرَتْ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ لِيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِهذَا الْيَوْمِ. 22 (15) فَخَرَجَ السُّعَاةُ وَأَمْرُ الْمَلِكِ يَحُثُّهُمْ، وَأُعْطِيَ الأَمْرُ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ. وَجَلَسَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ لِلشُّرْبِ، وَأَمَّا الْمَدِينَةُ شُوشَنُ فَارْتَبَكَتْ.
ع12: مرازبة
: جمع مرزبان وهو رئيس مقاطعة من مقاطعات المملكة الفارسية.بتشجيع هامان، أمر الملك بجمع كتاب الملك، وهم القادرون على الكتابة باللغات المختلفة، فكتبوا أمر الملك بصياغة سليمة، بلغة كل شعب تابع للمملكة حسب كل ما أوصى به هامان، لإظهار مدى شناعة هذا الشعب اليهودي وضرورة إبادته في يوم واحد. وتمت هذه الكتابة في اليوم الثالث عشر من شهر نيسان. أي أن هامان استطاع خلال ثلاثة عشر يومًا أن يستصدر أمر ملكى بإبادة اليهود. فبعد أن قرر في نفسه التخلص من اليهود ألقى قرعًا لاختيار اليوم المناسب لإبادتهم، وهو أول شهر نيسان في السنة الثانية عشر للملك أحشويروش، ثم استطاع أن يثير الملك ضدهم ويقنعه، ويحصل على خاتمه، ويجعل الملك يجمع الكتاب، وكتبوا فعلًا الرسائل بإبادة اليهود في اليوم الثالث عشر من شهر نيسان. وهذا يبين مدى كراهية هامان لليهود، وأيضًا مدى قسوته في إبادة شعب كامل، بالإضافة إلى ثقته في مكانته عند الملك، ومدى تسلطه ونفوذه.
ع13: السعاة
: جنود تابعين للملك يتميزون بسرعة الجرى ويعتبرون من الحرس الملكى ويستخدمون أيضًا في توصيل الرسائل الملكية، إذ كانوا يجرون بسرعة ليصلوا إلى أهدافهم. وكانوا يستخدمون الخيل أيضًا أيام الفرس (أس 8-10).تم تنفيذ الأمر الملكى سريعًا، فأعطيت الرسائل بإبادة اليهود إلى السعاة لتوصيلها إلى كل بلدان المملكة؛ حتى يبيدوا اليهود جميعًا رجالًا ونساءً، شيوخًا وأطفالًا، فتيانًا وشبانًا، عبيدًا وإماءً وذلك في يوم واحد، هو اليوم الثالث عشر من شهر آذار، أي بعد إحدى عشر شهرًا بالتحديد، مع سلب جميع ممتلكاتهم.
ع14: وكانت رسالة الملك التي أرسلها بيد السعاة تفيد أن الخطاب مرسل من الملك أرتحشستا الأكبر، أي أحشويروش، كما ذكرنا في (أس 1: 1)، الذي يملك على المملكة الفارسية، الممتدة من الهند شرقًا إلى الحبشة غربًا وتشمل المملكة مئة وسبع وعشرون إقليمًا. والرسالة موجهة إلى كل رئيس وقائد في المملكة الفارسية. وهذا يبين تأكيد أحشويروش على شمول قراره بإبادة جميع اليهود في مملكته. وقد بدأ خطابه بإرسال السلام لهؤلاء القادة.
ع15: أسرها
: كلها.إنفاذ مقدرتى: استغلال سلطتى.
يصبوا إليه: يتمنوه.
قال الملك في رسالته أنى متسلط على شعوب كثيرة وأخضعت لنفسى بلاد العالم كله، ولكنى لم استخدم سلطانى للتحكم في الناس التابعين لى، ولم أذلهم، بل على العكس كنت رحيمًا في كل قراراتى؛ حتى تعيش جميع الشعوب التابعة لى في هدوء وسلام وطمأنينة وهذا ما تتمناه الشعوب.
هذا أحسه أحشويروش في نفسه، وإن كانت الحقيقة أنه مندفع في قراراته وسريع في سفك الدم، بدليل غزواته الكثيرة للشعوب المحيطة، ثم قراره بإهلاك اليهود، وبعده قراره بإهلاك أعداء اليهود.
† لا تعتد بآرائك ولكن اخضع لأب اعترافك واسمع إرشادات مرشديك ورأى المحيطين بك؛ لتفهم نفسك جيدًا، فلا تتكبر وتصف نفسك بصفات حميدة قد لا تكون فيك.
ع16: ثنيان
: الرجل الثاني بعد الملك.بعد أن أظهر أحشويروش أنه رحيم ويود أن يحكم مملكته بالعطف والرحمة، سأل مشيريه كيف تستقر المملكة وتسود فيها الرحمة؟ فتقدم إليه أكبر مشيريه وهو الرجل الثاني في المملكة ويدعى هامان.
كل هذه المقدمة عن الرحمة قالها أحشويروش حتى يكسب نفوس شعبه، فيفهموا أن أمره بإبادة اليهود هو عمل رحمة لكل المملكة؛ لتتخلص الشعوب ممن يؤذيهم ويقلقهم بتصرفاتهم السيئة وهم اليهود. هذا ما خدعه به هامان، وهو بالطبع كذب، ولكن يظهر مدى قوة الخداع من هامان للملك، والملك أيضًا بكبرياء يخدع شعبه بأنه رحيم جدًا.
: أي إثارته لمشاكل وخلافات كبيرة.
كانت مشورة هامان للملك أنه لكيما يستقر الأمن والرحمة في المملكة ينبغى الانتباه إلى شعب غريب يعيش في المملكة الفارسية، وهو شعب اليهود، ووصفه بصفات سيئة هي:
متشتت بين شعوب المملكة، فيستطيع أن يثير المشاكل في معظم أرجاء المملكة.
له شرائع جديدة غريبة تختلف عن شرائع وقوانين المملكة، فيحدث اضطرابات في المملكة.
يحتقر قوانين الملوك وليس فقط الملك أحشويروش، أي شعب متمرد وعاصى.
بشرائعه سيثير الشعوب ويفسد أنظمتها، فيحدث اضطرابًا في المملكة.
استكمل الملك كلامه بأنه فحص الأمر وتأكد مما قاله هامان بأن شعب اليهود يتصف بهذه الصفات السيئة. مع أن هذا لم يحدث، لكنه وثق تمامًا في كلام هامان ووافق عليه دون مناقشة.
ع19، 20: فى نهاية خطاب الملك أعلن أمره بإبادة اليهود، أي قتل الرجال والنساء والأطفال - وكان هذا بحسب مشورة هامان ثانى رجل بعد الملك ويكرمه الملك كأب للمملكة- فيباد هؤلاء اليهود بأيدى أعدائهم في جميع أنحاء المملكة. وبهذا لا تبق لهم بقية، إذ سيبيد الأطفال وكذلك النساء حتى لا يلدن، بالإضافة للرجال.
وبهلاك هؤلاء اليهود يعود السلام والطمأنينة للمملكة الفارسية وكل شعوبها.
وأمر الملك أن تتم هذه الإبادة في اليوم الرابع عشر من آذار، أي الشهر الثاني عشر في نفس السنة، بعد إحدى عشر شهرًا من الأمر الملكى. والمقصود باليوم الرابع عشر إبادة اليهود الموجودين في عاصمة المملكة وهي شوشن القصر. أما ما ذكر في (ع13) وهو إبادة اليهود في اليوم الثالث عشر من شهر آذار فالمقصود به إبادة اليهود في أنحاء المملكة كلها، كما يظهر في (أس 8: 11، 12) فهو لا يكتفى بإبادة اليهود في كل المملكة في اليوم الثالث عشر، بل يخصص يومًا آخرًا هو اليوم التالي، أي الرابع عشر من آذار لإبادة اليهود - مهما كانت مكانتهم وقوتهم - الذين يعيشون في العاصمة شوشن كما يفهم من (أس 9: 15).
ع21(14)، 22(15): الآيات من (ع14-20) هي نص وصورة الخطاب الملكى الذي أرسله الملك إلى كل بلدان مملكته بإبادة اليهود. وكان الأمر مشددًا؛ لذلك أخذ السعاة الرسائل وأسرعوا بكل اهتمام لتوصيلها إلى بلاد المملكة.
استراح هامان؛ لأنه تمم قصده الشرير في إبادة اليهود، واستطاع أن يخدع الملك وينال موافقته، وفرح باستصدار هذا الأمر، ثم جلس مع الملك يشرب الخمر، وهو يوهمه بأن المملكة بهذا ستنال استقرارها. وفى نفس الوقت كانت العاصمة شوشن القصر مضطربة جدًا لإبادة شعب كامل، وأيضًا يفهم أن كل بلدان المملكة قد اضطربت. أما هامان الشرير القاسى القلب، فلم يبال بهلاك اليهود الأبرياء، وجلس يشرب الخمر مع الملك الشهوانى، الذي أمكن خداعه بسهولة؛ لانغماسه في شرب الخمر، والذي قد يكون مصاحبًا له الرقص والانشغال بالجوارى الحسان.
وارتباك العاصمة شوشن لم يكن فقط بسبب حزن اليهود وانزعاجهم ولكن أيضًا لضيق أهل المدينة الفارسيين لهذا القرار الفظيع لما يلي:
لم يحدث من قبل في المملكة الفارسية إبادة شعب كامل.
كان بعض اليهود قد تزاوجوا مع الفرس، وبالتالي ستخرب عائلات كثيرة، جزء منها فارسى، أي أن الزوجة الفارسية وكل أهلها بالطبع سيكونون مضطربين.
كانت هناك أعمال تجارية مشتركة بين اليهود والفرس، فكل هذه ستتوقف وتحدث منها مشاكل وأزمات اقتصادية، وستنهب الأموال الفارسية مع اليهودية لاشتراكهم معًا في العمل التجارى.
كانت هناك علاقات طيبة تربط الفرس باليهود دامت سنوات طويلة، بعضها يتجاوز المئة عام، أي أن العائلات والجدود مرتبطون منذ سنوات طويلة.
← تفاسير أصحاحات أستير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أستير 4 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أستير 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/esther/chapter-03.html
تقصير الرابط:
tak.la/crtgdz9