St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   03-Enjil-Loka
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

لوقا 17 - تفسير إنجيل لوقا

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب لوقا:
تفسير إنجيل لوقا: مقدمة إنجيل لوقا | تسلسل الأحداث في إنجيل لوقا | لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24

نص إنجيل لوقا: لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24 | لوقا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

الآيات (1-6): راجع كتاب إنجيل متى (مت6:18-7‌)

راجع كتاب إنجيل متى (مت15:18+21-22‌)

 

آيات (1-2): "وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «لاَ يُمْكِنُ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِلَّذِي تَأْتِي بِوَاسِطَتِهِ! خَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحىً وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنْ يُعْثِرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ."

ما سبق كان حديث عن السماء ولكننا مازلنا في الأرض وبها عثرات.

العالم الذي نحيا فيه هو عالم شرير، وقد وضع في الشرير. ولا بُد سيأتي ضيق على المؤمنين وهرطقات، وكتب وأفلام وصور خليعة معثرة وأصدقاء أردياء ومسكرات ومخدرات، وخصومات ومنازعات (2تي1:3-5). بل هناك عثرات من الخدام والكهنة، فأخطاء هؤلاء معثرة جدًا. والله ليس هو سبب هذه الضيقات والعثرات، ولكنه هو يعلم أنه لا بُد وستأتي. وللناس الحرية أن يقبلوها أو يرفضوها. وقول السيد هنا ويلٌ= هو إنذار لكل من تسول له نفسه أن يفعل هذا. هؤلاء الصغار= يقصد الرسل والتلاميذ، والمؤمنين البسطاء المتضعين، أو قليلي المعرفة. يطوق عنقه بحجر رحى= هي عقوبة يونانية رومانية. والمسيح لا يدعو للانتحار قطعًا، بل يدعو للتوبة، ولكن معنى الآية، أن عذاب الغرق لثواني أما عذاب الجحيم فأبدي. ومع أن العالم مليء بالعثرات والسماء كلها مجد. لكن لا داعي أن أنتظر حتى أصل للسماء لأفرح بالسماويات. لكن الآيات القادمة ترسم لي الطريق لكي أحيا في السماويات. ولكنها سماويات داخل القلب.

 

آية (3): "اِحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ. وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَوَبِّخْهُ، وَإِنْ تَابَ فَاغْفِرْ لَهُ."

ماذا يساعدني أن أحيا في السماويات ونحن مازلنا على الأرض؟ الغفران.

إحترزوا لأنفسكم= من أن [1] تتعثروا [2] من أن تعثروا أحدًا. وأشهر عثرة هي عدم الغفران لذلك يقول= إن أخطأ إليك أخوك فوبخه= وفي (مت23:5-24) يقول للمخطئ لا تقدم قربانك على المذبح قبل أن تذهب وتصطلح مع أخيك، وبجمع الآيتين نجد السيد يوجه الخصمين للصلح.

 

آية (4): "وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَرَجَعَ إِلَيْكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ قَائِلًا: أَنَا تَائِبٌ، فَاغْفِرْ لَهُ»."

التلمود كان يعلم بالغفران 3 مرات، وهنا يطلب السيد 7مرات، وفي (مت21:18-22) يطلب الغفران 70×7 ورقم 7 هو رقم كامل وبذلك يكون المعنى الغفران الكامل الدائم.

وإن كان السيد يطالبنا بأن نفعل هذا فهو بالتأكيد سيغفر لنا بنفس الشروط. هذا يفتح باب الرجاء للتائبين.

 

آيات (5-6): "فَقَالَ الرُّسُلُ لِلرَّبِّ: «زِدْ إِيمَانَنَا!». فَقَالَ الرَّبُّ: «لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل، لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذِهِ الْجُمَّيْزَةِ: انْقَلِعِي وَانْغَرِسِي فِي الْبَحْرِ فَتُطِيعُكُمْ."

أدرك الرسل أن ما يطلبه السيد هو فوق حدود الطبيعة الإنسانية فقالوا= زد إيماننا= أي طلبوا معونة إلهية للتنفيذ، أو طلبوا قلبًا جديدًا وطبيعة جديدة قادرة على الغفران، والطبيعة الجديدة تأتي أولًا بالإيمان ثم بعمل النعمة. والله هو الذي يزيد الإيمان. وبولس الرسول يمدح أهل تسالونيكي إذ أن إيمانهم ينمو (2تس3:1). والتلاميذ طلبوا زيادة الإيمان بنصيبنا في السماء، فحينئذ نحتقر الأرض وما فيها ونسامح على أي شيء إذ أن أعيننا أصبحت مركزة على السماء، خصوصًا أنني فهمت من الكتاب أن شرط غفران الله لي لأدخل السماء، أن أغفر أنا للآخرين.

والله له وسائله الخاصة ليزيد إيماننا، فتارة يعطينا من نعمه وبركاته الكثير، وتارة يسمح ببعض التجارب والتأديبات، وعلينا أن نشكر الله على عطاياه فلا ننشغل بالعطية عن العاطي، وعلينا أن نشكر في الضيقات ولا نتذمر(كو7:2) فنحن نتفاضل في الإيمان بالشكر. وكلما شكرنا ولم نتذمر تنفتح عيوننا الداخلية ونرى يد الله فيزداد إيماننا فالله يعطي أولًا الإيمان، فهو عطية من الله، ويكون أولًا صغيرًا مثل حبة خردل، ومع الشكر وعدم التذمر تنقلع شجرة الجميز= أي الشك الجاثم على قلوبنا أو الخطية المتعمقة في القلب. فالإيمان هو خبرة معاشة مع الله فيها نتلامس معه يوميًا فينمو إيماننا. وقيل أن شجرة الجميز ترمز للشيطان الذي يلقي بذار الشك في قلوبنا، فكلما يزداد إيماننا نأمره بأن يبتعد ويُرمي في البحر، كما حدث مع قطيع الخنازير.

حبة الخردل= بذرة صغيرة تستخدم كتوابل، وحينما تنمو تكون شجرة بطول 5,3 متر. وجذورها ثابتة وقوية. واليهود يقولون حبة خردل للإشارة للأشياء الصغيرة جدًا.

 

الآيات (7-10): "«وَمَنْ مِنْكُمْ لَهُ عَبْدٌ يَحْرُثُ أَوْ يَرْعَى، يَقُولُ لَهُ إِذَا دَخَلَ مِنَ الْحَقْلِ: تَقَدَّمْ سَرِيعًا وَاتَّكِئْ. بَلْ أَلاَ يَقُولُ لَهُ: أَعْدِدْ مَا أَتَعَشَّى بِهِ، وَتَمَنْطَقْ وَاخْدِمْنِي حَتَّى آكُلَ وَأَشْرَبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ أَنْتَ؟ فَهَلْ لِذلِكَ الْعَبْدِ فَضْلٌ لأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ؟ لاَ أَظُنُّ. كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ، لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا»."

السيد يكمل كلامه عن ماذا يساعدنا أن نحيا في السماويات؟ التواضع والانسحاق.

لنلاحظ أن الله هو الوحيد الذي يمكنه أن يتواضع وينزل، فهو الوحيد العالي، وهذا ما عمله المسيح بتجسده.

اما نحن فتراب خاطئ نجس ولكن قيمتنا هي في المسيح الذي فينا والذي دفع دمه ثمنا ليشترينا. فلماذا أتعالى على أخي والمسيح الذي فيه هو الذي فيَ. لذلك فحقيقة أن التواضع بالنسبة لنا كبشر هو أن نفهم هذه الحقيقة ، فلا تكون عيوننا عمياء غير مدركة للواقع، وننتفخ فيسخر منا الشيطان الذي يعرف هذه الحقيقة. بل الشيطان هو الذي يعمي عيوننا ويخدعنا بما في أيدينا فننتفخ، وبداية السقوط الكبرياء وتشامخ الروح.

السيد المسيح علمنا أن نصلي لله قائلين يا أبانا الذي.. وهو يكلم التلاميذ قائلًا لهم يا أولادي (يو33:13). ويقول لا أعود أسميكم عبيدًا.. لكني قد سميتكم أحباء (يو15:15). ويقول الكتاب "أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله (يو12:1). فلماذا يعود السيد المسيح هنا ويطالبنا أن نكون عبيدًا؟ أولًا: نحن عبيد فهو قد إشترانا بدمه لكن طبيعة الإنسان تشتهي المجد الباطل وتميل إليه، ألم يسقط آدم وحواء إذ أرادا أن يصيروا مثل الله. والتلاميذ بعد هذه الفترة الطويلة مع المسيح إشتهوا أن يكون أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره (مت21:20). وتشاجر التلاميذ من منهم أعظم (مت1:18 + مر34:9) بل حتى الليلة التي أسْلِمَ السيد فيها تشاجروا على من هو أعظم (لو24:22). ولو تصرف كل إنسان على أنه ابن الله وبهذا ينتفخ سنسقط في الكبرياء ونضيع ونبحث عن الكرامات التي نستحقها كأبناء لله..!! ولكن السيد في هذا الدرس كان يريد منّا أن لا نبحث عن أي أمجاد أو كرامات في هذا الزمان الذي نتعرض فيه لخطورة السقوط في الكبرياء، فليسمينا الله أحباء وبنين، ولكن علينا أن نصنع كل واجباتنا، ونقوم بخدمتنا بأمانة، ونعبد الله بأمانة، ولكن نقول، نحن عبيد قمنا بواجبنا، ولا نطلب أمجاد في المقابل ولا كرامات ولا عطايا في مقابل خدمتنا، ولا مكافآت زمنية سواء ماديات أو مواهب روحية، علينا أن نعيش بهذه الروح، روح الاتضاع والانسحاق والشعور بأننا لا نستحق شيء، لنردد مع بطرس "أخرج يا رب من سفينتي فأنا رجل خاطئ" (لو8:5) (ليس المقصود أن يخرج الرب فعلًا، لكن هي عبارة تشير لعدم استحقاق بطرس لوجود الرب في سفينته، وذلك لأنه أدرك أنه خاطئ) فهل نحن بلا خطية؟ حاشا.. إذًا فنحن خطاة لا نستحق شيء. وربما أتت هذه الآيات بعد حديث الرب عن المغفرة والإيمان. فهل لو رأينا إيماننا قد ازداد، أو أصبحنا بنعمته قادرين على الغفران فهل تأخذنا نشوة التفاخر والتعظم؟! هنا نفهم نصيحة المسيح، أنه "يجب علينا أن نكون كعبد رجع من عمله، فعليه ألاّ ينتظر الراحة بل يكمل خدمة سيده. ونحن علينا ألاّ نكف عن الخدمة، وألاّ نطلب الراحة واللذة في هذا الزمان الحاضر. بل لا نطلب شكرًا من أحد بل لا ننسب لأنفسنا فعل الخير، فكل خير فعلناه، الله هو الذي أعطانا أن نفعله، فلماذا ننسب لأنفسنا ما صنعته نعمة الله (يع16:1-17+ 1كو7:4+ 1كو10:15) بل كوننا أبناء فهذا أصلًا من نعمته وليس فضلًا منا. ونحن خارج نعمته ما نحن سوى عبيد بطالون= أي لم نوفه حقه، ولن نوفه مهما عملنا. فنحن مدينون له بحياتنا أولًا ثم بكل ما بين أيدينا، ثم بفدائه، وبحصولنا على البنوة. عمومًا فمن يضع نفسه تحت لا سبيل لوقوعه، أما من يرفع نفسه إلى فوق فهو معرض للسقوط. ومن يضع نفسه تحت يحرم إبليس من فرصة خداعه ليسقطه.

 وإن كان من يفعل كل ما أُمِرَ به هو عبد بطال فماذا نكون نحن المقصرين فيما طُلِبَ منّا؟!

 هذا هو السبب الذي جعل بولس الرسول يعتبر نفسه مديونًا للكل (رو14:1)

تمنطق وإخدمني= إشارة للجهاد طوال العمر. بعد ذلك تأكل وتشرب= إشارة للحياة الأبدية والشبع في الملكوت. دخل من الحقل= العمل في العالم. أعدد ما أتعشى به= بعد العودة للمنزل علينا أن نفرح الله بعبادتنا. ولنلاحظ أن الـ24 قسيس في السماء يسجدون أمام الله في انسحاق (رؤ10:4) فلماذا؟ لأنهم اكتشفوا أن هذا طريق الفرح.

 

الآيات (11-19): (شفاء العشرة برص)

St-Takla.org Image: One of them, a Samaritan man, when he saw that he was healed, came back to Jesus, shouting, ‘Praise God!’ He fell to the ground at Jesus’ feet, thanking him for what he had done. (Luke 17: 15-16) - "Jesus heals ten men with leprosy" images set (Luke 17:11-18): image (4) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فواحد منهم لما رأى أنه شفي، رجع يمجد الله بصوت عظيم، وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له، وكان سامريا" (لوقا 17: 15-16) - مجموعة "يسوع يشفي المرضى بالبرص" (لوقا 17: 11-18) - صورة (4) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: One of them, a Samaritan man, when he saw that he was healed, came back to Jesus, shouting, ‘Praise God!’ He fell to the ground at Jesus’ feet, thanking him for what he had done. (Luke 17: 15-16) - "Jesus heals ten men with leprosy" images set (Luke 17:11-18): image (4) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فواحد منهم لما رأى أنه شفي، رجع يمجد الله بصوت عظيم، وخر على وجهه عند رجليه شاكرا له، وكان سامريا" (لوقا 17: 15-16) - مجموعة "يسوع يشفي المرضى بالبرص" (لوقا 17: 11-18) - صورة (4) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

الآيات (11-19): "وَفِي ذَهَابِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ اجْتَازَ فِي وَسْطِ السَّامِرَةِ وَالْجَلِيلِ. وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَال بُرْصٍ، فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ وَرَفَعوُا صَوْتًا قَائِلِينَ: «يَا يَسُوعُ، يَا مُعَلِّمُ، ارْحَمْنَا!». فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا. فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ، رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِرًا لَهُ، وَكَانَ سَامِرِيًّا. فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟ أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْدًا للهِ غَيْرُ هذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟» ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَامْضِ، إِيمَانُكَ خَلَّصَكَ»."

ذكر القصة القديس لوقا الذي إهتم بذكر أحداث بيرية ومنها شفاء البرص ثم مجيئه الثاني (لو 17: 20 - 37) ثم قصة زكا. وهذا كله لم يتعرض له إنجيلي متى ومرقس. وفي دخوله لقرية في الطريق قابله العشرة البرص وشفاهم ولكن عاد واحد فقط ليشكره فحصل على الخلاص. وهنا نحن أمام موقفين. شخص يطلب منفعة من المسيح (الـ9 البرص)، وشخص آخر يجد المسيح ويعرفه ويحبه فيخلص خلال منفعة أخذها من المسيح (هذا السامري الذي عاد ليشكر). للـ9 الشفاء كان الهدف وللـسامري الذي عاد ليشكر الرب كان الشفاء الوسيلة ليعرف المسيح فيخلص.

هنا نرى شرط آخر لنحيا به في السماويات وهو.... الشكر.

نرى هنا الرب يسوع هو الذي يطهر نفوسنا من برص الخطية، وأنه بينما هو يشفي ويخلص يفرح بمن يعود له شاكرًا. ولكن هل يحتاج المسيح لأن نشكره؟! المسيح لا يحتاج مني أي شيء. العطاء والمحبة من طبعه. ولكن أن أشكر الله فهذا يعطي لي فرصة أن أستمتع بمحبة الله، القلب الشاكر يُمَكِّنْ الله من أن يتعامل معه ويعزيه ويفرحه بل يعطي المسيح لمن يعود الشفاء الروحي، وهذا عكس القلب المتذمر الذي يغلق الباب أمام الله، فلا يستطيع الله أن يتعامل معه. لذلك تعلمنا الكنيسة المقدسة أن نبدأ كل صلواتنا بالشكر، حتى في الأحزان، فالله صانع خيرات، وحتى ما نعتبره ضيقة أو تجربة أو شدة فهو للخير (رو28:8 + 1كو22:3) لذلك علينا أن نشكر دائمًا وفي كل حال. فمن يشكر في الضيقة، كما قلنا ثقة منه في الله، وإيمان بأن الله لا يستطيع أن يصنع سوى الخير حتى لو لم نفهم الآن ما يصنعه ولكننا سنفهم فيما بعد (يو7:13)، مثل هذا القلب يستطيع أن يتعامل الله معه ويملأه تعزية وسط الضيقة. لذلك يطلب المسيح أن نتعلم الشكر في العطايا الحلوة والصحة، وإذا تعلمنا هذا سنستطيع أن نشكره في الضيقات وبهذا تكون صلتنا مستمرة معه. الجحود تجاه الله، وتجاه الناس ناشئ عن خطايانا التي تسببت في قسوة قلوبنا. فهناك من يشتكي حاله بمرارة استدرارًا لعطف الناس ولكنه لا يشكر أبدًا. وهناك من هو غير راضٍ عن نصيبه في الحياة، ويقارن بين حاله وحال غيره ويتذمر إذ يرى نفسه أقل من ناحية الخيرات المادية فيتذمر ولا يشكر أبدًا.

لذلك علمتنا الكنيسة أن نبدأ كل صلواتنا بالشكر وهذا يجعل القلب أداة طيعة في يد الله يسهل على الله التعامل معها.

تشبيه= يُشَبَّه القلب بقطعة من الشمع، إذا تعرضت للحرارة تسيل وتلين ويسهل تشكيلها، ولو بردت تتكسر لو حاولت أن تعيد تشكيلها. وهكذا قلب الإنسان. فالقلب الشاكر الذي تعود على الشكر يلين في يد الله، ويستطيع الله أن يعطيه الكثير من نعمته، مثل هذا الأبرص الذي عاد شاكرًا، فهو قد حصل بالإضافة إلى شفائه الجسدي، على الخلاص= إيمانك خلصك أما الجاحد والمتذمر فهذا يحزن الله، لا لأن الله كان يحتاج لشكره بل لأنه كان يود لو أعطاه المزيد من نعمته فيخلص مثل هذا الأبرص الشاكر. ولكن كيف يحصل الشاكر على الخلاص؟ لا بد أن نعلم أن لنا نفس متمردة تريد أن تسلك على هواها وليس بحسب وصايا الله. ولكي نحصل على الخلاص يسمح الله ببعض التجارب. والعودة لله بالشكر تجعل القلب يلين في يد الله فيحتمل التجربة فيتنقى فيخلص. أما الذي لا يعود شاكرا، يتقسى قلبه، ولو جاءت التجربة لا يتقبلها ويتذمر على الله وبهذا يبتعد عن طريق الخلاص.

St-Takla.org Image: Jesus asked, ‘Didn’t I heal ten men? Where are the other nine? Has no one returned to give glory to God except this foreigner?’ (Luke 17: 17-18) - "Jesus heals ten men with leprosy" images set (Luke 17:11-18): image (5) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأجاب يسوع وقال: «أليس العشرة قد طهروا؟ فأين التسعة؟ ألم يوجد من يرجع ليعطي مجدا لله غير هذا الغريب الجنس؟»" (لوقا 17: 17-18) - مجموعة "يسوع يشفي المرضى بالبرص" (لوقا 17: 11-18) - صورة (5) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Jesus asked, ‘Didn’t I heal ten men? Where are the other nine? Has no one returned to give glory to God except this foreigner?’ (Luke 17: 17-18) - "Jesus heals ten men with leprosy" images set (Luke 17:11-18): image (5) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فأجاب يسوع وقال: «أليس العشرة قد طهروا؟ فأين التسعة؟ ألم يوجد من يرجع ليعطي مجدا لله غير هذا الغريب الجنس؟»" (لوقا 17: 17-18) - مجموعة "يسوع يشفي المرضى بالبرص" (لوقا 17: 11-18) - صورة (5) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

فالعبادة الحقة هي أن نشكر الله دائمًا. وسؤال السيد فأين التسعة= هو إبداء الأسف والحزن على الجحود، وكما قلنا فالسيد كان يود أن يعطيهم كلهم المزيد، وهم قد حرموا أنفسهم (كل عطية بلا شكر هي بلا زيادة) (مارإسحق).

نقطة أخرى خطيرة: فالله يعطينا كثيرًا من الخيرات الزمنية (أموال/ صحة..) وكثيرًا ما ننشغل بالعطية ونترك العاطي، وهذا يحرمنا من الحصول على البركات الروحية. ولكن من ينشغل قلبه بشكر وتسبيح الله على الخيرات الزمنية التي يعطيها له بل عليه أن تكون العطية هي لمجد اسمه ومثل هذا يحصل على المزيد من الخيرات الروحية، والخلاص والحياة الأبدية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فوقفوا من بعيد= حسب الشريعة فهم لا يخالطوا الناس، فالبرص نجاسة ومن يتلامس معهم يتنجس. فكانوا يعزلونهم، إشارة لضرورة عزل الخطية، فمن يتلامس معها يتنجس (البرص رمز للخطية).

يا معلم ارحمنا= صراخهم يدل على إيمانهم بالمسيح. بل أن إيمانهم إتضح أيضًا في أن المعلم أمرهم بالذهاب للكهنة وهم ما زالوا بُرصًا ولقد طهروا في الطريق. فهم آمنوا بقوته ولم يعترضوا على الذهاب للكهنة قبل أن يشفوا. هذا دليل ثقتهم في كلمة السيد. ولكن عاب التسعة عدم الشكر فحرموا من المزيد. هم انشغلوا بالعطايا المادية فلم يتمتعوا بالحصول على العطايا الروحية.

ولقد طلب منهم السيد الذهاب للكهنة: [1] فالسيد ما جاء لينقض الناموس بل ليكمله [2] هو يعطي للكهنة دليلًا ماديًا على قدرته على الإبراء والتطهير، الأمر الذي يعجز عنه الناموس لعلهم يؤمنوا به [3] في هذا التصرف يعطي السيد الدرس للأجيال أن تخضع للكنيسة [4] كانوا يعلمون أن البرص شفاءه من عند الله فقط، فكون أن المسيح قد شفاهم فهذا إعلان عن لاهوته.

 الذي عاد للمسيح هو [1] أبرص + [2] سامري (محتقر). وهذا تطبيق للمثل الذي قاله السيد "من يسامحه بالأكثر يحبه أكثر".

ولاحظ الترتيب: كيف نحيا السمائيات؟

الغفران: ومن يغفر، يغفر له الآب السماوي والعلامة يقع على عنقه ويقبله وهذه هي السماويات.

الانسحاق: ما الذي يساعدني على الغفران هو الانسحاق. فالمتكبر لا يسامح أبدًا. فالدنيا كلها تخطئ أما هو فلا يخطئ. أما المنسحق فهو يشعر أنه أول الخطاة.

الشكر: ما الذي يساعدني على التواضع؟ هو الشكر فلماذا؟ المنسحق يشعر أنه غير مستحق لشيء فالقليل الذي يحصل عليه هو لا يستحقه فيظل يشكر، وقطعا من يشكر لن يتصادم ويعترض على الله ويتذمر فيخسر، لأن القلب المتذمر لا يستطيع الله أن يتعامل معه. أما الشاكر فهو شاعر بأن الله صانع خيرات وهذا قد اكتشف محبة الله وصارت له حياة التسليم، فما عاد يتذمر على الله، فكل ما يحدث هو طريقه للسماء. ومثل هذا الإنسان تنفتح عينيه فيرى نقاوة الله ونجاسة قلبه. وحينما أدرك مدى نجاستي سأسامح كل إنسان.. فأنا الأسوأ. سأقول الخطاة الذين أولهم أنا. وهذا فيه انسحاق، وبالتالي غفران، وبالتالي قبول الله لي، وحينئذ أشعر بالأحضان الإلهية وهذه هي السماويات.

 

الآيات (20-37): (متى يأتي ملكوت الله)

الآيات (20، 21): "وَلَمَّا سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» أَجَابَهُمْ وَقَالَ: «لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ، وَلاَ يَقُولُونَ: هُوَذَا ههُنَا، أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لأَنْ هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ»."

علامات المجيء الثاني راجع كتاب الآلام والقيامة (مت17:24+18+23+27+28+37-41).

St-Takla.org         Image: The Second Coming of Jesus Christ صورة: المجيء الثاني للسيد المسيح يسوع

St-Takla.org Image: The Second Coming of Jesus Christ

صورة في موقع الأنبا تكلا: المجيء الثاني للسيد المسيح يسوع

وهذه يذكرها لوقا لأن التفكير في المجيء الثاني يساعدنا على أن نحيا في السماويات. وتاريخيًا قيلت هذه الآيات في يوم الثلاثاء صباحًا بعد دخول السيد المسيح لأورشليم يوم أحد الشعانين لكن الإنجيليين غير مقيدين بالتأريخ لكنهم يعرضون فكر.

ولما سأله الفريسيون: متى يأتي ملكوت الله= الفريسيون ظنوا أن الملكوت هو ملكوت أرضي وليس سماوي. وربما كان سؤالهم بسخرية بمعنى "أين هذا الملكوت الذي تحدثنا عنه، فهم كانوا ينتظرون حكم العالم بفارغ الصبر ولكنهم ها هم يراقبون الموقف ولم يجدوا المسيح يعبئ جيوشًا ولا توجد مظاهر أبهة ومواكب ملوكية، هم لا يرون أي علامات خارجية لعيونهم. لا يأتي ملكوت الله بمراقبة= هو لا يأتي مقترنًا بعلامات خارجية، بل في هدوء وبغير جلبة، ولا يُرى سوى نتائجه، ولا يراه سوى من كان مستعدًا لمجيئه كسمعان الشيخ. علامته غير ظاهرة للعيان فلا يستطيع أحد أن يقول هوذا هنا أو هوذا هناك= أي هنا في السامرة أو هناك في أورشليم فهو ملكوت روحي يقوم في قلوب الناس= ها ملكوت الله داخلكم=  حدثنا من قبل عن السمائيات ولعازر تأخذه الملائكة للسماء. ومعنى ملكوت الله الذي في داخلنا أنه لا يجب أن ننتظر حتى نموت لنحيا الملكوت بل يمكننا من الآن أن نحيا السماويات داخل قلوبنا. هذا الملكوت يملك فيه الله على القلب، ويسيطر على الفكر والميول والمقاصد والعواطف فنحيا كأننا في السماء. وهذا الملكوت لا يأتي بمراقبة بل يكون ظهوره فجأة. ومن علاماته داخل القلب الفرح وحب الله بشدة ونسيان الدنيا وما فيها. إذًا هو يظهر في الداخل وليس في الخارج. ولكن قول السيد للفريسيين في داخلكم لا يعني أنهم وصلوا لهذه الدرجات ولكنه يعني لا تفتشوا عن الملكوت في الخارج، ولكن إبحثوا عن هذه العلامات في الداخل، وهذا لا يأتي إلاّ لو قبلتم هذا الملكوت. ولكنه لا يأتي إلاّ [1] بالإيمان بي أولًا [2] التوبة عن أعمالكم الشريرة [3] المعمودية حتى تولدوا من فوق. إذًا معنى كلام السيد لهم "إن ملكوت الله في متناول أيديكم لكنكم لغباوتكم وعنادكم لا ترونه" وسؤال الفريسيين هنا للأسف، ما زال هو السؤال الذي يشغل بال كثير من الطوائف والكثير من الناس وهو.. متى يأتي المسيح.. والمسيح يقول لا تنشغلوا بهذا بل انشغلوا بأن تبحثوا هل ملكوت الله بدأ في داخلكم. فمن يجد الملكوت داخله وعلامته حب لله وفرح بطاعة الوصية، فمن المؤكد له نصيب في الحياة الأبدية.

 

آية (22): "وَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «سَتَأْتِي أَيَّامٌ فِيهَا تَشْتَهُونَ أَنْ تَرَوْا يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ وَلاَ تَرَوْنَ."

هذه نبوة عن الضيقات التي ستواجه التلاميذ، والتي ستكون الضيقات التي يرونها الآن من الفريسيين بجانبها هي كلا شيء. السيد هنا لا يريد أن يرعبهم بل يهيئهم لاحتمال نفقات الإيمان، ويظهر لهم أنه عالم بكل شيء فيزداد إيمانهم به إذا حدثت هذه الآلام فعلًا (يو29:14). وهذا موجه لنا ولكل جيل ألاّ نضطرب إذ نعلم أن هناك ضيقات ستسبق مجيئه. تشتهون أن تروا يومًا= تشتهون وجودي معكم لأعزيكم وأشددكم.

 

آيات (23-24): "وَيَقُولُونَ لَكُمْ: هُوَذَا ههُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! لاَ تَذْهَبُوا وَلاَ تَتْبَعُوا، لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ الَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ السَّمَاءِ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ابْنُ الإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ."

علامة أخرى ظهور مضلين وخداعات كثيرة، والتضليل أكثر خطورة من الاضطهادات، ولكن السيد يحذر من أن نستجيب لأي بدعة يصاحبها معجزات شفاء أو غيره، فضد المسيح سيصنع آيات عجيبة (رؤ14:13-15). ولكن مجيء المسيح سيكون بغتة وكالبرق، وليس عن انتظار ويراه كل العالم، وليس كمجيئه الأول لا يُرى سوى في مكان واحد، وسيكون في عظمة ونور كنور البرق، وليس في مظهر متواضع وسيعرفه الجميع، ولن يكون هناك حاجة لمن يبشر به. ولكن لاحظ أنه يقول كبرق بينما أن يوحنا الرائي شاهده مثل الشمس التي تضئ في قوتها، وسيكون هو نور وشمس أورشليم السمائية (رؤ16:1+ رؤ5:22). فلماذا يقول هنا برق؟ لأن مجده سيظهر للقديسين بصورة دائمة، ولكنه يظهر فجأة وبطريقة مرعبة للأشرار، لا يرون بعدها مجده بل ظلمة (مت30:25).

 

آية (25): "وَلكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هذَا الْجِيلِ."

قبل أن نتكلم عن المجد وهذا لن يكون في أيامكم دعنا نتكلم عما سوف ترونه بعد أيام قليلة أي آلام وصلب ابن الإنسان، فصليب ابن الإنسان هو الطريق لمجده. وهكذا عليكم أنتم أن تقبلوا الصليب حتى يكون لكم مجدًا معي.

 

الآيات (26-30): "وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ابْنِ الإِنْسَانِ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيُزَوِّجُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ دَخَلَ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَجَاءَ الطُّوفَانُ وَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. كَذلِكَ أَيْضًا كَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ لُوطٍ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ، وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ، وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ. وَلكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجَ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ، أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. هكَذَا يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ."

هذه تشير لأن يوم الدينونة يأتي فجأة، فلا ينبغي أن نهمل العلامات كما أهمل قوم نوح علامة بناء الفلك، الذي كان نوح يبنيه. ولا نتعلق بشرور وملذات العالم، كما تعلقت امرأة لوط فهلكت. ولنلاحظ أن الأكل والشرب والزواج ليس خطية، لكن الانغماس في ملذات العالم هو الذي يؤدي للهلاك. انشغال الشخص حتى بعمله عن خلاصه هو الذي يؤدي للهلاك.

 

آيات (31-32): "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ وَأَمْتِعَتُهُ فِي الْبَيْتِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَهَا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ كَذلِكَ لاَ يَرْجعْ إِلَى الْوَرَاءِ. اُذْكُرُوا امْرَأَةَ لُوطٍ!"

المعنى:

 من ارتفع وسما روحيًا= السطح لا ينزل باحثًا عن ملذات الدنيا، بل يبقى مرتفعًا منتظرًا العريس في مجيئه الثاني.

 من انطلق إلى حقل الخدمة ليعمل لحساب مملكة الله لا يرتد تاركًا خدمته باحثًا عن الزمنيات.

 من يخرج من سدوم لا ينظر إلى الوراء كامرأة لوط، التي رجع قلبها للوراء فصارت عمود ملح. أي لا تستخفوا بإنذاراتي هذه. أي في أيام النهاية علينا أن لا ننشغل بمقتنيات هذا العالم فالكل مصيره الفناء، بل نوجه أنظارنا للسماء من حيث يأتي المسيح.

 

آية (33): "مَنْ طَلَبَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ أَهْلَكَهَا يُحْيِيهَا."

من طلب أن يخلص نفسه= سيزداد الضيق في الأيام الأخيرة وستأتي عصور استشهاد، فمن ينكر المسيح ليخلص نفسه فهو سيهلكها ومن أهلكها=أي يقبل الموت رافضًا أن يترك إيمانه يحييها وهذه الآية تفهم أيضًا بأن من يحيا منغمسًا في ملذات العالم ورفاهيته ويظن بذلك أنه يخلص نفسه فهو يهلكها. ومن أهلكها= بأن يقدم جسده ذبيحة حيَّة (رو1:12) وصلب أهواءه مع شهواته (غل20:2 + غل24:5) فمثل هذا يحييها+ (كو5:3).

 

الآيات (34-36): "أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَكُونُ اثْنَانِ عَلَى فِرَاشٍ وَاحِدٍ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. تَكُونُ اثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ مَعًا، فَتُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ»."

يؤخذ.. في تلك الليلة

يسمى السيد يوم مجيئه أنه ليلة، فهي مظلمة علامة انتشار الخطية والفساد، وانتشار مملكة ضد المسيح وانجذاب كثيرين وراءه في ضلال وتسمى ليلة لكثرة الضيق الذي سيعاني منه أولاد الله (مت21:24+29+12). وفي الآية الأخيرة نسمع عن كثرة الإثم. ويأتي هذا اليوم فجأة ويؤخذ البعض للمجد ويُترك الآخرين في الليل والظلام الذي اختاروه لأنفسهم.

هو يوم ينفصل الزوج عن زوجته= على فراش واحد= يؤخذ أحدهما للمجد ويترك الآخر في الظلمة الخارجية= الليل. ألم يظهر المسيح مثل البرق. فهناك يختطف البعض ليتمتعوا بنوره للأبد ولا يكون لهم ليل ثانية (رؤ5:22) وهناك مَنْ يبقَى في الظلمة للأبد.

وهو يوم ينضم فيه القديس المختطف مع القديسين السماويين، حيث يفرحون ويسبحون للأبد. فهو يوم انفصال= يؤخذ الواحد ويترك الآخر. وهو يوم اتصال، كما حملت الملائكة نفس لعازر إلى حضن إبراهيم.

على فراش واحد،

    أو على حجر رحى     أو الحقل.

       

عِشْرة العُمر

    عشرة العمل     عشرة الخدمة

 فعشرة القديسين في زواج أو عمل أو خدمة ليست كافية لكي نختطف معهم إلى المجد. إن لم يبدأ الملكوت في داخلنا الآن. فالدينونة شخصية، كلٌ على حدة. والاختطاف للمجد (1تس17:4) يعتمد على علاقة كل مؤمن بالله على حدة. فهي علاقة سرية لا علاقة لها بحياتنا اليومية. والذين يذهبون للمجد أو الدينونة، لا علاقة لدينونتهم وأين يذهبون بحياتهم على الأرض. فالفراش يشير للذين في رفاهية (فبعضهم يذهب للمجد وبعضهم يهلك) والذين على حجر رحى يشيرون لمن هم في عبودية أو فقر أو يعملون أعمال شاقة، فبعضهم يذهب للمجد وبعضهم يهلك. والذين في الحقل أي يخدمون الله، فخدمتهم لله ليست شرطًا ليذهبوا للمجد فالله وحده هو الذي يعلم حقيقة القلب.

 

آية (37): "فَأَجَابوا وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ يَا رَبُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «حَيْثُ تَكُونُ الْجُثَّةُ هُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ»."

أين يا رب= أين يا رب تحدث إدانة الخطاة. هناك نسور تجتمع حول كل خاطئ، في كل مكان. فحيثما وجدت الخطية ستوجد دينونة.

اجتماع النسور حول الجثة= حين يصبح اليهود بسبب خطاياهم أمواتًا (فالخطية = موت).. "ابني هذا كان ميتًا فعاش" ويكونون بلا أمل في توبة أو إصلاح = يكونون كجثة. حينئذ يهجم عليهم الرومان (ورمز الرومان النسر على أعلامهم)، فالرومان هنا هم منفذو الدينونة، وهذا حدث سنة 70 م. بيد تيطس وجنوده.

وهو سيتكرر ثانية في النهاية حين يأتي ضد المسيح ويجتمع حوله الأشرار، ويكونون كجثة بسبب خطاياهم سيأتي عليهم منفذو الدينونة وقتها ويهجمون عليهم كالنسور. وهذه الطيور (النسور) هي المذكورة في (رؤ 19) التي سيكون الأشرار عشاءها.

الخلاصة: الله لا يسمح بهذا الخراب وهذه الضربات الرهيبة إلاّ إذا وصلت الحالة لموت كامل بلا أمل في توبة = جثة.

ومعنى هذه الآية أن السيد المسيح يعطي علامة النهاية بأنه تجتمع جيوش حول أورشليم الخاطئة. وهذه الآية تنطبق مرتين.

سنة 70 م. حين اجتمعت الجيوش الرومانية حول أورشليم ودمرتها.

في نهاية الأزمة حين تجتمع جيوش حول أورشليم الموجود بها ضد المسيح.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/03-Enjil-Loka/Tafseer-Angil-Luca__01-Chapter-17.html

تقصير الرابط:
tak.la/k8jqbmw