* تأملات في كتاب
رسالة بطرس الرسول الأولى: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19
الآلام تدفعنا للتوبة (1بطرس1:4).
التوبة والدينونة (1بطرس1:4-6).
النهاية تدفعنا للتوبة الإيجابية (1بطرس7:4-11).
شركة آلاَمِه (1بطرس13،12:4).
الاضطهادات (1بطرس14:4-19).
الإصحاح الرَّابعُ
»فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ« (1بطرس1:4).
»لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ الله. لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ، الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ. الَّذِينَ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا لِلَّذِي هُوَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ. فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ«. (1بطرس1:4-6)
النهاية تدفعنا للتوبة الإيجابية
»وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ. وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ. لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. وَإِنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. «
(1بطرس7:4-11)
»أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. «
(1بطرس13،12:4)
»إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ.
فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ.
لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟ إِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟ فَإذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ«.
(1بطرس14:4-19)
الإصحاح الرَّابعُ
»فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ.
فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ« (1بطرس1:4).
Χριστοῦ οὖν παθόντος σαρκὶ καὶ ὑμεῖς τὴν αὐτὴν ἔννοιαν ὁπλίσασθε, ὅτι ὁ παθὼν σαρκὶ πέπαυται ἁμαρτίας
تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ: فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ. (1بطرس18:3)
تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهذِهِ النِّيَّةِ: تَسَلَّحُوا بنِّيَّتكم الصادقة في قبول الألم بإرادتكم مثل المسيح، وقبول الألم إراديًا نسميه إماتة الجسد.
فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ، كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ: فالآلام تُوقف الْخَطِيَّةِ، وتدفع إلى التوبة. ولكنها لا تغفر، ولا تُكّفر عن الْخَطِيَّةِ.
»لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ، لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ اللهِ. لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِينَا لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ. « (1بطرس2:4).
إن أيام غربتنا فِي الْجَسَدِ قليلة، فيَكْفِينَا ما مَضَى منها أننا أضعناه فِي الشَهَوَاتِ والشرّور، أما الآن فلنرجع عن الذات بكُل أفكارها واللذات وشهواتها وليكن لنا حياة النُصرة والغلبة. إذ مَاتَ الرب لأَجْلِنا كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ (2كو15:5)
فنَحْنُ الَّذِينَ مُتْنَا عَنِ الْخَطِيَّةِ، كَيْفَ نَعِيشُ بَعْدُ فِيهَا؟...عَالِمِينَ هذَا: أَنَّ إِنْسَانَنَا الْعَتِيقَ قَدْ صُلِبَ مَعَهُ لِيُبْطَلَ جَسَدُ الْخَطِيَّةِ، كَيْ لاَ نَعُودَ نُسْتَعْبَدُ أَيْضًا لِلْخَطِيَّةِ. لأَنَّ الَّذِي مَاتَ قَدْ تَبَرَّأَ مِنَ الْخَطِيَّةِ (رو2:6، 6-7).
سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ. « (1بطرس3:4).
الناس نوعان:
1. حياتهم شريرة: عاشوا زَّمَانَ حياتهم يعَمِلْونَ إِرَادَةَ الأُمَمِ فِي شَهَوَاتِ الْجَسَدِ. ولا يزالوا سَالِكِينَ فِي الدَّعَارَةِ (الزنى بشراهة) وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ(مجالس الخمر)، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ. (1بطرس3:4)
2. حياتهم انقسمت إلى قسمين بينهما نقطة فاصلة هي التوبة:
· زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِي مَضَى يَكْفِيهم لعَمِلْ إِرَادَةَ الأُمَمِ.
· سيعيشون الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ لإِرَادَةِ اللهِ.
»الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ (1بطرس4:4).
يتعجبون لماذا لا تتسابقون معهم إلى ملئ الخلاعة بل فَيْضِها مجدفين. يتعجبون ممن صاروا مسيحيين! كيف يحافظون على عفتهم وطهارتهم.
فالإنسان الشهواني يظن إنه لا يستطيع الإنسان أن يحيا طاهرًا.
»الَّذِينَ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا لِلَّذِي هُوَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ (1بطرس5:4).
ويقرر مار بطرس الرسول أن الذين يرفضون إجهاد الجسد بالأصوام والصلوات والفضائل، سيُعْطُونَ حِسَابًا أمام الديان العادل، الذي يَدِين الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ.
يَدِين الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ: لها معنيان:
الأول: يدين القديسين الأحياء بالرُوح، ويدين الأموات الذين ماتوا بالخطية. والثاني: يدين الأحياء على الأرض فلم ينتقلُوا إلى مجيئه الثاني، فهُؤلاء سيتغيرُون، في لحظة في طرفة عين، ويدين الذين سبقُوا فماتُوا بالجسد، قبل مجيئه الثاني، فالكل سيقف أمام الديان العادل.
»فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ. (1بطرس6:4).
6εἰς τοῦτο γὰρ καὶ νεκροῖς εὐηγγελίσθη, ἵνα κριθῶσιν μὲν κατὰ ἀνθρώπους σαρκί, ζῶσιν δὲ κατὰ θεὸν πνεύματι.
المعنى البسيط: أن الله سيدين الأحياء الذين في وقت القيامة هم أحياء على الأرض والأموات الذين ماتوا قبل يوم القيامة.
في هذا النص معنيان:
الأول: فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى: يقول القديس أوغسطينوس[10]: الإنجيل يُبَشَر به هنا على الأرض. للموتى روحيًا: غير المؤمنين والأشرار. لِكَيْ يُدَانُوا: بالآلام »حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ«، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا روحيًا »حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ « فيؤمنوا، ويتوبوا. فلا يُدَانُوا في اليوم الأخير.
المعنى الثاني: فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا: نزل إلى الجحيم من قبل الصليب، و بَشِّرَ الْمَوْتى، الذين ماتوا قبل الصليب على رجاء، وفتح لهم الفردوس، وأدخل أرواحهم. لِكَيْ يُدَانُوا، في اليوم الأخير بعد القيامة العامة حيث يحيوا بعودة الروح إلى الْجَسَدِ المائت.
المعنى الثالث: يقول القديس أوغسطينوس: فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى وهم: غير المؤمنين، والأشرار. فإذا آمنوا دينوا كباقي الناس.
كما قال في الإصحاح السابق »ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ«
(1بطرس19:3)، فلم يحرم الذين ماتوا على رجاء، في العهد القديم، من بشارة المسيح المفرحة.
بُشِّرَ الْمَوْتى: استعلان المسيح المصلوب للذين ماتوا وذهبوا إلى الجحيم دون أن يروا الرب، أما الذين عاشوا زمان التجسد، وما بعده زمان انتشار الإنجيل: »ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ.
(تَسَالُونِيكِي13:4، 14).
سيدين الله الأحياء (على الأرض في وقت القيامة)، والأموات (الذين ماتوا قبل يوم القيامة، قبل المجيء الثاني للمسيح).
نزل إلى الجحيم من قبل الصليب وبشر الذين ماتوا على رجاء، إذ نقل أرواحهم إلى الفردوس. ليدانوا في اليوم الأخير.
القديس أوغسطينوس فهم الموتى أنهم غير المؤمنين والاشرار هؤلاء بشرهم فإذا آمنوا دينوا مثل باقي الناس. (1بطرس17:4)
«الَّذِي فِيهِ أَيْضًا ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ.» (1بط3: 19)
فلم يحرم الذين ماتوا على رجاء في العهد القديم من بشارة المسيح المفرحة إذ بُشر الموتى باستعلان المسيح المصلوب للذين ماتوا وذهبوا إلى الجحيم دون أن يروا الرب أما الذين عاشوا زمان التجسد وانتشار الانجيل فقيل عنهم: «أَنَا أُنَاشِدُكَ إذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِه.» (2تي4: 1).
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
»وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ«(1بط7:4)
Πάντων δὲ τὸ τέλος ἤγγικεν. σωφρονήσατε οὖν καὶ νήψατε εἰς προσευχὰς
»وَإِنَّمَا«: لهذا لأن الرب على اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ.
الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِه.» (2تي4: 1)
»وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ« (1بطرس7:4)
(2تي1:4، 1يو18:1، 1كو23:15، 1تس17:4).
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ« (1كو7: 29)، النِهَايَةُ اقْتَرَبَتْ
»اَلرَّبُّ قَرِيبٌ. لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ« (في4:4)
والدينونة قادمة والله سيجازي كل واحد حسب عمله. فما هو موقفك:
» فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ «(1بطرس7:4)
فَتَعَقَّلُوا: σωφρονήσατε οὖν[11]مشتقة من صوفيا بمعنى حكمة، فيكون المعنى: ميزوا بحكمة، وقريب من هذا المعنى» مَنْطِقُوا أَحْقَاءَ ذِهْنِكُمْ صَاحِين«(1بط13:1)، والتَعَقَّلُ يدفع الإنسان ليميز بين الخير والشرّ.
وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ: فالبداية الالتجاء للرب بالصلاة طريقنا إلى الله.
«وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا. (1بطرس8:4)
وَلكِنْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ: قَبْلَ كُلِّ الفضائل لِتَكُنْ المَحَبَّة بشَدةً، وهذه سمة بطرس الرسول أن يطلب المَحَبَّة بشَدةً: " لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ. (1بطرس22:1).
لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا: فمن يُحب إنسان لا يخاصمه ولا يحسده أو يدينه، ولا يغتابه، أو يسئ إليه. بل يصبر عليه ويغفر له، وينصحه، ويُصلحه. فيسْتُرُ خَطَايَا كَثْيرَةً.
والْمَحَبَّةَ تدفعنا للاهتمام بتوبة الآخرين: أيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنْ ضَلَّ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ عَنِ الْحَقِّ فَرَدَّهُ أَحَدٌ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ مَنْ رَدَّ خَاطِئًا عَنْ ضَلاَلِ طَرِيقِهِ، يُخَلِّصُ نَفْسًا مِنَ الْمَوْتِ، وَيَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا. ( يَعْقُوبَ19:5، 20).
بل إن الْمَحَبَّةَ الكَثْيرَةً تغفر الْخَطَايَا الكَثْيرَةً، فقد قال الرب عن الْمَرْأَةَ الخَاطِئَةٌ: »قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً». (لُوقَا47:7).
ولا يفوتنا أن نتنبه أن الرسول وهو يُحدثنا: »وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ« يقدم أمرين: (1) من جهة الله: اصْحُوا لِلصَّلاة.
«غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ، فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضَّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ، مُشْتَرِكِينَ فِي احْتِيَاجَاتِ الْقِدِّيسِينَ، عَاكِفِينَ عَلَى إضَافَةِ الْغُرَبَاءِ. بَارِكُوا عَلَى الَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ. بَارِكُوا وَلاَ تَلْعَنُوا..» (رو 12: 11 - 14)
(1) من جهة الناس: المَحَبَّة بشَدةً.
« وَلْنُلاَحِظْ بَعْضُنَا بَعْضًا لِلتَّحْرِيضِ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، غَيْرَ تَارِكِينَ اجْتِمَاعَنَا كَمَا لِقَوْمٍ عَادَةٌ، بَلْ وَاعِظِينَ بَعْضُنَا بَعْضًا، وَبِالأَكْثَرِ عَلَى قَدْرِ مَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ يَقْرُبُ، فَإنَّهُ إنْ أَخْطَأْنَا بِاخْتِيَارِنَا بَعْدَمَا أَخَذْنَا مَعْرِفَةَ الْحَقِّ، لاَ تَبْقَى بَعْدُ ذَبِيحَةٌ عَنِ الْخَطَايَا، بَلْ قُبُولُ دَيْنُونَةٍ مُخِيفٌ، وَغَيْرَةُ نَارٍ عَتِيدَةٍ أَنْ تَأْكُلَ الْمُضَادِّينَ.» (عب10: 24 -27 ).
«كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ.» (1بطرس9:4)
المَحَبَّة تدفعنا أن نستضيف إخُوتنا الغرباء بِلاَ دَمْدَمَةٍ[12]، أو تذمر.
«لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ.. مُضِيفًا لِلْغُرَبَاءِ، مُحِبًّا لِلْخَيْرِ» (تى1: 7، 8)، «مُشْتَرِكِينَ فِي احْتِيَاجَاتِ الْقِدِّيسِينَ، عَاكِفِينَ عَلَى إضَافَةِ الْغُرَبَاءِ» (رو 12: 13) و«لاَ تَنْسَوْا إضَافَةَ الْغُرَبَاءِ، لأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلاَئِكَةً وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ.» (عب13: 2)، «يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. » (رو16: 23) ، وعندما نفتح قلُوبنا وبيُوتنا لإخُوتنا الغرباء، ونستضيفهُم بلا تذمر، بل بفرح وبشاشة، يقبلنا الله في أحضانه الأبدية في الملكوت، وما أروع هذا المثل:«يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. » (رو16: 23).
«لِيَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. (1بطرس10:4)
فكُلُّ من أخذ من الرب مُوهبة، لا يطمرها كصاحب الوزنة الواحدة الذي طمرها ولم يُتاجر بها، بل عليه أن يُضرمها.
بِحَسَبِ مَا أَخَذَ: الله يُعطينا المُواهب بحكمة: بقدر إمكانياتنا، وبالقدر الذي يحتمله تواضعنا، فيمكن لإنسان أن تهلكه مُواهبه بالكبرياء، لذلك يُعطينا الرب الموهبة للخدمة، لنخْدِمُ بِهَا بَعْضُنا بَعْضًا، ويُعطينا الموهبة كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَته لبناء كنيسته.
نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ: ومواهبه الْمُتَنَوِّعَةِ حسب احتياج الكنيسة في هذا الوقت. «فَإنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ. وَلكِنْ لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا: أَنُبُوَّةٌ فَبِالنِّسْبَةِ إلَى الإيمَانِ، أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي الْخِدْمَةِ، أَمِ الْمُعَلِّمُ فَفِي التَّعْلِيمِ، أَمِ الْوَاعِظُ فَفِي الْوَعْظِ، الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ، الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ، الرَّاحِمُ فَبِسُرُورٍ. اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ، مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْرِ.» (رو 12: 4 – 9).
«إنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ.
وَإنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ. (1بطرس11:4)
الخدمة قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، وليست ذاتية، إنما نحن وكلاء ننفع بها الاخرين، يعلمنا مار بطرس الرسول: أننا في التعليم والوعظ لا ينبغي أن نقدم الحكمة البشرية، وفلسفة الكلام، بل نقدم أَقْوَالِ اللهِ. وفي الخدمة لا نعتمد على قوتنا، وقدرتنا، بل على قُوَّةٍ النعمة التي يَمْنَحُهَا اللهُ: «لاَ بِالْقُدْرَةِ وَلاَ بِالْقُوَّةِ، بَلْ بِرُوحِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. (زَكَريَّا6:4).
والتعبير: «كأقوال الله.» يعنى أن يكون التعليم نقيا كما قدمه الله وقد وصف
مار بولس هذا فقال «لأَنَّنَا لَسْنَا
كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لكِنْ كَمَا مِنْ إخْلاَصٍ، بَلْ
كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.»
(2 كو 2: 17)
والتعبير "قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ" في خدمة الموائد للقديسين (اي للفقراء) وهذا ما قاله الرب «لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي.» (متى 25: 35)، «فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ.» (1 كو12: 4)
«وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. فَإنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ إيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ. وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ، وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ، وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ، وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ. وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ.» (1 كو 12: 7 – 11)
قال الله لحزقيال «فَإذَا كَلَّمْتُكَ أَفْتَحُ فَمَكَ (حز 3: 27)
«لأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الأُسْقُفُ بِلاَ لَوْمٍ كَوَكِيلِ اللهِ، غَيْرَ مُعْجِبٍ بِنَفْسِهِ، وَلاَ غَضُوبٍ، وَلاَ مُدْمِنِ الْخَمْرِ، وَلاَ ضَرَّابٍ، وَلاَ طَامِعٍ فِي الرِّبْحِ الْقَبِيحِ.» (تى1: 7)، «هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ.» (1كو4: 1)
«إنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ فَكَأَقْوَالِ اللهِ. (خدمة الكلمة)
«وَإنْ كَانَ يَخْدِمُ أَحَدٌ فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ (خدمة الموائد للقديس)
(1بط4: 11)، مار بطرس الرسول يقدم الخدمتين معًا فالكنيسة تحتاج اكثر ما تحتاج اليهما، وهذا ما قاله مار بولس « الْوَاعِظُ فَفِي الْوَعْظِ، الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ.» (رُومِيَةَ 12: 8).
« لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.» (1بطرس11:4)
في خاتمة هذه الفقرة من الرسالة: يعطي مار بطرس المجد للآب:
«لِكَيْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ»، كما يعطى المجد للابن «بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إلَى الأَبَدِ.».
ولعل هذا التسبيح هو ما اعتاد أن يعلمنا إياه الآباء في رسائلهم:
«لَهُ الْمَجْدُ إلَى الأَبَدِ. آمِينَ.» (رو11: 36).
«لَهُ الْمَجْدُ فِي الْكَنِيسَةِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ إلَى جَمِيعِ أَجْيَالِ دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.» (أفسس 3: 21)
«للهِ أَبِيهِ، لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ.» (رؤ1: 6)
ثم المزامير: 4 كتب (مز41: 13، 72: 18، 89: 52، 106: 48)
«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إلهُ إسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ» (41: 13)
«مُبَارَكٌ الرَّبُّ اللهُ إلهُ إسْرَائِيلَ، الصَّانِعُ الْعَجَائِبَ وَحْدَهُ.» (مز72: 18)
«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إلَى الدَّهْرِ. آمِينَ فَآمِينَ.» (مز89: 52)
«مُبَارَكٌ الرَّبُّ إلهُ إسْرَائِيلَ مِنَ الأَزَلِ وَإلَى الأَبَدِ. وَيَقُولُ كُلُّ الشَّعْبِ: «آمِينَ». هَلِّلُويَا. (مز106: 48)
أما كلمة «آمِينَ.» فتعني ليكن هذا. لتكن حياتنا وسلوكنا يمجدان الله.
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
«أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ.» (1بُطْرُسَ4: 12)
يقول مار بولس: «لأن جميع الذين يريدون أن يعيشوا في التقوى في المسيح يسوع يضطهدون (2 تى3: 12). فهذه هي القاعدة العامة. لذلك ينادى مار بطرس الرسول المؤمنين:
«أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ: لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى.. كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ.»
وقال ايضا: إِنْ كَانَ يَجِبُ تُحْزَنُونَ يَسِيرًا بِتَجَارِبَ مُتَنَوِّعَةٍ (1بط6:1) ويُظهر مار بطرس شدة هذه التجارب بوصفها: الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، وهذه الالام والاضطهادات والِتَجَارِبَ المُتَنَوِّعَةٍ التي نجوزها كانت: «لأجل امتحانكم»، «لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ، تُوجَدُ لِلْمَدْحِ وَالْكَرَامَةِ وَالْمَجْدِ عِنْدَ اسْتِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.» (1بط1: 7)، كما يقول مرنم إسرائيل الحلو: «لأنك امتحنتنا يا الله ومحصتنا بالنار كما تمحص الفضة بالنار (مز65: 10).
«بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ.» (1بُطْرُسَ4: 13).
اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ: ما أروع قول مار بولس «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ.» (فيلبى3: 10)،(رؤ8: 17). ومار بطرس يربط بين آلامنا من أجل المسيح وآلام المسيح من أجلنا الأمر الذي نسميه شركة آلامه.»
«افْرَحُوا لِكَيْ تَفْرَحُوا... مُبْتَهِجِينَ.»: نفرح بشْرَكْتُنا فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ، لِكَيْ نفْرَحُ فِي مجيئه الثاني واسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ، ويُظهر الرسول فرحنا
بالآلام بتعبيرين مترادفين «تَفْرَحُوا.. مُبْتَهِجِينَ».
وقف الآباء الرسل، وبينهم مار بطرس الرسول أمام المجمع للمحاكمة، وقرر المجمع بمشورة غمالائيل أن يُجلدوا ويُطلقوا«وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. (أَعْمَالُ41:5) إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ (رُومِيَةَ17:8).
«إنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ، فَطُوبَى لَكُمْ، (1بُطْرُسَ4: 14).
« إِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، فَطُوبَاكُمْ. (1بُطْرُسَ4: 14).
وهذا تكرار لكلام المسيح: «طُوبَى لَكُمْ إذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ.» (متى5: 11).
كقول مار بولس: «وَتَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ.» (رُومِيَةَ3:15).
«تَعْيِيرَاتِ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ». (مَزْمُورُ9:69).
«إنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ.» (رو8: 17) «مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ.» (غل2: 20).
«فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحِلُّ عَلَيْكُمْ.» (1بط4: 14)
كنتيجة لاحتمال أبناء الله تَعْيِيرَاتِ الأشرار، من أجل المسيح الـ«مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ.» (اشع53: 3). يأخذون الطوبى ورُوحَ اللهِ القُدوس الذي دُعِيّ هنا رُوحَ الْمَجْدِ يَحِلُّ عَلَيْهُمْ. لذلك يفرحون بهذا التَعْيِير، كما قيل عن موسى النبي: «حَاسِبًا عَارَ الْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ خَزَائِنِ مِصْرَ.» (عِبْرَانِيِّينَ26:11)، ويدعونا مار بولس «فَلْنَخْرُجْ إذًا إلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ.» (عِبْرَانِيِّينَ13:13)، فبسببه ينالون المجد: «وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى.» (1بط5: 4).
أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، (1بُطْرُسَ4: 14)
«مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.» (اشع 53: 3)
وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ.» (1بُطْرُسَ4: 14)
«لِذلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ.» (2كو12: 10).
«فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ، أَوْ مُتَدَاخِل فِي أُمُورِ غَيْرِهِ.» (1بُطْرُسَ4: 15)
إن تَأَلَّمْ أَحَدُ بسبب خطاياه، فهذه عقُوبة عادلة. فالمسيحيّ لا ينبغي أن يَتَأَلَّمْ كَقَاتِل، أَوْ سَارِق، أَوْ فَاعِلِ شَرّ أو بسبب تدخله في أمُور غَيْرِهِ.
وقد تكرر هذا المعنى في الرسالة أكثر من مرة:
فقال: «لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ، وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْرًا، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرًّا.» (1بُطْرُسَ3: 17).
«لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالًا لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ.» (1بُطْرُسَ2: 20 – 22).
«لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ يَشْتِمُونَ سِيرَتَكُمُ الصَّالِحَةَ فِي الْمَسِيحِ، يُخْزَوْنَ فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ. لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ، وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْرًا، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرًّا. فَإنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ.» (1بط3: 16–18).
«وَلكِنْ إنْ كَانَ كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ.» (1بط4: 16).
إنْ احتمل الآلام كَمَسِيحِيٍّ، فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ.
كثيرًا ما أُضطهد المَسِيحِيٍّون لمجرد أنهم مَسِيحِيٍّين، فاشتهر نيرون الحاكم الروماني باضطهاد المسيحيين، واصدر تراجان مرسومه لنفس السبب، وقد اشارت الاناجيل إلى هذا الاضطهاد[13].
ولازال المسيحيون في كل عصر يفرحون ويمجدون الله «لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ.» (أعمال5: 41)، فالشركاء في الآلام شركاء في المجد أيضًا.
«لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟ (1بط4: 17).
الآن الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ: فلا يتذمر أحدٌ بسبب الاضطهادات والآلام لأَنَّ وَقْتُ الْقَضَاءِ ابْتِدَأ. وسيبدأ الله مجازاته بأبناء الكنيسة، ثم يحاسب الاشرار الذين لا يطيعون الانجيل.
فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟ وسيبدأ الْقَضَاءِ بخدام بَيْتِ اللهِ، بكل درجاتهم، أَوَّلاً مِنَّا، فيوجد يهوذا الذي سقط من الآباء الرسل، فقال الرب « وَقَالَ الرَّبُّ: سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ!.» (لو22: 31)
ويقول القديس باسيليوس: يجلب الله الشدائد على المؤمنين لتطهيرهم من زلاتهم وامتحانا لفضائلهم، ويقول القديس أوغسطينوس: لم يصل أحد إلى الكمال بالدرجة التي لا يحتاج إلى امتحان لتكميله أو لتثبيته وإذا كان ذلك كذلك، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟.
تتطابق هذه الآية مع: «حَتَّى إِنَّنَا نَحْنُ أَنْفُسَنَا نَفْتَخِرُ بِكُمْ فِي كَنَائِسِ اللهِ، مِنْ أَجْلِ صَبْرِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فِي جَمِيعِ اضْطِهَادَاتِكُمْ وَالضِّيقَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا، بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ اللهِ الْعَادِلِ، أَنَّكُمْ تُؤَهَّلُونَ لِمَلَكُوتِ اللهِ الَّذِي لأَجْلِهِ تَتَأَلَّمُونَ أَيْضًا... وَالَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ رَبِّنَا... سَيُعَاقَبُونَ»
(2تس1: 4– 10).
وَ«إِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟» (1بط4: 18).
وَإِنْ كَانَت عدالة الله لا تترك الْبَارُّ بل بجهادٍ كثير يُمكن أن يَخْلُصُ، فماذا عن الْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ، والْفَاجِرُ هو الْخَاطِئُ الذي استمر في الخطية ذمنًا، حتى أمسى يشرب الإثم كالماء، فلا يخجل من خطاياه، بل يفعلها جهارًا.
ومن هذه الكلمات أُخذت صلاة الغرُوب: إذا كان الصدّيق بالجهد يخلّص فأين أظهر أنا الخاطئ؟ ثقل النهار وحره لم أحتمل لضعف بشريتي، لكن أنت يا الله الرحُوم احسبني مع أصحاب الساعة الحادية عشر.
وهذه العبارة تماثل قول سليمان "هوذا الصديق يجازى في الأرض، فكم بالحرى الشرير والخاطئ. فإن كان الله يحاسب الأبرار والصديقين ويجازيهم في الأرض. فكم سيحاسب الخطاة والاشرار في يوم الدينونة.
ويقول القديس أوغسطينوس: كيف يُبقى الله على الأشرار وهم أغصان قطعت للحريق ولا يبقى على الأبرار ليكمل تنقيتهم.
«فَإذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ، كَمَا لِخَالِق أَمِينٍ، فِي عَمَلِ الْخَيْرِ.» (1بط4: 19).
المتألمون من أجل البر، يَسْتَوْدِعُوا حياتهم لله خالقهم الأمين
والقديس بطرس هو الوحيد الذي يصف الله «بالخالق الأمين.»
وينصحنا « مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ.» (1بط5: 7)
آلام الامتحان
آلام شركة الام المسيح
آلام من أجل خطايانا
فالله ينذر الانسان المخطئ ويؤدبه، بغير محاباة. إذ قد حكم علينا نؤدب من الرب
لكى لا ندان مع العالم (1كو11: 32).
_____
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
[10] يُبشر بالإنجيل هنا للأموات روحيًا فيؤمنوا ويتوبوا، فيُدانوا بالآلام، ويحيوا روحيًا .
[11] مأخوذة من صوفيا.
[12]دمدمة (في 2: 14) تعني تذمر.
[13] (متى17:10-22، مر9:13-13)، (لو12:21-17، 11:12-12).
← تفاسير أصحاحات بطرس الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير بطرس الأولى 5 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص يوحنا فايز زخاري |
تفسير بطرس الأولى 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/peter1/chapter-04.html
تقصير الرابط:
tak.la/3y5kvq6