أبنائي وأخوتي الأحباء في المهجر: اكليروسًا وشعبًا..
سلامي لكم من الرب ونعمة، راجيًا من الله أن يبارك حياتكم، وأن يقدسها، ويُنجح كل عمل تمت إليه أيديكم، وبعد:
نشكر الله الذي منحنا أن نكمل هذه البصخة المقدسة بسلام وأتي بنا إلى أفراح قيامته... وليس فرحنا هو مجرد الفرح بالعيد بعد انتهاء الصوم. إنما فرحنا هو فرح روحي، كما قال الرسول: "افرحوا في الرب كل حين. وأقول أيضًا افرحوا" (فى4:4).
ليتكم تتأملون في هذه العبارة جيدًا، وتتدربون على الفرح بالرب وكيف يكون ... نفرح بوجود الرب معنا في هذه الفترة: يقوى إيماننا، ويحدثنا عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع3:1)، ويشعرنا بأنه معنا كل الأيام وإلى انقضاء الدهر (مت20:28).
هذه هى مشاعر الخمسين يومًا المقدسة بعد القيامة... فهل نحن نقتني هذا الفرح، ونتأمل أسبابه كمنهج لهذه الخمسين يومًا، مركزين كل أفكارنا في الأمور المختصة بملكوت الله ؟ فاحصين ما هى هذه الأمور؟ وكيف نحيا بها؟
على أنني كثيرًا ما أسمع البعض يسألونني، وهم يقولون في حيرة:
كيف نحتفظ بروحياتنا في هذه الخمسين يومًا، وقد حُرمنا فيها من الصوم، والمطانيات metanoia، والقداسات التي كانت تبدأ من العصر إلى الغروب؟!
بل البعض يقول بالأكثر : كيف نقاوم الفتور في هذه الأيام ؟!
هنا وأقول لكم إن كل فترة لها طابعها الروحي. وقد كان الصوم وكانت المطانيات هما طابع الصوم الكبير... ومع ذلك هناك وسائل روحية أخرى لفترة الخمسين. فما هى ؟
في فترة الخمسين: يكون التركيز على الصلاة، والقراءة الروحية، والتأمل وعلى الترتيل، والألحان. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). والاجتماعات الروحية العميقة، وتداريب التوبة والنمو الروحي.
هذا هو ما يجب أن يهتم به الأفراد، وكذلك القائمون على الخدمة أيضًا.. لابد من تقديم غذاء روحي يعّوض الصوم. بل إن الغذاء الروحي كان هو هدف الصوم ووسيلته: "كل كلمة تخرج من فم الله" (مت4:4).
وإن كان الصوم يشمل "ضبط النفس، وقوة الإرادة"، فيجب الاستمرار في هاتين الفضيلتين بتداريب متنوعة ومتعددة...
وحتى من جهة الطعام، لا يصح أن يتحول الفطار إلى تسيُّب!
نأكل الطعام الفطارى في شئ من ضبط النفس، بعفة الأكل، لا بنَهمٍ ولا تسيب. ولا نكون كالذين في بدء الفطار يصابون بارتباك في عمل المعدة وفي عمل الأمعاء!! أو كمن يحطمون ويفقدون كل ما استفادوه من فضائل الصوم، بغير حكمة، أو بغير إفراز في أسلوب الطعام الفطارى.
إن من تداريب ضبط النفس أثناء الخمسين، عدم الأكل بين الوجبات.
وهو تدريب مفيد روحيًا، كما أنه في نفس الوقت مفيد للجسد من الناحية الصحية. وإن كان صعبًا على البعض من جهة كثرة الزيارات والضيافات، فيمكن تخفيفه بأن يكون: الإقلال على قدر الإمكان من الأكل بين الوجبات، إلا لضرورة.
إننا لا نصوم أيام الخمسين، حسب قول الرب إنه لا يستطيع بنو العرس أن يصوموا مادام العريس معهم (مر19:2). إذن السبب هو الإحساس بوجود الرب معنا، أو إحساسنا بوجودنا معه. وهذا يأتي عن طريق المداومة على الصلاة، أو المداومة على تذكار الرب.
من هنا كانت فترة الخمسين، هى فترة صلاة وتأمل، والإحساس بوجودنا في حضرة الرب، كما كان التلاميذ بعد القيامة.
وعن هذا الأمر نصحنا القديس بولس الرسول بقوله:
"مكملين بعضكم بمزامير وتسابيح وأغاني روحية، مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف19:5) (كو16:3).
إذن هى فترة يكثر فيها التسبيح والترتيل. ولا شك أن هذا يناسب أيضًا قول القديس يعقوب الرسول "أمسرور أحد، فليرتل" (يع13:5).
من التداريب الروحية النافعة إذن: حفظ المزامير وقطع من التسبحة، واتخاذها مجالًا للتأمل. على أن تصدر من القلب كصلاة. وهكذا يكرر الرسول عبارة "مترنمين في قلوبكم للرب" "مرتلين في قلوبكم للرب".
فليجعلها الرب لكم يا أحبائي فترة فرح روحي. تفرحون فيها بالرب، وتُفرِحون الرب بحياتكم الطاهرة المملوءة بمحبة الله.
ومن هنا كانت فترة الخمسين أيضًا هى فترة توبة، لأنه بالتوبة تفرح السماء والأرض حسب قول الرب "يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب" (لو7:15). فكم بالأكثر إن كان ينمو أيضًا في النعمة.
كونوا مصدر فرح لنا نحن أيضًا حينما نسمع عن حياتكم البارة وعن نموكم في النعمة وفي الخدمة وفي كل عمل صالح.
الرب معكم وكل عام وجميعكم بخير،،،
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
* ملحوظة: هذه هي نفس الرسالة البابوية في عيد القيامة لعام 1999.
اضغط على هذا الزر لترسل هذه الصفحة لصديق:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/News/Coptic-Papal-Messages/Easter-Papal-Message-for-2010_.html
تقصير الرابط:
tak.la/4q7yx2n