7- لا تتساهل مع الخطية
كثيرًا ما يسقط الإنسان في الخطية، بسبب التساهل. فكيف ذلك؟
المعروف أن الخطية تبدأ بحرب من الخارج، وتريد أن تدخل وتسيطر.
وبالتساهل تتحول الحرب من الخارج إلى داخل القلب.
فكيف يحدث هذا التطور؟ وما دور التساهل فيه؟
تكون الخطية في الخارج: منظرًا مثيرًا، أو صورة في كتاب، أو كلمة يقولها شخص ما، أو أي شيء يمكن اشتهاؤه أو اقتناؤه. ثم يتساهل الإنسان مع حواسه، مع سمعه أو بصره، فيأتيه الفكر ضعيفًا في البدء، ويمكن طرده بسهولة. ولكن:
بالتساهل مع الفكر، ينزل إلى القلب، ويتحول إلى شعور.
فإن استيقظ الإنسان إلى نفسه، يمكنه التخلص من هذا الشعور، موقنا تمامًا أن هذا الشعور الخاطئ يبعده عن محبة الله، ويقوده إلى خطية. بل هذا الشعور الخاطئ هو خطية في حد ذاته، وعدم نقاوة في الداخل، وينجس القلب.
ولكن بالتساهل مع الشعور، يتحول على انفعال أو شهوة.
وهنا يكون الإنسان قد بدأ يخضع للفكر، وبدأ يدخل في صراع داخلي، بين شهوته وضميره. ومن طبيعة الشهوة إنها تريد أن تسيطر. إن طردت بحزم، أمكن التخلص منها. ولكن بالتساهل تبدأ الشهوة أن تنتشر، أو يبدأ الانفعال أن ينتشر. حتى تشمل هذه الحرب الداخلية فكر الإنسان وقلبه حواسه، وربما جسده أيضًا.
وبالتساهل مع الشهوة، تحاول أن تعبر عن ذاتها عمليًا.
أي تحاول أن تشبع ذاتها بطريقة عملية. فإن تساهل في ذلك، يتم العمل. وتصبح الخطية كاملة. ثم لا تستريح الخطية بهذا، إنما تريد أن تتكرر. فإما أن يتوب الإنسان بعد سقطته، وإما أن تتكرر خطيته ولكنه أحيانًا:
يتساهل في عمل الخطية، فتتحول إلى عادة أو طبع.
وبهذا يخضع لسيطرتها، ويصير عبدًا لها، يفعلها بغير إرادته أحيانًا، ولا يملك السيطرة على نفسه... كمن يقع في الغضب تلقائيا، ويثور دون أن يتحكم في نفسه. وكمن يخطئ في الكلام دون أن يتحكم في نفسه. وكمن يزني، أو يجمع المال، أو يستهزئ بغيره... كل ذلك تلقائيا، دون يراجع نفسه، ويتحكم فيما تفعل...
أما الأبرار، فهم في منتهى الحزم، لا يتساهلون مع أنفسهم.
لهم رقابة شديدة جدًا على أنفسهم: رقابة على كل فكر، على كل شعور رقابة شديدة على حواسهم، في حزم. ورقابة على كل كلمة تخرج من أفواههم، وعلى كل تصرف...
قلوبهم "جنة مغلقة، عين مقفلة، ينبوع مختوم" (نش 4: 12). ولقلوبهم وأفكارهم وحواسهم أبواب حصينة، عليها حراسة مشددة، لا يستطيع أن يفلت منها أحد، فرقابة الضمير ساهرة في حرص، والنعمة تحفظها.
هذا الإنسان البار المحصن، الساهر على خلاص نفسه، يغني لها ويغني لحفظ الرب له، ويقول:
"سبحي الرب يا أورشليم...
"لأنه قوَّى مغاليق أبوابك، وبارك بنيكِ فيكِ،
وجعل تخومك في سلام" (مز 147).
فهل أنت هكذا؟ أم أنت متساهل في حراستك لنفسك؟ غير مدقق في غلق أبوابها، بل تفتحها بين الحين والحين، ظانًا أن العدو لا يقدر على هدم حصونك...؟
لا تتساهل إذن مع الخطية، اعتمادًا على قوتك.
ثقة منك أن الشيطان لا يقدر عليك، على الأقل في هذه النقطة بالذات. إنما خذ درسًا من سقطات القديسين والأنبياء. واعلم أن الخطية "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم 7: 26). فالذي لا يحترس، ولا يبعد عن العثرات، ولا يهرب لحياته، ولا يطلب معونة الله ونهارًا، ويمكن أن يسقط كما سقط من قبله أقوياء...
واعلم أنك إن تساهلت مع الخطية، يمكن أن تجرك -دون أن تشعر- خطوة خطوة في السقوط، وإلى الهلاك.
تأمل أية نتائج خطيرة تحدث لك، كلما تساهلت مع الخطية.
كلما تتساهل مع الخطية، يقل احتراسك، وتضعف إرادتك، وتقل محبتك لله وتتغير في الداخل وفي الخارج.
إنك تكون في ملء قوتك -حينما تبدأ الحرب الروحية- وفي ملء عمل النعمة معك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولكنك كلما تتساهل مع الخطية تضعف قوتك، وتقل مقاومتك، ويزداد تأثير الخطية عليك، وتزداد سيطرتها على تفكيرها وشعورك وإرادتك. إذ يكون فكر الخطية قد ثبت أقدامه داخلك. وحينما تحاول أن تخرج من نطاقه ومن مجاله، تجد عقبات وتدخل في صراع... وقد كنت تقوى عليه في بادئ الأمر...
بتساهلك تجد عدوا في داخلك يقاومك ويضغط عليك.
وباستمرار التساهل، تجد قوتك قد فرغت، واستسلمت. كقطعة من الحديد، وجدت نفسها في مجال من المغناطيس وتريد أن تخرج منه ولا تعرف. وأحيانًا لا تريد، بل تجد نفسها بكل ما فيها منجذبة إليه...
في تساهلك مع الخطية، تحزن الروح الساكن فيك.
وتطفئ حرارة الروح في داخلك (1تس 5: 19، أف 4: 30). وتتنازل عن النعمة المعطاة لك. وتكون بهذا التساهل مع الخطية، قد رفضت سلاحك الروحي، وخنت الرب، وفتحت الباب لأعدائه ومقاوميه. خنت عشرة الله، ودخلت في عشرة الخطية، ولو عن إهمال وتراخٍ.
صلابتك بدأت تهتز من الداخل. فالأقوياء لا يتساهلون
تساهلك مع الخطية، معناه أن مثاليات بدأت تهتز.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5mjdv49