(غرس الرب الإله جنة في عدن شرقًا... وأخذ الرب الإله آدم و وضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها) (تك 2 : 8، 15).
تأمل: نفس الإنسان هي الفردوس، و الأشجار هي الفضائل، والعقل الحكيم المفرز هو العامل فيها ليفلحها ويعملها ويحفظها.
هذه هي فلاحة النفس وتنقية القلب والعمل حول أشجار الفضائل وتنظيفها من الرذائل كتنظيف الأرض والشجر من الحشائش الضارة، وذلك بالآلة التي أعطاها الله للإنسان وهى العقل الحكيم المفرز.
وكما أن الفلاح إذا فلح الأرض ونظفها ولم يبذر فيها زرعاٌ جيداٌ تنبت فيها الحشائش بكثرة، كذلك الإنسان إذا جاهد ضد الرذائل واستطاع بنعمة الله أن يقتلعها من قلبه ومن حياته، ولم يزرع في قلبه ونفسه الفضائل والجهادات المقدسة، يعود إلى الرذيلة بشراهة أكثر مما كان، ويكمل عليه قول الرب "إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ يَجِدُ. ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ! هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ»" (مت 12: 43 -45).
الروح الشرير والفِكْر الشرير يفارق الإنسان بالإيمان المستقيم والمعمودية المقدسة والتوبة الصادقة والأعمال الصالحة، فيجول الروح الشرير يطلب راحة في إضرار المؤمنين المتمسكين بالله، وليس في خاصة الشيطان لأنه مستريح فيهم أصلاٌ. فإذا لم يجد(1)، وكان الإنسان الذي خرج منه لم يزرع في أرض قلبه الفضائل المضادة لتلك الرذائل التي سبق واقتلعها، فمثلاٌ لو اقتلع روح الزنا عليه أن يغرس في قلبه روح الطهارة والعفة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وإذا اقتلع الكذب يقتنى الصدق، وإذا اقتلع الكراهية يقتنى المحبة، وإذا اقتلع القساوة يقتنى الرحمة, وإذا اقتلع الظلم يقتنى العدل وإذا اقتلع العصيان يقتنى الطاعة وإذا اقتلع الصلف يقتنى الوداعة؛ فإذا لم يفعل ذلك واكتفى باقتلاع الرذيلة ولم يسع في اقتناء الفضيلة يصبح قلبه خاوياٌ فيأتي الروح النجس أو الفكر النجس ومعه سبعة أشر منه فيسكن ويستريح في ذلك القلب الخالي، والأرواح السبعة النجسة هي روح الشهوة – الرياء - محبة المال - الغضب - الكبرياء- عدم الاحتمال - السبح الباطل.
لذلك قال المرنم: "حد عن الشر واصنع الخير، اطلب السلام واسع وراءه" (مز 34: 14)، أي لا نكتفي بالحيدان عن الشر، بل جاهد في صنع الخير لئلا تصيبك نكسة، وترجع إلى الشر الذي تركته.
_____
(1) توضيح من الموقع: أي الروح الشرير لم يجد راحة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8z5cvbb