وهي مجموعة من الرسائل يطلق عليها أحيانًا "الملحق لنبوة إرميا"، وكانت هذه الرسائل أعظم ما اكتشفه "ج. ل. ستاركي" في لاخيش. ففي 1935 اكتشف 18 شقفة في حجرة حارس بين بوابتي المدينة الخارجي والداخلي، في طبقة من الرماد الذي تخلف عن الحريق الذي أشعلته جيوش نبوخذنصر في المدينة. فالأرجح أن الكلدانيين قد فتحوا ثغرة في الأسوار في أواخر 589 ق. م. بعد جمع محصول الزيتون، حيث وجد في الخرائب المجاورة العديد من أكوام الزيتون المحترق. وبعد الاستيلاء على المدينة -وغيرها من المدن المجاورة- حاصرت جيوش نبوخذنصر مدينة أورشليم في يناير 588 ق. م.
ثم في 1938م، وُجدت في أطلال لاخيش ثلاث رسائل أخرى -لا يُعلم تاريخها- أصغر من القطع السابقة، وبذلك أصبح عددها إحدى وعشرين شقفة مكتوبة بحبر كربوني أسود، بقلم من الخشب أو القصب (الغاب). وقد استخدم الكتَّاب الخط الفينيقي في لغة عبرية فصحى.
وتكاد كل هذه الإحدى والعشرين وثيقة، أن تكون رسائل، كتب معظمها صغار الضباط في المواقع المتقدمة، إلى القائد العام في لاخيش. ومن سوء الحظ ليس بينها سوى سبع قطع يمكن قراءتها قراءة مفهومة.
أما القطع الباقية فلا يمكن قراءة إلا كلمات منعزلة. وبعضها قد محاه الزمن، كما أن بها اختصارات ورموز غير معروفة، يختلف العلماء في تفسيرها.
ومن أهم هذه الرسائل، الرسالة رقم 4، التي تقول: "إننا نراقب ظهور علامات النار من لاخيش، حسب كل التعليمات التي أعطاها سيدي، لأننا لا نستطيع رؤية علامات النار من عزيقة" ويذكر إرميا النبي (إر 34: 7) أن "لخيش وعزيقة" (التي تبعد اثنى عشر ميلًا إلى الشمال من لاخيش) كانتا آخر مدينتين بقيتا في يهوذا. ويبدو من هذه الرسالة (رقم 4) أن عزيقة كانت قد سقطت، وأن الكلدانيين قد ضيقوا الخناق على مملكة يهوذا، ولكن يمكن أن تكون العلامات في عزيقة قد اختفت مؤقتًا لظروف الجو أو لغير ذلك من الأسباب. ولا يفوتنا ملاحظة هذا الدليل الخارجي على استخدام إسرائيل قديمًا، النيران كعلامة، فكلمة "علامات النار" الواردة في هذه الرسالة هي نفسها الكلمة التي يستخدمها إرميا "علم نار" (إرميا 6: 1).
وتشير
الرسالة رقم 6 إلى حقيقة أن الرؤساء كانوا يرخون أيدي الشعب، ومن الواضح أن ذلك
يدل على وجود روح انهزامية. ويقول النص: "إن كلمات الرؤساء ليست طيبة، بل تضعف
أيدي الشعب وترخيها عندما يعلمون بها". وهذا شبيه جدًا بالتهمة التي اتهم بها
الرؤساء إرميا النبي، قائلين للملك: "ليقتل هذا الرجل لأنه بذلك يضعف أيادي
رجال الحرب الباقين في هذه المدينة، وأيادي كل الشعب ، إذ يكلمهم بمثل هذا
الكلام.."
(إرميا 38: 4).
وتشير الرسالة رقم 3 إلى رحلة قام بها أحد قادة جيش اليهودية إلى مصر. ولا نعلم إن كان قد ذهب طلبًا لنجدة من الجنود، أو طلبًا لمهمات. وفي ذلك إشارة إلى الحزب الذي كان متشيعًا لمصر في أيام صدقيا الملك. ولابد أن المهمة المشار إليها هنا، كانت تختلف اختلافًا كبيرًا عن تلك المذكورة في (إرميا 26: 20-23). كما تشير هذه الرسالة (رقم 3) أيضًا إلى خطاب تحذير من أحد الأنبياء ينتهي اسمه "بياء"، وقد يكون أوريا أو إرميا أو أحدًا غيرهما.
وتشير الرسائل من 2-6 إلى دفاع شخص اسمه هوشعيا [وهو اسم يرد في (إرميا 42: 1؛ 43: 2)] وهو كاتب العديد من رسائل لاخيش، يرفعه إلى رئيسه يوآش. ورغم أن التهم غير واضحة تمامًا، إلا أنها تتعلق بقراءة وثائق سرية، وإفشاء بعض ما جاء بها من معلومات.
ويرى أحد العلماء أن هذه المجموعة من الرسائل التي وجدت في حجرة الحارس، كانت تكوِّن "ملفًا" كان يستخدم في المقر العسكري لهوشعيا. ولم تكن هذه الحجرة مجرد محرس عسكري، بل كانت تقع في البوابة حيث كانت تُعقد مجالس القضاء في العصور الكتابية.
ولرسائل لاخيش أهمية بالغة بالنسبة لأساليب الكتابة واللغة والتاريخ لدراسي الكتاب المقدس، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. فهي تبين لنا نوع اللغة والكتابة اللتين كان يستخدمهما العبرانيون في عصر إرميا، كما تساعد على دراسة نقد النصوص، فهي وثائق أصلية عن الموقف المضطرب عسكريًا وسياسيًا في الشهور الأخيرة التي سبقت تدمير نبوخذنصر لأورشليم، عندما كان إرميا هو النبي العظيم المعاصر. كما تساعد على دراسة أسماء الأعلام العبرية في الأيام الأخيرة لملوك يهوذا، وتمدنا بالكثير من الإشارات التاريخية (فمثلًا تشير الرسالة رقم 5 إلى السنة التاسعة للملك صدقيا).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3vf3asb