← اللغة الإنجليزية: Lachish - اللغة العبرية: לכיש - اللغة اليونانية: Λαχίς - اللغة اللاتينية: Tel Lachis.
مدينة محصنة تقع في سهول يهوذا (يش 15: 33، 39) وكانت سابقًا تعرف بتل الحصى التي تبعد مسافة 16 ميلًا إلى الشمال الشرقي من غزه وأحد عشر ميلًا إلى الجنوب الغربي من مدينة جبرين) ويرجح (الآن) أنها تقع في تل الدوير Tell ed-Duweir على بُعْد خمسة أميال إلى الجنوب الغربي من بيت جبرين ويظهر أنه بين القرنين السابع والعشرين والرابع والعشرين ق.م. كان الناس يسكنون في كهوف حول أطراف تل الدوير حيث بنى الهيكسوس (الملوك الرعاة) حظيرة من اللبن على شكل مربع مستطيل لحماية المدينة وزرب الخيل وحفظ العربات. ومما يلفت النظر في تاريخ الأبجدية أنه وجد رسم خنجر نقش في تل الدوير حوالي سنة 1600 ق.م. كما وجد شكل إبريق وطاس مع نقوش ترجع إلى حوالي القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق.م.
وعند احتلال فلسطين سقطت المدينة في يد الشوارع وقتل ملكها (يش 10: 3-35؛ 12: 11). وقد حصنها رحبعام (2 أخبار 11: 9) وبنى حولها سورًا مزدوجًا تسنده هنا وهناك أبراج منيعة. وإلى هذه المدينة هرب أمصيا ملك يهوذا من وجه الذين ثاروا عليه في أورشليم وأدركوه فيها وقتلوه. (2 مل 14: 19؛ 2 أخبار 25: 27) حاصرها سنحاريب ملك آشور حوالي السنة 701 أو 700 ق.م. ومن المعسكر الذي أمامها أرسل وبشاقي ليطلب تسليم أورشليم (2 مل 18: 14، 17؛ انظر أيضًا 19: 8؛ 2 أخبار 32: 9؛ اش 36: 2؛ 37: 8) وقد اكتشفت نقوش على ألواح حجرية في قصر سنحاريب في نينوى تظهر الآشوريين يهاجمون المدينة ويحاصرونها ثم بعد ذلك يسوقون أهلها إلى السبي.
تنسب إلى لخيش الخطيئة الأولى لابنة صهيون لأن فيها وجدت ذنوب إسرائيل (مي 1: 13) وحاصر نبوخذنصر لخيش مع المدن الأخرى المحصنة في يهوذا (ار 34: 7). وتدل الحفريات الأثرية على المدينة خربت مرتين في أوائل القرن السادس ق.م. وقد يكون لذلك علاقة بحصار أورشليم [(2 مل 24: 10، 11؛ 25: 1، 2). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وقد كانت المدينة عندما أصيبت بالخراب الأول (597) عامرة كثيرة البيوت والمساكن منيعة الحصون والمعاقل فدمرها الكلدانيون تدميرًا تامًا حتى أم ما بقي من السكان أحياء عجزوا عن إعادة بنائها وإرجاعها إلى ما كانت عليه. وبعد السبي رجع إليها السكان واستوطنوها (نح 11: 30).
وقد كشفت الحفريات التي أجريت في إطلال لخيش في سنة 1935 بعض الرسائل المكتوبة باللغة العبرانية وتعود إلى زمن أرميا ويستدل من هذه الرسائل أن جيش الكلدانيين كان يتقدم في الاستيلاء على مدن يهوذا في أواخر حكم صدقيا.
(1)- وهي مدينة تذكر أكثر من عشرين مرة في الكتاب المقدس، كما تذكر في ألواح تل العمارنة، وفي بردية بالهيراطيقية من عصر تحتمس الثالث، وعلى حائط قصر سنحاريب في نينوى. وموقعها الآن هو "تل الدوير" على بُعْد نحو 15 ميلًا إلى الغرب من حبرون وعلى بُعْد خمسة أميال إلى الجنوب الغربي من بيت جبرين.
(2)- يَرِد ذكرها لأول مرة في الكتاب المقدس بين المدن التي تحالفت مع أدوني صادق ملك أورشليم ضد بني إسرائيل بقيادة يشوع (يش 10 : 1-3؛ 12: 11؛ 15: 39.. إلخ.).
عند دخولهم إلى أرض كنعان، بعد استيلائهم على عاي. وقد ضربهم يشوع ضربة عظيمة في جبعون، وطردهم في طريق بيت حورون، إلى عزيقة ومقيدة، وبينما هم هاربون "في منحدر بيت حورون رماهم الرب بحجارة عظيمة" من البرد من السماء. وصلى يشوع أن تبقى الشمس والقمر على وادي أيلون حتى ينتقم من أعدائه، فوقفت الشمس في كبد السماء، ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل" (يش 10: 9-14). ثم أمسك يشوع الخمسة المتحالفين ضده -وكانوا قد اختبأوا في مغارة في مقيدة- وقتلهم وعلقهم على خمس خشب، حتى المساء، ثم طرحوهم في المغارة وألقوها بحجارة كبيرة (يش 10: 15-27). وبعد ذلك استولى يشوع على لاخيش -رغم مساعدة ملك جازر لها- وقتل كل نفس فيها كما فعل بغيرها من تلك المدن الخمس (يش 10: 31، 32).
وقد وقعت لاخيش في نصيب سبط يهوذا (يش 15: 39). وبعد موت سليمان، قام رحبعام بتحصينها (2أخ 11: 9). وعندما تآمر عبيد أمصيا ملك يهوذا عليه، هرب إلى لخيش، "فأرسلوا وراءه إلى لخيش وقتلوه هناك" (2مل 14: 19؛ أخ 25: 27). وفي أيام حزقيا الملك، استولى سنحاريب ملك أشور على لخيش، ومنها بعث برسله إلى حزقيا في أورشليم طالبًا منه التسليم (2مل 18: 14، 17؛ 19: 8؛ 2أخ 32: 9؛ إش 36: 2؛ 37: 8). وبعد ذلك بقرن وربع القرن، كانت "لخيش" و"عزيقة" آخر مدينتي تقعان في يد نبوخذنصر (إرميا 34: 7). وعند العودة من السبي البابلي، عاد إليها أهلها (نح 11: 30).
وهناك إشارة غامضة في نبوة ميخا عن "لاخيش"، حيث يقول: "شدي المركبة بالجواد يا ساكنة لاخيش. هي أول خطية لابنة صهيون، لأنه فيك وُجدت ذنوب إسرائيل" (مي 1: 13) ، ولعلها إشارة إلى اتكال رحبعام على الحصون أكثر مما على الله، أو لعلها تشير إلى نشأة عبادة الأوثان هناك، ومنها انتشرت إلى مدن يهوذا الأخرى.
(3)- الإشارات إليها في مصادر غير كتابية: وصلت إلينا عنها إشارات قليلة، ولكنها هامة من مصر وأشور. فهناك بردية مصرية ترجع إلى عصر تحتمس الثالث (نحو 1490 - 1435 ق. م.) تشير إلى "كيسا" وتذكر علاقة مصر بها. وفي رسائل تل العمارنة (نحو 1400 - 1360 ق. م.) تُذكر "لاخيش" خمس مرات، مما يدل على أن لاخيش كانت موقعًا مصريًا حصينًا في كنعان. وقد تآمرت المدينة مع "العابيرو"، وكتبت المدن الموالية لمصر، طلبًا للنجدة. وفي رسالة أخرى من أورشليم، يُوَّجه اللوم إلى لاخيش وعسقلون وجازر، لإمداد "العبيرو" بالطعام والزيت. كما تشير رسالة أخرى إلى خيانة "لاخيش" مما أدى إلى مقتل "زمريدا" الحاكم المصري.
كما اكتشف في "لاخيش" إناء يرجع إلى نحو 1200 ق. م. أو بعد ذلك بقليل مكتوب عليه بالهيراطيقية إشارة لملك "لاتيسا" (؟).
أما
الإشارات الأشورية إليها -وإن كانت محدودة- فهي هامة، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير
الكتاب المقدس الأخرى.
فهجوم سنحاريب على
لاخيش في 701 ق. م. منقوش على لوحة مرمرية وجدت في نينوى، حيث تظهر
مدينة "لاكيسو"
تحت الحصار. وتبدو في بعض المناظر، طوابير الأسرى من اليهود، والبعض منهم
يعذبون، والبعض الآخر يلتمسون الرحمة من سنحاريب الجالس على عرشه. وجاء في
النقش بالقرب من العرش: "سنحاريب ملك أشور يجلس على عرشه، بينما يستعرض غنائم
مدينة لاخيش".
(4)- الأبحاث الأركيولوجية: يصبح تاريخ لاخيش أكثر وضوحًا، بالجمع يبين السجلات الكتابية وغير الكتابية، وما تكشف عنه الأبحاث الأركيولوجية في الموقع. فقد قامت بالتنقيب في "تل الدوير" والمناطق المجاورة، بعثة "ولكوم مارستون" (Welcome Marston) في السنوات 1932 - 1938. وقد قتلت إحدى العصابات "جيمس ستاركي" (Starkey) المشرف على البعثة في 1938، وتولى مكانه "شارلس ه. إنج" (Inge) ولانكستر هاردنج (Harding Lankester).
ومن الواضح الآن أن منطقة لاخيش كانت آهلة بالسكان منذ زمن بعيد، منذ العصور الحجرية (قبل نحو 3,000 ق. م.)، كما كانت كذلك في أوائل العصر البرونزى الأول، فقد وجدت في كهوفها الطبيعة أوانٍ فخارية، وهاونات ومطاحن حجرية، ورؤوس فؤوس وأدوات من الصوان ومن العظام. وفي نحو 2800ق.م.، في أوائل العصر البرونزي الثاني، اقتصر السكان على الإقامة في التل الحالي، وأصبحت الكهوف القديمة تستخدم قبورًا.
ويمكن تحديد تواريخ الطبقات بصورة عامة، كالآتي :
الطبقة الأولى (العليا): من 450 - 150 ق. م.
فجوة : التل مهجور.
الطبقة الثانية: من 700 - 586 ق. م.
الطبقة الثالثة: 900-700 ق. م.
الطبقة الرابعة: 900-700 ق. م.
الطبقة الخامسة: مدينة داود ورحبعام 1000 - 900 ق. م.
فجوة : التل المهجور - القرنان الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد.
الطبقة السادسة: من 1300 - 1225 ق. م. العصر البرونزي المتأخر.
الطبقة السابعة: من 1450 - 1350 ق. م.
الطبقة الثامنة: من 1567 - 1450 ق. م.
ومازالت الأبحاث الأركيولوجية جارية للكشف عن تاريخ العصرين البرونزي القديم والوسيط. ومن الواضح أنه في عصر الهكسوس (نحو 1720 - 1550 ق.م.) كانت لاخيش موقعًا محصنًا يحيط به خندق عميق، ومنحدر مغطى بالجص، يرتفع إلى نحو مائة قدم فوق مستوى الوادي، وكان على قمته سور من الطوب. وقد فقدت هذه الدفاعات قيمتها في العصر البرونزي المتأخر (نحو 1550 ق. م.)، ربما نتيجة للهجمات المصرية عند طرد الهكسوس من مصر، وبداية توسع مصر في غربي آسيا. وقد تم بناء معبد صغير فوق الأنقاض التي تراكمت في الخندق، وهو ما يُعرف باسم "معبد الخندق".
وتثبت "الجعارين" المصرية، خضوع لاخيش للنفوذ المصري من أيام الأسرة الثانية عشر (نحو 1991 - 1786 ق. م.) وما بعدها. ولعل تدمير "معبد الخندق" (حوالي 1220 - 1200 ق. م.) حدث من هجوم الأسباط الإسرائيلية ، فقد واصلوا تقدمهم في البلاد، ذلك التقدم الذي بدأوه بقيادة يشوع (يش 10: 3، 31، 32).
والإناء المنقوش، والمكتوب عليه في "السنة الرابعة" مع ذكر "ملك لاخيش" (؟)، يُظن أنه كان لذكرى السنة الرابعة لمرنبتاح خليفة رمسيس الثاني (حوالي 1224 - 1216 ق. م.) كما اكتشفت نقوش مختلفة من العصر البرونزي المتأخر.
وبعد هجران المكان في القرنين الثاني عشر والحادي عشر قبل الميلاد، بنى بنو إسرائيل المدينة في العصر الحديدي، أي في نحو 1000 ق. م. ويقوم قصر جميل للحاكم الإقليمي فوق أطلال مبانٍ كنعانية قديمة، في قلب التل، وقد بُنى القصر فوق رصيف من التراب، تبلغ مساحته 105 أقدام مربعة، وبارتفاع 23 قدمًا، وهو يذكرنا بالحصن الذي بناه داود (2صم 5: 9)، والقلعة التي بناها سليمان (1مل 9: 15) في أورشليم. وفي الواقع، لا يوجد شيء من بقايا القصر الأصلية، سوى أطلال مبنى يحيط به سور من الطوب، به حجرات مستطيلة متوازية. كما اكتشفت الأرضيات المرتفعة، ويرجح أنها كانت أكداس أو مخازن للغلال، وهي شبيهة بالمباني المعروفة من عصر سليمان في مجدو وحاصور، ولكن وجودها في لاخيش وبيت شمس - على بُعْد خمسة عشر ميلًا فقط إلى الشمال - تشير إلى أنه ربما كان لداود، إدارة إقليمية في يهوذا، قبل أن يقوم سليمان بتنظيم المناطق الشمالية (1مل 4: 7-20). وقد تضاعفت مساحة هذا الرصيف في المدة من 900 - 750 ق. م. فامتد أولًا إلى 256 قدمًا (القصر "ب") ثم أضيف إليه شريط بعرض عشرة أقدام على الجانب الشرقي (القصر "ج") ، وقد كُتب على درجات السلم الذي يؤدى إلى رصيف القلعة، الحروف الخمسة الأولى من الأبجدية العبرية بترتيبها التقليدي (ويعود "أولبريت" بتاريخ هذه الكتابة إلى حوالي 800 ق. م.).
وفي أواخر القرن العاشر، وفي أوقات عديدة من القرن التاسع، قام ملوك يهوذا بتقوية دفاعات لاخيش. ويذكر العهد القديم ما عمله رحبعام (2أخ 11: 9)، وما عمله آسا (1أخ 14: 7)، ثم ما عمله يهوشافاط الذي وضع حاميات عسكرية في مدن يهوذا (2أخ 17: 12، 13، 19). ولعل ذلك كان لصد هجمات الفلسطينيين والعرب والمصريين (2أخ 11: 5-12). وتدل الأبحاث الأركيولوجية على أنه في القرن التاسع، كان للاخيش، سلسلتان من الدفاعات القوية. فكانت القمة محاطة بسور مستدير، كان يبلغ سمكه نحو تسع عشرة قدمًا ، بنتوءات وارتدادات متبادلة، وسلسلة من الأبراج الدفاعية. وتحت ذلك بخمسين قدمًا، على المنحدر، كان يوجد سور ثانٍ مكسو بالحجارة والطوب، سمكه نحو ثلاث عشرة قدمًا، بنتوءات وارتدادات متبادلة أيضًا، وأبراج في المواقع الاستراتيجية. وكانت الأسوار تضم مساحة مستطيلة تقريبًا . وفي الغرب من المدينة كانت هناك طريق على جانب التل، وعند نقطة دخولها بوابة المدينة، كان يقوم حصن مربع واسع، ألحق بعد ذلك بسلسلة قلاع السور الخارجي. وكانت حجارة السور مربعة غير منحوتة جيدًا، فيما عدا أحجار الزوايا، فقد كانت جيدة النحت. وكان يوجد بداخل المدينة شارع تحف به دكاكين، ويؤدي إلى القصر وإلى مخازن على قمة التل. وقد كشف التنقيب عن الكثير من أيادي الجرار التي تحمل أختام أصحابها ، وترجع إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، في الطبقات الرابعة والثالثة والثانية.
وهناك بعض الخلاف في تفسير تخريب الطبقة الثالثة ، فينسب معظم الأثرين ذلك إلى هجوم سنحاريب في 701 ق. م. ولكن البعض الآخر، ينسبونه إلى نبوخذنصر ف 598 ق. م. وتدل نقوش سنحاريب وكتاباته على أنه هاجم لاخيش هجومًا عنيفًا، ففي الأنقاض خارج الأسوار ، تنتشر رؤوس السهام، وقطع الرماح، وحجارة المقاليع والخوذات من النوع الأشوري، ومنحدرات ترابية في منطقة البوابة، كما يذكر سنحاريب في نقوشه، مما يرجح جدًا أن ينسب التخريب الظاهر بالطبقة الثالثة إلى الهجوم الأشوري.
وعلى المنحدر الشمالي الغربي، كانت توجد مقبرة جماعية كبيرة تضم عظام نحو 1500 جثة، على شكل كومة، والكثير منها محترق. وفوق كومة العظام البشرية، توجد عظام غالبيتها لخنازير، وقد انتشرت بينها كميات كبيرة من الأواني الفخارية المنزلية. ويفترض البعض أن هذه الكومة المختلطة، تمثل تراكم الأنقاض في أعقاب حصار سنحاريب للمدينة. وقد تكون عظام الخنازير هي بقايا طعام الجيوش الأشورية. وتظهر في ثلاث من الجماجم البشرية، آثار عمليات "تربنة" ، وهي شهادة واضحة على تقدم الجراحة في بلاد اليهودية في أيام إشعياء النبي.
ويبدو أن لاخيش بعد سقوطها (في الطبقة الثالثة) كان يحكمها حاكم أشور، وأصبحت نقطة لجميع المكوس من الفلسطينيين، وبدأت إقامة المنشآت بها، وأزيل جزء من خرائب القلعة، لبناء بوابة أصغر، ولكن البناء في الطبقة الثانية سار ببطء. ويزعم البعض أن بعض آثار لمحاربين سكيثيين، وجدت في أطلال المدينة، من القرن السابع قبل الميلاد، مما يعلل سبب البطء في عمليات التعمير. ولربما أعيد بناء الدفاعات في أيام الملك منسى (2أخ 33: 11-14)، فحل سور حجري محل السور الداخلي، وأصبح الدخول عن طريق بوابتين، الخارجية منهما في الحصون المواجهة للشمال، والداخلية في خط السور الأعلى المواجه للغرب. وكان هذا التكوين يكشف أي قوّات غازية في جانبها الأيمن عند اقترابها للبوابة الأولى، فإذا نجحت في اجتيازها، فإنها تتجه مباشرة إلى أعلى التل، من خلال فناء مغلق قبل أن تصل إلى البوابة الثانية . وفي أيام يهوياقيم، أصبحت لاخيش - مرة أخرى- مدينة حصينة. وهناك دلائل على تخريب المدينة مرتين في القرن السادس قبل الميلاد، يرجع أولهما بلا شك إلى هجوم الجيش البابلي في 597 ق. م. عندما دُمرت المدينة والقلعة جزئيًا وانهدمت أجزاء القصر التي كانت مبنية من الطوب، وغطت الفناء. ثم أعيد بناء السور الداخلي وبعض المنشآت الأخرى، فيما عدا القصر، الذي لم تتم إعادة بنائه. وفي الهجوم الثاني لنبوخذنصر في 587 ق. م. هجمت الجيوش البابلية بكل قواها على مدن يهوذا، فسقطت الواحدة تلو الأخرى حتى لم يبق منها أخيرًا إلا أورشليم وعزيقة ولاخيش (إرميا 34: 7). وكانت عزيقة أولى هذه المدن الثلاث في السقوط في يد البابليين. وهناك دلائل على حدوث حريق هائل في لاخيش. ولكن من الواضح أيضًا أنها سرعان ما استعادت سكانها. وقد وجد طابع ختم جميل فوق الأنقاض، به هذه العبارة: "جدليا الذي على البيت" [(إش 22: 15؛ 36: 3) - ارجع إلى بند 6ب فيما يلي].
وقد هُجرت لاخيش فيما بين 586، 450 ق. م. ولمدينة لاخيش بعد السبي (الطبقة العليا) جانبان أحدهما فارسي والثاني هليني. ففي العصر الفارسي بُني قصر جميل على الطراز السوري الشمالي، للحاكم تحت إشراف جشم (جشمو) العربي (نح 6: 1)، وكذلك مبنى صغير يرجح أنه كان معبدًا يحتوي على مذبح صغير من الحجر الجيري، عليه نقش باسم "ياه" (أي "يهوه") . ويتميز الجانب الهليني بمعبد للشمس من عصر السلوقيين. وهُجرت لاخيش في 150 ق. م. دون أن يعاد شغلها مرة أخرى.
(5)- معبد الخندق: وكان يقع خارج أسوار المدينة في العصر البرونزي المتأخر عبر خندق من العصر البرونزي الأوسط. وكان يستخدم في المدة من 1600 إلى 1200 ق. م. وتم توسيعه مرتين على الأقل. وكان أساسًا عبارة عن حجرة كبيرة بها مائدة للتقدمات، أمامها موقد. وفي صورتها الأخيرة كان يوجد مذبح من الطوب اللبن أمام مائدة التقدمات له ثلاث درجات (ارجع إلى خر 20: 26). وكانت توضع على المائدة كل النذور والتقدمات، من أدوات الزينة والجواهر في آنية من العاج أو الزجاج أو المرمر.. إلخ. كما كان يوجد عدد من القوارير موضوعة على الأرض عند أحد أطراف المائدة. كما وُجد في النفايات على الأرضي، عظام طيور وحيوانات وأسماك. وكانت الحيوانات كلها من ذوات الحجم الصغير، فكانت في معظمها من الأغنام والمعز والغزلان.. والثيران.. ومعظم العظام التي عُثر عليها، كانت عبارة عن الساق الأمامية اليمنى، مثلما كان الحال مع ساق الرفيعة للكاهن اليهودي (لا 7: 32). ولم توجد أي تمثال داخل المعبد، ولكن وجد في الخارج تمثال صغير لإله ذكر في وضع الجلوس، كما عُثر على يد عاجية في إحدى الحفر. كما وُجدت في خارج الهيكل، آنيتان فخاريتان منقوشتان، إحداهما أبريق والأخرى طاس. وليس من الواضح تمامًا طبيعة العبادة الكنعانية، ولكن من الواضح أنهم كانوا يقدمون صغار الحيوانات ذبائح، مع الاحتفاظ بالساق اليمنى الأمامية. كما كانت توضع العطايا على المائدة، مع إشعال الموقد، وسكب السكيب على التقدمة. فكانت أهم القطع في المعبد هي المذبح والدرجات ومائدة التقدمة والموقد.
(6)- النقوش: لقد أسفر التنقيب في لاخيش عن العثور على العديد من النقوش المختلفة، وهي بحسب ترتيبها الزمني، كالآتي:
(أ)- أربع علامات على خنجر برونزي، يرجع إلى حوالي 1600 ق. م. إحداها رأس إنسان، يحتمل أنها كانت حرف "الراء" قديمًا.
(ب)- خمس شظايا عليها علامات أبجدية من الطراز السينائي (نحو 1350 - 1200 ق. م.) وغطاء مبخرة عليه ثلاث علامات حمراء، وطاس عليه إحدى عشرة علامة، خمس منها يبدو أنها كلمة "لشلشت" العبرية (أي ثلاثة)، وأبريق منقوش حول عنقه بخطوط متموجة ومربعات ورسوم حيوانات، ونقش من أحد عشر حرفًا أشبه ما تكون بتلك المستخدمة في نقش "سرابيط الخادم" في شبه جزيرة سيناء.
(ج)- ختم رباعي الجوانب عليه اسم أمنحتب الثاني (حوالي 1450 - 1425 ق.م.) على جانب منه، وصورة "لبتاح" وثماني علامات على جانب آخر.
(د)- قطعة من نعش طيني يرجع إلى نحو 1200 ق. م. أو إلى ما بعد ذلك، عليه علامات هيروغليفية لا تُقْرَأ، وقطعتان صغيرتان من الشقف مكتوب عليهما بالهيروطيقية.
(ه)- طاس من الفخار عليه كتابة هيراطيقية، يظن أن لها علاقة بفرض الضرائب، فيها كلمات "ملك لا تش (؟)، وترجع إلى نحو 1200 ق. م. أو إلى ما بعد ذلك.
(و)- نقش به الحروف الخمسة الأولى من الأبجدية العبرية، بترتيبها المعهود (ترجع إلى نحو 800 ق. م.).
(ز)- قطعة من جرة عليها ستة حروف تعني "بث الملك" (مكيال).
(ح)- أختام أو طابع أختام عليها أسماء بالخط العبري القديم (من القرن الثامن إلى القرن السادس قبل الميلاد). والأرجح أن الختم الذي عليه عبارة "يخص جدليا الذي على البيت"، كان ختم جدليا بن حلقيا الذي أقامه نبوخذنصر حاكمًا على اليهودية بعد سقوط أورشليم في 587 ق. م. (2مل 25: 22).
(ط)- عدد كبير من أيادي الجرار المختومة (من القرن الثامن إلى أوائل القرن السادس)، منها نحو ثلثمائة يد عليها ختم "تخص الملك"، ثم اسم مدينة مثل حبرون، زيف، أو سكوت أو غيرها، وعليها رمز مثل درج مجنح.
(ي)- مذبح حجري عليه ثلاثة أسطر بالأرامية (من القرن الخامس أو القرن الرابع ق. م.) وتبدأ بكلمة "بخور" والسطر الثالث "ليهوه رب السماء".
(ك)- العديد من الصنج مختلفة الأوزان، ترجع إلى القرن السابع والقرن السادس قبل الميلاد، وعلى إحداها حرف "ب"، وعلى البعض الآخر "أعداد".
(ل)- إحدى وعشرون شقفة من أوائل القرن السادس قبل الميلاد، مكتوب عليها بالحبر الأسود ما يُعرف بـ"رسائل لاخيش".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/nfv6qb6