كل عمل يعمله الإنسان له ردود فعل. بل أيضًا كل كلمة يقولها. ذلك لأن من يزرعه الإنسان إياه يحصد. وينطبق هذا على كل ما يصدر عن الإنسان خيرًا كان أو شرًا. فردود الفعل تكون على الأرض وأيضًا في السماء.
† نرى هذا أيضًا في العلاقات بين الناس بعضهم والبعض. فكل شيء له نتائجه: المحبة تلد محبة، والعداوة تلد عداوة. واللطف يلد لطفًا. بل أن ابتسامة منك في وجه طفل، تطبع ابتسامة أخرى على شفتيه. والأدب والاحترام في معاملة الناس، يكون من ردود فعله احترامه من جهته. أتذكر زميلًا لنا في الدراسة كان لا يكلم أحدًا إلا باحترام شديد. وكانت النتيجة أن الكل يقابلونه بالمثل. وإن خرج أحد منهم عن اللائق، كان ذلك الزميل يتصرف بأسلوب رصين ورزين يجبر الآخر على تعديل سلوكه والالتزام بالاحترام في معاملته. وأتذكر أيضًا أن ناظر مدرسة كان يعامل المدرسين بجفاء وبأسلوب قانوني بحت، فكان رد الفعل هو كراهية جميع المدرسين له. وقد سأل "لماذا يكرهونني وأنا لم أخرج عن القانون في معاملة أحد منهم؟!" وكان الجواب: "أنت تعاملهم بالقانون وليس بالمحبة. بينما الناس لا يلجأون إلى القانون إلا إذا زالت المحبة من بينهم. ويقول المثل " إذا تراضى الخصمان استراح القاضي".
إن الحزم يولد الانضباط، والتسيب يولد الفوضى. ولكن القسوة في الحزم تلد كراهية أو عداوة. لذلك ينبغي أن يكون الإنسان حكيمًا في حزمه، لا يتطرف فيه إلى القسوة أو الشدة الزائدة عن الحد. وقد قلت مرة في تأبين شخص عظيم منذ حوالي ستين عامًا:
يا قويًا ليس في طبعه عنفُ ووديعًا ليس في ذاته ضعفُ
يا حكيمًا أدب الناس وفى زجره حب وفي صوته عطفُ
لك أسلوب نزيه طاهر ولسان أبيض الألفاظ عفُّ
† ينبغي للإنسان قبل كل كلمة يقولها، أن يفكر في ردود فعلها. ويحسب حسابًا لتأثيرها على من يسمعه ومدى انفعاله بها. ولذلك عليه أن يتحاشى الألفاظ القاسية، وعبارات التهكم، والكلمات التي لها أكثر من معنى، وقد تفهم من البعض على معنى سيئ. لذلك حاول في حياتك الخاصة أن تنتقى ألفاظك، وتكون بميزان دقيق.
† ومع الأطفال بالذات، ينبغي أن يكون المتكلم حريصًا. فالطفل من كلامك قد يأخذ عنك فكرة لا تستطيع نزعها منه. ويجب أن تكون صادقًا فيما تقوله أمامه. وأن توفى بكل وعد تعده به. ولا تهز المثاليات التي في ذهنه بأخطائك في الكلام. واحترص من شدة التوبيخ والانتقاد، فإن لها ردود فعل.
† وكن رقيقًا. فالرقة لها رد فعل عميق في من يتعاملون معها. أحيانًا يكون الرجل رقيقًا جدًا في معاملته لخطيبته. وإذا ما تم زواجه بها، يظن للأسف الشديد أن الرقة هو لون من الكلفة، بينما قد زالت الكلفة بينهما بالزواج! وهذا خطأ شديد. لذلك احتفظ باحترامك لزوجتك. واستخدم الرقة واللطف لمعاملتها. بل والاحترام أيضًا. وسيكون رد الفعل لذلك طيبًا جدًا في نفسيتها. أتذكَّر في إحدى المرات وأنا أسقف أنه زارني أستاذ من جامعة كمبريدج University of Cambridge ومعه زوجته. فكان يجعلها تتقدمه باستمرار. وكان يتحدث عنها باحترام. ولا يذكر اسمها مجردًا وإنما معه لقبها. وكانت هي تحترمه بالمِثل. كذلك أذكر صديقًا لنا كان يتخاطب مع أبنائه باحترام، حتى مع الصغار منهم. وكان أطفاله يحبونه، إن أنه كان يُشعرهم بقيمة شخصية كل منهم، وبتوقيره لمواهبهم.
† هناك ألفاظ يُقال عن بعضها "مثل رجم الطوب". وتأتي بعكس ما يريد صاحبها. وفي الإنجيل: "بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان". حتى بالنسبة لرئيس العمل في معاملته لمرؤوسيه، يمكنه أن يوجههم ويشرح لهم أخطاءهم. ولكن بأسلوب غير جارح. فكل إنسان له مشاعره التي لا يقبل أن تُهان. ومن جهة ردود الفعل، يقول المَثل السائد: "اللي يشد ذيل القط، يخربشه".
† من أجل هذا عليك أن تدرس نفسيات الناس، وتعاملهم بما يناسبهم. فالزوجة أحيانًا تطلب من زوجها طلبًا وتظل تلح عليه إلحاح. وتكرر الإلحاح حتى يسبب له ذلك شيئًا من التَّبرُّم والضجر. ورُبَّما لا يحتمل المزيد من الإلحاح، فيثور أو يرفض، أو يرد بكلمة شديدة. وإن عرفت الزوجة أن هذا هو رد الفعل عند زوجها، عليها أن تحترس من الضغط على أعصابه بالإلحاح. ويمكن أن تُغير الطلب في مناسبة أخرى يكون فيها أكثر هدوءًا وأكثر استجابة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كذلك يحدث أحيانًا أن المرأة في بيتها تهمل ذاتها، ولا تهتم بزينتها أو جمالها. ويكون رد الفعل لذلك عند رجل ضعيف، أن تجذبه إغراءات من الخارج يجد أنها تفوق بيته جمالًا وشكلًا وأناقة. حقًا متى نرى بيوتنا لها الجاذبية التي تغنى الرجال والأبناء والكبار من طلب المتعة خارج البيت؟!
كثيرًا ما نلوم الفتاة التي تفسد أخلاقها، وتستجيب لإغراء أحد الشبان وتخطئ معه. أو لتهرب من بيتها. وقد يكون ما تفعله هذه الفتاة هو رد فعل للمعاملة التي تلاقيها في منزل الأسرة. حيث لا تجد حبًا ولا حنانًا، والقسوة في المعاملة وانتهارها وكلامًا جارحًا. فتلجأ إلى طلب الحنان خارج البيت. وإن وجدته، تُسلم ذاتها وتسقط. ونصيحتنا إلى الآباء والأمهات، أن يشبعوا أبناءهم وبناتهم من الناحية العاطفية، وأن يبتعدوا عن القسوة والتقييدات الكثيرة. حتى لا يصير البيت بمثابة سجن عند الأبناء. ويكون رد الفعل هو الهروب أو الفساد.
† يحدث أحيانًا أن بعض رجال الدين لا يهتمون بالناحية الروحية لرعيتهم. ولا يفتقدون شخصًا إذا غاب وكثر ابتعاده عن بيت الله، دون أن يهتموا به أو يفتقدوه. ويكون رد الفعل أن يفتقده الشيطان أو الأصدقاء الأشرار. ويكون قلبه جاهزًا لهم مستعدًا، ويضيع ذلك الشخص. نفس الأمر نقوله عن عدم اهتمام أي إنسان بروحياته فيكون رد الفعل أنه يضعف ويكون رد الفعل في حياته أنه بإهماله الحرص يضعف، ويتعود أمورًا تتحول فيه إلى طبع.
المقال مع بعض التعديلات نُشِر في وقتٍ لاحق في جريدة الأهرام يوم 29 يناير 2012
إن كان ما يزرعه الإنسان إياه يحصد, فإن هذا ينطبق أيضا علي كل تصرفات أي شخص, بل علي كل كلمة يقولها, ورد الفعل قد يكون خيرا أو شرا حسب موقعه.. وهكذا في العلاقات البشرية: نري أن المحبة تلد محبة, والعداوة قد تلد عداوة, واللطف يلد لطفا, بل إن ابتسامة في وجه طفل, تطبع ابتسامة أخري علي شفتيه.
† والأدب والاحترام في معاملة الناس, من ردود فعله أدب واحترام للجهتين, أتذكر زميلًا لنا في الدراسة, كان لا يكلم أحدًا إلا باحترام شديد, وكانت النتيجة أن الكل يقابلونه بالمثل, وإن خرج أحد منهم عن اللائق, كان هذا الزميل يتصرف بأسلوب رصين ورزين.. وبهذا يجبر ذلك الآخر علي تعديل سلوكه.
أتذكر أيضا ناظر مدرسة كان يعامل المدرسين بجفاء, بأسلوب قانوني بحت, فكان رد الفعل هو كراهية جميع المدرسين له, وقد سألني مرة: لماذا يكرهني المدرسون؟.. هل أنا خرجت عن القانون في معاملة أحد منهم؟! فأجبته: مشكلتك أنك تعاملهم بالقانون وليس بالمحبة, بينما الناس لا يلجأون إلي القانون إلا إذا زالت المحبة من بينهم, ويقول المثل: إذا تراضي الخصمان استراح القاضي.
حتى الحزم يولد الانضباط.. بينما التسيب يولِّد الفوضى, ولكن القسوة في الحزم تولد الكراهية أو النفور, لذلك ينبغي أن يكون الإنسان حكيما في حزمه, لا يتطرف فيه إلي القسوة أو الشدة الزائدة علي الحد, وأتذكر أنني قلت في تأبين أستاذنا الروحي حبيب جرجس سنة 1951:
يا قويا ليس في طبعه عنف
يا حكيما أدب الناس وفي
لك أسلوب نزيه طاهر
ووديعا ليس في ذاته ضعف
زجره حب وفي صوته عطف
ولسان أبيض الألفاظ عف
† لذلك ينبغي علي الإنسان في كل كلمة يقولها, أو يفكر في ردود فعلها, أن يتحاشى الألفاظ القاسية, وعبارات التهديد وعبارات التهكم, وبالذات في معاملة الأطفال, يجب أن تكون صادقا فيما تقوله, وأن تفي بكل وعد تعده, ولا تهز المثاليات التي في ذهن الطفل بأخطائك في الكلام, بل في حياتك الخاصة حاول أن تنتقي ألفاظا وتزنها بميزان دقيق.
† وكن رقيقًا, فالرقة لها رد فعل عميق فيمن يتعامل معها, أحيانا يكون الرجل رقيقًا جدًا في معاملته لخطيبته, فإذا ما تزوجًا, يظن -للأسف الشديد- أن الرقة هي لون من الكُلفة, بينما قد زالت الكُلفة بينهما بالزواج! وهذا خطأ شديد, إذن احتفظ باحترامك لزوجتك, واستخدم الرقة واللطف في معاملتها, بل الاحترام أيضًا, وسيكون رد الفعل لذلك طيبًا جدًا في نفسيتها. أتذكر مرة وأنا أسقف للتعليم, أن زارني أستاذ من جامعة كمبردج ومعه زوجته, فكان يجعلها تتقدمه باستمرار, وكان يتحدث عنها باحترام, ولا يذكر اسمها مجردًا, وإنما معه لقبها, وكانت هي تحترمه بالمثل.
وأعرف شخصًا كان يتخاطب مع أبنائه أيضًا باحترام, ولا يستخدم مع أي واحد منهم كلمة جارحة مهما حدث, وكان أطفاله يحبونه, إذ إنه كان يشعر كل منهم بقيمة شخصيته وبتوقيره لمواهبهم.
كذلك بالنسبة لرئيس أي عمل في معاملته لمرءوسيه, يمكنه أن يوجههم ويشرح لهم أخطاءهم, ولكن بأسلوب غير مهين, فكل إنسان له مشاعره التي لا يقبل أن تهان.
† لذلك ادرس نفسيات الناس وعاملهم بما يناسبهم، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فالزوجة أحيانا تطلب من زوجها طلبًا, وتظل تلح عليه إلحاحًا, وتكرر الإلحاح حتى يسبب له ذلك شيئًا من التبرم والضجر, وربما لا يحتمل المزيد من الانفعال, فيرفض ويرد بكلمة شديدة, فإذا عرفت أن هذا هو رد الفعل عند زوجك, احترسي إذن من الضغط علي أعصابه بإلحاح, ويمكن أن تعيدي الطلب في مناسبة أخري, يكون فيها الزوج أكثر هدوءًا وأكثر استجابة.
والكلام نفسه يقال عن مناقشة في وقت يكون فيه الشخص مشغولًا ومرهقًا أو غير متفرغ للجدل, ويكون رد الفعل عنده هو عدم القبول أو الغضب ممن يجادله.
† وعلي كل شخص أن يحسب ردود فعل إغاظته لغيره, وقد تكون الإغاظة بكلمات مهينة, أو ببرود مثير, أو برفض ليست له مبررات, أو بتهكم لاذع, أو بغير ذلك. والكتاب يقول: لا تغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا.
† وأذكر أيضا بعض الشيء عن العطاء وردود فعله: لاشك في أن العطاء وردود فعله المحبة, وربما الدعاء أيضا, بما في ذلك العطاء المعنوي: كابتسامة حب, أو كلمة تشجيع, أو كلمة مواساة, أو كلمة نصيحة أو بركة.. كل ذلك له تأثيره وردود فعله.
بينما البخل وعدم العطاء, قد تكون من نتائجه أضرار كثيرة.
† يتحدث البعض عن الفتيات الجانحات, وكثيرا ما تلام الفتاة التي تفسد أخلاقها, وتستجيب لإغراء أحد الشبان وتخطئ معه, أو تهرب من بيتها, أو ترتد عن دينها.. وقد يكون ما تفعله هذه الفتاة هو رد فعل للمعاملة الصعبة التي تلاقيها في منزل الأسرة, حيث لا تجد حنانا ولا حبا, والقسوة في المعاملة, أو الانتهار أو الكلام الجارح, فتلجأ إلي طلب الحنان من خارج البيت, وإن وجدت ذلك الحنان تسلم له ذاتها وتسقط.
يشبه هذا الأمر إلي حد ما عدم اهتمامنا بالفقراء وسد احتياجاتهم, بل أكثر من ذلك سوء معاملة من يحتاجون إلي العون المادي, واتهام بعضهم بالكذب والاحتيال.. فيضطر بعضهم -ردود الفعل- أن ينحرف في الحصول علي المعونة.
† آخر نقطة هي إهمال الإنسان نفسه روحيًا, وقد يقضي فترة طويلة بعيدا عن الصلاة والتأمل وقراءة الكتب الروحية دون أن يفتقدهم الخدام في بيت الله, فيظل هكذا إلي أن يتفقده الشيطان فيجده فريسة سهلة بلا مقاومة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/cv485qy