4- وهناك مَنْ يتوب، ويستبقي خطية الإدانة والانتقاد:
إنسانًا كان واقعًا في هذه الخطية إلى حد بعيد، ثم دخل في حياة التوبة. وشغلته إلى حين الخطايا الكبيرة التي تركها. ثم ما لبثت خطية الإدانة التي كانت عنده أن ظهرت مرة أخرى... والعجيب أن هذا الإنسان كلما يحس أنه نما في التوبة، واقترب إلى الله، وبعد عن الخطية، على هذا القدر تزداد خطية الإدانة ظهورا في حياته...
وأصبح ينتقد كل شيء، وكل أحد، ولا يعجبه شيء!
البصيرة الروحية التي وهبت له في التوبة، صار يوجهها إلى أعمال غيره وليس إلى أعماله! والمثالية التي أحبها في التوبة، أصبح يقيس بها تصرفات الناس وليس تصرفاته هو! وإذا به ينتقد الكل...
المسألة في واقعها ليست حرصًا على المثالية، إنما هي عدم قدرة على ترك خطية الإدانة والانتقاد التي تركها معه من ماضية، وإذا بالكنعانيين لا يزالون في الأرض.
وهذه الروح تدخل حتى في الخدمة والتعليم.
ففرع من فروع الخدمة، يرفض المنهج العام، ويظل ينتقد: هذا المنهج فيه أخطاء كذا وكذا، وينقصه كذا وكذا وينقصه كذا وكذا. ومنهج فرعنا أفضل...! ويتحول هذا الفرع إلى "قطاع خاص "في محيط الخدمة، ولا تهمه وحدة التعليم في الكنيسة. [الذات] لا تزال باقية. لم تمت حين بدأت التوبة...
وروح الانتقاد تجعل جماعات مُنْغَلِقَة على نفسها.
كأنها جزائر داخل الكنيسة، لا تتصل بأرض أخرى. وقد تخرج منها سفن إلى هذه الأرض أو تلك سفن من أراض أخرى. ومع ذلك هي جزائر قائمة بنفسها، داخل الذات، التي ظلت باقية بعد التوبة.
ولا تكفي بهذه الانفرادية، وإنما تنتقد كل وضع آخر، بكل عنف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فإن سألت واحدًا منهم "لماذا كل هذا؟ "يجيبك بعبارة أرمياء النبي "ليت عيني ينبوع دموع، فأبكي نهارًا وليلًا قَتْلى بنت شعبي" (أر 9: 1).
يا أخي ابك على خطاياك، قبل أن تبكي على الشعب.
ولكن هذا النوع للأسف، لا يرى له خطايا تحتاج إلى بكاء...!
انه بعد أن بدأ التوبة، لم يعد مشغولًا إلا بخطاياه غيره، ولذلك يحيا باستمرار في جو مشبع بالإدانة والانتقاد للآخرين، في غير رأفة. أما من جهته هو، فيضع نفسه تحت عبارة "لا تحتاجون إلى توبة" (لو 15: 7). لذلك يعيش في منهج الفريسي لا العشار (لو 18: 9 - 14)... الفريسي الذي يصوم ويعشر أمواله، وليس هو من الظالمين الخاطفين الزناة. ولكنه يستبقي الكنعانيين في الأرض...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gbh479c