يقول "علاء أبو بكر": "اتفق كل من سفر عزرا 2: 64 وسفر نحميا 7: 66 أن الذين جاءوا من بابل بعد السبي إلى أورشليم هم 42360 فقد اتفق الاثنان في حاصل الجمع، بالرغم من الاختلاف البين في الأرقام بينهما، فعلى أرقام عزرا يكون حاصل الجمع 29818 وعلى أرقام نحميا يكون حاصل الجمع 31089، فكلاهما مخطئ.
والعجيب أن هذا الجمع الاتفاقي أيضًا غلط على تصريح المؤرخين، فقد قال جامعوا تفسير هنري واسكات ذيل شرح عبارة عزرا: "وقع فرق كبير في هذا الباب والباب السابع من كتاب نحميا من غلط الكاتب" ولما أُلَّفت الترجمة الإنجليزية صُحّح كثير منه بمقابلة النسخ، ومن الباقي تُعين الترجمة اليونانية في شرح المتن العبري. هكذا يصحح المترجمون ما أخطأ فيه الكتبة، ثم يُنسب كله لله!!"(1).
كما يقول "علاء أبو بكر" أيضًا: "يسجل الأصحاح الثاني من سفر عزرا 32 عائلة بأعدادها وأسمائها من الذين رجعوا من السبي البابلي بقيادة زربابل، ويخالفه الأصحاح السابع من سفر نحميا في بيانات نفس الحدث، فيتفق معه فقط في عدد أفراد 18عائلة، ويختلف معه في 14عائلة. كيف يكون هذا وحي الرب"(2).
ج: 1- لقد سجّل الكتاب الأعداد بدقة، حتى أن عزرا الكاهن الكاتب الماهر في شريعة الرب يحدد عدد العبيد والإماء العائدين من السبي فكان عددهم 7337 نفسًا، والمغنيّين والمغنيات 200 نفسًا، بل أنه سجل أعداد الخيول 736، والبغال 245، والجمال 435، والحمير 6720، وذكر العدد الإجمالي للعائدين في الفوج الأول " كُلُّ الْجُمْهُورِ مَعًا اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ" (عز 2: 64). وهذا يتفق تمامًا مع ما جاء في سفر نحميا والذي نُقل من سفر الانتساب الذي وجده نحميا حيث يقول "فَوَجَدْتُ سِفْرَ انتِسَابِ الذِينَ صَعِدُوا أَوَّلًا ووجَدْتُ مَكْتُوبًا فِيهِ... كُلُّ الْجُمْهُورِ معًا أربَعُ ربَوَاتٍ وألفَان وثَلاثُ مِئَةٍ وستُّون" (نح 7: 5، 66) والربوة عشرة آلاف، أي أن كل الجمهور 42360 نفسًا، بينما مجموع ما أورده عزرا من تفصيلات مختلفة هو 29818 ومجموع ما أورده نحميا من تفصيلات هو 31089... فما هو سر هذا الاختلاف؟
هناك ثلاث احتمالات لتفسير هذا الاختلاف:
أ - أحصى عزرا عدد الذكور فقط، فكان عددهم 29818 بينما العدد الإجمالي يمثل عدد جميع العائدين من الذكور والإناث، وهذا احتمال ضعيف لأن عدد الإناث غالبًا ما يعادل عدد الذكور، وبذلك يرتفع عدد العائدين إلى نحو 60 ألفًا بينما كان عدد العائدين 42360.
ب - أحصى عزرا عدد العائدين من سبطي يهوذا وبنيامين فكان عددهم 29818، أما بقية العائدين فهم العائدون من الأسباط الأخرى، فجاء في هامش"الكتاب المقدَّس الدراسي": "اثنين وأربعين ألفًا وثلاث مئة وستين: رقم أكبر كثيرًا مقارنة بالأرقام الأخرى المعطاة:
الفئات |
عزرا |
نحميا |
24144 |
25406 |
|
4289 |
4289 |
|
341 |
360 |
|
392 |
392 |
|
652 |
642 |
|
الإجمالي |
29818 |
31089 |
يصعب تفسير الاختلاف الذي يتراوح بين 10000 و12000غير أن الرقم قد يشير إلى رقم غير معين بين 10000 و12000 من النساء أو الأطفال أو كليهما معًا، كما لا شك أنه يضم الكهنة الذين عجزوا عن إثبات انتمائهم والمُشار إليهم في الآيات 61 - 63 ويعتقد البعض أن المجموعات المحصاة بوضوح كانت عائدة من سبطي يهوذا وبنيامين، أما البقية فقد كانت من أسباط أخرى"(3).
ج - إن الذين سجّلوا أسماؤهم للعودة 42360، ولكن الذين عادوا بالفعل إلى أورشليم هم 29818 ثم عاد بعض الأشخاص بعد ذلك، فوصل عددهم إلى 31089، ويقول "القمص تادرس يعقوب": "يذكر مجموع الجموع دون العبيد والإماء 42360 كما ورد في سفر نحميا، بينما مجموع الأعداد الواردة هنا 29818، ومجموع الأعداد الواردة في نحميا 31089، فما هو سبب ذلك؟
1- رقم 42360 هو عدد أعيان اليهود الذين أرادوا العودة، وهذا الرقم ثبت في عزرا ونحميا، ولكن من ذكرهم عزرا هم الذين تحركوا للعودة وكتبوا أسماءهم وهم في بابل، بينما كتبها نحميا وهو في اليهودية بعد بناء أسوار أورشليم...
2- بعد أن سجل عزرا أسماء الذين تحركوا للسفر، سافر آخرون أيضًا، فسجلهم نحميا، لذا زاد كشف نحميا.
أمثلة ذلك:
1) لم يرد ذكر مغبيش في قائمة نحميا لكنه ورد في عزرا 2: 30 فمع أن عزرا في بابل سجل اسمه، بينما أورد نحميا أسماء الذين وصلوا بالفعل إلى أورشليم.
2) بنوعادين عددهم في قائمة عزرا 454، وعددهم في قائمة نحميا 655، لأن الذين سافروا بالفعل أكثر من الذين سجلوا أسماءهم.
3) كان من عادة اليهود في ذلك الوقت استعمال أكثر من اسم، ولا زالت هذه العادة موجودة في صعيد مصر إلى يومنا هذا. فنجد اسم الشخص في شهادة الميلاد مختلف عن اسم شهرته منذ ميلاده، وغالبًا ما لا يعرف الناس اسمه المُسجَل في شهادة الميلاد حتى يدخل إلى المدرسة أو عندما يتزوج ويحتاج إلى تقديم شهادة الميلاد. هنا نجد كمثال بنوسيعا (نح 7: 47) هم بنوسيعها في عزرا 2: 44"(4).
2- لماذا اختلف إجمالي تفصيلات عزرا (29818 نفسًا) عن إجمالي تفصيلات سفر نحميا (31089 نفسًا)؟
هناك عدة احتمالات قائمة لتفسير هذا الاختلاف:
أ - نقل نحميا الأعداد من سفر الانتساب، وقد يكون البعض قد دونوا أسماءهم في هذا السفر قبل عودتهم إلى أورشليم، ثم غيروا رأيهم، وفضلوا البقاء في بابل، فحذفت أسمائهم من تفصيلات عزرا بينما لم تُحذف من سفر الانتساب الذي وجده نحميا.
ب - ذكر عزرا 29818 وذكر نحميا 31089، وهناك 494 ورد عددهم في قائمة عزرا ولم يرد في قائمة نحميا، كما أن هناك عدد 1765 ورد عددهم في سفر نحميا ولم يرد في عزرا، ولكن إذا جمعنا أعداد عزرا (29818) مع فرق الأعداد في نحميا (1765) نجد الناتج 29818 + 1765 = 31583، وإذا جمعنا أعداد نحميا (31089) مع فرق الأعداد في عزرا (494)، نجد الناتج 31089 + 494 = 31583.
ج - بسبب مشقة الطريق من بابل إلى أورشليم، فربما يكون قد تعرَّض البعض للموت خلال الرحلة، وبذلك يكون سفر الانتساب قد ذكر أعداد الذين خرجوا من بابل، بينما ذكر عزرا أعداد الذين وصلوا إلى أورشليم.
د - ربما ضم سفر الانتساب الذي أخذ منه نحميا عدد من العبيد والإماء الذين تم تحريرهم، فجاء حصرهم في سفر الانتساب، بينما لم يحصهم عزرا لا مع الأحرار ولا مع العبيد، ولكنه اكتفى بإضافتهم للمجموع النهائي (راجع الأسقف إيسيذورس - مشكاة الطلاب في حل مشكلات الكتاب ص 159، 160).
3- يقول "القس منسى يوحنا": "لا يخفى أن في مثل هذه الظروف كثيرًا ما يتغير العدد نظرًا لموت البعض، وعدول البعض الآخر عن السفر، وقيام غيرهم للسفر بعد رفضهم إياه. ففي عزرا ذُكرت أسماء لم تُذكر في نحميا وذلك للسبب المتقدم، فمغبيش المذكور في (عز 2: 30) لم يُذكر في نحميا فلعله عدل عن السفر. أضف إلى ذلك اختلاف الأسماء والألقاب فجرت العادة بين اليهود وأمم الشرق أن يكون للشخص اسم ولقب وكنية فإن حاريف في (نح 7: 24) سُمي يورة في (عز 2: 18)، وسيعا في (نح 7: 47) سُمي سيعها في (عز 2: 4) وقس على ذلك.
فلو ذكر نحميا ما ذكره عزرا اعتبر قوله مخالفًا للواقع نظرًا لضرورة تغير الظروف والأحوال، ولكنه ذكر ما وقع عليه بصره وأما الخلاف بين الاثنين فلا يُذكَر لأن عزرا ذكر 29818 ولكنه زاد على ذلك 414 لم يذكرهم نحميا، وذكر نحميا 31089 وتميزت (قائمة نحميا) بذكر 1765، فإذا جُمع العدد الزائد في عزرا على ما ذكره نحميا كان المجموع 31583، وإذا جُمع العدد الزائد في نحميا على ما ذكره في عزرا كان المجموع 31583، فإذا طرحناه من 42360 كان الناقص 10777 لم يذكروا لأنهم كانوا من أسباط أخرى غير سبطي يهوذا وبنيامين اللذين كانا أكثر من بقية الأسباط غيرة وشوقًا للرجوع إلى أورشليم وتجديد الهيكل"(5).
_____
(1) البهريز في الكلام اللي يغيظ جـ1 س109 ص87.
(2) المرجع السابق س 362 ص 247.
(3) الكتاب المقدَّس الدراسي ص 1097.
(4) تفسير سفر عزرا ص 56، 57.
(5) ردود كتابية منطقية على مزاعم وافتراءات خيالية عن الكتاب المقدَّس ص 73، 74.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/helmy-elkommos/biblical-criticism/1469.html
تقصير الرابط:
tak.la/p4n4na9