[41] تتميَّز المقالة الرابعة لأفراهاط. بأنها من أقدَّم الرسائل المسيحيَّة الموجودة عن الصلاة. هذه المقالة أساسًا لا تدور حول الصلاة الربانيَّة كما في الأعمال المعروفة جيدًا عن الصلاة لترتليان وأوريجينوس والقديسين غريغوريوس النيسي وكبريانوس وأغسطينوس وغيرهم. وتتميَّز هذه المقالة بالآتي:
1. غنية بالأمثلة الإنجيليَّة التي تؤكِّد ضرورة نقاوة القلب كشرطٍ لقبول الصلاة. يتطلع الأب أفراهاط إلى الصلاة بكونها لقاء داخليًا للقلب النقي مع الله القدوس، فالصلاة هي حديث القلب، الذي لن يكون موضوع سرور الله القدوس ما لم يكن طاهرًا ونقيًا.
2. الصلاة هي تقدمة داخلية أو ذبيحة لله. يقبلها الله خلال نقاوة القلب ويعلن عن قبوله لها بنزول ملاك ناري يحملها كتقدمة مقبولة لدى الله، وقد كشف الله عن ذلك خلال نزول نيران من السماء تلتهم تقدمات مؤمنين الأبرار في العهد القديم. بهذا قدَّم لنا القديس أفراهاط التفسير التقليدي الجذاب ليشرح لنا كيف أن هابيل عرف قبول ذبيحته بنزول نار من السماء عليها، وعرف قايين رفض ذبيحته إذ لم تلمس النار السماوية ذبيحة قايين. وواضح أنه استعار هذه العلامة من العبارات الكتابية مثلما ورد عن ذبيحة داود (1 أي 21: 26) وذبيحة سليمان (2 أي 7: 1) حيث ذكر الكتاب المقدس نزول النار.
3. ليست هذه النقطة هي فقط التي تربط التقليد اليهودي بما كُتب في هذه المقالة. لكن مفهوم الصلاة كبديل لذبائح الهيكل، الأمر الذي كان منتشرًا في اليهوديَّة بعد تدمير الهيكل الثاني سنة 70 م.
4. الصلاة هي سلم يعقوب، إذ بالصليب (السلم الإلهي) نلتقي بمخلصنا، ونتمتع بالسماويات، ونختبر الإلهيات.
5. الصلاة هي عمل داخلي يٌترجم خلال السلوك. الصلاة هي لغة حفظ الوصية، أو هي تحقيق الراحة الداخلية في الله، وراحة الله هي في إراحة المُتعبين (إش 28: 12 LXX) بممارسة أعمال الرحمة معهم. لذا لن يستمع الله لصلاة من تصلف قلبه وقسا على إخوته، سواء بعدم المغفرة لهم، أو عدم الاهتمام باحتياجاتهم. أكَّد ضرورة الاستعداد للصلاة بأن يهتم الإنسان بالسلوك الداخلي، وخصوصًا مسامحة الآخرين.
6. كل حياتنا صلاة، هذا لن يتعارض مع تخصيص أوقات للصلاة (صلوات السواعي) تسندنا لكي نحيا كل نسمات عمرنا صلاة دائمة.
7. صلاة المحبة التي تتحقق باجتماع اثنين أو ثلاثة باسم ربنا يسوع مستجابة. لكن أن وُجد المؤمن وحده كما كان دانيال في الجب ويونان في الحوت... فقد لا نجتمع مع الغير جسديًا لكننا نجتمع معهم بمشاعر الحب! فهم أفراهاط "المخدع" (مت 6: 6) مثل العلامة أوريجينوس [42]، وهو أن مكان الصلاة يجب أن يكون في الداخل، في قلب الإنسان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). هذا المفهوم نقابله مرة أخرى مع مار أفرام في "أناشيد عن الإيمان [43]".
أخيرًا يحذرنا الأب أفراهاط من تقديم الصلاة بيدٍ ملطخة بالدم!
8. مقالة أفراهاط عن الصلاة أوضحت كيف شهد القديس عن غنى التقليد الشرقي عن روحانيَّة نقاوة القلب وقدم عدَّة أفكار صارت مشهورة فيما بعد.
ومن الواضح أن تأثير أفراهاط المستمر على الروحانيَّة السريانيَّة استمر خصوصًا خلال القرون السادس والسابع والثامن. حتى اقتبس عدد من الكُتَّاب الكثير من مقالاته، وتُرجمت أعماله في عصر مبكِّر إلى اللغة الأرمنيَّة وانتشرت في وقت معاصر له باسم القدِّيس يعقوب النصيبي. كما ترجمت بعد مقالاته إلى العربية (ونُسبت إلى مارأفرام) وكذلك ترجمت إلى الإثيوبية ولغة جورجيا بروسيا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z8g3sm5