بدأت تتنازل عن المستوى اللائق بك كصورة الله ومثاله (تك 1: 26). ورضيت لنفسك أن تتفاهم مع الشيطان، وتسمح له بمكان داخلك. ورآك الشيطان انك من النوع الذي يمكن أن يخضع له ويستجيب، وليس من النوع الصلب الذي يقاوم بشدة، ويرفض كل اقتراحاته أيا كانت.
لقد كان الشيطان يختبرك وبحس نبضك، ليعرف نوعيتك.
هل أنت سهل أم صعب؟ هل ترفض كل ما يعرضه بحزم وبدون نقاش؟ أم تقبل؟ أم تتفاوض؟ أم تتساهل معه وتقابله في منتصف الطريق. لذلك هو يعرض عليك أفكاره وحيله. فإن تساهلت، يعرض أيضًا. فإن تساهلت أمامه وتراخيت، حينئذ يعرف معدنك، ويعاملك على أساس هذه الخبرة.
وتسقط هيبتك أمام الشياطين، بسبب تساهلك معهم.
هناك قديسون تخافهم الشياطين وتهابهم. ومثل ذلك القديس الذي أتاه شيطان ليحاربه، فربطه خارج القلاية، وجاء ثان وثالث فربطهم أيضًا خارجها. وظلوا يصرخون، فقال لهم "امضوا واخزوا"... ومثل القديس الأنبا إيسيذوروس قس القلالي، الذي قال له الشياطين "أما يكفيك أننا لا نستطيع أن نمر على قلايتك، ولا على القلاية التي إلى جوارها. وأخ واحد لنا في البرية، جعلته يعتدي علينا الليل والنهار بصلواته"..؟!
والقديس مقاريوس الكبير، الذي كانت تخافه الشياطين قائلة "ويلاه منك يا مقاره... "هذا لما نفى إلى جزيرة فيلا من الأريوسيين، صاحت الشياطين صارخة لما دخل إلى الجزيرة
الشيطان يخاف أولاد الله الحقيقيين، الذين يهزمونه.
أما إن رآك أنت تقبل أفكاره، وتتساهل معه، وتفتح له أبوابك، وتخون الرب بسببه، حينئذ تسقط هيبتك في عينيه، ولا يرى انك صورة الله التي يخافها، ولا هيكل الروح القدس الذي يرتعب منه... حينئذ يلعب بك الشياطين، ويسلمك كل واحد منهم للآخر لكي يلهو بك... ككرة قد نزلت إلى الملعب، واللاعبون يمررنها بينهم... وكل واحد منهم يقذفها إلى اتجاه...! احترس إذن لنفسك، ولا تكن كرة تنزل إلى الملعب.
فالذي يتساهل مرة، يتعود التساهل ويتمادَى فيه.
قد تساهل سليمان مع نفسه في كسر وصية الله التي تمنع الزواج بأجنبيات، فتزوج ابنة فرعون (1مل 9: 16). ثم سهل عليه الأمر فتمادَى فيه "وأحب سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون، موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحيثيات، من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل: لا تدخلون غليهم، ولا يدخلون غليكم، لأنهم يميلون قلوبهم وراء آلهتهم" (1مل 11: 1، 2).
ولما رأى الشيطان تساهل سليمان، دفعه إلى أخطر.
فكما تساهل مع نفسه، وكسر الوصية في الزواج بهن، ازداد تساهله، فبنى مرتفعات لهؤلاء النسوة لعبادة آلهتهن. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقاده تساهله إلى أنه بَنَى مرتفعة للكموش إله الموآبيين، وأخرى لمولك إله العمونيين. ومال قلبه وراء آلهة أخرى (1مل 11: 1- 9)0
ربما كان الشيطان يخاف سليمان أول الأمر، لأنه كان احكم أهل الأرض فلما رآه يتساهل مع الخطية، دفعه في هذا التساهل إلى أبعد حد يمكن تصوره...!
وكذلك فعل معه من جهة التساهل في محبة النساء.
سمح سليمان لنفسه بالتساهل في تعدد الزوجات، فلم يوقفه الشيطان عند حد معقول، إنما جعل التساهل يتمادَى معه، إلى أن صارت له "سبع مئة من النساء السيدات، وثلاث مئة من السراري" (1مل 11: 3).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/a9st88t