إننا نصلى من أجل الراقدين، الذين انتقلوا من عالمنا الحاضر.
وكل الكنائس التقليدية، أرثوذكسية، وكاثوليكية، تصلى من أجلهم. ولكن الكاثوليك يأخذونها علينًا، كما لو كانت إثباتًا للمطهر.
نحن نصلي لأجل الراقدين، عملًا بصلاة القديس بولس الرسول من أجل أنيسيفورس، وقوله عنه "لِيُعْطِهِ الرَّبُّ أَنْ يَجِدَ رَحْمَةً مِنَ الرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1: 18). والمقصود بذلك اليوم هنا، هو يوم الدينونة. كما قال عنه نفسه " وأخيرًا وضع لي إكليل البر، الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل. وليس لي فقط، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضًا" (2تى4: 8).
ولم يكن القديس بولس يطلب راحة لأنيسيفورس في (المطهر)!
وإنما (في ذلك اليوم)، يوم الدينونة الرهيب، حينما يقف أمام الديان العادل. هذه هي الرحمة الدائمة. ونحن نطلب للراقدين الراحة، فنقول يا رب نيحهم. والنياح كلمة سريانية بمعنى الراحة، تعودنا استخدامها. فما المقصود بمعنى الراحة هنا.
نقصد راحة لنفوسهم في مكان الانتظار، لأن يوم الدينونة لم يأت موعده.
أي أنهم لا يكونون في قلق أو في اضطراب، وهم في انتظار يوم الدينونة نطلب أن يعطيهم الرب راحة نفسية، راحة لنفوسهم التي قد نتذكر خطاياها فتتعب، إنما حينما تتذاكر مراحم الله، تشعر براحة...
والصلاة على الراقدين، ليس فيها أي ذكر للمطهر إطلاقًا.
فنحن لا نطلب مطلقًا أن يريح الله تلك النفوس من عذاب المطهر، كأن يقصر مدته، أو أن يخفف حدته، أو أن يخرجهم منه، أو أن يعطيهم احتمالًا له...!! كلا فالصلاة على الراقدين لا تطلب شيئًا من هذا كله، لأننا لا نؤمن بشيء من هذا كله... إنما نطلب لهذه النفوس راحة في مكان الانتظار، مادامت الدينونة لم تأت بعد...
هذا هو اعتقادنا، لا داعي لأن يقوم أحد بتأويل صلواتنا على غير المقصود منها.
وأن ينسب إلينا ما لا نعتقد به. كأن يقول أحد الكُتّاب الكاثوليك -سامحه الله- إن طلب النجاة من العذابات الجهنمية "المقصود هنا بالعذابات الجهنمية -ما لا يخفى- هو العذابات المطهرية، التي لا فرق بينها وبين العذابات الجهنمية، إلا فيما عدا أن الأولى دائمة والثانية مؤقتة".
نحن نقول في الصلاة على الراقدين "نيحهم في فردوس النعيم"، ولا نقول نيحهم في المطهر!!
ونقول "في الموضع الذي هرب منه الحزن والكآبة" بينما المطهر هو موضع للحزن والكآبة والتنهد... ونقول أيضًا عن الراحة الأبدية "في أورشليم السمائية، في كورة الأحياء إلى الأبد"... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). أين سيرة المطهر في كل هذه الصلوات. عجيب أن هذا المؤلف يريد إثبات المطهر من كتب الصلوات للكنيسة القبطية الأرثوذكسية!! أبعد يا ابني عن هذا المجال، فالكنيسة القبطية الأرثوذكسية أدري بعقيدتها... سؤال آخر نحب أن نقدمه في الصلاة على الراقدين:
أي عزاء تقدمه الكنيسة لأهل الميت في صلواتها في يوم وفاته؟!
إن بولس الرسول لم يرفع فقط من أجل أنيسيفورس، إنما صلى أيضًا من أجل بيت أنيسيفورس أن يعطيهم الرب رحمة (2تى1: 16). ونحن ما هو العزاء الذي نقدمه لأسرة المتوفي؟ هل نقول لهم إنه يتعذب حاليًا في المطهر. ولكن اطمئنوا، إننا نصلى أن مدته لا تطول، ونصلى أن عذابه يخف...؟! نعزيهم بصلوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن تلك النفس: أفتح لها يا رب باب الرحمة... اقبلها إليك... ولتحملها ملائكة النور إلى الحياة... ولتتكئ في أحضان آبائنا القديسين إبراهيم واسحق ويعقوب...
ثم ما فائدة الصلاة على المنتقلين، إن كان الميت يتعذب؟!
يتعذب أثناء الصلاة عليه لا تكون في لحظة وفاته، بل بعدها بساعات ويتعذب بعد الصلاة أيضًا، إذ تكون مدة عقوبته في المطهر مستمرة...! ما شعور أهل المتوفي بقيمة صلواتنا؟! وما شعور المتوفي نفسه وهو في المطهر؟! هل يعان وقتها لبضع دقائق، ثم يرجع إلى عذابه كما كان... والحكم هو الحكم... يستمر فيه حتى يتمم كل القصاص المفروض عليه!!
إن كنيستنا القبطية تقرأ الحل على روح أثناء صلاتها.
تحالـله من جميع الخطايا التي فعلها وهو في الجسد. وكأنها تقول للرب: هذه النفس خرجت من عندنا، وهي مُحَالـَله من جهة الكنيسة. لا نربطها في شيء وبقي أن نتركها في رحمتك يا فاحص القلوب والأفكار، ويا عارف الخفيات والأسرار... ولكننا مع ذلك نشفع فيها، إذ ليست جسدًا. وسكنت في هذا العالم، وأنت يا رب "تعرف ضعف ونقص البشرية" وأنه ليس إنسان بلا خطية، ولو كانت حياته يومًا واحدًا على الأرض"..
فلماذا لا تحنو الكنيسة الكاثوليكية مثلنا على روح الميت، وتحاللـه؟! لماذا تجعله يخرج من العالم وهو مربوط من جهة قصاصات لم يقم بوفائها...؟!
لماذا تقول له نحاللك من وصمة الخطية، ولا نحاللك من عقوبتها...؟! لماذا تتمسك بالعقوبة إلى هذا الحد، الذي يحتاج إلى تطهير وتكفير؟! لماذا لا نثق بدم المسيح الذي "يقدر أن يطهر إلى التمام" (عب7: 25)، لماذا تثق بدم المسيح الذي "يطهرنا من كل خطية... ومن كل لإثم" (1يو1: 7، 9). ما الحاجة بعد إلى تطهير؟! ألم يقل الكتاب " كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقة. والرب وضع عليه إثم جميعنا" (اش53: 6).
وإن كانت الكنيسة قد أعطت حلًا في الصلاة على الراقدين، فإن فكرة المطهر تبطل مفعولة.
وذلك أن الخاطئ بعد حِل الكنيسة له، يذهب ليتعذب ويدفع الثمن! وكأن تحليل الكنيسة بلا قيمة...! كأنما أحد القضاة حكم بتبرئة منهم، أو برفض الدعوى أو حفظ القضية. ومع ذلك يقال لهذا المتهم: عليك أن تقضى عشر سنوات في السجن!! ما قيمة الحكم الذي حصل عليه إذن؟! هناك دليل آخر على أن الصلاة على الموتى لا علاقة لها بالمطهر ولا بإعانة النفوس التي فيه، وهي:
إن الكنيسة تصلى على أرواح الجميع، حتى عن نفوس القديسين:
فهي بالإضافة إلى صلاة الجناز، تصلى لأجل الجميع وتقول " أولئك الذين أخذت نفوسهم يا رب نيحهم في فردوس النعيم. وتصلى أيضًا عن أرواح القديسين، ثم تقول بعد ذلك "بركاتهم المقدسة فلتكن معنا آمين"... إنها شركة بين الذين انتقلوا والذين على الأرض...
ملاحظة أخرى نضيفها وهي أن الكنيسة لا تصلي لأجل الهالكين.
وذلك عملًا بقول الرسول عن الخطية التي للموت (1يو5: 16). فان مات إنسان منتحرًا، ولم يكن فاقد العقل، لا نصلي عليه. وإن مات أحد أثناء ارتكابه جريمة، لا نصلي عليه. كذلك إن مات وهو في هرطقة أو بدعة أو ارتداد... أو إن مات وهو في خطية لم يتب عنها..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/78nmtgg