St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   peter1
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   peter1

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص يوحنا فايز زخاري

بطرس الأولى 1 - تفسير رسالة بطرس الأولى

 

* تأملات في كتاب رسالة بطرس الرسول الأولى:
تفسير رسالة بطرس الأولى: مقدمة رسالة بطرس الأولى | بطرس الأولى 1 | بطرس الأولى 2 | بطرس الأولى 3 | بطرس الأولى 4 | بطرس الأولى 5 | موضوعات الرسالة

نص رسالة بطرس الأولى: بطرس الأولى 1 | بطرس الأولى 2 | بطرس الأولى 3 | بطرس الأولى 4 | بطرس الأولى 5 | بطرس الأولى كامل

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح الأَوَّلُ

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مقدمة

بُطْرُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ،

إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ مِنْ شَتَاتِ بُنْتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ، الْمُخْتَارِينَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ. (1بطرس1:1، 2)

 

بين المعمودية والقيامة:

مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ، (1بطرس3:1)

 

الفرح بالجزاء الأبدي

لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ، مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ،أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ، بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ. الَّذِي بِهِ تَبْتَهِجُونَ (1بطرس4:1-6)

 

التَجَارِبَ لتَزْكِيَة الإِيمَانِ

 مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ يَجِب أن تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (1بطرس6:1-7)

 

الفرح بمحبة يَسُوعَ الْمَسِيحِ

الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ. ذلِكَ وَإِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لكِنْ تُؤْمِنُونَ

 بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ (1بطرس8:1)

 

الخلاص غاية الإيمان والتنبؤ عنه

نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ النُّفُوسِ. الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ، بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يَدِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ، إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا. (1بطرس9:1-11)

 

الخدمة محبة الأجيال القادمة

الَّذِينَ - الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ المسيح - أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ، بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ. الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا (1بطرس12:1)

 

الجهاد والنعمة

لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (1بطرس13:1)

 

الجهاد سلبي و إيجابي

كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ. (1بطرس14:1-16)

 

الدينونة حسب الأعمال

وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ (1بطرس17:1).

 

دم المسيح يغفر الخطية الجدية

عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ (1بطرس18:1، 19).

 

خطة الخلاص معروفة في علم الله السابق:

مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ. (1بطرس20:1، 21).

 

فضائل: الطَهِّارة، طَاعَةِ الْحَقِّ، الْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ عَدِم الرِّيَاءِ:

طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ (1بطرس22:1)

 

الولادة الثانية:

مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ (1بطرس23:1)

 

زوال العالميات:

لأَنَّ كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا. (1بطرس24:1، 25)

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح الأَوَّلُ

 

مقدمة

«بُطْرُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس1:1).

Πέτρος ἀπόστολος Ἰησοῦ Χριστοῦ

«بُطْرُسُ: له أربعةُ أسماءٍ: سمعان ابن يونا، وهو الاسم العبري ومعناه الله يسمع، وبطرس: الاسم اليوناني Πέτρος، وكيفا الأرامي، وصَفا السرياني.«أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ» (يوحنا42:1). والأسماء الثلاثة الأخيرة تعني صخرة (1بط5:2) إشارة إلى الإيمان الذي أعلنه. أما هو فدعا نفسه:

 في الرسالة الأولى: «بُطْرُسُ رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيح» (1بطرس1:1)

وفي الثانية: «سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ» (2بط1: 1)

«رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيح»: قدم نفسه كواحد من الرسل وليس رئيسهم كما يظن البعض. وكان واحدًا من أربعة كتبوا للمسيحيين من أصل يهودي هم: متى، يعقوب، بطرس، وكاتب رسالة العبرانيين.

 

«إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ مِنْ شَتَاتِ بُنْتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ»:

إِلَىالْمُتَغَرِّبِينَ ἐκλεκτοῖς: لها معنيان أولهما: بمعنى المُشتّتين، فهي رسالة مُوجهة إلى المُتألمين، والمعنى الثاني: أن أبناء الله دائمًا مُتغربون «لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ» (عب14:13). فنحن لسنا من هذا العالم بل من أورشليم السماوية، فإن سيرتنا نحنُ في السماوات، وشعورنا بأننا غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ نابع من تعلقنا بالسماويات، وهذا

 يدفعنا لاحتمال الآلام بصبر، فالغُربة ترتفع بنا فُوق الآلام والضيقات.

فقديسو العهد القديم: «لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ» (عب11: 13).

كان اليهود الْمُتَغَرِّبِونَ أينما تشَتَوا تتجه عيونهم نحو أورشليم، ومن هنا أخذت الكنيسة المسيحية طقس الاتجاه إلى الشرق، الاتجاه إلى الفردوس المفقود، الاتجاه إلى المذبح أينما كنا. إنها شهوة العودة إلى أورشليم السماوية.

قيل عن المسيح: «فَقَالَ الْيَهُودُ فِيمَا بَيْنَهُمْ: "... أَلَعَلَّهُ مُزْمِعٌ أَنْ يَذْهَبَ إلَى شَتَاتِ الْيُونَانِيِّينَ وَيُعَلِّمَ الْيُونَانِيِّينَ؟» (يو7: 35).

 

«بُنْتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ:

Πόντου, Γαλατίας, Καππαδοκίας, Ἀσίας καὶ Βιθυνίας

خمسة مناطق في آسيا الصُغرى، ذكرها مار بطرس على الترتيب: من بُنْتُسَ في الشمال الشرقي إلى بِيثِينِيَّةَ، وهذا يدفعنا أن نستنتج أن بابل التي يكتب منها (1بطرس13:5) هي الأقرب إلى بُنْتُسَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ (أعمال9:2). وَأَسِيَّا هي جزء من آسيا الصغرى، مناطق كرز فيها مار بولس ورفقاؤه (أعمال6:16، 23:18، 1:19، 10). وَبِيثِينِيَّةَ هذه أراد مار بولس أن يذهب إليها في رحلته الثانية فمنعه الروح القدس: «فَلَمَّا أَتَوْا إلَى مِيسِيَّا حَاوَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا إلَى بِثِينِيَّةَ، فَلَمْ يَدَعْهُمُ الرُّوحُ.» (أع7:16). «وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ، مَنَعَهُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا.» (أع6:16).

ولأن الرسالة كُتبت للمشتتين في الأمم، حُسبت من رسائل الكاثوليكون.

«الْمُخْتَارِينَ παρεπιδήμοις»:

نعم هناك أناس مُختارون، ولكن على أساس إيمانهم وحياتهم المقدسة التي سبق الله فعرفهم، سبق فعينهم واختارهم للملكوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عِلْم اللهِ السَّابِقِ لا يتعارض مع حرية الإنسان

«بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِق» (1بطرس2:1).

κατὰ πρόγνωσιν θεοῦ πατρὸς 

أحب الله الإنسان فاختاره للملكُوت، ومع هذا فالإنسان مسؤول أن يقبل اختيار الله أو يرفضه، "فالله لا يشاء أن يُهلك أناس بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة"، من جهة إرادته يقول: «يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!». (مَتَّى37:23، 38).

لذلك علينا أن نتجاوب مع هذا الاختيار، نتجاوب مع نعمته فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَة (1بطرس2:1).

وهذا يشير إليه الرسول في رسالته الثانية فيقول: «لِذلِكَ بِالأَكْثَرِ اجْتَهِدُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْعَلُوا دَعْوَتَكُمْ وَاخْتِيَارَكُمْ ثَابِتَيْنِ» (2بطرس10:1).

وفهم اليهُود اختيار الله لهم خطئًا فحسبُوه نوعًا من المحاباة لشعب معين

لكن الله له مُخْتَارِينَ فعلًا بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ السَّابِق، وعِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِق، غير إرادته، هو يُريد أن جميع الناس يخلصُون، وإلى معرفة الحقّ يُقبلُون. لكن الإنسان مسؤول عن تجاوبه لذلك توجد دينونة ويقول الرسول: «أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ وَلكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ» (رُومِيَةَ4:2).

كان الرب يعرف أن يهوذا سيسلمه بإرادته وحريته، بل وحذره، هذا هو علم الله السابق، ولماذا قبل الرب أن يكون ضمن الاثني عشر، اختار الرب أشر إنسان بعلمه السابق، لأشر مهمة.

«فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَة» (1بطرس2:1)

لنخضع لعمل رُوح الله ونسلك في طاعته، فقد أعلن الله «اُنْظُرْ قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ.. أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ». (تثنية15:30، 19). فالإنسان مخير أن يختار الطاعة أو العصيان، وينصحه الرب بأن يختار الْخَيْرَ.

لكن الإنسان لا يصل إلى القداسة بمفرده، أنه يُجاهد، ويحتاج إلى معونة الله، يحتاج إلى تَقْدِيسِ الرُّوحِ، فخلال سرّي المعمُودية والميرُون، يسكن فينا رُوح الله، ويعمل فينا لتقديسنا.

لِلطَّاعَة: اختارنا وعمل فينا بروحه القدوس وتجاوبنا بطَّاعَتنا له: «وقَبِلْنَا نِعْمَةً وَرِسَالَةً، لإطَاعَةِ الإيمَانِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ» (رو1: 5؛ 16: 26) «مُسْتَأْسِرِينَ كُلَّ فِكْرٍ إلَى طَاعَةِ الْمَسِيحِ.» (2 كو10: 5).

جاءت الطَّاعَة ثلاث مرات في هذا الإصحاح كلها مرتبطة بالقداسة:

«فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ (1بطرس2:1)، «كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ..، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. (1بط15،14:1).

«طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ (1بطرس22:1).

 

«وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس2:1).

ارتفع الرب على الصليب لفدائنا، فسفك دمه ثمنًا، رَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ كفارة عن خطايانا، لذلك نرى القديس بطرس رسول الختان يكتب ليهود الشتات المتغربين بلغة يهودية ومصطلحات العهد القديم التي يفهمونها، فرَشِّ الدَمِ[2] علامة عهد بين الله والإنسان كما حدث في طور سيناء، والآن بسفك دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ على الصليب أقام الرب العهد الجديد لشعبه الجديد، لذلك نصلي في القداس الإلهي: يُعطى لمغفرة الخطايا،«إنَّ هذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ، فَانْتُزِعَ إثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ.» (إش6:7).

وهنا أيضَا أعلن مار بطرس الرسول عن الثالوث القدوس:

· بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ πατρὸς κατὰ πρόγνωσιν θεοῦ

· فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ ἐν ἁγιασμῷ πνεύματος εἰς ὑπακοὴν

· وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ

 καὶ ῥαντισμὸν αἵματος Ἰησοῦ Χριστοῦ,

هذا هو الثالوث القدوس، وما أروع أن يأتي ترتيب الأقانيم هنا ليس كالترتيب المنطقي المعتاد: "الآب. الآبن. الروح القدس" بل جاء "الآب. الروح. الآبن"، وهو أمر هام لندرك أن هذا الترتيب ليس ترتيبًا زمنيًا
ولا رُتبيًا"، وقد جاء هذا الترتيب أكثر من مرة في
الكتاب المقدس.[3]

«لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ» (1بطرس2:1)، (2بطرس1: 2).

 χάρις ὑμῖν καὶ εἰρήνη πληθυνθείη.

النِّعْمَةُ χάρις: وبها تصالحنا مع الله.

وَالسَّلاَمُ καὶ εἰρήνη في حياتنا هو ثمر عمل النعمة فينا، والرسول لا يطلب لهم النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ، بل يطلب لِتُكْثَرْ لَهُمُ النِّعْمَةُ، وَالسَّلاَمُ، وهذا هو النمو في حياة الروح.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

(ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).

بين المعمودية والقيامة:

«مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس3:1):

Εὐλογητὸς ὁ θεὸς καὶ πατὴρ τοῦ κυρίου ἡμῶν

Ἰησοῦ Χριστοῦ 

 يبدأ القديس بُطْرُسُ الرَسُولُ رسالته الأولى بهذا التسبيح الحلو، ويعني لك البركة أيها الآب أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الذي أحبنا وبذل ابنه الوحيد متجسدًا لفدائنا.

مُبَارَكٌ اللهُ: وتعني الشكر لله

«الْخَالِقِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إلَى الأَبَدِ. آمِينَ.» (رو1: 25)

«الْمَسِيحُ.. الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إلهًا مُبَارَكًا إلَى الأَبَدِ. آمِينَ.» (رو9: 5)

«اَللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إلَى الأَبَدِ» (2كو11: 31)

والنص اليوناني: يُقدم الله، ثُم يصفه بأنه أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.


 

«الَّذِي حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ» (1بطرس3:1):

ὁ κατὰ τὸ πολὺ αὐτοῦ ἔλεος 

الفداء هو الرحمة اللانهائية، فـ«اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا.» (أف2: 4) إذ مات ودُفن وفي اليوم الثالث قام مِنَ الأَمْوَاتِ، وانتقلت لنا بركات الصليب بالمعمودية.
فبها:

«وَلَدَنَا ثَانِيَةً لِرَجَاءٍ حَيٍّ، بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ(1بط3:1).

ἀναγεννήσας ἡμᾶς εἰς ἐλπίδα ζῶσαν δι’

أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ؟ لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ صِرْنَا مُتَّحِدِينَ مَعَهُ بِشِبْهِ مَوْتِهِ، نَصِيرُ أَيْضًا بِقِيَامَتِهِ». (رومية3:6-5).

«وَلَدَنَا ثَانِيَةً ἡμᾶς ἀναγεννήσας» (1بطرس3:1): فعندما سألَ نِيقُودِيمُوسُ الرب: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. (يوحنا4:3، 5)، فبمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثاني، وتجديد الرُوح القُدس (رو22:11). وهذه الولادة الجديدة أو الولادة من فوق أو الولادة من الله، هِي نعمة مجانية ليس حسب استحقاقنا: بل"حَسَبَ رَحْمَتِهِ الْكَثِيرَةِ» ولذلك فنحن نعمد الاطفال بلا شرط وقد قال رب المجد: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ» (مت19: 14)

لِرَجَاءٍ حَيٍّ εἰς ἐλπίδα ζῶσαν: هذه الولادة الثانية من الله أعطتنا الرجاء الحى في ملكوت الله أبونا رجاء لا ينتهي أخذ قوته من قيامة الرب مِنَ الأَمْوَاتِ.

«بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ مِنَ الأَمْوَاتِ» (1بطرس3:1):

 δι’ ἀναστάσεως Ἰησοῦ Χριστοῦ ἐκ νεκρῶν,

«أَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (أف2: 6) حينما مات الرب على الصليب ودفن في القبر، مات معه رجاء الآباء الرسل. حتى تكلم تلميذي عمواس الرسولين: مار لوقا وكليوباس وهما من السبعين، فقالا « وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إسْرَائِيلَ» (لوقا24: 21) فلما عرفا أنه الرب وقد قام من الاموات، قام رجاؤهم بقيامته وصار رجاءً حيًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفرح بالجزاء الأبدي

«لِمِيرَاثٍ لاَ يَفْنَى وَلاَ يَتَدَنَّسُ وَلاَ يَضْمَحِلُّ» (1بط4:1)

εἰς κληρονομίαν ἄφθαρτον καὶ ἀμίαντον καὶ ἀμάραντον

وَلَدَنَا ثَانِيَةً -بالمعمودية- فصرنا أبناء وورثة الملكوت، ورثة الله ووارثُون

مع المسيح (رو17:8)، هذا المِيرَاث مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فهو مِيرَاثٍ

سّمَاوَي أبدي لاَ يَفْنَى، وَلاَ يَتَدَنَّسُ. بالظلم، ولا يضمحل فيزُول جماله، أو يفقد بهاءه.

وهنا يقارن القديس بطرس بين الميراث الأرضي الذي يفنى بعد قليل ويتدنس بالخلافات بين الورثة في طمع وخصومات تُنتج كراهية بين الأشقاء. ويضمحل سريعًا بالإسراف واستخدامه في أباطيل العالم.

أما ميراثنا الروحي الناشئ كأبناء الله بالمعمودية فهو ميراث:

«مَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِكُمْ.» (1بط1: 4).

τετηρημένην ἐν οὐρανοῖς εἰς ὑμᾶς

مِيرَاثٍنا المَحْفُوظٌ فِي السَّمَاوَاتِ لأَجْلِنا، حفظه الله إذ أعده لنا «الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.» (متى25: 34).

 

الخلاص الذي يعلن في المجيء الثاني

«أَنْتُمُ الَّذِينَ بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُون.» (1بط1: 5)

هذا هو عمل النعمة « بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُون.» تحرسنا وتحفظ ميراثنا في السموات. والنعمة نصف الحقيقة، يشرحها الرسول في النصف الأول من الاصحاح(1بط1: 1–12). ويبقى الجهاد الإنساني نصف الحقيقة الثاني ويتكلم عنها النصف الثاني من الإصحاح (1بط1: 13–25) مثل الطاعة (1بط1: 2)، كما أننا نتعرض لامتحان يجب أن نجتازه بنجاح (1بط: 6-7).

«بِإِيمَانٍ، لِخَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ» (1بطرس5:1)

بِإِيمَانٍ: هذا أحد شروط الخلاص،: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ» (اع16: 31). فمسيرة الِخَلاَصٍ بدأت بالفداء.

والفداء ينتقل إلينا بسر المعمودية، لأن من أمن وأعتمد خلص « الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا نَحْنُ الآنَ، أَيِ الْمَعْمُودِيَّةُ.» (1بُطْرُسَ21:3)، ويستمر بسر الميرون الذي يثبتنا في المسيح، فالله يُعطينا نعمته، لكننا لن نخلص بدون الجهاد. وشركتنا معه بالجهاد لا يُقلّل من قيمة نعمته، لأننا نُؤمن أن أعمالنا رغم ضرُورتها للخلاص، فأنها ليست من ذُواتنا، لكنها بالله معمولة. ثم نسلك في حياة التوبة والاعتراف فإن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون، ثم سر الافخارستيا الذي يعطى لغفران الخطايا.» وهكذا نسلك حياة الجهاد الروحي طالبين نعمة الله التي يُعطيها للمُثابرين فالخلاص رحلة العمر كله ومن يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص».

«خَلاَصٍ مُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ» (1بطرس5:1).

فللخلاص ثلاث مراحل:

 خلاصٌ نلناه بالفداء الذي انتقل إلينا بالمعمودية،

وخلاص نناله بحياة التوبة والاعتراف والتناول والجهاد ومؤازرة النعمة، وخلاص سنناله هو الخَلاَص النهائي الذي سيُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِير ويعمل فينا من الآن.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التَجَارِب لتَزْكِيَة الإِيمَانِ:

«الَّذِي بِهِ -بالِخَلاَصٍ المُسْتَعَدٍّ أَنْ يُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ- تَبْتَهِجُونَ، مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ يَجِب أن تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ» (1بط6:1).

هذا الِخَلاَصٍ النهائي الذي سيُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِير يعمل فينا الآن:

1. فرحًا وبهجة: بِهِ تَبْتَهِجُونَ لذلك أنشدت أمنا العذراء "تَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي" (لو1: 47)، وداود النبي يقول: «رُدَّ لِي بَهْجَةَ خَلاَصِكَ» (مَزْ12:51).

2. ألمًا وحزنًا: مَعَ أَنَّكُمُ الآنَ يَجِب أن تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ»

 خَلاَص المسيح يملأنا فرحًا وبهجة، وأي فرح أعظم من فرحنا بخلاصنا الأبدي الذي سيُعْلَنَ فِي الزَّمَانِ الأَخِيرِ.

ولكن الآن يَجِب أن نحْزَن ونتألم يَسِيرًا باحتمالنا تَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، فلا نكلل إن لم نجاهد قانونيًا، ومقابل هذه التَجَارِبَ المُتَنَوِّعَة، أعطانا الله أن نكون وُكَلاَءَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ (1بطرس10:4).

هذه التَجَارِبَ المُتَنَوِّعَة هي امتحانات لإيماننا تأتينا من الله لترقيتنا وتعليمنا، كما امتحن الله أبانا إبراهيم، أو يُجَرِبَنا الشيطان فيجلب علينا أحزانًا، لكن الله لا يدعنا نجرب فوق ما نحتمل، فيتدخل في الوقت المناسب لإنقاذنا. أو تأتي التجارب من ضعفنا البشرى، أو الضيقات والاضطهادات من الأشرار، لكننا في كل هذا نشكر الله رغم أننا: نُحْزَنُ يَسِيرًا" على نحو ما قال مار بولس «لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا.» (2كو4: 17).

 

«لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إيمَانِكُمْ.» (1بط1: 7)

فالتجارب والآلام تُزكي إيماننا «طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إذَا تَزَكَّى يَنَالُ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ.» (يع1: 12)

«وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّار» (1بطرس7:1).

إذا كان الذَّهَبِ الْفَانِي يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، ليُنَقي من الشوائب ويصير أكثر بهاءً ولمعانًا، فبالأولى حياتنا وَهِيَ أَثْمَنُ مِنه، يجب أن تُزكى بنار التجارب والآلام. فنتنقى من الذاتية والكبرياء. ونشترك مع الرّب المُتألم.

ويُشير مار بولس الرسول إلى تَزْكِيَةُ الإيمَانِ بالآلام فيقول: «عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً» (رومية 3:5). وداود النبي فيقول:«لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اَللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ» (مز10:66).

«تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ» (1بطرس7:1).

تَزْكِيَةُ الإيمَانِ تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ. حينما يقول لنا الرب: «نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. » (مَتَّى21:25)

الْمَدْح: لأجل الاحتمال إلى المنتهى (مت22:10)، وَالْكَرَامَةِ أمام جميع البشر لانتصارنا النهائي، وَالْمَجْدِ لوصولنا إلى أمجاد أورشليم السماوية.

«عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.» (1بط1: 7)

عندما يَأْتِي مَعَ السَّحَابِ، وَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ (رؤيا7:1)

«الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ.» (2تي4: 1)

«لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ.» (1بط4: 13)

«فَإنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا.» (رو8: 18) عندما يُعلِن مجده فينا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الفرح بمحبة يَسُوعَ الْمَسِيحِ:

«الَّذِي وَإنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ. ذلِكَ وَإنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ.» (1بط1: 8)

الَّذِي وَإِنْ لَمْ تَرَوْهُ تُحِبُّونَهُ: الْتَفَتَ -الرب- إِلَى تَلاَمِيذِهِ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالَ: «طُوبَى لِلْعُيُونِ الَّتِي تَنْظُرُ مَا تَنْظُرُونَهُ! لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكًا أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا

 مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا». (لوقا23:10، 24).

لَمْ تَرَوْهُ متجسدًا على الأرض، لكنكم سمعتم سيرته وآمنتم بتعليمه، وحبه لنا حتى الموت، وبهذا تبتهجون وتفرحون فرحًا مجيدًا.

الإيمان بلا رؤيا أعظم، فإننا وَإِنْ لَمْ نرَهُ نحبه لأننا نُؤْمِنُ به قَالَ الرب يَسُوعُ: «لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا» (يو29:20).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الخلاص غاية الإيمان والتنبؤ عنه:

«نَائِلِينَ غَايَةَ إِيمَانِكُمْ خَلاَصَ أنفُسِكم» (1بط1: 9).

κομιζόμενοι τὸ τέλος τῆς πίστεως ὑμῶν σωτηρίαν ψυχῶν.

غَايَةُ إيماننا خلاص نفُوسنا، فالإيمان العامل بالمحّبة، خطوة أولى ومنه نترجى الخلاص كخطوة نهائية، وهكذا بالإيمان والرجاء والمحّبة نخلُص.

 

«الْخَلاَصَ الَّذِي فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ أَنْبِيَاءُ (1بط1: 10).

«الْخَلاَصَ»: بدم المسيح «مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ.» (1بط1: 20) لذلك فَتَّشَ وَبَحَثَ عَنْهُ الأَنْبِيَاءُ وهذا نوع من الجهاد ليشهدُوا عَنِ نِعْمَةِ الفداء بسفك دم المسيح لأَجْلِكُمْ.

«الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ النِّعْمَةِ الَّتِي لأَجْلِكُمْ (1بط1: 10).

لا يقصد جميع نبوات العهد القديم إنما النبوءات الخاصة بالنعمة التي لنا، عن تجسد وتعليم وحياة وآلام وصلب وموت وقيامه وصعوده السيد المسيح ومجيئه الثاني (دانيال 9: 2، 3).

 

«فَتَّشَ وَبَحَثَ،... بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ. (1بط1: 11،10):

وتكرار المعنى يُظهر أهمية، زمن التجسد الذي يدل عليه رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِي الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا وشهدُوا واشتهُوا أن يرُوا فداء الرّب ومجده، كما قال الرّب: إبراهيم تهلّل بأن يرى يومي، فرأى وفرح. ورأوا بطريقة تفُوق إدراكهُم، (دا8:12؛ يو56:8).

وقال الرب: «لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إنَّ أَنْبِيَاءَ كَثِيرِينَ وَمُلُوكًا أَرَادُوا أَنْ يَنْظُرُوا مَا أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَلَمْ يَنْظُرُوا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا». (لو10: 24)، (متى 13: 16، 17).

«بَاحِثِينَ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَا الْوَقْتُ.» (1بط1: 11).

لم يعرفوا الْوَقْتَ بالضبط، ولكنهم كانوا يعرفون أن الروح القدس يقودهم وكتبوا ما أعطاهم دون أن يفهموا بالضبط ما كتبوه، بطريقة كاملة، فمثلًا دانيال قال: وأنا سمعت وما فهمت (دا12: 8). كانوا يفهمون

 بنسبة ما، ليس كما فهمنا في العهد الجديد.

 

«الَّذِي كَانَ يَدِلُّ عَلَيْهِ رُوحُ الْمَسِيحِ الَّذِي فِيهِمْ» (1بط1: 11).

كان رُوحُ الْمَسِيحِ فِي الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا في العهد القديم، وهذا يدل على لاهوت المسيح إذ كان موجودًا قبل ميلاده.

وقد كان دَانِيالَ النَّبِيِّ واحدًا من هؤلاء حتى قال:«أَنَا دَانِيالَ فَهِمْتُ مِنَ الْكُتُبِ عَدَدَ السِّنِينَ الَّتِي كَانَتْ عَنْهَا كَلِمَةُ الرَّبِّ إلَى إرْمِيَا النَّبِيِّ، لِكَمَالَةِ سَبْعِينَ سَنَةً عَلَى خَرَابِ أُورُشَلِيمَ. فَوَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى اللهِ السَّيِّدِ طَالِبًا بِالصَّلاَةِ وَالتَّضَرُّعَاتِ، بِالصَّوْمِ وَالْمَسْحِ وَالرَّمَادِ.» (دا 9: 2، 3).

«إِذْ سَبَقَ فَشَهِدَ بِالآلاَمِ الَّتِي لِلْمَسِيحِ وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا»

 (1بط1: 11)

من جهة الألم فالرسول شاهد لآلام المسيح.

من جهة المجد فالرسول شريك المجد العتيد.

فقد رأوا الآلام، في شدتها وكثرتها، وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا المُرتبطة بها، لأنه بكثرة الآلام تزداد الأَمْجَاد. «إِنْ كَانَ يَجِبُ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ، لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ.. لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بطرس1: 6، 7). إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه، تألم يوسف الصديق ثلاثة عشرة سنة وتمجد بعدها ثمانين سنة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الخدمة محبة الأجيال القادمة:

«الَّذِينَ -الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا عَنِ المسيح- أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهذِهِ الأُمُورِ الَّتِي أُخْبِرْتُمْ بِهَا أَنْتُمُ الآنَ، بِوَاسِطَةِ الَّذِينَ بَشَّرُوكُمْ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُرْسَلِ مِنَ السَّمَاءِ. الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا» (1بط 1: 12).

الله لم يعلن لهم ما بحثوا عنه، بل ما أراد الله أن يعلن لهم، فكانوا باحثين أي وقت أو ما الوقت؟. وهذا لم يعطيه الله لهم «لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ» (اع1: 7)

لكنه أُعْلِنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ لَيْسَ لأَنْفُسِهِمْ، لأن إعلانات الله كانت عن التجسد والفداء بالصليب والقيامة، الأمور التي لم تتم في زمن هؤلاء الأنبياء، بَلْ لَنَا كَانُوا يَخْدِمُونَ بِهذِهِ الأُمُورِ.

فقد رأى مار بطرس قيامة المسيح في (مزمور16) و رأى يوم الخمسين في نبوة يوئيل، وسجلها في عظته في (أعمال2)، وكَانُوا يَخْدِمُونَ لَنَا بِهذِهِ الأُمُورِ «الْخَلاَصَ» التي اشتهى الأنبياء أن يرُوها ولم يرُوا وأن يسمعُوا ولم يسمعُوا، والَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا».

عندما أخذ أبونا إبراهيم ابنه الحبيب الوحيد حاملاً الحطب ليقدمه محرقة كان يتنبأ بطريقة عملية، وليس بالكتابة. فهل كان أبونا إبراهيم فاهمًا بالضبط بماذا يتنبأ، بالطبع لم يفهم فهمًا كاملًا. ولا إشعيا كان فاهمًا نبوءاته فهمًا كاملًا.

وحتى الآباء الرسل كانوا يفهمون بالتدريج. وعندما مات الرب على الصليب: التقى تلميذا عِمْوَاسُ- لُوقَا، وكَلْيُوبَاسُ- بالرب بعد قيامته وقالا له: وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ. بَلْ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَّا حَيَّرْنَنَا إِذْ كُنَّ بَاكِرًا عِنْدَ الْقَبْرِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِدْنَ جَسَدَهُ أَتَيْنَ قَائِلاَتٍ: إِنَّهُنَّ رَأَيْنَ مَنْظَرَ مَلاَئِكَةٍ قَالُوا إِنَّهُ حَيٌّ. وَمَضَى قَوْمٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَنَا إِلَى الْقَبْرِ، فَوَجَدُوا هكَذَا كَمَا قَالَتْ أَيْضًا النِّسَاءُ، وَأَمَّا هُوَ فَلَمْ يَرَوْهُ». فَقَالَ لَهُمَا: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» ثُمَّ ابْتَدَأَ مِنْ مُوسَى وَمِنْ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ يُفَسِّرُ لَهُمَا الأُمُورَ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ فِي جَمِيعِ الْكُتُبِ... فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا. (لُوقَا21:24-31).

أما «وَالأَمْجَادِ الَّتِي بَعْدَهَا...الَّتِي تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا» (1بط1: 12). هي تلك التي نتمتع بها في العهد الجديد، والَّتِي تَشْتَهِيها الْمَلاَئِكَةُ، هي البنوة بالمعمودية، والاتحاد به في الإفخارستيا، تلك النعم التي منحها الله لنا دون أن نستحقها

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ضبط الفكر والجهاد والنعمة:

«لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ، فَأَلْقُوا رَجَاءَكُمْ بِالتَّمَامِ عَلَى النِّعْمَةِ الَّتِي يُؤْتَى بِهَا إِلَيْكُمْ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (1بط1: 13)

«لِذلِكَ مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِينَ: دعوة إلى اليقظة، كما فَتَّشَ وَبَحَثَ الأَنْبِيَاءُ هكذا نحن نُمنطِق أَحْقَاءَ ذِهْنِنا "صَاحِينَ" ونصحو صحوة ذِهْنِية، «اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ.» (مر14: 38)، «اِسْهَرُوا إِذن لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ» (مت24: 42) فنجاهد ليكون لنا رجاء في النِّعْمَةِ الَّتِي تُعطى لنا عنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ في مجيئه الثاني، نعْمَةِ الوجود الدائم معه في ملكوته الأبدي فهذا هو رَجَاءُنا.

 

الجهاد سلبي وإيجابي:

«كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ» (1بط1:14) تتكرر الطَّاعَةِ في الرسالة سبع مرات، وهذا يعني أنه يطلب الطَّاعَةِ الكاملة. ونحن كَأَوْلاَدِ الله نحيا حياة الطَّاعَةِ فلاَ نأخذ شَكِل أبناء العالم، وشَهَوَاتِهم ونسلك كأيام الجَهل، بل نسلُك بما يليق.

 

«بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ« (1بطرس1:15).

يضع الرسول صورة الرب الْقُدُّوسِ أمامنا، لكي نصير صورته ومثاله.

فِي كُلِّ سِيرَةٍ: تتكرر كلمة سِيرَةٍ في الرسالة سبع مرات، وهذا يعني أنه يحثنا على الاهتمام بسِيرَتنا في هذا العالم أن تكون كاملة، في كُلِ فضيلة في أعمالنا وأفكارنا، في كلامنا وصمتنا، في الخفاء والعلانية. فيجب أن نسلك بالقِدِّاسِة كما يليق بالدعُوة التي دعينا إليها.

 

«لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ« (1بطرس1:16)،
«إِنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمْ فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ.« (لا44:11).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الدينونة حسب الأعمال:

«وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ،

فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ» (1بطرس1:17)

نحن نُدرك أبُوة الله لنا، وندْعُوه أَبًا، ونُصلي: أبانا الذي في السموات. لذلك لنا رجاء في خلاصنا، رغم معرفتنا أن الله يَحْكُمُ ويجازي بِعدل حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فلا نستهتر. فأبوة الله تملأنا أملاً ورجاءً. وعدله يجعلنا نحيا بخوف وجدية. وهنا تظهر أهمية الأعمال الصالحة. لأن الله يُحْاكِم بِعدل حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ.

فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ: هذا هو الجهاد المطلوب منا، مدته كل زَمَانَ الغُرْبَة على الأرض، وطريقته بِخَوْفٍ: فمَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ. (1كُورِنْثُوسَ12:10)، وهنا تظهر أهمية فضيلة الحياة بِخَوْف الله.

وكل هذه الوصايا تُظهر أهمية الجهاد في حياتنا الروحية:

«لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ(1بطرس1:14).

«كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ «(1بطرس1:15).

«كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ« (1بطرس1:16).

«سِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ» (1بطرس1:17).

(ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

دم المسيح يغفر الخطية الجدية:

«عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ (الخطية الجدية) بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ» (1بطرس 1: 19،18).

لم يكن فداؤنا بدفع الفِضَّةٍ أَوْ الذَهَب تلك الأَشْيَاءَ التي تَفْنَى، كما يُحرر العبد على الأرض بدفع الفدية، ولكن الرب فدانا مِنْ سِيرَتِنا الْبَاطِلَةِ أو الفاسدة الَّتِي تَقَلَّدْناهَا أو ورثناها مِنَ الآبَاءِ حتى آدم، فدانا بِدَمٍه الكَرِيمٍ.

وكحَمَلٍ بِلاَ عَيْبٍ حمل خطايانا، وسفك دَمِه، واحتمل الْمَسِيحُ آلاماً وعارًا من أجلنا (خر5:12؛ تث3:28؛ يو29:1؛ عب26:7).

كلف الفداء ربنا يسوع آلامًا إلى الموت، فكم ينبغي أن يُكلفنا خلاصنا؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

خطة الخلاص معروفة في علم الله السابق

«مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْدًا، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ» (1بطرس1: 21، 20).

كان فداء المسيح بدافع محبته الأزلية، أمرًا مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فقبل أن يُخلقنا، بل منذ الأزل، بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ (1بطرس1:2)، كان يعرف أننا سنخطئ، وأعد خطة خلاصنا بالفداء بالصليب، ثم «أُظْهِرتَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ»، فالله لا يتغير هو إله العهد القديم، وإله العهد الجديد، ومحبة الله ورحمته اللتان ظهرتا على الصليب ليست جديدة، بل هي صفات إله العهد القديم ومنذ الأزل، «وَلكِنْها ظهرَت فِي الأَيام الأَخِيرَةِ، وعمل المسيح الذي ظهر في طاعته للآب فهو الابن الذي تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ (عب8:5)، مُسلّماً إرادته للآب، إذ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ (فِيلِبِّي 7:2). فتجسد وتألم، وصُلب وأَقَامَهُ الآب مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ صورة المَجْد الذي له بإرادة الآب التي هي إرادة الابن أيضًا.

«أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ... حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ» (1بطرس1: 22): يُخاطب مار بطرس الرسول المِؤمنُينَ بِاللهِ بأن يكون إِيمَانهمْ وَرَجَاؤهمْ فِي اللهِ.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فضائل:

الطَهِّارة، طَاعَةِ الْحَقِّ، الْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ عَدِم الرِّيَاءِ:

«طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ» (1بطرس1: 22):

Τὰς ψυχὰς ὑμῶν ἡγνικότες

فِي طَاعَةِ الْحَقِّ بِالرُّوحِ لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ

ἐν τῇ ὑπακοῇ τῆς ἀληθείας

εἰς φιλαδελφίαν ἀνυπόκριτον

دعوة إلى الجهاد، للوصول إلى الطَهِّارة، بطَاعَةِ الْحَقِّ (المسيح يسُوع)، والطاعة عمل إرادي فيه نُخضع إرادتنا لله. بمعونة الرُّوحِ القدس وعمله فينا، لنصل إلى الْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الحقيقية الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، وهكذا نحِبُّ بَعْضُنا بَعْضًا كما يقول الرسول:

«فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ» (1بطرس1: 22).

ἐκ καθαρᾶς καρδίας ἀλλήλους ἀγαπήσατε ἐκτενῶς

وهنا يُظهر نوع الحب أنه: مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ، ودرجته: أنه بِشِدَّةٍ.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الولادة الثانية:

«مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى» (1بط1:23).

مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً ἀναγεγεννημένοι بسر المعمودية، فبها يولد الإنسان من الله ميلادًا رُوحيًا. ويُقارن بين الميلاد الجسدي الذي ينتهي بالموت، والميلاد الرُوحي الذي لاَ يَفْنَى فيبقى بتأثيره إلى الأبد.
ليست الولادة الجسدية التي هي مِنْ
زَرْعٍ الرجل الفاني، بل الولادة الثَانِيَة الروحية بعمل روح الله السرمدي الذي لاَ يَفْنَى في الماء «سر المعمودية».

«بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ والْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ».

διὰ λόγου ζῶντος θεοῦ καὶ μένοντος τῶν αἰώνων.

 وهذا الوصف لا ينطبق إلا علي المسيح اللهِ الكَلِمَة، فهو الْبَاقِي إِلَى الأَبَدِ ومنه نولد ولادة ثانية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

زوال العالميات

«لأَنَّ كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ وَكُلَّ مَجْدِ (إِنْسَانٍ) كَزَهْرِ عُشْبٍ

διότι πᾶσα σὰρξ ὡς χόρτος καὶ πᾶσα δόξα αὐτῆς ὡς ἄνθος χόρτου·

 يَبِسَ الْعُشْبُ وَزَهْرُهُ سَقَطَ» (1بطرس1:24).

ἐξηράνθη ὁ χόρτος καὶ τὸ ἄνθος ἐξέπεσεν·

حياة الجَسَدٍ زائلة سريعًا كَالعُشْبٍ، ومَجْدِ العالميات فانٍ كفناء جمال زَهْرِ العُشْبٍ الذي سَقَطَ ومات.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثبات كلمة الله للأبد

«وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ» (1بطرس1:25).

 τὸ δὲ ῥῆμα κυρίου μένει εἰς τὸν αἰῶνα

»وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا» (1بطرس1:25).

τοῦτο δέ ἐστιν τὸ ῥῆμα τὸ εὐαγγελισθὲν εἰς ὑμᾶς.

«كَلِمَةُ الرَّبِّ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ»: فمن خلال المعمودية نتحد بتجسد الرب وصلبه وموته ودفنه وقيامته. «مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ» (كو2: 12)

وتتشابه هاتان الآيتان مع سفر إشعيا كما تتشابه مع رسالة يعقوب:

«صَوْتُ قَائِل: «نَادِ». فَقَالَ: «بِمَاذَا أُنَادِي؟» «كُلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ، وَكُلُّ جَمَالِهِ كَزَهْرِ الْحَقْلِ. يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ، لأَنَّ نَفْخَةَ الرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيْهِ. حَقًّا الشَّعْبُ عُشْبٌ! يَبِسَ الْعُشْبُ، ذَبُلَ الزَّهْرُ. وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». (إشعيا6:40-8).

«لأَنَّهُ كَزَهْرِ الْعُشْبِ يَزُولُ. لأَنَّ الشَّمْسَ أَشْرَقَتْ بِالْحَرِّ، فَيَبَّسَتِ الْعُشْبَ، فَسَقَطَ زَهْرُهُ وَفَنِيَ جَمَالُ مَنْظَرِهِ». (يَعْقُوبَ10:1-11).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[2]«لأَنَّ مُوسَى بَعْدَمَا كَلَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِكُلِّ وَصِيَّةٍ بِحَسَبِ النَّامُوسِ، أَخَذَ دَمَ الْعُجُولِ وَالتُّيُوسِ، مَعَ مَاءٍ، وَصُوفًا قِرْمِزِيًّا وَزُوفَا، وَرَشَّ الْكِتَابَ نَفْسَهُ وَجَمِيعَ الشَّعْبِ.» (عب9: 19)

«وَإلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ، وَإلَى دَمِ رَشٍّ يَتَكَلَّمُ أَفْضَلَ مِنْ هَابِيلَ.» (عب12: 24)

[3]تأملاتنا في الأبوكلبسيس للمؤلف (رؤ4:1) ص 36.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات بطرس الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/peter1/chapter-01.html

تقصير الرابط:
tak.la/4j2zq9z