لقد رأينا كيف إن الله أودع الخلايا التناسلية القدرة على إنجاب الأطفال وعلى الأب أن ينقل خلاياه إلي داخل جسم الأم لينشأ الجنين هناك، وهذا الفعل الناقل للحياة يتم بالإتحاد الجسدي بين الزوجين تعبيرًا عن الحب المتبادل والالتزام والتعهد الذي التزما به في كنيسة الله أن ينجبا للكنيسة وللمجتمع أولادًا.. لا يلدانهم ولادة جسدية فقط بل يلدانهم أيضًا ولادة روحية بعد ذلك من حضن الكنيسة بفعل الروح القدس في سر المعمودية التي هي بالماء والروح. وإذ نتأمل روحيًا في هذا الأمر نجد إن هذه الأعضاء التي قد تكون مسار سخرية من بعض الفتيان الغير روحيين أو مثارًا للشعور بالقباحة عند بعض الفتيات الغير مستنيرات.. إنما هي أعضاء مكرمة وأجهزة في غاية من الدقة أبدع الله خلقتها فلا يجب أن نخجل مما لم يخجل الله من خلقته.. وكلما نعمق التأمل في هذا العمل نمجد الله خالقنا الذي رضي أن يستخدم أولاده في إنجاب أعضاء أخر ويشاركونه العمل في امتداد كنيسة الله الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية. وهذا الإنسان الجديد معروف عند الله من قبل تكوين العالم، وقد أعطى الله من محبته للوالدين أن يساهما معه في عملية الخلق، وأن يتمتعا بالأبوة والأمومة بكل ما فيهما من عواطف سامية ونبيلة.. هذا الأمر الذي لا يوجد عند الملائكة ولا عند الحيوانات أو الخليقة المادية أيضًا.. فالإنسان هو الكائن الوحيد الفريد الذي عندما خلقه الرب في الجنة سٌر به للغاية ورأى إنه حسن جدًا، فالزواج أمر مقدس وهو تعهد يكرس العلاقة ويقدس حياة الشركة. وفي سر الزواج يطلب الكاهن من الله أن يحرس الزوجين ويقدس مضجعهما ويبارك وحدتهما لينجبا بنين وبنات كغروس في الكرمة المقدسة التي هي كنيسة الله..
وترفض الكنيسة أي علاقة جنسية بين رجل وامرأة إلا من خلال الزواج. وتعتبر هذه العلاقة زنا نهى الرب عنه في وصاياه المكتوبة بإصبعه على جبل سيناء وأستلمها موسى النبي منذ أقدم العصور.. والزنا انحراف عن المجرى الحقيقي للدافع الجنسي الذي يهدف إلي حياة الشركة والزيجة القائمة على البذل والحب والنضج والالتزام.
ونود أن نؤكد إن العلاقة الجنسية بين الأب والأم لا تهدف فقط إلي الإنجاب وحفظ النوع رغم أن الرب أمر بهذا عندما قال "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على كل سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الأرض" (تك1:28)، ولكن الهدف الذي يميز الإنسان عن الحيوان في إقامة العلاقة بين الشريكين هو الوحدة ليحقق الإنسان الهدف المرجو من وجوده (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). من أجل هذا قيل "يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا" (تك2: 24)، وكان هذا الهدف بعد خلقه حواء لأدم..
وإذا كان الإنجاب هو الهدف الرئيسي من الزواج لسمح الرب بفصم العلاقة الزوجية في حالة العقم..
إن الوحدة الروحية والنفسية والفكرية تجد في الإتحاد الجسدي تعبيرًا عنها وإفصاحًا عن مضمونها. إن الجسد دائمًا يريد أن يُعَبِّر عما يختلج من الداخل. إن هذا الحب الزيجي يترجم في أن الواحد لا يريد أن يرضي ذاته بل يسعى بكل طاقته لإرضاء الآخر، وليس له تسلط على جسده بل للآخر. لذلك يجب أن يتم الإتحاد الزوجي بين الرجل وامرأته في جو من الاحترام والحب المتبادل وفي مناخ احترام رغبة الآخر وإسعاده.
وأما أنت أيها العزيز... وقد عرفت قيمة هذا الدافع الحيوي وكرامته فأحرص على أن تحافظ على قوة التناسل الذي فيك والحيوية التي تملأ كيانك ولا تسلمها للعبث والمجون ولا تتحدث عنها بطيش وتبذل.. ولكن تذكر قول الرسول بولس إلي تلميذه القديس تيموثاوس [أحفظ نفسك طاهرًا].
* في الكتاب الأصلي (كتاب الجنس المقدس)، يوجد صلاة تأمل في حياة الجنين بعد الولادة بعد هذا القسم، قمنا بوضعها في أرشيف الصلوات القبطية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9s44ycq