هناك عطايا كثيرة وهبنا اللَّه إيَّاها، ويمكن أن نستخدمها في الخير. ولكننا إذا أسأنا استخدامها، تكون النتيجة ضررًا لنا ولغيرنا. فالضرر إذن ليس فيها، إنما في سوء الاستخدام.
يمكن استخدامه في الخير عن طريق العطف على المحتاجين، والقيام بمشروعات نافعة للمجتمع، وفي الإصلاحات العامة، وفي تقوية اقتصاد البلاد، ومساندة الجمعيات الخيرية، ومساعدة العجزة والأيتام والأرامل... وما إلى ذلك. ولهذا نقرأ عن كثير من القديسين كانوا أغنياء، وجعلوا الفقراء شركاء في أموالهم...
ولكن سوء استخدام المال يصبح شرًا، إذا ما اُستخدم المال في الاحتكار، والتلاعب بالبورصة والأسواق، وفي الملاذ الخاطئة، وفي شراء الذمم بالمال، أو الوصول إلى السُّلطة عن طريق المال. وكذلك إن تم تقييم الناس بحسب أموالهم، كما قال أحد الشعراء:
إن قلّ مالي فلا خِلّ يصاحبني إن زاد مالي فكل الناس خلاني
فكم عدوٍ لأجل المال صادقني وكم صديق لفقد المال عاداني
وأيضًا من الضرر محبة المال، ومحبة اكتنازه كما لو كان صنمًا. والاتكال الكُلِّي على المال والاعتماد عليه في الوصول لأي غرض. أو أن يصير المال سببًا في التعالي والكبرياء، وسببًا في فرض السُّلطة. كل هذا بسبب سوء استخدامه...
لا شكّ أنَّ الحُب فضيلة كبرى، إذا ما أُستخدم في محبة اللَّه، ومحبة الخير، ومحبة الناس جميعًا، ومحبة السماء والملائكة، ومحبة المثاليات... وبهذا المفهوم يكون مَن الخطأ أننا لا نحب...
ولكن اسم الحُب قد يساء استخدامه، إذا ما أُطلِقَ على الشهوة والجنس. وإذا ما صار حب فتى لفتاة سببًا في ضياع عفَّتها، وضياع سمعتها ومستقبلها، وشغل عقلها بعواطف مؤقتة تؤدي إلى عدم نجاحها في حياتها...
وأيضًا يُصبح الحب ضررًا، إذا ما اُستخدم في الأنانية، وأحب الإنسان ذاته محبة خاطئة تقوده إلى الإضرار بمَن يعتبره منافسًا له في المركز، أو في المال، أو في الظهور، أو في محبة امرأة. هنا تكون محبة الذات هي الخطأ، ويكون إنكار الذات هو الفضيلة...
كذلك هناك نوع من الحُبّ يُسبِّب ضررًا، إذا ما أحبَّ شخص المادة، وأصبحت هي كل ما يشغله وما يسعى إليه. وبهذا يخلو قلبه من محبة اللَّه والناس...
ونقصد بالفن فروعه في الموسيقى والغناء، والشِّعر، والرسم والنحت، والتمثيل في المسرح أو السينما، وسائر الفنون الأخرى. ولا شكّ أن الفن موهبة.
لقد كان داود النبي شاعرًا وموسيقيًا. كان ينظم كثيرًا من مزاميره شِعرًا، ويغنيها على المزمار. كما كان يُحسن الضرب على العود والقيثار وعلى العشرة الأوتار. وكان ميشيل أنجلو رسامًا اشتهر بأيقوناته الرائعة... وما أعظم النحَّاتين إلى صارت تماثيلهم تُعرض في أرقى الميادين تعيد إلى الناس ذكريات أعاظم الرجال... وكان بتهوﭭن وباخ من أعظم الموسيقيين تأثيرًا في المشاعر. كما كان شكسبير من أشهر الشعراء ومؤلفي التمثيليات. ويعوزني الوقت إن تحدّثت عن التمثيليات النافعة التي تحكي قصصًا من أحداث التاريخ النافعة، وذكريات الشهداء والأبطال...
ولكن الفن -للأسف الشديد- قد يستخدمه البعض في الإثارة الجنسية مثل الصور العارية، والأغاني الماجنة، والتمثيليات التي تقود إلى مشاعر خاطئة، والشِّعر الذي يُستخدم في الهجاء والغزل والخمر. كل ذلك لا يعيب الفن. إنما العيب هو في الاستخدام الخاطئ...
فالعقل موهبة عظيمة من اللَّه للإنسان، ميَّزه عن سائر المخلوقات الحيَّة التي على الأرض. وجعل من عناصر العقل: الفهم والاستنتاج والبديهة والذاكرة والذكاء. وبالعقل السليم يمكن أن يكون الإنسان ناجحًا، وحكيمًا في تصرفاته، ونافعًا للمُجتمع الذي يعيش فيه، ومنتجًا.
غير أن العقل يمكن أن يُساء استخدامه، ويصبح أداة في أيدي الأشرار والمجرمين، يدبِّرون به المؤامرين، ويحيكون به الحيل الخبيثة، والدجل والشعوذة. والمعروف أنه وراء كل جريمة عقل يُدبِّرها، ويحاول أن يخفي معالمها. كما أن العقل قد يدخل في الأمور الاقتصادية فيقلب موازينها. كما يدخل أيضًا في الحروب، فيُساعد على إهلاك الملايين.
وأكبر مَثَل لاستخدام العقل في الشر: الشيطان. فهو بحيله وأفكاره، أهلك الملايين في طُرق الرذيلة التي يوحي بها...
? فالخيال موهبة، يمكن أن يُستخدم في الخير. ويساعد في نظم الشعر، وتأليف القصص والروايات النافعة، كما يساعد على التأمل، ويسرح به العقل في السماء والملائكة والأبدية... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). غير أن الخيال يمكن أن يستخدم أيضًا في الشر. كما يتخيَّل البعض قصصًا ينتقمون بها لأنفسهم، أو يرتكبون بها شهوات يريدونها. أو يدخلون بها في أحلام اليقظة. ونلاحظ أن كثيرًا من المجانين شطح بهم الخيال، فتخيَّلوا أنفسهم ما ليس لهم!
? كذلك المخترعات هي بركة من العقل للبشرية، ولكنها يمكن أن تستخدم في الخير. فالذرة والمفاعل النووية يمكن استخدامها في أمور سلمية نافعة. ويمكن بسوء استخدامها في الحروب تؤدي إلى التدمير الخطير كما حدث مع هيروشيما... إذن هي ليست شرًا في ذاتها، إنما في سوء استخدامها. ونفس الوضع نقوله عن العديد من إنتاج التكنولوﭽيا الحديثة...
فالغريزة الجنسية لازمة لبقاء الجنس البشري عن طريق الزواج. أمَّا إذا أُسئ استخدامها في الزنا والنجاسة، فحينئذ تصير شرًا، ليس في ذاتها، إنما بسوء استخدامها.
وكذلك الغضب يعتبر خيرًا، إن أنتج الشجاعة والنخوة والشهامة والدفاع عن الحق، وإن كان بطُرق سليمة، أمَّا إذا ما أُسئ استخدامه، فإنه يتحوَّل إلى شر منفر.
* أخيرًا يمكن تطبيق هذا المنهج في أمور كثيرة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/snx323v