أول ما قدم إبراهيم أرض الميعاد، نصب خيمته في الأراضي المرتفعة قرب بيت إيل (تك 12: 8؛ 13: 3) ثم لما سافر يعقوب إلى ما بين النهرين هاربًا من وجه أخيه عيسو، بات في مكان قرب مدينة لوز (تك 28: 19). ورأى هناك رؤياه العظيمة. فدعا اسم المدينة حينئذ بيت إيل، وذلك لأن الله ظهر له في تلك الليلة (تك 28: 11-19؛ 31: 13) أما موقع المدينة فإلى شرقي خط يمتد من أورشليم إلى نابلس على بُعْد واحد من كلتا المدينتين. وكانت قديمًا محل إقامة ملوك الكنعانيين. ولما عينت لبني افرايم لم يقدروا على أخذها لولا أن جواسيسهم امسكوا رجلًا من أهلها فدلّهم على مدخلها (قض 1: 22-26) والمشهور عنها أنها تابوت العهد بقي بعض الزمن فيها ( قض 20: 27). ثم قام يربعام فيها العجلين الذهبيين اللذين عملهما (1مل 12: 28-33) ويرّجح أن هذا هو السبب الذي حمل النبي على أن يسمّيها بيت آون آي بيت الأصنام (هو 10: 5، 8). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ولما ملك يوشيا على يهوذا صعد إلى بيت إيل فأخذها من أيدي إسرائيل وذبح كهنة المرتفعات فيها، وخرّب أصنامها وهياكلها، وأحرق عظام الناس على مذابحها. ومن ذلك قول النبي عاموس "هلّم إلى بيت إيل" يريد بذلك تمثيل السجود للأوثان عمومًا (عا 4: 4؛ 5: 5). ويظهر أن قسمًا من نبوة عاموس كان موجهًا بشأن هذه المدينة، فتمّ ما تنبأ به عنها في أيام يوشيا (2 مل 23: 15) والذي يظهر من نبوة عاموس أنها كانت في أيامه دارًا لملوك إسرائيل (عا 7: 10-13) والمعلوم عنها أيضًا أن صموئيل قضى فيها لبني إسرائيل (1صم 7: 16) وأن اليهود سكونها ثانية بعد رجوعهم من السبي (نح 11: 31) وأن بيكّيدس السوري حصّنها في أيام المكابيين وتدعى الآن "بيتين".
وهي المدينة التي انتقل إبراهيم من شكيم إلي الجبل شرقيها، ونصب خيمته، وبنى هناك مذبحًا للرب (تك 12: 8).
(I) موقعها ووصفها:
تقع بيت إيل إلي الغرب من عاي، وتذكر في يشوع على التخم الشمالي لبنيامين (جنوبي أفرايم) (يش 16: 2) عند قمة الطريق الصاعد من وادي الأردن إلي عاي (يش 18: 13). وكانت تقع إلي الجنوب من شيلوه (قض 21: 19). ويقول يوسابيوس أنها كانت على بُعْد 12 ميلُا رومانيا من أورشليم على الطريق إلي نيابوليس، وموقعها حاليا هو "يبتين" وهي قرية صغيرة على ربوة شرقي الطريق إلي نابلس، وهناك أربعة ينابيع ماؤها عذب ووفير. وفي العصور القديمة كان ملحقا بها خزان محفور في الصخر إلي جنوبي المدينة، والمنطقة حولها جرداء، وتتميز تلالها بمدرجاتها الصخرية التي تبدو كسلم.
(ب) المقدس:
كان اسم المدينة قبلا "لوز" (تك 28: 19.. إلخ.) وعندما جاءها يعقوب وهو في الطريق إلي فدان أرام، صادف مكانًا وبات هناك (تك 28: 11) وكلمة "مكان" هنا، هي في العبرية "مقوم" وهي شبيهة باللفظة العربية "مقام" لفظا ومعنى، أي أنها تعني "مكانًا مقدسًا"، ولا شك انه كان "المكان" الذي بنى فيه إبراهيم مذبحا للرب ودعا باسم الرب" (تك 12: 8). وفي الصباح أخذ يعقوب الحجر الذي وضعه تحت رأسه (وسادة له)، وأقامه عمودًا وصب زيتًا على رأسه ودعا اسم ذلك المكان "بين إيل" أي "بيت الله" (تك 28: 18، 19)، أي "الله" الذي ارتبط ظهوره له بذلك العمود. وأضحت تلك البقعة مركزًا بالغ الأهمية، فتزايدت عظمة المدينة. وبمرور الزمن اندثر اسم "لوز" وحل محله اسم "المقام المقدس" وأصبحت المدينة و"المقام" شيئًا واحدًا. وقد مر يعقوب بالمدينة مرة أخرى في طريق عودته من فدان ارام، وفي ذلك المكان ماتت دبورة مرضعة رفقة، ودفنت تحت "البلوطة" (تك 35: 6). والأرجح انه من فوق ربوة شرقي بيت إيل، رأى إبراهيم ارض كنعان قليلة الخصب، كما رأى لوط أيضا كل دائرة الأردن الخصبة (تك 3: 9-15).
(ج) تاريخها:
كانت بيت إيل إحدى المدن الملكية في كنعان (يش 12: 16)، ويبدو أن يشوع قد استولى عليها (يش 8: 7) ووقعت بعد ذلك في نصيب سبط بنيامين (يش 18: 22)، ولكننا نراها في سفر القضاة (قض 1: 22-26) في قبضة الكنعانيين مرة أخرى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). ثم استولى عليها بيت يوسف (انظر 1 أخ 7: 28) وقد صعد بنو إسرائيل إلي بيت إيل ليسالوا الله، مما يدل على أن تابوت العهد كان فيها في ذلك الوقت (قض 20: 18)، ثم أصبحت مركزًا هامًا للعبادة (1 صم 10: 3)، وكانت دبورة النبية قاضية إسرائيل تجلس تحت نخلة دبورة بين الرامة وبيت إيل (قض 4: 5). وكان صموئيل" يذهب من سنة إلي سنة ويدور في بيت إيل والجلجال والمصفاة، ويقضي لإسرائيل في جميع هذه المواضع" (1 صم 7: 16).
وبانقسام المملكة بدا العصر الذهبي لبيت إيل، فان يربعام الذي اتبع السياسة التي أكسبته تلك الشهرة التي لا يحسد عليها انه "جعل إسرائيل يخطئ" بنى مذبحا في بيت إيل وعمل عجلا من الذهب وأقام صورة زائفة للعبادة، لكي يجذب أنظار الشعب بعيدًا عن أورشليم كمركز العبادة القومي، فأصبحت بيت إيل مقدس الملك والمركز الديني لمملكته (1 مل 12: 29-33؛ عاموس 7: 13)، وأوقف في بيت إيل كهنة المرتفعات التي عملها (1 مل 12: 32). وجاء إلي بيت إيل "رجل الله" من يهوذا ليعلن دينونة الله على يربعام (1 مل 13)، ولكن نبيا شيحا ساكنا في بيت إيل، أغرى رجل الله، بعد مغادرته المدينة، بالعودة معه، وكانت النتيجة أن أسدًا افترسه لأنه خالف أمر الرب.
وفي أيام إيليا وأليشع كان بها مدرسة للأنبياء (2مل: 2، 3) وقد أكلت دبتان واثنين وأربعين من صبيان بيت إيل (2 مل 2: 23، 24). ونعرف من نبوات عاموس وهوشع ان العبادات الوثنية في بيت إيل كانت تصاحبها فظائع أخلاقية ودينية، فتنبأ عليها بأقسى الدينونات انتقاما منها لشرها (عاموس 3: 14؛ 4 : 4؛ 5: 5؛ 9: 10؛ هو 4: 15؛ 5: 8؛ 10: 5، 8، 13-15). ويطلق هوشع على بيت إيل اسم "بيت أون" من باب السخرية منها لشرها. وقد قاسمت بيت إيل السامرة في مصيرها على يد الأشوريين ويقول تقليد قديم أن شلمناسر استولى على العجل الذهبي (انظر ارميا 48: 13).
وقد جاء الكاهن الذي أرسله ملك أشور ليعلم الشعب، الذي أسكنه ارض إسرائيل، كيف يتقون الرب وسكن في بيت إيل (2 مل 17: 28). وقد أكمل الملك يوشيا تدمير المقدس في بيت إيل، واحرق كل أدوات العبادة الوثنية، وهدم قبور عبدة الأوثان، ولكنه عفا عن الصوة التي دُفِنَ فيها "رجل الله" الذي جاء من يهوذا (2 مل 23: 4-18).
وقد عاد رجال بيت إيل من السبي مع زربابل [عددهم: 223 مع رِجَالُ عَايَ؛ العدد المختلف حسب (نح 7: 32): 123] (عز 2: 28؛ نح 7: 32). وقد سكن فيها بنو بنيامين (نح 11: 31). ويذكر النبي زكريا إرسال بعض الرجال من بيت إيل في السنة الرابعة لداريوس الملك للسؤال عن بعض المسائل الدينية (زكريا 7: 2، 3). كما كانت بيت إيل إحدى المدن التي حصنها بكيديس في زمن المكابيين (1 مك 9: 50). كما أنها تذكر كمدينة صغيرة من افرايم بين المدن التي استولى عليها فسباسيان عند زحفه على أورشليم (تاريخ يوسيفيوس).
* انظر استخدامات أخرى لكلمة "بيت إيل".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/57dpbpn