لا يوجد شيء ليست له نتائج, وكل أمر له ردود فعله. سواء تصرف الإنسان, أو الأحداث التي تحدث. وأنت يا أخي حينما تتعامل مع الناس, فلست تتعامل مع جمادات, وإنما مع نفوس لها مشاعر ولها انفعالات. فكل كلمة تقولها, أو كل تصرف أو معاملة, له رد فعل مع من تتعامل معه.
المحبة لها ردود فعلها, والعداوة أيضا لها ردود فعلها. فالقسوة لها رد فعلها, والطيبة أيضا لها رد فعلها. بل ما يمر علي العالم من الأزمات أو المشاكل له أيضا ردود فعله.
فالبطالة مثلا كانت لها ردود فعلها: لأنه لما لم يجد الشباب عملا ينشغلون به, كان رد فعلهم هو الانشغال بما يضرهم ويضر غيرهم. وإذا لم تكن لهم فرصة للزواج وإنشاء بيت, كان رد الفعل هو الفساد الخلقي. بل إن البطالة عند البعض, كان من ردود فعلها اللجوء إلي المخدرات, لكي ينسي الشخص ما هو فيه من ضيق. وأيضا الفقر له ردود فعله, والجوع له ردود فعله. وهذا الموضوع واسع جدا كمشكلة اجتماعية تحتاج إلي حلول عملية. لأنه ربما من نتائج الفقر, قد يلجأ البعض إلي الاحتيال أو إلي السرقة. وأيضا من ردود فعل هذه المشكلة ما نراه من أطفال الشوارع.
** وإن كان ينبغي علي الإنسان قبل كل كلمة يقولها, أن يفكر في ردود فعله. ويحسب حسابا لتأثيرها علي من يسمعه, ومدي انفعاله بها. لذلك عليه أن يتحاشى الألفاظ القاسية, وعبارات التهكم, والكلمات التي لها أكثر من معني, وقد يفهمها البعض علي معني سيء. ويلزم أن يكون هناك احتراس شديد في الكلام مع الأطفال. فالطفل يأخذ فكرة عنك من كلامك, ولا تستطيع أن تنزعها منه. لذلك عليك أن تكون صادقا في كل ما تقوله له, وأن تفي بكل وعد تعده به, ولا تهز المثاليات التي في ذهنه بأخطائك في الكلام. ومن الناحية الأخرى, ثق أن كل ابتسامة منك في وجه طفل, تضع ابتسامة أخرى علي شفتيه, فيحبك ويستريح لك.
** إن أدبك في معاملة الناس, واحترامك لمشاعرهم, يكون لذلك رد فعل عندهم وعند غيرهم. أما عبارات القسوة فلها ردود فعل تناسبها. بها تخسر الناس في مشاعرهم نحوك وأيضا يكونون فكرة عنك وعن طباعك لا تريحك. لذلك كن رقيقا في معاملاتك للغير. فالرقة لها رد فعل عميق فيمن يتعامل معك. لا تكن سريعا في مهاجمة غيرك, أو بالتشهير بالغير. فكل هذا له ردود فعل سيئة.
** وفي محيط الأسرة أيضًا, ينبغي أن تكون المعاملة في رقة وأدب واحترام. ولا يظن البعض أن الدالة تسمح بزوال هذا الاحترام بين الزوجين أو حتى مع الأولاد. احترم زوجتك أيضا, واستخدم الرقة واللطف في معاملتها. وثق أن رد الفعل سيكون طيبا جدًا في نفسيتها, وستبادلك نفس المعاملة. وعلي الزوجة أيضا أن تراعي شعور زوجها, ولا تضغط عليه في الحديث أو الطلبات. لأنه ربما تطلب الزوجة شيئا من زوجها, وتلح عليه إلحاحًا, وتكرر الإلحاح حتى تسبب له شيئا من التبرم والضجر. وربما يكون رد الفعل أنه لا يحتمل المزيد من الإلحاح, فيرد عليها بشدة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). إن السعادة التي يجدها الرجل في بيته, يكون من رد فعلها أنه يفضل الوجود في بيته أكثر من الخروج إلي النادي وإلي الأصدقاء. وذلك إذا لم يجد ما يشبعه في بيته, حتى من جهة الأحاديث التي قد تدور كلها حول أمور تافهة تختلف تماما عن أحاديثه مع أصدقائه خارج البيت.
** كذلك في محيط الأسرة نذكر أن ما يظنه الآباء من الحزم الشديد في التربية وعدم منح بناتهم ما يحتاجون إليه من الحب والحنان. فإن قسوة هؤلاء الآباء لها ردود فعلها. إذ قد تبحث الفتاة عن مصدر خارجي للحب والحنان, فتستجيب لإغراء أحد الشبان وتخطئ معه, أو تهرب من بيتها, وخاصة إذا كانت لا تجد من والدها سوي الانتهار والكلام الجارح وسوء المعاملة. ونصيحتنا إلي الآباء والأمهات أن يشبعوا أبناءهم وبناتهم من الناحية العاطفية, والبعد عن التقيدات الكثيرة, حتى لا يصير البيت بمثابة سجن عند الأبناء.
نفس الوضع نقوله أيضا في مجال الإدارة بالنسبة للمسئول الذي يقسو علي الذين هم تحت رئاسته مما يسبب لهم ضيق النفس وشهوة التخلص منه كرد فعل لمعاملته السيئة. ونفس الوضع يحدث مع كل رجل من رجال الأعمال يقابل العاملين عنده بالإهمال وعدم مراعاة ما يحتاجون إليه من الرزق والظروف الاقتصادية الصعبة. أما الذي يشتهر بالعطاء, فعطاؤه له رد فعل عميق في قلوب الذين يحسن إليهم. وعكس ذلك البخيل فرد الفعل هو كراهيته, وربما سرقته أيضا.ً
هناك أيضا ردود فعل للحرية, وردود فعل أخري للتسيب, تتفق علي مدي نضج الناس الذين يحسنون استخدام الحرية, أو عدم نضجهم بحيث يكون رد فعل الحرية عندهم هو المغالاة في الأخطاء.
وربما يكون من مظاهر التسيب نشر الشائعات الضارة. أو كرد فعل لاستخدام الحرية استخدامًا خاطئًا, والتعليم الخاطئ, وقيادة الغير إلي تفكير يضرهم وكما تقول كلمات الحكمة: "أعمي يقود أعمي كلاهما يسقطان في حفرة"، ونص الآية هو: "إِنْ كَانَ أَعْمَى يَقُودُ أَعْمَى يَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا فِي حُفْرَةٍ"، "هَلْ يَقْدِرُ أَعْمَى أَنْ يَقُودَ أَعْمَى؟ أَمَا يَسْقُطُ الاثْنَانِ فِي حُفْرَةٍ؟" (إنجيل متى 15: 14؛ إنجيل لوقا 6: 39).
** إن ردود الفعل تظهر واضحة في الحياة الروحية لكل إنسان. فالذي يهمل ذاته, يهمل علاقته بالله, ويسمح لنفسه بقراءات لا تليق أو يترك نفسه ضحية لما ينشر أحيانًا في النت Internet, يكون رد فعل ذلك هو انحرافه وسيره في الملاهي والعبث, أو تشويه فكره بأخبار أو معلومات تضلله وتقوده إلي الانحرافات.
كما أن معاملة الآخرين لها ردود فعلها, كذلك تعاملك مع نفسك له أيضا ردود فعل سواء من جهة ضبطك لنفسك أو تراخيك مما يكون رد فعله هو السقوط والضياع.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/k36khtv