بل في طعام واحد وهذا يحمل بالنسبة لهم معنى خاص... إنهم يشتركون معًا في طعام واحد الذي هو مصدر الحياة وكأنه قد صارت لهم حياة واحدة بل أنهم ينتسبون إلى عائلة واحدة رأسها هو شخص السيد المسيح له المجد... هذه هي وليمة مصالحة أو وليمة إقامة قرابة فيما بينهم...
"... فإننا نحن الكثيرين خبز واحد. جسد واحد لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد" (رسالة كورينثوس الأولى 10: 17)... فالذبيحة في القداس الإلهي تجعل الكل واحد لذلك يقول القديس أغسطينوس: "كل من يفصل نفسه عن الكنيسة ولا يجتمع مع الجماعة وقت تقديم الذبيحة فهو يحسب مذنبًا"
في سر الأفخارستيا يجتمع المؤمنون بروح الشركة والوحدة فيكون لهم ولصلواتهم فاعلية لهذا كان القديس ذهبي الفم يحزن من أجل الذين يستمعون العظات ولا يشتركون في ليتورجيا الأفخارستيا لذا يقول ذهبي الفم:
"قد تقول: أستطيع الصلاة في بيتي لكني لا أقدر أن أسمع عظمة في بيتي... إنك تخدع نفسك يا إنسان فإنك وإن كنت تقدر بالحقيقة أن تصلي في البيت لكن ليس بذات الكيفية التي تتم في الكنيسة حيث أنه يشترك كثير من الآباء الروحيين وترتفع صلوات مشتركة أمام الله"... نستطيع أن نقول أن من يرى الكنيسة إنما يرى ويعاين السيد المسيح رأسها هي سر المسيح الذبيح وجسده فإذ نفكر في الكنيسة يليق بنا أن نتطلع إلى وجودها السري بكونها "جسد المسيح" أي "أفخارستيا"...
... والكنيسة منذ نشأتها نتطلع إليها كجماعة أفخارستية وتبقى هكذا عبر الأجيال لأنها هي جسد المسيح تتطلع إلى المذبح فتجد أيضًا جسد المسيح الذبيح تجد فيه مركز حياتها وعلة وجودها خلاله تبدد تغرب الأمم عن الله كقول الرسول: "فلستم إذن بعد غرباء ونزلاء بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله وخلاله تمتعت باتحادها مع المسيح وقيامها جسدًا حيًا له... إذن نحن ممثلون في الأفخارستيا لا بصورة رمزية فحسب بل كأعضاء بالنسبة للرأس وأغصان في الأصل"... يقول القديس أغسطينوس: "أنتم فوق المائدة... أنتم داخل الكأس"... لذا كان سر الأفخارستيا هو سر وحدة الكنيسة معًا كما أوضح ذهبي الفم أنه إذا كان الخبز يحوي حبوبًا (الخبز هو حبات حنطة متحدة، والخمر حبات عنب متحدة) كثيرة متحدة معًا فلا تظهر الحبوب بعد... هي موجودة فعلًا لكن لا يظهر اختلافها بسبب اتحادها معًا هكذا نرتبط مع بعضنا البعض في المسيح فليس هو جسدًا لشخص وآخر لشخص آخر... بل هو جسد واحد يتغذَّى به الكل، إنه شركة في جسد الرب شركة مع المسيح نفسه... يقول القديس أغسطينوس: كل مدينة مفدية أي كلها مجمع المؤمنين وكل جماعة القديسين هي ذبيحة جامعة يقدمها الكاهن الأعظم الذي قدم نفسه بالآلام من أجلنا لكي نصير جسدًا لرأس عظيم كهذا... هذه هي ذبيحة المسيحيين حيث يصير الكل جسدًا واحدًا فريدًا في المسيح يسوع...
حقًا توجد أمور كثيرة تربطنا معًا: مائدة واحدة معدة للجميع... مشروب واحد مقدم للكل... بل نشرب من كأس واحدة الأمر الذي يصدر عن حب متسع... يقول القديس أغسطينوس: "ينشأ سر سلامنا ووحدتنا فوق مذبحه" لذا في كل مرة نرفع أنظارنا نحو المذبح نجد جسد المسيح الواحد الذي يقدم في كل مكان بغير تعدد!! هكذا ندرك سر اتحادنا مع بعضنا البعض في المسيح يسوع وعمل كلمة الله في السر هو إحضار العالم كله إلى واحد بكسر الخبز الواحد فيكون لنا الآب الواحد والابن الواحد ويصير الكل عائلة إلهية واحدة تربطها شركة الإخوة واتحاد الروح بالكلمة برباط الحب الواحد لذا يقول في أوشية السلامة: "اذكر يا رب سلامة كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسولية"... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكذلك في قانون الإيمان نقول... وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية من هنا كانت شركة المؤمنين معًا تحمل العضوية الكاملة في الكنيسة المقدسة والانتماء الدائم لبيت الله الذي هو مصدر حياة لكل أعضاءه.
تحوي صلاة عن الراقدين والمسافرين والمرضى والرؤساء وسلامة العالم وسلامة الكنيسة وعن الآباء والرسل بل تشمل صلوات الليتورجية ما هو أبعد من ذلك، إذ تصلي عن المياه والزروع والأهوية ونجاة الإنسان والحيوان والقرابين والاجتماعات... وكل ما هو لازم لحياة الإنسان المستقرة والآمنة... كذلك تطلب الكنيسة في الليتورجية لأجل الشيوخ والشباب والأرامل والمتزوجين والبتوليين عن الحاضرين والغائبين والمسجونين والمقيدين والقائمين والساقطين والتائبين... إلخ.
إنها وحدة قائمة في كل ليتورجية بين الكنيسة المجاهدة والكنيسة التي أنهت جهادها بسلام... الكنيسة المنتصرة... نصلي لأجلهم بل أننا نطلب شفاعتهم عنا في القداس الباسيلي وكذا الكيرلسي نصلي: "وهؤلاء يا رب وكل أحد الذين ذكرنا أسماءهم والذين لم نذكرهم الذين في فكر كل واحد منا والذين ليسوا فينا... الذين رقدوا وتنيحوا في إيمان المسيح... وكذلك تصلي الكنيسة في الليتورجيا مجمع الآباء القديسين وتقيم التذكارات للآباء والكهنة والعلمانيين وجميع الشعب الأرثوذكسي (الكنيسة المنتصرة) بل تطلب بركتهم معنا... لذا نصلي لحن بركاتهم المقدسة تكون معنا. آمين...
وكذلك تجد في باقي أنواع القداسات مثل قداس الأسقف سرابيون يقول: نتوسل إليك أيضًا يا رب من أجل الذين رقدوا الذين في فكرنا (تذكر الأسماء)... قدس كل هذه النفوس فإنك تعرف جميعها. قدس كل النفوس التي رقدت في الرب... احسبهم في عداد قواتك المقدسة وأعطهم موضعًا ومسكنًا في ملكوتك... من كل هذا نجد أن ليتورجية القداس الإلهي وهي سر الاتحاد الذي يوحد بين المؤمنين (المجاهدين) وبين الراقدين (المنتصرين) وكذا تطلب نياحًا عامًا لكل الراقدين في حضن أبينا إبراهيم وإسحق ويعقوب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hwzwt64