تسلم القديس بولس الأخبار السارة، التسليم الرسولي، الكرازة من الرب القاصم من الأموات مباشرة "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم أيضًا" (54)، "وأعرفكم أيها الأخوة الإنجيل الذي بشرت به أنه ليس بحسب إنسان لأني لم أقبله من عند إنسانٍ ولا علمته. بل بإعلان يسوع المسيح" (55)، ومع ذلك فقد تقابل مع رسل المسيح، شهود العيان، ومكث عند بطرس الرسول في أورشليم "خمسة عشرة يومًا" (56)، كما تقابل مع "يعقوب أخي الرب" (57) ثم ذهب إلى الرسل ثانيه بإعلان سماوي ليعرض عليهم الأخبار السارة التي ينادى بها، الإنجيل الذي يكرز به "ثم بعد أربع عشر سنة صعدت أيضًا إلى أورشليم مع برنابا أخذًا معي تيطس أيضًا. وإنما صعدت بموجب إعلان وعرضت عليهم الإنجيل الذي أكرز به بين الأمم... فإذا علم بالنعمة المعطاة لي يعقوب وصفًا (بطرس) ويوحنا المعتبرون أنهم أعمدةُ أعطوني يمين الشركة لنكون نحن لأمم أما هم فللختان" (58)، ومن ثم فقد كانت كرازته هي نفس كرازة الرسل وكان تعليمه هو نفس تعليم الرسل وكان إنجيله الرسل، إنجيل المسيح، الأخبار السارة. وكان هو أيضًا مثل الرسل شاهد عيان للمسيح المقام من الأموات والصاعد إلى السماء، فقد أختاره المسيح "لأن هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبنى إسرائيل" (59).
وكان القديس بولس يكرز ويسلم التسليم الرسولي شفاهه "لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم" (60)، "وتحفظون التعاليم كما سلمتها إليكم" (61)، كنا نكرز لكم بإنجيل الله ونحن عاملون ليلًا ونهارًا" (62)، ثم يكمل عمله هذا بإرسال الرسائل لكي يثبت المؤمنين وليجاوب على ما يطرأ من قضايا وأسئلة وليشرح لهم ما أصبحوا في حاجة إليه من معرفة إيمانية نتيجة لتقدمهم في الإيمان أو ليصحح بعض المفاهيم والأمور التي قد يساء فهمها، وغير ذلك من الأمور، وكان جوهر تعليمه سواء الشفوي أو المكتوب واحدًا "فأثبتوا إذًا أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلام أم برسالتنا" (63). وقد حوت كرازته بالإنجيل والمدون بعضها في سفر الأعمال وبعضها في رسائله كثيرًا مما يختص بشخص الرب القائم من الأموات خاصة آلامه وصلبه وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين العظمة في السماء وشفاعته الدائمة ومجيئه الثاني في اليوم الأخير، وان كان قد ركز بصفة خاصة على الخلاص والفداء الذي تم بدم المسيح وعمله الكفاري على الصليب. وقد تلخصت كرازته هذه فيما دون في سفر الأعمال وفى الإصحاح الخامس عشر من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس:
أ- عظته الكرازية في مجمع إنطاكية بيسيدية:
والمدونة في سفر أعمال الرسل: "أيها الرجال الأخوة بنى جنس إبراهيم والذين بينكم يتقون الله إليكم أُرسلت كلمة هذا الخلاص. لأن الساكنين في أورشليم ورؤساءهم لم يعرفوا هذا وأقوال الآباء التي تقرأ كل سبت تمموها إذ حكموا عليه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ومع أنهم لم يجدوا عله واحدة للموت طلبوا من بيلاطس أن يقتل. ولما تمموا كل ما كُتب عنهُ أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر. ولكن الله أقامه من الأموات. وظهر أيامًا كثيرة للذين حضروا معه من الجليل إلى أورشليم الذين هم شهوده عند الشعب. ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا أن الله أكمل هذا لنا نحن أولادهم إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضًا في المزمور الثاني أنت أبنى أنا اليوم ولدتك. أنه أقامه من الأموات غير عتيد أن يعود أيضًا إلى فسادٍ فهكذا قال أنى سأعطيكم مراحم داود الصادقة. ولذلك قال أيضًا في مزمور آخر لن تدع قدوسك يرى فسادًا. لأن داود بعدما خدم جيلهُ بمشورة الله رقد وأنضم إلى آبائه ورأى فساد. وأما الذي أقامه الله فلم يرى فسادًا. فليكن معلومًا عندكم أيها الرجال الأخوة أنه بهذا ينادى لكم بغفران الخطايا. بهذا يتبرر كل من يؤمن من كل. ما لم تقدروا أن تتبرروا منه بناموس موسى" (64).
ب- عظته الكرازية أمام الملك أغريباس:
المدونة في سفر أعمال الرسل ونقتبس منها قوله بالروح "وأنا لا أقول شيئًا غير ما تكلم الأنبياء وموسى أنه عتيد أن يكون إن يؤلم المسيح يكن هو أول قيامة الأموات مزمعًا أن ينادى بنور للشعب وللأمم (65)".
ج- التسليم الرسولي الذي سلمه لأهل كورنثوس:
" وأعرفكم أيها الإخوة بالإنجيل الذي بشركم به وقبلتموه وتقومون فيه وبه أيضًا تخلصون إن كنتم تذكرون أي كلام بشرتكم بع إلا إذا كنتم قد آمنتم عبثًا. فأنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أيضًا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنه دُفن وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب. وأنه ظهر لصفا (بطرس) ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمس مئة أخ أكثرهم باق إلى الآن وإن كان بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أن (66)".
هذه العظات أو الخطابات الثلاثة تلخص لنا محور وجوهر وبؤرة كرازته التي هي محور وجوهر وبؤرة كرازة الرسل جميعًا سواء المدونة في الأناجيل الأربعة أو في بقية العهد الجديد، وتبين لنا وحدة الكرازة والإعلان، وحدة الإنجيل.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/zk9vpg8