← اللغة الإنجليزية: Magic/magick - اللغة العبرية: כישוף - اللغة اليونانية: Μαγεία - اللغة الأرامية: ܚܪܫܘܬܐ - اللغة اللاتينية: Magia.
الساحر Magician هو من يدعي لنفسه قدرة فوق الطبيعة أو معرفة الغيب بطرق مختلفة، وعلى الأخص بالأرواح الشريرة (خروج 7: 11) وقد أدّعى السحرة أن لهم سيطرة على حوادث المستقبل لتغيريها أو تعديلها بطرق سرية، وزعموا أن لهم علاقة بالجان أو بالآلهة. وقد كان هناك سحرة في مصر وفي أشور (ناحوم 3: 4) كما وُجدوا في بابل (اشعياء 47: 9) وفي بعض البلاد الأخرى.
وقد شدّد الكتاب المقدس ضد السحرة وتهددهم ومن يثقون فيهم بالعقاب الشديد (ملاخي 3: 5؛ رؤيا 22: 15). وأمر الله بمنعهم بتاتًا (تثنية 18: 10-12) كما منع العرافون من الإقامة في أرض العبرانيين (خروج 22: 18).
غير أن شعب إسرائيل تهاون في حفظ هذه الوصية الإلهية، فبدأ الشعب يلجأ إلى السحرة عند الحاجة، فلجأ الملك شاول إلى عرافة عين دور بعد مفارقة روح الرب له (1 صموئيل 28: 3-20) كما أن العهد الجديد يحدثنا عن سيمون الساحر (أعمال 8: 9) وعن بار يشوع (أعمال 13: 6) وعن بني سكاوا (أعمال 19: 13).
السحر هو محاولة التأثير في الناس أو الأحداث، إما بوسائل الخداع والشعوذة، أو بتسخير قوى شيطانية، وذلك لجلب منفعة أو دفع مضرة، أو إيقاع أذى بالغير، أو استطلاع المستقبل والرجم بالغيب. والسحر ظاهرة عالمية تنتشر في كل بقاع الأرض وبين كل الشعوب منذ أقدم العصور. وله صور متنوعة، فقد يكون بتوجيه اللعنات، أو بترديد التعاويذ، أو باستخدام التمائم والأحراز، أو بتحطيم نموذج للعود مصنوع من الشمع أو الخشب أو الطين أو غير ذلك، أو بقراءة الطالع بالورق أو الكؤوس أو الرمل أو الحصي، أو رمي السهام، أو حركات الكواكب والنجوم ، أو اتجاه الطيور في طيرانها، أو حركات الحيوانات أو فحص أحشائها، أو غير ذلك من الأساليب التي لا طائل وراءها، ولا جدوى منها.
كان العبرانيون محاطين بعالم كان يمارس فيه السحر منذ قرون عديدة:
جاء في التراث الشعبي الأكادي السومري أن الآلهة كانوا -مثل سائر البشر - في حاجة إلى استخدام السحر لحماية أنفسهم من الآلهة الآخرين. ففي "ملحمة الخلق البابلية" نجد أن "إيَّأ أنكي" كان "رب الرُقي". وقد هزم ابنه "مرودخ" الإلهة "تيامات" لأن تعاويذه كانت أقوى من تعاويذها. وقد وصلت إلينا كتابات بها قوائم طويلة بالأمور التي تجلب الأذى للناس، والطقوس والإجراءات اللازمة للتطهر منها. كما أن هناك ألواح أشورية تتحدث عن قراءة المستقبل باستطلاع النجوم والأحداث البشرية وحركات الطيور وأعضاء الحيوانات. ويقول ناحوم النبي عن نينوى (عاصمة أشور): "من أجل زنى الزانية الحسنة الجمال، صاحبة السحر، البائعة أممًا بزناها، وقبائل بسحرها" (نا3: 4).
كان السحر في مصر أمًرا شائعًا يرعاه الآلهة العظام أمثال توت وايزيس . وقد استخدمت ايزيس - في أسطورة "أوزيريس" المشهورة - السحر في التغلب على الإله "ست" أو وإعادة زوجها إلى الحياة. وكانوا يعلمون السحر في المدارس الملحقة بالمعابد (وكانوا يسمونها "بيوت الحياة"). وكان هناك كهنة متخصصون في ممارسة السحر لأحياء وللأموات لتزويدهم بما يحتاجون إليه في حياة الآخرة. وهناك مخطوطة تُعرف باسم: "تعليمات للملك مريكار" (ترجع إلى حوالى 2200 ق.م.) تبين العلاقة الوثيقة بين السحر والطب في مصر القديمة، كما كان الأمر في بابل، وكان تفسير الأحلام فنًا متقدمًا، كما اشتهر السحرة المصريون بعمل العجائب كما حدث في عهد موسى.
جاء في الملاحم الكنعانية أن الآلهة والبشر كانوا يمارسون السحر. ففي "ملحمة البعل"، انقلبت غلبة الإله "موط" على "بعل" إلى هزيمة بفعل الوسائل السحرية التي استخدمتها الإلهة "أنات" أو "عنات". وفي أسطورة "قريط" ملك أوغاريت، أجرى الإله "إيل" طقوسًا كثيرة ليرد للملك صحته. وهناك الكثير من هذه الملاحم التي تتحدث عن استخدام النساء للسحر والتنجيم.
هذه الظاهرة العالمية، لا بُد كان لها أثرها على بني إسرائيل. والعهد القديم واضح كل الوضوح في النهي عن كل صور السحر. وهناك نهي بالغ القوة في هذا الصدد: "متى دخلت الأرض التي يعطيك الرب إلهك، لا تتعلم أن تفعل مثل رجس أولئك الأمم. لا يوجد فيك من يجيز ابنه أو ابنته في النار، ولا من يعرف عرافة ولا عائف ولا متفائل ولا ساحر، ولا من يرقي رقية، ولا من يسأل جانًا أو تابعة، ولا من يستشير الموتى، لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب.." (تث 18: 9-14؛ انظر أيضًا لا 19: 26). وتكاد هذه العبارة تضم كل أنواع السحر.
وكان الإسرائيلي يتعلم منذ صباه أن يتجنب الكثير من الممارسات الدينية التي تؤديها الشعوب حوله، واعتبارها خرافات خطيرة، لا يمكن أن توجد جنبًا إلى جنب مع عبادة "يهوه". وكانت عقوبة السحر القتل رجمًا: "لا تدع ساحرة تعيش" (خر22: 18) "وإذا كان في رجل أو امرأة جان أو تابعة فإنه يُقتل. بالحجارة يرجمونه. دمه عليه" (لا20: 27). ونجد نفس هذا الموقف في الأنبياء، فمثلًا: "وإذا قالوا لكم: اطلبوا إلى أصحاب التوابع والعرافين المشقشقين والهامسين. ألا يسأل شعب إلهه؟ أيسأل الموتى لأجل الأحياء؟" (إش8: 19)، "فلا تسمعوا أنتم لأنبيائكم وعرَّا فيكم وحالميكم وعائفيكم الذين يكلمونكم.. لأنهم إنما يتنبأون لكم بالكذب" (إرميا 27: 9، 10). "وأنت يا ابن آدم، فاجعل وجهك ضد بنات شعبك اللواتي يتنبأن من تلقاء ذواتهن، وتنبأ عليهن وقل: هكذا قال السيد الرب: ويل للواتي يخطن وسائد لكل أوصال الأيدي، وتصنعن مخدات (أو أقنعة) لكل قامة لاصطياد النفوس" (حز 13: 18). وبذلك كن يذهبن إلى أبعد مما جاء في نبوة ميخا من: "الأنبياء الذين يضلون شعبي الذين ينهشون بأسنانهم وينادون سلام. والذي لا يجعل في أفواههم شيئًا يفتحون عليه حربًا" (ميخا 3: 5) فكانوا يتنبأون بالخير أو بالشر حسب استعداد السائل للدفع. ويبدو أن الوسائد والمخدات، كان يلبسها السحرة أنفسهم (حز 13: 20، 21) والعملاء (حز 13: 18) ولعل الساحرة (أو الساحر) كانت تصنع هذه المخدات (أو الأقنعة) لتمثل الخصم، على شكل دمي، ثم تلبسها بعض الوقت وتقرأ عليها بعض التعاويذ. ويظن بعض العلماء أن الساحرة كانت تزعم أنها قد أمسكت بالنفوس وربطتها في هذه الوسائد والمخدات حتى تقضي عليها. وكان يمكن أن يُستعاض عن هذه الدمى والوسائد والمخدات بشيء مما يخص الخصم، مثل دمه أو شعره أو أظافره أو شيء من متاعه.
ولكن النبي ينذرهم بأن الرب سيقيم في صهيون حجر امتحان "كريمًا أساسًا مؤسسًا، من آمن لا يهرب. وأجعل الحق خيطًا، والعدل مطمارًا، فيخطف البرد ملجأ الكذب.. ويمحى عهدكم مع الموت، ولا يثبت ميثافكم مع الهاوية. والسوط الجارف إذا عبر تكونون له للدوس.." (إش28: 16-19).
ومن المحزن أن الكثيرين من الشعب القديم لم يطيعوا وصايا الرب بالابتعاد عن كل ما يتصل بالسحر والسحرة. فتقرأ عن الملك شاول أنه لجأ -بعد أن تخلى عنه الرب- إلى عرَّافة عين دور. كما نقرأ عن "سحر أيزابيل" (2مل9: 22)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وكان من أسباب القضاء على مملكة إسرائيل وسبي الشعب، "أنهم عبدوا البعل وعبروا بنيهم وبناتهم في النار وعرفوا عرافة وتفاءلوا وباعوا أنفسهم لعمل الشر في عيني الرب لإغاظته" (2مل17: 17) كما أن منسى ملك يهوذا "عبَّر ابنه في النار وعاف وتفاءل واستخدم جانًا وتوابع وأكثر عمل الشر في عيني الرب لإغاظته" (2مل 21: 6) ولكن حفيده التقى يوشيا أطاع الرب، فإن "السحرة والعرافون والترافيم والأصنام وجميع الرجاسات التي رُئيت في أرض يهوذا وفي أورشليم أبادها يوشيا ليقيم كلام الشريعة" (2مل23: 24).
وقد استأجر بالاق ملك موآب بلعام النبي الكذاب (عد22: 1-24: 16)، والعرَّاف (يش13: 22) ليلعن شعب الله. ولكن الله لم يسمح له بذلك، بل وضع في فمه - رغمًا عنه البركة عوضًا عن اللعنة، فقال: "كيف ألعن من لم يلعنه الله؟ وكيف أشتم من لم يشتمه الرب؟" (عد23: 8)، "إني قد أُمرت أن أبارك. فإنه (الرب) قد بارك فلا أرده.. إنه ليس عيافة على يعقوب ولا عرافة على إسرائيل" (عد24: 20-23). فيجب ألا يخشى أولاد الله القوى الشيطانية في جميع صورها ، لأنهم "مباركو الرب" (انظر مت 25: 34؛ أف1: 3).
ويصور إشعياء النبي عدم جدوى السحر والعرافة بالقول: "قفي في رقاك وفي كثرة سحورك.. ليقف قاسمو السماء الراصدون النجوم المعرَّفون عند رؤوس الشهور، ويخلَّصوك مما يأتي عليك. ها إنهم قد صاروا كالقش. أحرقتهم النار. لا ينجُّون أنفسهم من يد اللهب" (إش47: 12-15).
يواصل العهد الجديد شجب السحر والسحرة وكل ما يمت لذلك بصلة. فيضع الرسول بولس "السحر" بين أعمال الجسد البغيضة (غل5: 19) كما يشبه الأشرار الذين يقاومون الحق، بالسحرة الذين قاوموا موسى قائلًا: "كما قاوم ينيس ويمبريس موسى، كذلك هؤلاء أيضًا يقاومون الحق، أناس فاسدة أذهانهم، ومن جهة الإيمان مرفوضون (2تي3: 1-9) كما أنه قد يشير بكلمة "الأشرار والمزورين" في (عدد 13) إلى السحرة والعرافين.
ولما جاء الرسول بولس إلى أفسس، آمن عدد كبير، "وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر، يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع، وحسبوا أثمانها فوجدوها خمسين ألفًا من الفضة وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة" (أع19: 19، 20).
وفى السامرة، كان "رجل اسمه سيمون يستعمل السحر ويدهش شعب السامرة قائلًا إنه شيء عظيم.. وكانوا يتبعونه لكونهم قد اندهشوا زمانًا طويلًا بسحره. ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله وباسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالًا ونساء، حتى إن سيمون نفسه إذ رأى آيات وقوات عظيمة تجرى، اندهش" (أع8: 9-13). كما نقرأ في سفر أعمال الرسل عن "عليم الساحر" الذي كان يفسد والى جزيرة قبرص عن الإيمان (أع13: 6-8). وعن الجارية التي أخرج منها الرسول بولس روح العرافة في فيلبي (أع16: 16-18)، وأبناء سكاوا السبعة في أفسس (أع19: 13-17)، وكيف انتصر عليهم خدام الله. ففي كل مكان حاول السحرة مقاومة كلمة الله، ظهر خزيهم وانكشف زيفهم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qbfh72r