* تأملات في كتاب
رسالة بطرس الرسول الأولى: |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25
الإصحاح الثَّانِي
التوبة: سلبي، وإيجابي: استقامة الإيمان والأعمال (1بط1:2-2).
المسيح حجر الزاوية، المرفوض، والمؤمنون حجارة البناء (1بط3:2-8).
المختارون (1بط9:2-10).
التوبة والأعمال الصالحة (1بط 11:2-12).
الخضوع للرؤساء (1بط13:2-14)، تابع: الخضوع للرؤساء (1بط17:2-18).
الْحُرِّيَّةُ في المسيحية (1بط15:2-16).
احتمال الآلام (1بط19:2-21).
آلام المسيح عنا (1بط21:2-25).
الإصحاح الثَّانِي
· التوبة: سلبي، وإيجابي: استقامة الإيمان والأعمال:
فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ.
وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ. (1بط1:2-2).
· المسيح حجر الزاوية، المرفوض، والمؤمنون حجارة البناء:
إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ.
الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ -الرَّبَّ الصَالِحٌ-، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِذلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ: «هأنذا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى». فَلَكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تُؤْمِنُونَ الْكَرَامَةُ، وَأَمَّا لِلَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ، «فَالْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ، هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ» «وَحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ. الَّذِينَ يَعْثُرُونَ غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْكَلِمَةِ، الأَمْرُ الَّذِي جُعِلُوا لَهُ». (1بط3:2-8).
· المختارون:
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ.
الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ. (1بط9:2-10).
أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا، فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا. (1بط11:2-12).
فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ، أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلانْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْرِ. (1بط13:2-14)، (1بط17:2-18).
لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ: أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ. كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ. (1بط15:2-16).
أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ.
أَيُّهَا الْخُدَّامُ، كُونُوا خَاضِعِينَ بِكُلِّ هَيْبَةٍ لِلسَّادَةِ، لَيْسَ لِلصَّالِحِينَ الْمُتَرَفِّقِينَ فَقَطْ، بَلْ لِلْعُنَفَاءِ أَيْضًا«. (1بط17:2-18)
· الْمَسِيحَ تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، ودعانا للاحتمال:
لأَنَّ هذَا فَضْلٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ. لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. (1بط19:2-21).
· آلام المسيح:
فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ. «الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ»،
الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل. الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ. لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ، لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا«.
الإصحاح الثَّانِي
لذلك يقول مار بُطْرُسَ الرَّسُولِ:
«فَاطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ.»
وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِه.» (1بطرس1:2).
انتهى الإصحاح السابق بالوْلادِة الثَانِيَةً بسر المعمودية، وهنا تظهر حياة التوبة كثمرة لهذه الوْلادِة والحياة الجديدة، والتوبة بالقبطية مطانية أي تغيير الاتجاه، فلها جانب سلبي بترك الخطية، وإيجابي بعمل البر.
سلبي: اطْرَحُوا: كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَكُلَّ مَذَمَّةٍ.»
إيجابي: اشْتَهُوا: اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ، كَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ.»
والانتقال من السلبي إلى الإيجابي يحتاج إلى اتضاع حقيقي، ولذلك يقول الرسول «وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ، اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِه.» (1بط2: 2).
الجزء السلبي: نطرح كُل أعمال الإنسان العتيق، ومن الرائع أن تتكرر كلمة كُلَّ ثلاث مرات فالتوبة يجب أن تكون كاملة (رقم3 عدد الكمال). فهي تعني ترك الخطيئة بأنواعها المختلفة: «الخُبْثٍ وَالمَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَ الحَسَدَ وَ المَذَمَّةٍ» وهذا هو البعد الأفقي للخطيئة:
والخُبثٍ: هو عدم الإخلاص، والمكرٍ: هو الخداع والطرق الملتُوية.
والرياء: هو الفريسية والمُظهرية، والحسد: أن يتمنى الشر لأخيه.
والمذمة: إهانة الآخرين، وإدانتهم.
لا شك أن الخطايا كثيرة ولكن اُختيرت هذه الخمسة، العدد الذي يرمز لجروح المسيح، فالخطية هي جرح للمسيح.
والتوبة ترك الخطيئة في درجاتها فربما يظن الانسان أن التوبة تحتاج إلى ترك المكر الشديد، ولكن قليل من المكر يحتاج إليه الانسان في معاملاته، فيأتي الرسول بطرس ويقول: «اطْرَحُوا كُلَّ.. وَكُلَّ.. وَكُلَّ» بكل درجاتها وكمياتها. وهذا هو البعد الرأسي للخطيئة والتوبة ترك أقل عمق للخطية. واطْرَحُوا: هو أيضًا ترك من أجل الله.
استقامة الإيمان والأعمال: «وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ.
اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ» (1بطرس2:2)
الجانب الإيجابي في التوبة: أن نشْتَهي: «اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ، وهذه هي كلمة الله والتعليم الصحيح، والإيمان المستقيم، لذلك وُصف بأنه لبنٌ عقلي، وباليونانية:( λογικὸν ἄδολον γάλα) مأخوذة من (λόγος) وتعني أقنوم الابن فنشتهي تعليم المسيح الصحيح، يقول داود النبي شهاداتك هيّ لذتي.. أتلذذ بوصاياك" (مزمور119)، وكلمة لبن تذكرنا ببساطة الإيمان كطفل رضيع أمام ثديي أمه الكنيسة ألتي ولدته من معموديتها. وهنا نحتاج إلى فضيلة الإفراز التي بها ندرك التعليم الصحيح، الْعَدِيمَ الْغِشِّ. لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ.
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
الدرجة الاولى هي ترك الخطية: «اطْرَحُوا كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ مَكْرٍ و...»
الدرجة الثانية هي شهوة روحية: «اشْتَهُوا اللَّبَنَ الْعَقْلِيَّ الْعَدِيمَ الْغِشِّ.»
الدرجة الثالثة هي نمو في الحياة الروحية: «لِكَيْ تَنْمُوا بِهِ.» (1بط2: 2).
التوبة فيها جانب نظري عقلي، وجانب عملي:
الجانب النظري: هو الدراسة الْعَقْلِيَّة لكلمة الله والتأكد من صحة التعليم وأنه لَّبَنَ عَقْلِيَّ عَدِيمَ الْغِشِّ وهذا هو الإيمان المُستقيم.
الجانب العملي: هو تحويل كلمة الله إلى حياة. فترك الخُبْثٍ وَالمَكْرٍ وَالرِّيَاءَ وَالْحَسَدَ وَالمَذَمَّةٍ هو الجانب العملي في الحياة الروحية وتكميل الإيمان السليم بالأعمال.
فالنص الإلهي الذي قدمه القديس بطرس هو دعوه لنا للاهتمام بأعمالنا خيرةً كانت أم شريرة، كما هو دعوة إلى الاهتمام بإيماننا سليمًا كان أم مغشوشًا. ويختم الرسول عبارته فيقول «لِكَيْ تَنْمُوا» فبالإيمان السليم والجهاد في الاعمال تنموا حياتنا روحيًا.
إِنْ كُنْتُمْ قَدْ ذُقْتُمْ أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. (1بطرس3:2)
الَّذِي إِذْ تَأْتُونَ إِلَيْهِ، حَجَرًا حَيًّا مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ،
وَلكِنْ مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ« (1بطرس4:2)
مَن ذاق أَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ يأتي إليه فيدرك أنه الحَجَر الذي رفضه البناؤُون وقد صار رأسًا للزاوية (مز117)، لأنه مُخْتَارٌ مِنَ اللهِ كَرِيمٌ.
فكثيرًا ما يكون المُخْتَارٌ مِنَ اللهِ، مَرْفُوضًا مِنَ النَّاسِ، لذلك ينبغي أن نكون حكماء، في التمييز بين ما هو صَالِحٌ، وما هو مرفوض.
سَأَلَ الرب تَلاَمِيذَهُ قِائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» فَقَالُوا: «قَوْمٌ: يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ: إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!». فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:.. وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا». فالمسيح هو الصَّخْرَةِ التي بُنيت عليها الكَنِيسَة و الصَّخْرَةِ التي ضربها موسى النبي فتفجرت منها ينابيع الماء الحي حجر الزاوية الذي يربط البناء.
كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ: كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ ὡς λίθοι ζῶντες بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا: εἰς ἱεράτευμα ἅγιον لِتَقْدِيمِ: ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ πνευματικὰς θυσίας مَقْبُولَةٍ εὐπροσδέκτους عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. θεῷ διὰ Ἰησοῦ Χριστοῦ. (1بطرس5:2).
كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا: على مثال الرب:
كُونُوا أَنْتُمْ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ: مملؤة صلابة وثبات، ومملؤة حياة بروحه القدوس، وما أروع أن يتلاحم أبناء الله كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ مَبْنِيِّة بَيْتًا رُوحِيًّا، والحجارة التي يُبنى بها البَيْت الرُوحِي ليست جميعها متساوية أو متشابهة لكنها متكاملة. هكذا ِحجَارَةٍ البَيْت الرُوحِي الكنيسة الواحدة فيها من يكونون كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا. «وَلكِنْ إنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِي عَلَى هذَا الأَسَاسِ: ذَهَبًا، فِضَّةً، حِجَارَةً كَرِيمَةً، خَشَبًا، عُشْبًا، قَشًّا.» (1كو3: 12).
مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا: يُظهر الرسُول أن الرّب هُو الصخرة، الحيّة التي بنيت عليها الكنيسة الواحدة غير المُنقسمة كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ.
لذلك ترك مار بولس القديس تِيمُوثَاوُسَ لِكَيْ يعْلَمَ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ يتَصَرَّفَ فِي بَيْتِ اللهِ، الَّذِي هُوَ كَنِيسَةُ اللهِ الْحَيِّ، عَمُودُ الْحَقِّ وَقَاعِدَتُهُ. (1تيموثاوس15:3).
كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.
فما هي الذَبَائِحَ الرُوحِيَّةٍ المَقْبُولَةٍ؟؟
حينما يذبح الإنسان ذاتيته وكبرياؤه ويقول: مع المسيح صُلبت والذَبَائِحُ التي تُقدم للهِ هِيَ الرُوحٌ المُنْكَسِرَةٌ. والْقَلْبُ الْمُنْسَحِقُ يَا اَللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ. (مزمور17:51)، اِذْبَحُوا ذَبَائِحَ الْبِرِّ، وَتَوَكَّلُوا عَلَى الرَّبِّ. (مزمور5:4)
ذَبَائِحَ الْضيقات: فأننا من أجلك نُمات كُل النهار، قد حُسبنا مثل غنمٍ للذبح، ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا (رو35:8-37)
»لِذلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ:(1بطرس6:2).
(1بطرس6:2) |
(إشعياء 28: 16) |
هأنذا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى |
هأَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرًا، حَجَرَ امْتِحَانٍ، حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيمًا، أَسَاسًا مُؤَسَّسًا: مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ. |
يشير إلى نبوءات الْكِتَابِ في العهد القديم عن السيد المسيح:
»حَجَرَ الزَاوِيَةٍ أو رَأْسَ الزَّاوِيَةِ«: الذي يصل العهدين معًا فقد جاء الرب وبدء بمعمودية العهد القديم معمودية الماء، وكاهن العهد القديم يوحنا ابن زكريا الكاهن ابن الكاهن، ثم حولها إلى معمودية الماء والروح معمودية العهد الحديد. وكان هو حَجَرَ الزَاوِيَةٍ الذي يربط العهدين معًا. وبدء الرب بفصح العهد القديم رمز ذبيحة الصليب ثم غسل أقدامهم وأخذ خبزا وخمرًا وأقام الافخارستيا ذبيحة العهد الجديد ذبيحة الصليب.
أما المسيح »حَجَرَ الزَاوِيَةٍ« فوصفه مُخْتَارًا كَرِيمًا، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى: فالَّذِي يُؤْمِنُ بِيسوع المسيح الله الظاهر في الجسد لَنْ يُخْزَى أبدًا بل تكون له الحياة الأبدية.
أما صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ التي شاء الآب أن يتجسد ابنه فيها، وكل من يولد بالمعمودية عضوًا في جسد المسيح، تصير الكنيسة أمه والله أبوه.
»فَلَكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تُؤْمِنُونَ الْكَرَامَةُ، وَأَمَّا لِلَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ، فَالْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ، هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ« (1بطرس7:2).
المؤمنُون الذين أطاعوا الرب صار لهم الْكَرَامَةُ: "مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ«. (أفسس20:2).
وَأَمَّا اليهود الْبَنَّاؤُونَ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ فرَفَضَوا الرّب صالبين إياه. وقَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ«.
»وحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ. الَّذِينَ يَعْثُرُونَ غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْكَلِمَةِ،
الأَمْرُ الَّذِي جُعِلُوا لَهُ« (1بطرس8:2).
جاء الرب ليكون: حَجَرُ الزَّاوِيَةِ مُخْتَارًا كَرِيمًا فِيهِ نصير مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وبه تكتمل الكنيسة يَسُوعُ الْمَسِيحُ الرأس ونحن البناء.
وفي نفس الوقت فلغَيْرَ الطَائِعِينَ لِلْكَلِمَةِ »حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ«
فما معنى »الأَمْرُ الَّذِي جُعِلُوا لَهُ« لا يعني أن الله أراد أنهم يرفضوه، وإنما هُم رفضُوه بإرادتهم إذ كانوا يطلبونه ملكًا أرضيًا، فلما جاء ملكًا روحيًا رفضوه. صار لهم »حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَة «وعْثُرُوا به. وتم فيهم: كُل مَن يسقط على ذلك الحجر يترضّض، ومَن سقط هُو عليه يسحقه. رفضه المسلمون لأنه في شكل إنسان شكل الضعف، ورفضه شهود يهوه والأدفنتست، لأن الابن في نظرهم أقل من أبيه.
حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ لِبَيْتَيْ إِسْرَائِيلَ (اش14:8). وَكَمَا قَالَ سِمْعَانُ الكاهن والشيخ: «هَا إنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إسْرَائِيلَ، وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ.» (لو 2: 34)
مار بطرس رسُول الختان يخاطب اليهود والأمم معًا، فيعلن أن الأمم صاروا ضمن شَعْب الله المُخْتَار:
«وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاء« (1بط9:2). «وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً.» (خر19: 6) جنسي المختار(اش43: 10) «وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ» (رؤ1: 6)
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَـ:
جِنْسٌ مُخْتَارٌ γένος ἐκλεκτόν: فلم يعد اليهود فقط الجِنْسٌ المُخْتَار لكن الرّب قد أتى من نسب فيه أمميات، ودعا كُل البشرية لمحبة الله.
كهنُوتٌ ملُوكيٌ βασίλειον ἱεράτευμα: فقد صار بيننا كهنة مكرسون لخدمة ملك الملُوك ورب الأرباب (مت16:5).ولو كانوا كهنة بالمعنى الحرفي لصاروا ملوكًا بالمعنى الحرفي والكلام كان موجه للإسرائيليين في العهد القديم فهل كان الشعب كله فعلا كهنة أم كان هناك سبطا خاصًا للكهنوت هو سبط لاوي.
أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ شَعْبُ اقْتِنَاءٍ περιποίησιν ἔθνος ἅγιον, λαὸς εἰς
لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ« (1بط9:2) وليس معنى هذا أن تتحول كل الُامَّة وكل الشَعْبُ إلى معلمين، لكنهم يمكن أن يكرزوا بحياتهم وتقواهم فيصيروا قُدوة للآخرين. فنعكس صورة المسيح، ويرى الناس المسيح في حياتنا، فيمجدوا أبانا الذي في السموات.
ولأنكم شعب الله المختار، كهنة الله، فعليكم أن تنشروا عظائم الله وأعماله اذ عبر بكم البحر (خر15)، وأخرجكم من الظلمة إلى النور (إشعيا9) «لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلًا ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُورٍ.» (افسس5: 8).
«الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْبًا، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ» (1بطرس10:2).
الَّذِينَ قَبْلاً... وَأَمَّا الآنَ: هل تغير الله؟! لا الإنسان هو المتغير يضع نفسه تحت الرحمة أو الغضب بأفعاله. قَبْلاً: قيل لليهود لأَنَّكَ أَنْتَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. إِيَّاكَ قَدِ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَكُونَ لَهُ شَعْبًا أَخَصَّ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ (تَّثْنِيَة6:7). وَأَمَّا الآنَ: لم يقبلوا الإيمان فرفضوا. «وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: لَسْتُمْ شَعْبِي، يُقَالُ لَهُمْ: أَبْنَاءُ اللهِ الْحَيِّ.» (هوشع 1: 9، 10).
ميطانية أو تغيير النية أو السيرة أو الاتجاه: (1بط11:2، 12، 25)
أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ Ἀγαπητοί,، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ τῶν σαρκικῶν ἐπιθυμιῶν الَّتِي αἵτινες
تُحَارِبُ النّفْسَ στρατεύονται κατὰ τῆς ψυχῆς· (1بط11:2).
يدعُوهُم أَحِبَّاءُ، وهو نداء محبوب إلى نفُوسنا، والمحبة تنتقل بالقدوة.
ويدعُوهُم غُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، في هذا العالم، لأن وطنهم في السماء ويوصيهُم أَنْ يمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ ففي العهد الجديد نطرد الشهُوة قبل أن تُمسي فعلًا شريرًا. ففرقٌ بين حرب الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ وبين السقوط والهزيمة. فالخطية هي تنفيذ الشهُوات عملياً. «وَإنَّمَا أَقُولُ: اسْلُكُوا بِالرُّوحِ فَلاَ تُكَمِّلُوا شَهْوَةَ الْجَسَدِ. لأَنَّ الْجَسَدَ يَشْتَهِي ضِدَّ الرُّوحِ وَالرُّوحُ ضِدَّ الْجَسَدِ، وَهذَانِ يُقَاوِمُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، حَتَّى تَفْعَلُونَ مَا لاَ تُرِيدُونَ.» (غلا5: 16، 17). وَلكِنَّ الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ. صلبوه بالصوم والنسك، والسهر، والصلاة، والميطانيات وقراءة الانجيل.
التوبة ليست مجرد امتناع عن الشر بل هيّ خطوة إلى الأعمال الصالحة. أن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه،
كَغُرَبَاءَ: ثماني صفات لأبناء الله بدأت بحرف الكاف:
كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ (1بطرس14:1)، وَكَأَطْفَال مَوْلُودِينَ الآنَ(1بطرس2:2)
مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ (1بطرس5:2)، كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ (1بطرس11:2).
كَأَحْرَارٍ(1بطرس16:2)، كعبيد الله (1بطرس16:2). كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ (1بطرس10:4)، يَتَأَلَّمْ كَمَسِيحِيٍّ (1بطرس16:4).
فنحن ينبغي أن نعيش كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، وَكَأَطْفَال نشْتَهي كلام الله المستقيم الْعَدِيمَ الْغِشِّ لِكَيْ ننْمُوا بِهِ، لنكون كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ يبنى بها بَيْت الله، وكَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ لسنا من هذا العالم نسلك كَأَحْرَارٍ من الشَّهَوَاتِ، كعبيد الله، وكَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ، وكَمَسِيحِيٍّين نتألم من أجل البر.
الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النّفْسَ(1بطرس11:2).
حينما يُخطئ الإنسان، يشترك الْجَسَدُ والنّفْسُ والروح، ولذلك قيل شَّهَوَة جَسَدِيَّةِ، كما قيل: تُحَارِبُ النّفْسَ. والشهوات الجسدية ليست هي الشهوات الجنسية بل تشملها وتشمل محبة القنية ومحبة المال، شهوة البطن في أنواع الطعام، محبة الرئاسة والعظمة، وغيرها.
«وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا، فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ«. (1بطرس12:2).
سلبي: «تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ. (1بطرس11:2)
إيجابي: «تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً. (1بطرس12:2)
رغم سِيرَة أبناء الله الحَسَنَةً إلا أنه ما أكثر الافتراءات التي تُوجه ضدهم، يَفْتَرُونَ عَلَيهمْ كَفَاعِلِي شَرّ. في التاريخ اتهموا المسيحيين بحريق روما، واتهموهم بأنهم آكلي لحوم البشر، من أجل سماعهم عن سر الافخارستيا دون فَهم. فهم يُغلقون الكنيسة بعد صلاة الصلح، ويأكلون ويشربون جسد ودم.
وقد قُدم المسيح مُتهمًا، أمام بِيلاَطُسُ الذي شهد:« لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً». (يُوحَنَّا6:19)، هكذا ينبغي أن نكون مثله يُفْتَرى عَلَينا، ثُم تثبت براءتنا. وكسيدنا يُحكم علينا بالموت رغم اعترافهم أننا لم نفعل إثمًا. يضطهدونا لأننا مختلفون عنهم في سيرتنا المقدسة، التي تدينهم، «الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ. (1بطرس4:4)
«يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا«. (1بطرس12:2).
كانوا يَفْتَرُونَ عَلى المسيحيين كَفَاعِلِي شَرّ، إذ يرونهم غُرَبَاءَ في تصرفاتهم عن أولاد العالم، فهم ليسوا مثلنا. وفِي يَوْمِ الافْتِقَادِ: يوم يُفحص الإيمان، وتُمتحن الأعمال، فتظهر نقاوة المسيحيين. «يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.» (متى5: 16).
«فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ، أَوْ لِلْوُلاَةِ فَكَمُرْسَلِينَ مِنْهُ لِلانْتِقَامِ مِنْ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَلِلْمَدْحِ لِفَاعِلِي الْخَيْر« (1بطرس13:2، 14). ثُم (1بطرس17:2، 18).
نعم نحن نخضع للملك المسيح أولاً وقبل كل أحد. وهذا لا يتعارض مع طاعتنا للرُؤساء، يأمرنا القديس بُطْرُسُ الرسول: «اخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ«، وقد قال الرب: أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر، وما لله لله« (مت21:22). كما قال القديس بولس الرسول لتلميذه الأسقف تيطس: «ذَكِّرْهُمْ أَنْ يَخْضَعُوا لِلرِّيَاسَاتِ وَالسَّلاَطِينِ، وَيُطِيعُوا« (تي1:3). «لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ. لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ. (رُومِيَةَ1:13-5).
← (ستجد كذلك تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين).
«لأَنَّ هكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاء« (1بطرس15:2)
حينما نُنفذ مَشِيئَةُ اللهِ بأَنْ نفْعَلُ الْخَيْرَ، نُسَكِّتُ جَهَلَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ، وتعبير الأَغْبِيَاءِ هنا: ليس شتيمة بل وصف الشر بأنه عدم ذكاء.
«كَأَحْرَارٍ، وَلَيْسَ كَالَّذِينَ الْحُرِّيَّةُ عِنْدَهُمْ سُتْرَةٌ لِلشَّرِّ، بَلْ كَعَبِيدِ اللهِ« (1بطرس16:2).
ثار اليهود على السيد المسيح له المجد حينا قال لهم «وَتَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَالْحَقُّ يُحَرِّرُكُمْ». (يو8: 32) قائلين له «إِنَّنَا ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَلَمْ نُسْتَعْبَدْ لأَحَدٍ قَطُّ. كَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: إِنَّكُمْ تَصِيرُونَ أَحْرَاراً؟» (يو8: 33) في الوقت الذي كانوا فيه مستعبدين للإمبراطورية الرومانية وعندما قدموا المسيح للمحاكمة ليصلبوه، ما استطاع مجمع السنهدريم أن يحكم عليه بالصلب، بل حول المحاكمة إلى السلطة الرومانية.
وحينما تكلم عن الحرية لم يكن يقصد مفهومهم الذي كذبوا فيه وقالوا لم نستعبد لأحد، بل كان يقصد الحرية الحقيقية الداخلية، الحرية من الخطية ومن إبليس، فالذين يفعلون الشر مدعين أنهم يفعلونه بحريتهم يتخذون الحرية ستارًا ليفعلوا الشر، والحقيقة « إن كُل من يعمل الخطية هُو عبدٌ للخطية،..، فإن حرّركُم الابن فبالحقيقة تكُونُون أحراراً.» (يو34:8، 36) فالمكيفات والشهوات يفعلها الانسان كعبد غير قادر على التخلص منها مهما ادعى غير ذلك. ويحتاج للنعمة التي تحرره متى أراد وجاهد ضدها. قال الأنبا أنطُونيُوس: الذين هُم بحقّ أحرار هم أحرار في حياتهُم وطبعهُم. الإنسان الحُرّ هُو الذي لا تستعبده الذات أو الملذات، فمالك نفسه، حُرٌ في داخله، غير خاضع لشهواته.
أَكْرِمُوا الْجَمِيعَ. أَحِبُّوا الإِخْوَةَ. خَافُوا اللهَ. أَكْرِمُوا الْمَلِكَ (1بطرس17:2)
πάντας τιμήσατε, τὴν ἀδελφότητα ἀγαπᾶτε,
τὸν Θεὸν φοβεῖσθε, τὸν βασιλέα τιμᾶτε.
هذه أربعة نصائح لمار بُطْرُسُ الرسول: والعبارة تبدأ وتنتهي بأَكْرِمُوا.
فيبدأ الرسُول بإكْرِام الْجَمِيعَ، فلا يميز أحدًا عن غيره من جهة قيمته الإنسانية. فنحن نكرم خليقة الله التي مات المسيح لأجلها.
أَحِبُّوا الإِخْوَةَ: سبق الرسُول فقال: طَهِّرُوا نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ.. لِلْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ الْعَدِيمَةِ الرِّيَاءِ، فَأَحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مِنْ قَلْبٍ طَاهِرٍ بِشِدَّةٍ. « (1بطرس22:1).
خَافُوا اللهَ: نعم قال مار يوحنا الحبيب: "الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ (1يوحنا18:4)، ولكن هل وصلنا جميعًا إلى هذه الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ، بالطبع لا، لذلك يقول الرسول هنا خَافُوا اللهَ لأن "بدء الحكمة مخافة الله"، و«رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا. تَسْبِيحُهُ قَائِمٌ إِلَى الأَبَدِ. « (مز111: 10)
أَكْرِمُوا الْمَلِكَ: جاء إكرام الملك بعد خوف الله، فالملك عندهم كان معبودًا، لذلك وضعه الرسول بعد الله ليعرفوا مكانة الملك انها بعد الله
وسبق الرسُول فقال: "فَاخْضَعُوا لِكُلِّ تَرْتِيبٍ بَشَرِيٍّ مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ. إِنْ كَانَ لِلْمَلِكِ فَكَمَنْ هُوَ فَوْقَ الْكُلِّ" (1بطرس13:2)، كما قال مار بولس الرسول: "فَأَطْلُبُ أَوَّلَ كُلِّ شَيْءٍ، أَنْ تُقَامَ طَلِبَاتٌ وَصَلَوَاتٌ وَابْتِهَالاَتٌ وَتَشَكُّرَاتٌ لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ، لأَجْلِ الْمُلُوكِ وَجَمِيعِ الَّذِينَ هُمْ فِي مَنْصِبٍ" (1تي1:2، 2).
قال إكليمنضس الاسكندري أن خضوع المسيح لبيلاطس وسلطانه صار هو الأساس الذي على مستواه قال القديس بطرس الرسول في رسالته أكرموا الملك (3: 7).[4]
«أَيُّهَا الْخُدَّامُ، كُونُوا خَاضِعِينَ بِكُلِّ هَيْبَةٍ لِلسَّادَةِ، لَيْسَ لِلصَّالِحِينَ الْمُتَرَفِّقِينَ فَقَطْ، بَلْ لِلْعُنَفَاءِ أَيْضًا. « (1بطرس18:2)
انتشر نظام العبيد في هذا الوقت، والمسيحية كدين لا تحل المشكلات بتغيير النظم الاجتماعية أو السياسية، فهذا عمل الحكام. ومع هذا فهي ليست سلبية، لأنها تترك ما لقيصر لقيصر. ومع هذا تُغير داخل السيد فلا تتركه متسلطًا قاسيًا، بل تجعله متضعًا محبًا يعامل عبده كأخ. كما تغير داخل العبد فيترك تمرده، ويطيع سيده لا عن خوف بل بحب فهذه وصية المسيحية.
لذلك أوصى مار بُطْرُسُ الرسول العبيد الذين لقبهم خُدَّامُ قائلاً: كُونُوا خَاضِعِينَ بِكُلِّ هَيْبَةٍ لِلسَّادَةِ، حتى السَّادَةِ غير الصَّالِحِينَ القساة غير
الْمُتَرَفِّقِينَ أيضًا والْعُنَفَاءِ فلنخضع لهم بكل الحب لأننا نخاف الله.
فمن خلال العبيد يمكن أن نكسب كثير من السادة، بسيرتهم الحسنة ورائحة المسيح الذكية التي فيهُم.
«لأَنَّ هذَا فَضْلٌ، إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ. لأَنَّهُ أَيُّ مَجْدٍ هُوَ إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ بَلْ إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ، فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ«
(1بطرس19:2-20)
يقول القديس بُطْرُسُ الرسول: الفضل للذين يحتملون الظلم من أجل الله بدون ذنب فعلوه «طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ.» (متى5: 10) أما الذين يحتملون لأجل أخطائهم فليس لهم الطوبى. فهناك نوعان من الناس:
النوع الأول:
إِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ أَجْلِ ضَمِيرٍ نَحْوَ اللهِ، يَحْتَمِلُ أَحْزَانًا مُتَأَلِّمًا بِالظُّلْمِ.
إِنْ كُنْتُمْ تَتَأَلَّمُونَ عَامِلِينَ الْخَيْرَ فَتَصْبِرُونَ. فَهذَا فَضْلٌ عِنْدَ اللهِ.
ينطبق عليهما قول مار بولس: «وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ فَطُوبَاكُمْ.» (1بط3: 14)
أما النوع الثاني:
إِنْ كُنْتُمْ تُلْطَمُونَ مُخْطِئِينَ فَتَصْبِرُونَ؟ فأَيُّ مَجْدٍ هُوَ؟!«
فقد جوزيت بعدلٍ على خطيئتك.
المسيح في آلامه الفدائية عنا كان قدوة في احتمال الآلام:
«لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالًا لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ.» (1بط2: 21).
لأنكم لهذا دعيتم فما هو هذا (تتألمون عاملين الخير فتبصرون) فهذه هي المسيحية، أننا دعينا لنتألم من أجل البر، نتألم مع المسيح ومثل المسيح فإن المسيح تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالًا لنتبعه، فَإنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ أَجْلِ الْخَطَايَا، الْبَارُّ مِنْ أَجْلِ الأَثَمَةِ، لِكَيْ يُقَرِّبَنَا إلَى اللهِ، مُمَاتًا فِي الْجَسَدِ وَلكِنْ مُحْيىً فِي الرُّوحِ.» (1بط3: 18).
فإن المسيح حَمَّلَ أَوْجَاعَنَا (إش53: 4) مثل كبش يحمل الخطايا ويرسل إلى البرية (اخبار 16: 21)
هذا هو عمل المسيح الكهنوتي. الفدائي ونحن نتبع خطواته. نسير على مثاله. «إنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ.» (رو 8: 17)
«هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ.» (رؤيا 14: 4)
بدأ الرب طريق الصليب، واقتادنا خلفه ونحن دعينا لنسير وراءه «وَقَالَ لِلْجَمِيعِ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَيَتْبَعْنِي» (لو9: 23)
«الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ» (1بط2: 22).
«أنه لم يعمل ظُلمًا، ولم يكن في فمه غش» (اش53: 7).
لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً لكى يحملها، بل حمل خطايانا في جسده على الخشبة، فآلامه كفارية، فقد صار هو الكاهن الذي قدم ذاته بإرادته وأتى بذبيحة نفسه. فهو حمل الذبيحة وهو الكاهن مقدم الذبيحة.
«لأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هذَا، قُدُّوسٌ بِلاَ شَرّ وَلاَ دَنَسٍ، قَدِ انْفَصَلَ عَنِ الْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ.» (عب7: 26).
«الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل« (1بطرس23:2).
«ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ..» (اش 53: 7)
لذلك أوصانا القديس مار بطرس أن نسير على أثر خطواته فقال:
«غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرّ بِشَرّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً.» (1بط3: 9)
لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ: لنتمثل بالمسيح، لنكون صورته ومثاله، لنكون رسالته المقروءة من جميع الناس، «نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ.» (1بط1: 15)
تجسد الرب وتأنس وعاش بيننا» تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ «
كان أحد أهدف التجسد: أن يقدم الرب الصورة المِثَالية الكاملة للإنسانية
فنسير على دربها لذلك قال أنا هو الطريق: مقدمًا هذه الصورة:
الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ. (1بط2: 22)
الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا،
وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل(1بط2: 23)
ثلاث صور قدمها الرب كأمثولة رائعة لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ:
ولكن الجانب المهم في هذه الصورة المِثَالية مرتبط بالآلام إذ يقول:
فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً، مريدًا أن يقودنا في طريق الصليب، حيث نرفع قلوبنا مع أصواتنا مصلين مع القديس غريغوريوس الثيئولوغس: احتملت ظلم الأشرار، بذلت ظهرك للسياط، وخديك أهملتهما للطم، لأجلي يا سيدي لم ترد وجهك عن خزي البصاق.
«الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ«. (1بطرس24:2).
«سكب للموت نفسه وأحصى مع أثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين (إش53: 4)
حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا: لأنه أخذ الذي لنا (المُوت)، وأعطانا الذي له (الحياة)، كان بُطرس الرسُول شاهد عيان لآلام المسيح، رآه في جثسيماني يقول نفسي حزينة جداً حتى الموت (مت38:26؛ مر34:14). "هكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ(عب28:9). لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا... وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. (أش4:53، 5). يقول العلامة ترتليان: إن الرب اختار الصليب إتماماً للنبُوات والرمُوز في العهد القديم[5]
(1بط2: 24) οὗ τῷ μώλωπι ἰάθητε«الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ فجروح جلداته شفت جروحنا، أحنى ظهره ليُجلد بالسياط، فحَمَلَ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ
«لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا.» (اش53: 5)
الكلمة اليونانية μώλωπι التي استخدمت في رسالة القديس بطرس هي التي استخدمت في سفر إشعيا وتعني الجروح المتورمة، وواضح أن عملية الجلد تنشئ جروح متورمة.
لقد مات المسيح بسفك دمه، نزف دمه بواسطة السوط الروماني الذي يحمل قطع من العظم في أطرافه ومن إكليل الشوك ثم من المسامير حتى حدث هبوط في القلب ومات الرب بسفك دمه، مات كذبيحة ذبحت عن حياة العالم. ولذلك قيل بجروحه، بجلدته، بحبره شفيتم.
فغفران خطايانا جاء بسفك دمه «بدون سفك دم لا تحدث مغفرة.» وهذا هو السر أننا لازلنا نتناول دم المسيح لغفران خطايانا.
كيف موت المسيح (بجراحاته) صار موتًا لنا.
هكذا قال الرسول « أَنَّهُ إنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إذًا مَاتُوا.» (2 كو 5: 14).
إشعيا النبي يصف:
(1 بط 2: 22 – 24) |
(إشعياء 53: 4 - 12) |
«الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ»، الَّذِي إذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضًا، وَإذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْل. الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ.
|
لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولًا. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا، مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إثْمَ جَمِيعِنَا. ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إلَى الذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ... أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحَزَنِ. إنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إثْمٍ.. وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا... مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ، وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ. |
«لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ،
لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ إِلَى رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا«. (1بطرس25:2).
يوضح الرسول بطرس أن التوبة هي رجوع وتحول:
فالرسول يقول لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ
ثم يقول لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ الآنَ.
كُنْتُمْ سالكين كَخِرَافٍ ضَالَّةٍ و لكِنَّكُمْ رَجَعْتُمُ. غيرتم اتجاهكم وطريقكم وهذا هو معنى التوبة الحقيقية، ميطانية تغيير النية تغيير الاتجاه.
"كخراف ضالة" تعبير دقيق فعلى الرغم من الضلال بالخطيئة الذي يحتاج إلى توبة. إلا أنهم ليسوا جِداء. ليسوا ذئابًا فالخروف الضال بعدما وجده الراعي حمله على منكبيه فرحًا وعاد إلى الحظيرة مع الخراف. والآبن الضال على الرغم من ضلاله إلا إنه لم يفقد كونه ابنا" "ابنى هذا كان ضالا فوجد"
التوبة ليست تغيير طبيعة الجداء إلى خراف وليست هي ولادة الأبناء. إن الولادة الثانية وتغيير الطبيعة أمر يختص به سر المعمودية أما التوبة فهي تغيير الاتجاه للخروف، من خروف ضال إلى خروف عائد إلى الراعي، هي تغيير النية والفكر إلى ابن عائد إلى بيت الآب.
«كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إثْمَ جَمِيعِنَا.» (إشعيا 53: 6)
ويرجعوا فأشفيهم (متى13: 15)، (يو12: 40)، (أع28: 27)
«لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ.» (متى 13: 15)
«قَدْ أَعْمَى عُيُونَهُمْ، وَأَغْلَظَ قُلُوبَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَشْعُرُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ». (يو12: 40)
«لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْبِ قَدْ غَلُظَ، وَبِآذَانِهِمْ سَمِعُوا ثَقِيلًا، وَأَعْيُنُهُمْ أَغْمَضُوهَا. لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِأَعْيُنِهِمْ وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ وَيَرْجِعُوا، فَأَشْفِيَهُمْ.» (أع28: 27)
«لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ». (مر 4: 12)
«رَاعِي نُفُوسِكُمْ وَأُسْقُفِهَا: هذا هو الراعي الصالح الذي يبحث عن كُل نفس "يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ، وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟« (لوقا4:15).
_____
[4]الأب متى المسكين، شرح 1بط، ص101.
← تفاسير أصحاحات بطرس الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير بطرس الأولى 3 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص يوحنا فايز زخاري |
تفسير بطرس الأولى 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/peter1/chapter-02.html
تقصير الرابط:
tak.la/ypad745