* تأملات في كتاب استير: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23
الأَصْحَاحُ الثَّانِي
(1) البحث عن ملكة (ع1-4)
(2) اختيار أستير ملكة (ع5-20)
(3) مردخاي يكشف المؤامرة (ع21-23)
1 بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ لَمَّا خَمِدَ غَضَبُ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، ذَكَرَ وَشْتِي وَمَا عَمِلَتْهُ وَمَا حُتِمَ بِهِ عَلَيْهَا. 2 فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَهُ: «لِيُطْلَبْ لِلْمَلِكِ فَتَيَاتٌ عَذَارَى حَسَنَاتُ الْمَنْظَرِ، 3 وَلْيُوَكِّلِ الْمَلِكُ وُكَلاَءَ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِهِ لِيَجْمَعُوا كُلَّ الْفَتَيَاتِ الْعَذَارَى الْحَسَنَاتِ الْمَنْظَرِ إِلَى شُوشَنَ الْقَصْرِ، إِلَى بَيْتِ النِّسَاءِ، إِلَى يَدِ هَيْجَايَ خَصِيِّ الْمَلِكِ حَارِسِ النِّسَاءِ، وَلْيُعْطَيْنَ أَدْهَانَ عِطْرِهِنَّ. 4 وَالْفَتَاةُ الَّتِي تَحْسُنُ فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، فَلْتَمْلُكْ مَكَانَ وَشْتِي». فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي عَيْنَيِ الْمَلِكِ، فَعَمِلَ هكَذَا.
ع1: حُتم
: تقرر وقضى عليها به، أي عزلها.إن كان الملك أحشويروش قد أقام وليمة بعد استقراره في الملك، في السنة السادسة من تملكه، فيبدو أنه أثناء الوليمة أخذ قرارًا لمحاربة اليونان.
بعد انقضاء الوليمة استعد أحشويروش بجيش عظيم وأسطول ضخم وهاجم اليونان، ولكنه هزم وتدمر أسطوله، فعاد متضايقًا جدًا وأصيب بخيبة أمل.
أثناء فترة محاربة اليونان وهزيمته أمامهم، نسى غضبه على وشتي التي رفضت طاعته والحضور أثناء الوليمة، بل على العكس تذكر حياته الأولى مع وشتي، التي يبدو أنه كان يحبها، كما يذكر يوسيفوس المؤرخ. ولعل أحشويروش ندم على استبعاده لوشتى وظهر ذلك في كلامه مع خصيانه ورؤسائه المقربين إليه، إذ شعر أنه قد أخذ قرارًا متسرعًا وهو تحت تأثير الخمر وأنها لم تخطئ، بل كان تصرفها حكيمًا، ولكنه وجد صعوبة في التراجع عن عزلها.
شعر غلمان الملك، أي مشيريه وهم الرؤساء السبعة، الذين أشاروا عليه بعزل وشتي، أنه بدأ يميل إليها وقد يعيدها لمكانها كملكة، وبالطبع إن رجعت، ستغضب عليهم وتعمل على عزلهم، لذا قدموا إليه اقتراحًا لاختيار زوجة جديدة للملك لم يكن معتادًا في المملكة الفارسية، إذ كان المعتاد أن يختار الملك زوجة له من بنات الرؤساء من تحسن في عينيه.
كان اقتراح الغلمان هو جمع أجمل فتيات عذارى من كل أرجاء المملكة واختيار أفضلهن، وتسليمهن ليد هجاى خصى الملك المسئول عن بيت نساء الملك، حتى يعدهن بالأدهان المعروفة، ويختار منهن الملك زوجة له. وهذا الاقتراح سيضمن اختيار أفضل فتيات المملكة وأكثرهن جمالًا، وهذا يشبع شهوة أحشويروش، الذي تميز بمحبته للشهوات المادية. ويظهر أيضًا أن الرؤساء تنازلوا على أن تكون زوجة الملك إحدى بناتهن، وتركوا الأمر مفتوحًا لاختيار أجمل فتاة في المملكة كلها، فليس لهم مصلحة شخصية في الاقتراح، بل يريدون أفضل شيء للملك.
كل هذا كان بتدبير الله حتى يمكن اختيار أستير، التي ليس لها علاقة برؤساء المملكة، فتخلص شعبها في الوقت الذي يتعرضون فيه للهلاك.
ع4: تدخل الله وحسن الاقتراح في عينى الملك أحشويروش، فوافق عليه، وعندئذ خرج وكلاء من عنده في كل أرجاء المملكة لاختيار أجمل الفتيات، حتى يأخذ منهن زوجة له.
† إن العالم يخطط تخطيطات كثيرة لمصلحته، ولكن الله يستخدم كل هذا لخيرك، فينقذك من كل شر، ويحفظك في أمان، وتتمتع بحبه ورعايته. فلا تضطرب مهما تقلب العالم المحيط بك. فقط كن متسمكًا بالله، الذي يرعاك ولايمكن أن يتركك أبدًا.
5 كَانَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ اسْمُهُ مُرْدَخَايُ بْنُ يَائِيرَ بْنِ شَمْعِي بْنِ قَيْسٍ، رَجُلٌ يَمِينِيٌّ، 6 قَدْ سُبِيَ مِنْ أُورُشَلِيمَ مَعَ السَّبْيِ الَّذِي سُبِيَ مَعَ يَكُنْيَا مَلِكِ يَهُوذَا الَّذِي سَبَاهُ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ. 7 وَكَانَ مُرَبِّيًا لِهَدَسَّةَ أَيْ أَسْتِيرَ بِنْتِ عَمِّهِ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلاَ أُمٌّ. وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةَ الصُّورَةِ وَحَسَنَةَ الْمَنْظَرِ، وَعِنْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا اتَّخَذَهَا مُرْدَخَايُ لِنَفْسِهِ ابْنَةً. 8 فَلَمَّا سُمِعَ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ، وَجُمِعَتْ فَتَيَاتٌ كَثِيرَاتٌ إِلَى شُوشَنَ الْقَصْرِ إِلَى يَدِ هَيْجَايَ، أُخِذَتْ أَسْتِيرُ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ إِلَى يَدِ هَيْجَايَ حَارِسِ النِّسَاءِ. 9 وَحَسُنَتِ الْفَتَاةُ فِي عَيْنَيْهِ وَنَالَتْ نِعْمَةً بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَادَرَ بِأَدْهَانِ عِطْرِهَا وَأَنْصِبَتِهَا لِيَعْطِيَهَا إِيَّاهَا مَعَ السَّبْعِ الْفَتَيَاتِ الْمُخْتَارَاتِ لِتُعْطَى لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَنَقَلَهَا مَعَ فَتَيَاتِهَا إِلَى أَحْسَنِ مَكَانٍ فِي بَيْتِ النِّسَاءِ. 10 وَلَمْ تُخْبِرْ أَسْتِيرُ عَنْ شَعْبِهَا وَجِنْسِهَا لأَنَّ مُرْدَخَايَ أَوْصَاهَا أَنْ لاَ تُخْبِرَ. 11 وَكَانَ مُرْدَخَايُ يَتَمَشَّى يَوْمًا فَيَوْمًا أَمَامَ دَارِ بَيْتِ النِّسَاءِ، لِيَسْتَعْلِمَ عَنْ سَلاَمَةِ أَسْتِيرَ وَعَمَّا يُصْنَعُ بِهَا. 12 وَلَمَّا بَلَغَتْ نَوْبَةُ فَتَاةٍ فَفَتَاةٍ لِلدُّخُولِ إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لَهَا حَسَبَ سُنَّةِ النِّسَاءِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَتْ تُكْمَلُ أَيَّامُ تَعَطُّرِهِنَّ، سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِزَيْتِ الْمُرِّ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ بِالأَطْيَابِ وَأَدْهَانِ تَعَطُّرِ النِّسَاءِ. 13 وَهكَذَا كَانَتَ كُلُّ فَتَاةٍ تَدْخُلُ إِلَى الْمَلِكِ. وَكُلُّ مَا قَالَتْ عَنْهُ أُعْطِيَ لَهَا لِلدُّخُولِ مَعَهَا مِنْ بَيْتِ النِّسَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَلِكِ. 14 فِي الْمَسَاءِ دَخَلَتْ وَفِي الصَّبَاحِ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ النِّسَاءِ الثَّانِي إِلَى يَدِ شَعَشْغَازَ خَصِيِّ الْمَلِكِ حَارِسِ السَّرَارِيِّ. لَمْ تَعُدْ تَدْخُلْ إِلَى الْمَلِكِ إِلاَّ إِذَا سُرَّ بِهَا الْمَلِكُ وَدُعِيَتْ بِاسْمِهَا. 15 وَلَمَّا بَلَغَتْ نَوْبَةُ أَسْتِيرَ ابْنَةِ أَبَيِحَائِلَ عَمِّ مُرْدَخَايَ الَّذِي اتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ابْنَةً لِلدُّخُولِ إِلَى الْمَلِكِ، لَمْ تَطْلُبْ شَيْئًا إِلاَّ مَا قَالَ عَنْهُ هَيْجَايُ خَصِيُّ الْمَلِكِ حَارِسُ النِّسَاءِ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَنَالُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ رَآهَا. 16 وَأُخِذَتْ أَسْتِيرُ إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَى بَيْتِ مُلْكِهِ فِي الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، هُوَ شَهْرُ طِيبِيتَ، فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ. 17 فَأَحَبَّ الْمَلِكُ أَسْتِيرَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ، وَوَجَدَتْ نِعْمَةً وَإِحْسَانًا قُدَّامَهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الْعَذَارَى، فَوَضَعَ تَاجَ الْمُلْكِ عَلَى رَأْسِهَا وَمَلَّكَهَا مَكَانَ وَشْتِي. 18 وَعَمِلَ الْمَلِكُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ، وَلِيمَةَ أَسْتِيرَ. وَعَمِلَ رَاحَةً لِلْبِلاَدِ وَأَعْطَى عَطَايَا حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ. 19 وَلَمَّا جُمِعَتِ الْعَذَارَى ثَانِيَةً كَانَ مُرْدَخَايُ جَالِسًا بِبَابِ الْمَلِكِ. 20 وَلَمْ تَكُنْ أَسْتِيرُ أَخْبَرَتْ عَنْ جِنْسِهَا وَشَعْبِهَا كَمَا أَوْصَاهَا مُرْدَخَايُ. وَكَانَتْ أَسْتِيرُ تَعْمَلُ حَسَبَ قَوْلِ مُرْدَخَايَ كَمَا كَانَتْ فِي تَرْبِيَتِهَا عِنْدَهُ.
يمينى: أى من سبط بنيامين؛ لأن بنيامين معناه ابن اليمين.
يخبرنا السفر هنا عن شخصية هامة ستلعب دورًا كبيرًا في هذا السفر وهي شخصية مردخاي، الذي سبق أن ذكرنا في الأصحاح الأول أنه كان يشغل وظيفة كبيرة في قصر الملك بعاصمته شوشن القصر، وهو بمثابة وزير.
مردخاي هذا يهودي من سبط بنيامين كان قد أتى مع السبي البابلي الذي سبى فيه الملك يكنيا (يهوياكين) ويسمى بالسبي العظيم، الذي قام به نبوخذنصر عام 597 ق.م (2 أى36: 10). وإن كان عمر مردخاي يتراوح ما بين سنة إلى خمس سنوات، أي أتى طفلًا مع والديه، فيكون عمره عام 486 ق.م - عندما تملك أحشويروش - قد تجاوز المئة عام ويكون تقريبًا عمره مئة وسبعة عشر عامًا، أي كان شيخًا كبيرًا. وكلمة مردخاي اسم فارسى دعاه به الملك غالبًا، كما كانت العادة في الدولة الفارسية، وهو مشتق من اسم الإله البابلي مرودخ.
تبين أحداث السفر تقوى مردخاي هذا، التي تظهر في صلاته (أس 4). وهناك رأى بأنه قد عاد مع زربابل إلى أورشليم عام 536 ق.م وهو المذكور في (عز2: 2) وشارك في بناء الهيكل، ثم عاد إلى شوشن القصر عندما توقف بناء الهيكل، إذ شعر أنه يستطيع أن يخدم شعبه بوظيفته ومركزه الكبيرين في القصر الملكى.
عند ذكر نسب مردخاي في (ع5)، ذكر بعض وليس كل أسماء أجداده، ليبين لنا أنه من سبط بنيامين، أي يهودي له نسب معروف، وهذا يبين تقواه واهتمامه بنسبه؛ لأن اليهود الأتقياء كانوا يهتمون بأنسابهم، إذ كانوا ينتظرون المسيا الذي من نسل داود. وعندما عاد اليهود من السبي بينوا أنسابهم ومن لم يبين نسبه لم يعتبر يهوديًا.
ع7: هدسة: اسم عبري معناه شجر الآس، أى نبات الريحان العطرى ذو الرائحة الجميلة.
أستير: اسم فارسى تسمت به اشتق من الإله الفارسى "استار" وغالبًا الذي دعاها بهذا هو هجاى ومعنى الاسم كوكب.
ولدت أستير -التي كانت تدعى هدسة- في السبي وغالبًا في مدينة شوشن القصر، ومات والداها وهي ما زالت طفلة صغيرة، فاعتنى بها مردخاي ابن عمها ورباها كابنة له، وكان قد تجاوز المئة عام حين اتخذها ابنة. وهذا يبين أن قلب مردخاي مملوء بالرحمة، فأشفق على هذه الطفلة اليتيمة ورباها وكانت جميلة جدًا، فنمت وهي تشعر أن ليس لها أب إلا مردخاي، فأحبته وأطاعته في كل نصائحه لها. وهذا كان تدبيرًا إلهيًا، حتى أنها عندما تصير ملكة تدين بالعرفان والشكر لهذا الرجل الرحيم الحنون.
ع8: خرج وكلاء الملك في كل بلاد المملكة للبحث عن الفتيات الجميلات، وخاصة في عاصمة المملكة شوشن القصر. فجمعوا فتيات كثيرات وبينهن كانت أستير. وتم تقديمهن لهيجاى حارس النساء، وهي وظيفة كبيرة في بيت النساء، فكان عليه أن يختار من بين الفتيات أجملهن وأفضلهن والعناية بهن؛ ليختار منهن الملك زوجة له.
ع9: فحص هيجاى ومعاونوه الفتيات اللاتي جمعن من أرجاء المملكة، فاختار من بينهن أفضل سبع فتيات، وكانت بينهن أستير. فوضع السبع فتيات في مكان خاص للعناية الزائدة بهن. وأعطى لمعاونيه الأدهان اللازمة لكل واحدة ونالت أستير نصيبها من هذه الأدهان، التي ستتعطر وتعد بها، بالإضافة إلى أنصبتها من الطعام والشراب.
ع10: أطاعت أستير مردخاي مربيها في عدم الإفصاح عن جنسها، إذ أن اليهود كانوا شعبًا ذليلًا وأيضًا كانت أستير فارسية المولد، فأعلنت أنها فارسية ولم تعلن أصلها اليهودي؛ لئلا يحتقرها الملك ومعاونوه. وهذا يبين مدى طاعة أستير لمردخاي، ويبين أيضًا حكمة مردخاي.
ويقول التقليد اليهودي أن أحشويروش سألها عن أصلها وجنسها - عندما أراد تمليكها - ولكنها بلباقة ونعمة من الله استطاعت أن تشغله عن سؤاله بأسئلتها عن وشتي الملكة السابقة، فنسى أحشويروش سؤاله وهو منبهر بجمالها وحديثها العذب وصوتها الجميل.
ع11: بعد دخول أستير إلى بيت النساء، الذي لم يكن مسموحًا للعاملين بالقصر الملكى أن يدخلوه، ظلت مشاعر أبوة مردخاي نحو أستير. فكان يتمشى قريبًا من بيت النساء، ويسأل عن أخبار أستير من البوابين والحراس، ليطمئن عليها دون أن يشعر أحد بانتسابها إليه. كل هذا يظهر مدى أمانة مردخاي في رعاية أستير وإخلاصه ومحبته، فهو يرمز للمسيح الراعى الصالح الذي يهتم بخرافه.
ع12: كانت فترة إعداد الفتيات اللاتي يتم إعدادهن لاختيار ملكة منهن فترة طويلة، تمتد لإثنى عشر شهرًا. الستة أشهر الأولى منها، تعطر الفتاة بزيت المر، وذلك لعلاج كل مشاكل البشرة، وحتى يكتسب الجلد طراوة ونعومة ورائحة ذكية. أما الستة أشهر التالية فكان يتم إعدادهن بالأطياب والأدهان ذوات الرائحة الذكية التي تدوم لمدة طويلة وتثبت في الجلد؛ حتى يكمل جمالهن ورائحتهن الذكية.
في نفس هذه الفترة كن يتعلمن اللغات الأساسية المتداولة في المملكة الفارسية، بالإضافة إلى قوانين وشرائع المملكة، وبروتوكول التعامل مع الملك ومعاونيه، وكل من ستتعامل معهم الملكة. وكانت أستير متميزة في هذا الإعداد كله، فأضافت إلى جمال الصورة الذكاء والحكمة مما زاد إعجاب هيجاى وكل مساعديه بها.
ع13: عندما كانت تأتى نوبة دخول أية فتاة للملك، كان يعطى كل ما تطلبه إضافيًا، سواء من العطور، أو الزينة؛ لتظهر بأبهى جمال أمام الملك.
ع14: كانت الفتاة تقضى ليلة مع الملك، فيضاجعها وتصير إحدى سراريه، أي إحدى جواريه التي تزوجها، ثم بعد هذا تعود إلى بيت السرارى تحت يد شعشغاز خصى الملك المسئول عن بيت السرارى، ولا تقابل الملك ثانية، إلا إذا طلبها بالإسم ولا تصير زوجة لآخر؛ لأنها أصبحت سرية للملك. هذه كانت عادة ملوك فارس.
ع15: في فترة إعداد الفتيات تألقت أستير بجمالها وحكمتها؛ حتى أعجب بها كل من قابلها، أو اشترك في إعدادها. ثم جاءت نوبة دخولها إلى الملك، فلم تطلب أية إضافة من هيجاى واتكلت على الله، الذي كان بالطبع تصلى له - كما علمها مردخاي منذ طفولتها - فزادها الله جمالًا وحكمة من عنده شعر بها الجميع.
†
اتكل على الله في كل أمور حياتك وثق أنه قادر أن يبارك فيما عندك ويمتعك به ويعطيك نعمة في أعين من حولك، فيشعروا بمهابة وبركة فيك لا يعرفون سببها وسموها؛ لأنها من الله.
ع16، 17: طيبيت: هو الشهر العاشر في السنة العبرية، ويقابل شهرى ديسمبر ويناير من السنة الميلادية الحالية.
دخلت أستير على الملك في الشهر العاشر من السنة السابعة لملك أحشويروش. وعندما جالسها الملك انبهر بجمالها وحكمتها اللذين فاقا بكثير جدًا جمال وحكمة كل من رآهن من الفتيات. فقرر تتويجها ملكة فارس، فصارت ملكة من هذه الساعة. وألبسها تاج الملك، بعد أن ظلت المملكة بدون ملكة لمدة أربع سنوات؛ إذ أن وشتي عزلت في السنة الثالثة لملك أحشويروش (أس 1: 36(19)).
من المتوقع أن أستير تكون قد صلت كثيرًا قبل أن تدخل إلى الملك، كما تعلمت من مردخاي، فدخلت إليه باتضاع ولطف زادها جمالًا، إذ كانت تشعر أنها تؤدى واجبًا أرشدها إليه معلمها ومربيها مردخاي. وتكلمت بأمانة ومحبة مع الملك مع حكمة وقوة انصهرت مع اتضاعها الشديد فصارت عظيمة جدًا وجذابة أمام أحشويروش. فاستسلم لنعمة الله التي فيها وشعر أنها أفضل فتاة تصلح أن تكون ملكة.
ويظهر تدبير الله هنا في اختيار عدد كبير من الفتيات؛ ليظهر تألق أستير بينهن ويتعلق قلب الملك بها، حتى أنه في الوقت المحدد يتأثر بكلامها وينقذ الله بها شعبه، كما سنرى في (أس 5).
والشهر العاشر التي دخلت فيه أستير للملك يرمز لإكمالها الوصايا العشر، أي تمسكها بوصايا الله. والسنة السابعة هي التي استراح الله فيها من خلقة العالم. وهكذا استراح الملك لأستير واختارها ملكة، ويستريح الله لحافظى وصاياه، فيعطيهم ملكًا أبديًا في السموات.
ع18: احتفالًا بتتويج أستير ملكة، عمل أحشويروش وليمة للعرس دعى فيها رؤساء مملكته، وغالبًا حضرت أستير هذه الوليمة؛ لأنه يود تتويجها ملكة. وأعطى الملك راحة للبلاد بإجازة من الأعمال والوظائف المختلفة، وقد يكون صاحب هذا الإفراج عن بعض المسجونين، ورفع بعض الضرائب، كما أعطى الملك هدايا وعطايا للشعب وللعاملين بقصره بسخاء، حسب كرم الملك.
ع19: بعد تتويج أستير، جمعت جميع الفتيات زميلاتها اللاتي تم إعدادهن، وأقمن ببيت السرارى. وقد يكون جمعهن تم في وليمة للاحتفال بهن أيضًا كسرارى، كجزء من كرم الملك.
أما مردخاي فعاد للالتزام بمكان وظيفته، وهو حراسة باب الملك وكل ما يؤدى إلى مخدع ومجلس الملك، بعد أن اطمأن على تتويج أستير.
ع20: ظلت أستير بعد تتويجها ملكة تعيش كزوجة مؤمنة بالله -كما علمها مردخاي- فتصلى، وتهتم بالاغتسال والتطهير كشريعة موسى. ولم تتأثر بعادات الفرس وعبادتهم للآلهة الوثنية. فكانت تمارس حياتها الروحية في مخدعها بهدوء وتشكر الله الذي أوصلها إلى هذا المكان العظيم، معلنة خضوعها لجميع وصاياه.
وكانت أستير حريصة وملتزمة بطاعتها لمردخاي في عدم الإفصاح عن جنسها اليهودي، كما أوصاها مردخاي.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
21 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، بَيْنَمَا كَانَ مُرْدَخَايُ جَالِسًا فِي بَابِ الْمَلِكِ، غَضِبَ بِغْثَانُ وَتَرَشُ خَصِيَّا الْمَلِكِ حَارِسَا الْبَابِ، وَطَلَبَا أَنْ يَمُدَّا أَيْدِيَهُمَا إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 22 فَعُلِمَ الأَمْرُ عِنْدَ مُرْدَخَايَ، فَأَخْبَرَ أَسْتِيرَ الْمَلِكَةَ، فَأَخْبَرَتْ أَسْتِيرُ الْمَلِكَ بِاسْمِ مُرْدَخَايَ. 23 فَفُحِصَ عَنِ الأَمْرِ وَوُجِدَ، فَصُلِبَا كِلاَهُمَا عَلَى خَشَبَةٍ، وَكُتِبَ ذلِكَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ أَمَامَ الْمَلِكِ.
ع21:
كان مردخاي أمينًا في عمله، كحارس للأبواب، يراقب كل ما يحدث بين الحراس فاكتشف مؤامرة قام بها اثنان من خصيان الملك، يعملان في حراسة أبواب الملك. إذ غضبا على الملك وأداناه ودبرا مؤامرة ليقتله. وغالبًا كان هذا بتشجيع من هامان، الذي كان بمثابة رئيس وزراء في القصر الملكى، أي الرجل الأول بعد الملك، مما شجعهما على مؤامرتهما، استنادًا على أن هامان سيحميهما.طبعًا كانت هذه خيانة عظيمة من هذين الخصيين، فبدلًا من أن يحرسا الملك أرادا قتله. وقد سبق ذكر هذه المؤامرة بالتفصيل في (أس 1: 12-17) وتذكر هنا تفاصيل أخرى لهذه المؤامرة.
ع22: عندما اكتشف مردخاي هذه المؤامرة دفعه إخلاصه وأمانته في عمله كحارس الملك أن يبلغ الملك ليحترس لحياته. وحتى يصل الخبر بسرعة للملك وبطريقة سرية لا يشعر بها هذان الخصيان ولا من يحيط بهم من الحراس، أبلغ مردخاي عن طريق أحد الخصيان العاملين في بيت النساء، وهو بدوره أبلغ أستير الملكة، التي بدورها أوصلت الخبر إلى الملك بأن مردخاي يحذره من المؤامرة المدبرة ضده.
ع23: أمر أحشويروش بفحص الأمر فورًا عن طريق حرسه الخاص المخلصين له. فتحقق من وجود هذه المؤامرة، فتم القبض على الخصيين. وكما يخبرنا الأصحاح الأول بأنهما وضعا تحت التعذيب؛ حتى اعترفها بجريمتهما وحينئذ أمر الملك بإهلاكهما بصلب كل واحد على خشبة. وهي ميتة صعبة يقتل بها أشر المجرمين. ويخبرنا الأصحاح الأول أيضًا بغضب هامان على مردخاي عندما علم أنه هو الذي اكتشف المؤامرة، وهذا يؤكد أن هامان كان بشكل مستتر وراء هذه المؤامرة.
إن اكتشفاف المؤامرة يظهر قوة ملاحظة مردخاي ودقته وحكمته في المحافظة على حياة الملك، بالإضافة إلى شجاعته ومخاطرته بحياته لإنقاذ الملك، رغمًا عن أنف هامان.
† إن كان مردخاي قد أسرع في توصيل الخبر للملك لإنقاذ حياته وبطريقة حكيمة، فكن أنت أيضًا مسرعًا في عمل الخير ومساندة كل من يحتاج، فتقدم محبة لله الذي قدم حياته لأجلك على الصليب.
← تفاسير أصحاحات أستير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أستير 3 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أستير 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/esther/chapter-02.html
تقصير الرابط:
tak.la/4qpxjs9