إنها كالجنادل في النهر، تصدمها المياه والأمواج، على مدى السنين والقرون، وهى ثابتة في مكانها. وكالجبال تصدمها الرياح والأمطار والسيول، دون أن تتأثر هكذا الإنسان القوى في نفسيته: يقول مع داود النبي (إن يحاربني جيش، فلن يخاف قلبي، وإن قام على قتال، ففي ذلك أنا مطمئن) (مز 27: 1).
الإنسان القوي هو إنسان صامد، أمام المشاكل العويصة، وأمام التهديدات. هو قوى من الداخل، مهما كان الضغط من الخارج.
أما الضعيف، فإنه يَتَخَيِّل مَخاوِف، وينزعج بسببها.
وربما لا يكون لها وجود! ولكنه بسبب خوفه الداخلي، يتوقع أن تأتيه المتاعب فيتعب بدون سبب!
الإنسان القوى لا يضع أمامه احتمال الفشل أو الانهزام. كما قال القديس بولس الرسول: (أَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ) (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1: 7) (لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ) (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 4: 16) مهما كانت المحاربات والمتاعب والضيقات.. كل هذه لا تدخل إلى القلب فتتعبه.
الإنسان القوى يتعامل مع الضيقات وهي خارجه.
أما الضعيف فيدخلها إلى قلبه وأعصابه فتتعبه.
الطالب الضعيف يدخل إلى الامتحان. فإن وجد سؤالا صعبا، يعرق ويتصبب ويدوخ، وينسى كل ما كان قد حفظه!! (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) أما الطالب القوي فيفكر في الحل، ويبدأ بالسهل فيتقوى، ويعود إلى الصعب ليحله..
في الواقع إن المفهوم الحقيقي للقوة، ينبغي أن يتركز على القوة الداخلية.
فقد يبدو البعض قويًّا من الخارج، بينما هو ضائع تمامًا من الداخل. قد يسمع كلمة إهانة، فيقول من الخارج (الله يسامحك).. بينما في الداخل يتقد غضبًا وحقدًا.. إن تحويل الخد الآخر (مت 5: 39) كما قال أحد القديسين – هو الخد الداخلي، أعنى الاحتمال في الداخل، والمسامحة الداخلية، ولوم النفس.
أيضا القوة الداخلية هي الانتصار على النفس من الداخل.
فليس القوي هو الذي ينتصر على الآخرين، إنما هو الذي ينتصر على نفسه.
وكما قال أحد القديسين: إن القوة الغضبية قد وضعت في الإنسان، لا لكي يغضب على الآخرين، إنما لكي يغضب على نفسه إذا أخطأ.
وحسنًا قيل في المزمور (كل مجد ابنة الملك من داخل) (مز 45) فإذا انتصرت على نفسك من الداخل، يمكنك أن تنتصر على كل الأمور الخارجية.. حينئذ يمكنك أن تغلب كل الأعداء الخارجيين. وصدق القديس يوحنا ذهبي الفم حينما قال (لا يستطيع أحد أن يؤذى إنسانا،، ما لم يؤذ هذا الإنسان نفسه).
· إذن من عناصر القوة ضبط النفس.
الذي يضبط لسانه هو إنسان قوى، حسب شهادة القديس يعقوب الرسول (يع 3: 2). وما أكثر الأشخاص الذين نقطة الضعف فيهم هي أخطاء اللسان. ويدفعوا ثمن ذلك غاليًا.
كذلك الإنسان القوي هو الذي يستطيع أن يضبط أفكاره. فلا تهزمه الأفكار وتسرح به حيثما تشاء، وتوقِعه في خطايا كثيرة.
والإنسان القوي هو الذي يضبط نفسه وقت الغضب. ويضبط نفسه وقت الصوم، من جهة الطعام والشراب. ويضبط نفسه من جهة الوقت، فلا يضيعه في المتعة واللهو، ويفشل في مسئولياته..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع