سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة:
الأخت العزيزة.. نشكر أسلوبك الجيد في عرض رسالتك وكلامك(*).. ونود أن نبدأ بما انتهت له رسالته، ونسأل الهداية من الله لنا ولكِ وللجميع.. فالله وحده عز وجل هو هدف هذه الحياة وما بعد الحياة..
تساؤلاتِك كلها مشروعة ومقبولة، ولكنها للأسف نابعة من خلفية إسلامية.. لكِ الحق بالطبع في هذا، ولكن، لا يصِح أن آخذ معلوماتي عن القرآن مثلًا من توراة اليهود، وبنفس المنطق، لا يصِحّ أن تأخذي معلوماتك عن المسيحية من القرآن! ولا بالطبع مما قد تسمعينه أو تشاهدينه في الفضائيات الإسلامية والعامة.. فهناك بعض الأخطاء التي جاءت في الرسالة بسبب عدم دراسة الإنجيل من الأساس! فأنا قرأت القرآن كله، وأعرف أقسامه وتاريخ كتابته وكاتبه وتقسمه إلى سور وخلافه.. ولكن كلامك عن الإنجيل يؤكد أنكِ لم تمسكين كتابًا مقدسًا على الإطلاق.. فالتقسيم الذي تم عرضه غير سليم..
ولنعرض للنقاط التي تفضلتي بعرضها واحدة فواحدة، مع وضع روابط لردود سابقة عليها أو على بعضها في جنبات موقع الأنبا تكلاهيمانوت هذا، لعدم التكرار.. وستجدين الرد في الروابط في كل نقطة إن لم نقم بالاستفاضة فيها..
أول ملحوظة في كلامك، هي كلام غير دقيق مع أنه مذكور في القرآن نفسه! وهي قولك "نؤمن بان مريم عليها السلام من سيدات الجنه". فهي ليست فقط من سيدات الجنة، ولكنها أعظم امرأة في العالم، أعظم من أمهات جميع الأنبياء، حتى أنبياء الإسلام أنفسهم.. فإن كنتِ تؤمنين مثلًا أنكِ بإيمانك هذا ستدخلين الجنة، فأنتِ من سيدات الجنة.. لهذا لا يصح وضع السيدة مريم مع البشر العاديين، حتى وإن كان مصير جميعهم الجنة.. فقد قال القرآن: "وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" (سورة آل عمران 42).
هناك نقطة ثانية قمتِ بعرضها غير معروف مصدرها، وهي "ليرى من من الناس سيومن بالله و من منهم سيفتن بمعجزات النبي عيسى و يوهمه الشيطان بانه عيسى هو الله او ابن الله"، فأين مصدر هذا الكلام في القرآن؟
وضعتي كذلك مقارنة بين آدم والمسيح من جهة الولادة.. وهذا أيضًا خطأ.. فآدم مخلوق وليس مولود! وهذا هو الفرق.. مَنْ مِن البشر بعد آدم ولد بهذه الطريقة؟!
قد يكون هناك معجزات شفاء أو غيره للأنبياء.. ولكن أخبريني عن نبي "خلق" شيئًا غير المسيح؟! فموضوع الخلق هذا هو من صفات الله وحده عز وجل.. والمسيح بشهادة القرآن نفسه قد خلق طيرًا من طين! مثلما خلق الله إنسانًا من طين.. ومثلما نفخ الله روحًا في هذا الطين ليعطيه الحياة، نفخ المسيح روحًا في الطين وأعطاه حياة.. وبالطبع كل شيء بإذن الله.. فبإذنه أعطى الروح للطين.. فمَنْ من الأنبياء قد استطاع أن ينفخ في الطين فيعطيه روحًا مثل الله عز وجل؟! لكِ أن تحللين هذا الأمر مع نفسك.. وها هي آيات القرآن في هذا الموضوع: "وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (سورة آل عمران 49)، "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ" (سورة المائدة 110).
مَنْ هو علاّم الغيوب؟ هو الله وحده عزَّ وجل.. فيقول القرآن: "إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ" (سورة المائدة 109، 116)، "أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ" (سورة التوبة 78)، "قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ" (سورة سبأ 48). قارني هذا بقول القرآن على لسان المسيح "وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ" (سورة آل عمران 49).
"النبي عيسى عليه السلام لا يزال حي يرزق": نقطة أخرى هي خطأ تاريخي مذكور في القرآن عن أن السيد المسيح صعد إلى سماء ومازال حيًا.. فقبل أن يُكتَب القرآن بأكثر من 600 سنة مات السيد المسيح بشهادة المعاصرين والكُتَّاب كذلك، وقضى في القبر ثلاثة أيام، قبل أن يقوم. نعم السيد المسيح حيٌ الآن، ولكنه سبق فمات.. فكيف أرفض مصدرًا معاصرًا للحدث، وأقبل معلومات متعارضة عنه جاءت بعده بقرونٍ عدة؟! ولا يمكن أن يتعارض كلام الله.. حاشا.. وإن الرد التقليدي سيكون موضوع دعوى تحريف الكتاب المقدس.. فالرد عليها قادم في نقطة تالية..
"ربي القى شبهه عيسى على احدى الحواريين": هذا اتهام صريح لله بالظلم - حاشا! فالله لا يُعاقِب أحدًا بذنب آخر.. بل قال الله عز وجل: "كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ" (سفر إرميا 31: 30). وهذا الرابط هنا في موقع الأنبا تكلا يتحدث عن موضوع الظن بصلب يهوذا بدلًا من المسيح.
أمرً آخر للتأمل: لماذا السيد المسيح في عقيدة الإسلام هو الذي سيأتي في نهاية العالم، وينتظر العالم الإسلامي؟! لماذا ليس شخص آخر من أنبياء الإسلام؟!
"نحن المسلمين نعبد الله ولا نعبد محمد": هذا أيضًا أمر غير دقيق إذا وضعت أمامك الشهادة الإسلامية.. فالشهادة بالإسلام تُعتبر منقوصة إن قلت فقط "لا إله إلا الله".. فإن هذا فقط غير كافي، بل في الإسلام ينبغي أن أضع بجانب الله إنسانًا وهو الرسول محمد رسول الإسلام، وبدون وضع إنسان مع الله، لا تَصِحّ الشهادة!! لكِ أيضًا أن تفكرين في هذه النقطة الغريبة..!
"لماذا لا تقروون قرآننا وتتمعنوون فيه": قرأنا بالفعل القرآن، وهو متاح، ونستشهد بآياته كما رأيتِ، وهذا زادنا إيمانًا بما نحن فيه.. دورِك الآن أن تقرأين الكتاب المقدس وتفاسيره لتعرفي الحقيقة من مصدرها، وليس من مصادر خارجة عنها..
"لا نحتاج لماء او زيت او اعترافات او دم ولحم ونبيذ": هذا الكلام يحمل بعض التهكم على الطقوس العقائدية بدون فهمها وفهم معانيها ورموزها، وهو لا يصِح من باحِث صادق.. وخاصةً أن كل دين له طقوسه الخاصة.. فنرى في الإسلام الطوفان حول الحجر الأسود الذي لا يعرف الطوافون حوله ماهيته! ونرى طقوسًا للتطهير من وضوء وخلافه.. وذبح خروف الضحية في عيد الأضحى المبارك.. كل هذا لنا منه كل احترام.. وينبغي على الباحث الصادق أن ينظر لعقائد الآخرين بالاحترام كذلك.. فهذا به طقوس، وذاك كذلك..
"لدينا قرآن واحد لم يحرف": هذا لا علاقةَ لهُ بنا.. على الرغم من إنكِ إن بحثتِ كذلك في الإنترنت حول هذه النقطة، ستجدين الكثير.. ولكننا هنا في موقع الأنبا تكلا كموقع مسيحي، نتعرض فقط للمسيحية لا غير..
"لم لديكم 3 كتب انجيل!! قديم وجديد و حديث!!": هذا أحد الأمور التي توضح أن السائلة العزيزة تستقي معلوماتها عن المسيحية من المعلومات العامة والفضائيات والمصادر غير المسيحية! 1- فلا يوجد شيء اسمه "الحديث". بل يوجد العهد القديم والعهد الحديث، وهي تقسيم لكتاب الله قبل وبعد مجيء المسيح. 2- إن كان القصد الأناجيل الأربعة في العهد الجديد، فهي كلها أوجه لقصة السيد المسيح على الأرض.. مثلما يذكر القرآن شيئًا في سورةٍ ما، ويسردها بشكل آخر في سورة آخرى.. وقد عرضنا أمثلة كثيرة للتكرار وإعادة السرد في القرآن في هذا الرابط من موقع الأنبا تكلا.. فالأناجيل الأربعة تستطيعين فهما كأنها أربعة سور من القرآن..
أما حول نقطة التحريف اللطيفة هذه، فهي اتهام آخر لله عز وجل -حاشا- بعجزه عن الحفاظ على كلامه.. وكأن الله يعطي البشر كلامًا يعجز هو نفسه عن حِفظه، فيغيب فترة ويعاود الكرة بعد عدة قرون بكلام آخر، ثم يأتي ثالثة بكلام جديد، حيث أن كلامه السابق قد ضاع واندثر وتغيَّر!!! يا عزيزتي، فكري في هذه النقطة بالمنطق، وبالإيمان.. لا يجب قبول أي كلام مُرسَل بدون تفحيص وتمحيص.. فأمر "لا تجادل وتلا تناقش" هذا ليس من العقل الذي وهبهُ الله لنا.. وهذا الرابط به تجميع لبعض ما ذُكِرَ عن موضوع تحريف الكتاب المقدس في الموقع.
تقولين "اكاد اجزم بانكم واجهتم نفس الاسئلة من قبل".. كلامك سليم.. ووصول الأسئلة من قبل هي دليل على الاستسهال وعدم البحث! فأي شخص يرمي بأي اتهامات، أو أفكار مسبقة، أو آراء شخصية بدون دراسة حقيقة للأمر.. وهذه مشكلة الكثيرين..
نسأل الله الهداية للجميع..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z32rgbr