* تأملات في كتاب
رسالة بطرس الرسول الأولى: |
لم يُقْصَد بهذا التفسير أن يكون تفسيرًا حرفيًّا كاملًا شاملًا، بل قصد به استخلاص بعض النصائح والتعزيات الروحية من كلمات الرسول المتألقة، التي تقدم المعونة للمؤمنين في ظروفهم المختلفة التي يجتازونها في حياتهم اليومية.
بعد أن قدمت هذا التفسير أثناء خدمتي الرعوية نشر أسبوعيا على صفحات مجلة «المسيحي». وتلبية لطلبات الكثيرين، ها أنا أقدمه في هذا الكتاب.
لم أفكر قط عند تقديم أي تفسير في إجهاد عقول سامعي بآراء المفسرين المختلفة عن المواضيع المتباينة التي تواجهنا في كل فقرة تقريبًا. لكنني اعتدت بالأحرى أن أقرأ كل ما يصل إليه ذهنی، وبعد ذلك أدون ملاحظات العامة بكيفية واضحة وبسيطة. وهذا ما اتبعته في هذا الكتاب.
استعنت كثيرًا بتفسير ليتون(1) الرائع، واقتبست الكثير من هذا الكنز الروحي النفيس. والواقع أنه كلما وجد القارئ أي اقتباس دون الإشارة إلى مرجعه وجب أن يدرك أنه مقتبس من هذا المرجع الرائع. أعتقد بأنني اعترفت بأنني مدیون لذلك المؤلف كلما وردت الكلمات بعينها. لكن من ذا الذي يستطيع أن يدرك مصدر ربوات الآراء التي أصبحت آراءنا الشخصية بسبب كثرة استخدامها.
وإذ دونت هذا التفسير وسط مشاغل الخدمة الكثيرة، فإنه من المستحيل تقدير البركات التي نلتها من التأمل في أعماق هذه الرسالة الرائعة. ورجائي الملح أن ينقل هذا التفسير للآخرين بعض البركات التي حصلت عليها شخصيًّا أثناء إعداد هذا الكتاب.
ف. ب. مایر
كتب بطرس الرسول رسالته الأولى هذه إلى «المتغربين من شتات بنتس وغلاطية وكبدوكية وآسيا وبيثينية، أي إلى المسيحيين في تلك النواحي، فقد كان كل مسيحي يعتبر غريبًا ونزيلًا على الأرض.
حالما ظهرت المسيحية قوبلت بالاضطهاد العنيف، وفقا لما سبق أن أنبأ به المسيح تلاميذه، سواء كان هذا الاضطهاد من اليهود أو من الملوك والأباطرة. فقد قتل اليهود استفانوس (أع 7)، ثم قتل هيرودس يعقوب أسقف أورشليم، وسجن بطرس تمهيدا لقتله (أع 12). واشتد الاضطهاد أيام نيرون الذي أشعل النيران في روما في 19 يوليو سنة 64 م. واتهم المسيحيين بإشعالها، فاضطهدهم بعنف وقسوة، حتى أنه قتل بولس وبطرس، وهما أكبر قادة المسيحية.
ولهذا كتب بطرس الرسول هذه الرسالة لمسيحيي تلك النواحي التي كانت جزءًا من آسيا الصغرى تقع في الشمال الشرقي:
1- ليقدم لهم النصيحة بأن لا يستغربوا الآلام التي حلت بهم أو التي ستحل بهم:
لا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لأجل امتحانكم كأنه أصابكم أمر غریب» (1 بط 4: 12).
فيكفيهم أن يكونوا كسیدهم، لأنه ليس العبد أفضل من سيده، ولا التلميذ أفضل من معلمه، «فإن المسيح أيضًا تألم لأجلنا تاركا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته، مع أنه لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر" (1 بط 2: 21-22).
2- لكي يعزيهم ويشددهم في آلامهم مذكرا إياهم «بالرجاء الحي بقيامة يسوع المسيح من الأموات (1 بط 3).
هذا الرجاء الذي يرفع قلوبهم من الآلام إلى الأمجاد التي تنتظرهم عن طريق الآلام، إلى الميراث الذي لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل، المحفوظ في السموات لأجلهم (1 بط 1:4)، إلى المدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح (1 بط1:7)
إن كان بولس قد دعى «رسول الإيمان»، ويعقوب دعى «رسول الأعمال» ويوحنا دعى «رسول المحبة»، فقد دعي بطرس «رسول الرجاء»، ودعيت ودعيت رسالته هذه (رسالة الرجاء).
3- لكي يحثهم على الصبر واحتمال التجارب مهما اشتدت، والثبات على الإيمان حتى ولو كان إيمانهم «يمتحن بالنار» (1 بط7:1)، وعلى التمسك بحياة القداسة
وأمام واجباتهم كمسيحيين، فيسكتوا افتراءات أعدائهم.
وقد حثهم أيضًا على الخضوع لكل ترتيب بشري، أي للملوك والولاة
والحكام، وتوقيرهم على أساس أنهم مرتبون من قبل الله (1 بط 2: 17-13).
وإن كانت الحياة لا يمكن أن تخلو من ضيقات وآلام، فخليق بنا أن ندرس هذه الرسالة دوامًا لكی تعزينا في شدائدنا وضيقاتنا، وأن نقرأ بإمعان هذا الكتاب الذي أضعه بين يدي القدير، متوسلًا إليه أن يجعله واسطة لتمجيد اسمه القدوس، وَبُنيان وتعزية النفوس.
القاهرة في:
20 مايو 1971
12 بشنس 1687
_____
(1) Leighton’s Commentary.
← تفاسير أصحاحات بطرس الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/f-b-meyer/peter1/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/fshv5r8