St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   03-Enjil-Loka
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

لوقا 19 - تفسير إنجيل لوقا

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب لوقا:
تفسير إنجيل لوقا: مقدمة إنجيل لوقا | تسلسل الأحداث في إنجيل لوقا | لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24

نص إنجيل لوقا: لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24 | لوقا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

الآيات (1-10): (زكا رئيس العشارين)

الآيات (1-10): "ثُمَّ دَخَلَ وَاجْتَازَ فِي أَرِيحَا. وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيًّا، وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ، وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ، لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ. فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ». فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا. فَلَمَّا رَأَى الْجَمِيعُ ذلِكَ تَذَمَّرُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُل خَاطِئٍ». فَوَقَفَ زَكَّا وَقَالَ لِلرَّبِّ: «هَا أَنَا يَا رَبُّ أُعْطِي نِصْفَ أَمْوَالِي لِلْمَسَاكِينِ، وَإِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ، إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ»."

العشارون هم طائفة الجباة وكانوا يستوفون أكثر من الجزية المقررة ويأخذونها لأنفسهم (لو13:3). ولذلك كرههم اليهود وأسموهم لصوصًا. ولذلك تبرم(1) اليهود إذ قبل السيد دخول بيت زكا. والرب دخل بيت زكا دون أن يسأله فهو عارف بما في القلوب.

في الآيات السابقة ترك الرب الأعمى يصرخ فترة، بعدها استجاب وشفاه، وهنا نجده يطلب هو بنفسه أن يدخل بيت زكا. فالرب يدخل بيتي، أو يدخل قلبي ويتمم الشفاء حين يرى القلب مستعدًا. فهذا الأعمى لم يكن مستعدًا بعد للشفاء، والصراخ جعله مستعدًا، ولما رآه السيد مستعد تدخل وشفاه. أمّا زكا ففي انسحاقه وفي اشتياقه لرؤية السيد كان مستعدًا. فدخل يسوع بيته. هنا نرى جزاء قبول يسوع في حياتنا، وجزاء اشتياقنا له، بينما نحن شاعرين بعدم الاستحقاق، هنا يدخل يسوع قلوبنا فتصير سماء، ويغفر لنا خطايانا ونفوز بالخلاص، فهل نشتاق لخلاص يسوع مثل زكا. يقول الرب "إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب.. وتجري من بطنه أنهار ماء حي" (يو37:7-39).

St-Takla.org Image: Jesus driving out the Money Changers صورة في موقع الأنبا تكلا: طرد الصيارفة من الهيكل - السيد المسيح يطرد الباعة من الهيكل ويقلب موائد الصيارفة

St-Takla.org Image: Jesus driving out the Money Changers

صورة في موقع الأنبا تكلا: طرد الصيارفة من الهيكل - السيد المسيح يطرد الباعة من الهيكل ويقلب موائد الصيارفة

ربما كان إيمان زكا ضعيفًا، وربما كان خاطئًا، ولكنه باشتياقه صار مضيفًا للرب، وبتوبته صار مسكنه قصرًا سمائيًا يدخله الرب، لقد مُنِحَ زكا مجدًا عظيمًا.

تأمل: كثيرون وُلِدوا بعاهات خَلْقية، مثل زكا الذي كان قصير القامة، وهم يشتكون بسببها، ولكن ألا ترى أن عاهة زكا كانت سببًا في خلاصه. إذًا علينا أن نفهم أن الله لا يخطئ.. وإذا كان شيئًا ينقصنا، كان هذا سببًا لخلاصنا، وهذا ما حدث للأعمى. فَلْنُسَمِّي هذه العاهات "بركات خلقية" فعمل الله دائمًا كامل.

قصة زكا العشار فتحت باب الرجاء والأمل لكل خاطئ، حين يعود بالتوبة مشتاقًا للمسيح، يدخل المسيح إلى قلبه، ويقبله ويغفر خطاياه. صار زكا هنا تطبيقًا حيًا لمثل الفريسي والعشار، فهو صار مقبولًا ونال الخلاص مثل ذلك العشار الذي قال عنه السيد المسيح "نزل إلى بيته مبررًا"

 ولاحظ أن زكا تكلف الكثير، فهو في مركزه كرئيس للعشارين كان من غير اللائق أن يتسلق جميزة كما يفعل الأطفال (هذا ما نسميه الجهاد، وفي المقابل فلنرى النعمة التي حصل عليها).

 دخول الرب بيت زكا الخاطئ يمثل دخول المسيح إلى جسد بشريتنا وحمله لطبيعتنا نحن الخطاة ليقدس طبيعتنا أبديًا.

 كانت هناك معوقات كثيرة تحول بين زكا والمسيح:

 خطيته: إذ يُحسب العشارين في نفس صفوف الزواني (مت31:21).

 كراهية المجتمع له.

 مركزه كرئيس قد يتأثر بما فعله، من تسلقه لجميزة.

 قصر قامته، ومثل هذه العاهة تجعل الإنسان يتقوقع حول نفسه، مفضلًا الابتعاد عن المجتمع.

ولكن إيمان زكا انتصر على كل ذلك، واشتياقه، وقلبه التائب أعطوه الخلاص. فبالإيمان الحي العملي نغلب كل ضعف فينا ونرتفع فوق الظروف لنلتقي بربنا يسوع فنخلص.

يا زكا أسرع= زكا تعني النقي المتبرر، فالمسيح سامحه عن خطاياه. عبارة يا زكا أسرع هذه مثل "أنت بطرس وعلى هذه الصخرة". فالمسيح في كليهما استخدم الأسماء ليشير لمعاني خاصة.

 شجرة الجميز ثمارها رخيصة وتشير للأمور الزمنية التافهة، ولا يمكن أن نعاين المسيح ما لم نسمو فوق الأمور الزمنية. وهي تشير أن كل ما جمعه زكا في حياته من أموال ظن أنه متكل عليها، ما هي إلاّ تفاهات.

أسرع وإنزل= كم مرة صعد في غناه وكبريائه، والآن عليه أن يتعلم أن ينزل ويتضع ويتخلى عن أمواله. ولاحظ تجاوب زكا فهو أسرع ونزل، فالتأجيل قد يضيع فرصة الخلاص، فالمسيح لم يذهب لأريحا ثانية التي يعيش فيها زكا (لو 1:19).

St-Takla.org Image: Jesus Christ enters Jerusalem (Palm Sunday) - from Jerusalem Bond center, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يدخل أورشليم (أحد السعف) - من صور مقر رابطة القدس، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

St-Takla.org Image: Jesus Christ enters Jerusalem (Palm Sunday) - from Jerusalem Bond center, Cairo, Egypt - October 2011 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح يدخل أورشليم (أحد السعف) - من صور مقر رابطة القدس، القاهرة، مصر - أكتوبر 2011 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت

 أعطي نصف أموالي= [أمّا دفع أربعة أضعاف فكان هذا إجراء من أقصى العقوبات التي كان يفرضها القانون على لص (خر1:22+ 2صم6:12)، وزكا فرض على نفسه هذه العقوبة (راجع أيضًا عد7:5+ لا1:6-5)] صار له القلب الرحيم غير المستعبد للمادة بمجرد أن دخل يسوع بيته. ولاحظ أنه مستعد لدفع نصف أمواله، مع أن الشريعة الموسوية لا تطلب من المختلس سوى الخمس زيادة على ما إختلسه. اليوم حصل خلاص لهذا البيت= حينما يتقدس أحد أفراد الأسرة يصير سبب بركة لكل البيت. وهذا لا يمنع أنه في حالة إيمان شخص قد يقف في وجهه كل بيته "أعداء الإنسان أهل بيته" لكن المؤمن يكون بركة لأهل بيته إن كان عندهم استعداد (1كو14:7). هو أيضًا ابن لإبراهيم= السيد الرب بهذا يعزو خلاص زكا لتشبهه بإبراهيم في إيمانه وقداسته وبره. وكما ترك إبراهيم كل ممتلكاته في أور ترك زكا هنا نصف ممتلكاته. وفيها تذكير للفريسيين الرافضين أنه أخ لهم.

 نور المسيح وبره أضاءا بيت زكا وقلبه ولم يحتاج المسيح أن يوجه له كلمة عتاب أو توبيخ.

 المسيح لم يمر من هذا الطريق صدفة، ولم ينظر للشجرة صدفة، إنما هو كان يعرف أن في هذا المكان خروف ضال يريد أن يرده فذهب إليه. فزكا بحث عن المسيح والمسيح بحث عن زكا.

ما فعله زكا هنا هو نفس ما قاله بولس الرسول (في8:3). فما استمر يجمعه العمر كله من أموال صار كنفاية يريد الاستغناء عنها إذ تمتع بمعرفة الرب يسوع. فحينما وجد زكا اللؤلؤة كثيرة الثمن (المسيح) باع بقية اللآلئ (أمواله) التي ظل عمره يجمعها (مت46:13). وباع أمواله أو لآلأه يظهر هنا معناها، أن كل ما ظنه له قيمة من قبل، فقد قيمته الآن بعد أن عرف المسيح ودخل المسيح بيته (وقلبه).

 

الآيات (11-27): (مثل الأمناء)

الآيات (11-27): "وَإِذْ كَانُوا يَسْمَعُونَ هذَا عَادَ فَقَالَ مَثَلًا، لأَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ عَتِيدٌ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْحَالِ. فَقَالَ: «إِنْسَانٌ شَرِيفُ الْجِنْسِ ذَهَبَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ لِيَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مُلْكًا وَيَرْجعَ. فَدَعَا عَشَرَةَ عَبِيدٍ لَهُ وَأَعْطَاهُمْ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ، وَقَالَ لَهُمْ: تَاجِرُوا حَتَّى آتِيَ. وَأَمَّا أَهْلُ مَدِينَتِهِ فَكَانُوا يُبْغِضُونَهُ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ سَفَارَةً قَائِلِينَ: لاَ نُرِيدُ أَنَّ هذَا يَمْلِكُ عَلَيْنَا. وَلَمَّا رَجَعَ بَعْدَمَا أَخَذَ الْمُلْكَ، أَمَرَ أَنْ يُدْعَى إِلَيْهِ أُولئِكَ الْعَبِيدُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفِضَّةَ، لِيَعْرِفَ بِمَا تَاجَرَ كُلُّ وَاحِدٍ. فَجَاءَ الأَوَّلُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ رَبحَ عَشَرَةَ أَمْنَاءٍ. فَقَالَ لَهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ! لأَنَّكَ كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ، فَلْيَكُنْ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى عَشْرِ مُدْنٍ. ثُمَّ جَاءَ الثَّانِي قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، مَنَاكَ عَمِلَ خَمْسَةَ أَمْنَاءٍ. فَقَالَ لِهذَا أَيْضًا: وَكُنْ أَنْتَ عَلَى خَمْسِ مُدْنٍ. ثُمَّ جَاءَ آخَرُ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، هُوَذَا مَنَاكَ الَّذِي كَانَ عِنْدِي مَوْضُوعًا فِي مِنْدِيل، لأَنِّي كُنْتُ أَخَافُ مِنْكَ، إِذْ أَنْتَ إِنْسَانٌ صَارِمٌ، تَأْخُذُ مَا لَمْ تَضَعْ وَتَحْصُدُ مَا لَمْ تَزْرَعْ. فَقَالَ لَهُ: مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ. عَرَفْتَ أَنِّي إِنْسَانٌ صَارِمٌ، آخُذُ مَا لَمْ أَضَعْ، وَأَحْصُدُ مَا لَمْ أَزْرَعْ، فَلِمَاذَا لَمْ تَضَعْ فِضَّتِي عَلَى مَائِدَةِ الصَّيَارِفَةِ، فَكُنْتُ مَتَى جِئْتُ أَسْتَوْفِيهَا مَعَ رِبًا؟ ثُمَّ قَالَ لِلْحَاضِرِينَ: خُذُوا مِنْهُ الْمَنَا وَأَعْطُوهُ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْعَشَرَةُ الأَمْنَاءُ. فَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، عِنْدَهُ عَشَرَةُ أَمْنَاءٍ! لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. أَمَّا أَعْدَائِي، أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ، فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي»."

هنا السيد المسيح قد اقترب من أورشليم وبالتالي بقيت بضعة أيام قبل الصليب وبالتالي قبل أن يغادر الأرض بالجسد ويذهب ليجلس عن يمين الآب. والآيات الآتية مباشرة هي عن دخوله أورشليم يوم أحد الشعانين. وكأن هذه الأقوال هي نبواته الأخيرة وتعاليمه الأخيرة فما معنى المثل:

St-Takla.org Image: Coloring picture of the Entry of Christ into Jerusalem - Courtesy of "Encyclopedia of the Bible Coloring Images" صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة تلوين لدخول الرب يسوع إلى مدينة أورشليم - موضوعة بإذن: موسوعة صور الكتاب المقدس للتلوين

St-Takla.org Image: Coloring picture of the Entry of Christ into Jerusalem - Courtesy of "Encyclopedia of the Bible Coloring Images"

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة تلوين لدخول الرب يسوع إلى مدينة أورشليم - موضوعة بإذن: موسوعة صور الكتاب المقدس للتلوين

 هم ظنوا أنه متوجه لأورشليم ليبدأ الملكوت حالًا، ولكنه يشير إلى أنه ذاهب إلى كورة بعيدة (السماء). وبعد مدة سيأتي ليحكم ويدين. وبالتالي فالملكوت ليس وشيكًا.

 المسيح سيذهب ويترك تلاميذه والمؤمنين به، وهو يترك لكل واحد منّا وزنات ومواهب يتاجر بها، لحساب مجد اسمه. وكل منّا حصل على نصيبه من المواهب (1بط10:4). وعلينا أن نستمر في الخدمة حتى يأتي.

اليهود سيرفضونه= لا نريد أن هذا يملك علينا. وبالتالي فلا يجب أن يتصور تلاميذه أن هناك ملكوت أرضي "إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله".

 بعد مدة لم يحددها السيد (فلا داعي أن نحاول تحديدها نحن) سيأتي في مجده ليدين [1] الذين رفضوه= إذبحوهم قدامي. [2] ليحاسب كل منّا عما فعله بوزناته (أَمْنائه).

 هذه التجارة التي نقوم بها الآن في الأَمْناء (المواهب) هي بعينها تأسيس الملكوت على الأرض. وفي هذا تأنيب لتلاميذه إذ هم انشغلوا بالملك الأرضي والأمجاد، والمسيح ينبههم أنه لا أمجاد هنا بل خدمة.

 

مثل الأمناء (لو11:19-27) ومثل الوزنات (مت14:25-29‌)

هناك خلافات بين المثلين فهما ليسا مثلٌ واحد، ولو أنهما متشابهان:-

ولكن الاختلاف له معنى:

ففي مثل الوزنات يشير لأن كل واحد يأخذ مواهب غير الآخر، والله لن يطالبك بأكثر مما أعطاه لك، المهم أن تكون أمينًا، فَمَنْ أخذ الخمسة ربح خمسة وزنات وهكذا مَنْ أخذ الوزنتين حينما أتى بوزنتين سمع نفس المديح عينه "نعما أيها العبد الصالح ... أدخل إلى فرح سيدك". لأن كلاهما كان أمينًا. والله لن يطالب أحد بما هو فوق طاقته.

أمّا في مثل الأَمناء فيقول أن الكل أخذ مقدارًا متساويًا (منًا)، ولكن هناك من ربح أكثر فإستحق أكثر، وهذا لأنه جاهد أكثر، فمن يتعب أكثر يأخذ أكثر.

مثل الوزنات نفهم منه أن كل من كان أمينا في مواهبه له نصيب في مجد السماء.

أما مثل الأمناء فنهم منه أن نصيب كل منا في مجد السماء يختلف بحسب جهاده.

مثل الوزنات نرى فيه أن المواهب (الوزنات) تختلف من شخص لآخر. وما يجب أن نفهمه أنه علينا بألا نحزن لأن مواهبنا أقل، المهم أن نكون أُمناء ونجاهد بقدر طاقتنا، ومن يستخدم مواهبه لمجد الله سيجازيه الله بأن يدخل إلى المجد.

كانوا يظنون أن ملكوت الله سيظهر في الحال= كانوا يظنون أن السيد سيملك ويؤسس ملكوته بعد أن يدخل أورشليم مباشرة.

إنسان شريف الجنس= هو المسيح نفسه فهو من السماء وذاهب للسماء وهو ليس فقط شريف الجنس، بل هو الوحيد الجنس (الإله المتجسد) ابن الله بالطبيعة.

ذهب إلى كورة بعيدة= سيصعد للسماء ولن يؤسس ملكًا أرضيًا.

دعا عشرة عبيد= هم كل المؤمنين، فكل له موهبته (1بط10:4+ 1كو8:12-11) (مثلما كان هناك عشر عذارى)

 هذا المثل مستوحى مما كان يحدث أيام المسيح، فكان الأمراء الوطنيون ملزمون بأن يذهبوا إلى روما ليحصلوا على رتب الترقي من قيصر. وحدث هذا مع هيرودس وأرخيلاوس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي حالة أرخيلاوس أرسل شعبه سفارة (أي مندوبين وسفراء عن الشعب) إلى قيصر شاكين لقيصر أعماله الوحشية ورافضين ملكه. وحينما رجع أرخيلاوس من روما انتقم منهم بالذبح (وهذا كان حكم المسيح على صالبيه ورافضي ملكه بخراب أورشليم، هذا هو الحكم المؤقت قبل الدينونة)

ليأخذ لنفسه مُلكًا = هذا إعلان نبوي عن جلوس الرب في السماء استعدادًا لتأسيس ملكوته ولتجثو له كل ركبة (في6:2-11)

المَنا = عملة يونانية تساوي أجر ثلاثة أشهر. وجمعها أَمْناء.

وأما أهل مدينته= هنا يتكلم عن اليهود خاصته الذين أتي منهم بالجسد وهم الذين كان لهم الوعد. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله (يو11:1)

لا نريد أن هذا يملك علينا= كلمة هذا كلمة تحقير، وللآن فاليهود يشتمون المسيح، وكأن هذه العبارة هي احتجاج ورفض لشخص المسيح المتواضع.

أرسلوا وراءه سفارة= تحمل معنى رفضهم المستمر للمسيح حتى بعد ما صعد، ورفضهم واضطهادهم لتلاميذه ورسله. سفارة= سفراء أي اليهود الذين اضطهدوا المسيحيين.

ولما رجع= حين يأتي في مجده، في مجيئه الثاني. وفيما يلي يظهر محاسبة 3 عبيد فقط وهذه أمثلة أو عينات لنفهم أن هناك حساب لكل واحد على ما بين يديه.

مناك ربح= هذا يشير لتواضع هذا الإنسان فلم يقل أنا ربحت، إذ هو يعلم أن النجاح والبركة كانت من عند الله وليست من عنده هو. والمنا هو إشارة للمواهب والوزنات التي أعطاها لنا الله.

ربح عشرة أمناء= هي النفوس التي ربحها لحساب الملكوت، والفضائل التي ظهرت في حياته.

أمينًا في القليل= لا.

المتاجرة بالموهبة.

ربح خمسة أمناء= هي نفوس أيضًا.

وهذا إشارة لأنه كلما زاد الجهاد زادت الثمار، وزادت المكافأة ونقول الجهاد هو الذي زاد، فنحن نلاحظ أن النعمة التي حصل عليها كليهما، أي عطية الله كانت متساوية= المنا.

سلطان على عشر مدن.. على خمس مدن= هذا تعبير عن المجد، فهو يتفاوت من شخص لآخر بحسب جهاده. ومن المستحيل فهم ما هو السلطان على مدن، فنحن لا يمكننا أن نتصور ما سنأخذه، ونحصل عليه من مجد في السماء "فهو ما لم تره عين ولم تسمع به أذن وما لم يخطر على بال إنسان" (1كو9:2). وفي مثل الوزنات سمعنا القول "أدخل إلى فرح سيدك" (مت21:25+23). وفي هذا الكفاية فهو سلطان على فرح ومجد أبدي وكلٌ سيتمجد ويفرح بحسب جهاده على الأرض، فنجم يمتاز عن نجم في المجد (1كو41:15). مناك موضوع في منديل= إشارة لمن عطل موهبته وأخفاها، هو كمن خاف على صحته فامتنع عن الخدمة وعن الصوم. أو خاف على أمواله فلم يعطها إلى محتاج يربحه للمسيح. وواضح أن هذا العبد الكسلان عديم الإكتراث بشأن مجد الملك وأرباحه وذلك لعدم أمانته، أو عدم محبته، أو عدم تصديقه أن السيد راجع. حقًا هو لم يضيع المنا على نفسه ولكنه ظن أن في حبسه فيه الكفاية إذ لم يضيعه.

وهناك من هو أسوأ من هذا العبد مثل من يضيع مواهبه في الشر. فمثلًا من يضيع صحته في المخدرات أو المسكرات أو السجائر (هؤلاء احرقوا وزنتين المال وصحتهم) وكذلك من يضيعها في الخطايا المتعددة هو أسوأ من هذا العبد، أو من أعطاه الله أموالًا فضيعها على شهواته وملذاته فهذا أسوأ من هذا العبد.

أخاف منك لأنك إنسان صارم= الإنسان عندما تميل إرادته الشريرة لشيء شرير سيجد الأفكار التي تبرر له هذا الشيء، فهو فكر أن ما أعطاه له سيده هو فخ لا نعمة، وخاف (أو هو يبرر موقفه بهذا) من قسوة سيده، أو لماذا يتعب هو ويستفيد سيده. هو هنا إتهم سيده بالظلم سترًا لذنبه، بل اتهم سيده بأنه يطمع في أكثر ممّا له= تحصد ما لم تزرع أي تأمرني بالعمل وتأخذ الربح.

مثال: خادم يشعر أنه مقصر في خدمته، فبدلًا من أن يهتم بأن يكون أمينًا في خدمته نجده يترك الخدمة، هذا يقول مع هذا العبد "خفت منك لأنك صارم" وذلك بأن يترك المسئولية، ولكن ليذكر هذا الخادم أن الله أعطاه موهبة وطالبه بأن يربح بها، فهروبه يدينه ولن يعفيه من المسئولية. فالرد على مثل هذا الإدعاء.. طالما عرف أن سيده إنسان صارم، فلماذا لم تضع فضتي على مائدة الصيارفة. والمعنى لو كان سيدك ظالمًا فعلًا لكنت تخاف منه وتتاجر وتربح له. ومائدة الصيارفة هي أقل الأعمال مجهودًا، ولكنها تربح. والمقصود لماذا لم تقم بأي عمل لأجل مجد اسمي، فمثلًا لماذا لم تصلي من أجل الناس ومن أجل المحتاجين، لماذا لم تضع أموالك التي تضيعها في الكنيسة وهذا أقل شيء، والأهم العشور وهذه أموال الله أصلًا. والحقيقة أن الله لا يطلب سوى ما زرعه، فاتهام هذا العبد ظالم (أش2:5). ونجد أن الله يعطي ما لهذا العبد الشرير للأكثر أمانة فكل من له يُعطى= الذي عنده القدرة على المتاجرة والربح يُعطى المزيد، من كان أمينًا وله الرغبة أن يخدم ويعمل يأخذ أكثر. وفي السماء له مجد أعظم. ومن ليس لهُ= الذي كان غير أمينًا فتؤخذ منه مواهبه وتضاف للأمين وأمّا أعدائي.. وإذبحوهم= المسيح هنا يصدر الحكم على أورشليم قبل أن يدخلها. ولقد ذبحهم تيطس فعلًا سنة 70 م. إن الذين يساقون إلى الذبح هم الذين كتبوا بأيديهم مصيرهم. ولنرى كم الوزنات والأمناء التي أعطاها الله لليهود (أنبياء/ كهنوت/ هيكل/ معجزات/ انتصارات إعجازية على أعدائهم/ ناموس/ شريعة/ أرض مقدسة/ وصايا لو نفذوها لعاشوا في سعادة/ مملكة آمنة/ خيرات مادية أرض تفيض لبنًا وعسلًا..) فماذا فعلوا؟ هؤلاء لم يضعوا مناهم في منديل، بل ضيعوا كل ما أخذوه وأخيرًا صلبوا المسيح. لقد صاروا في وحشية، وكما ذبحوا المسيح في وحشية صارت في طبعهم، قاموا في حماقتهم، إذ قد فقدوا كل حكمة، بقتل الضباط الرومان انتظارًا لأن الله يرسل لهم المسيا ينقذهم، إذًا فحماقتهم ووحشيتهم التي تعاملوا بها مع المسيح، تعاملوا بها مع ضباط روما، لكن المسيح طلب لهم الغفران على الصليب، أما روما فذبحتهم بحسب ما يستحقوا. فالغفران يناله من آمن بالمسيح، حتى وأن اشترك في صلبه.

بهذا المثل ينهي السيد المسيح تعاليمه بخصوص الملكوت الذي أتى ليؤسسه:

 هناك أجر ومكافأة لكل من يجتهد في هذا الملكوت الأرضي ويربح نفوسًا للمسيح.

 الأجر والمكافأة بحسب الجهاد.

 من يهمل في تجارته يرفض.

من يعادي المسيح ولا يقبله يهلك (يذبح).

سلطان على عشر مدن.. على خمس مدن= هذا تعبير عن اختلاف درجة المجد بالنسبة لجهاد كل إنسان. وهذا التشبيه مأخوذ مما كان يحدث أيام روما فكان قيصر يعطي الوالي أو الملك الذي يحبه ويثق فيه سلطان على عدد أكبر من المدن فتزداد قيمة هذا الملك.

فمثلًا هيرودس الكبير (الذي وُلِدَ المسيح في أيامه) كان ملكًا على كل اليهودية والجليل والسامرة.. كانت مملكته كبيرة جدًا فهو كان محل ثقة عند قيصر.

ولكن حينما مات لم يكن من أولاده من هو أهل لمثل هذه الثقة، فقسم قيصر المملكة إلى أربعة أرباع، ملك عليها ولاة، سمى كل منهم رئيس ربع. وبالطبع كانت سلطة كل منهم أقل ومجده أقل.

من يغلب يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضًا وجلست مع أبي في عرشه. تعبير العرش هو تعبير عن حالة المجد. وطبعًا ليس هناك عرشين. واحد منهم للآب وواحد منهم للابن. لكن جلوسنا مع الابن في عرشه هو تعبير عن حالة المجد الذي سنكون فيه مع الابن، كل بحسب درجته، فنجم يمتاز عن نجم في المجد. أما الابن بجسده فسيكون له نفس مجد الآب. وهذا معنى جلس عن يمين الآب.

 

الآيات (لو 19: 28-44‌): في يوم الأحد من أحداث أسبوع الآلام

الآيات (لو 19: 45-48‌): في يوم الاثنين من أحداث أسبوع الآلام

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) شرح من الموقع: التبرم هو التذمر، الضجر، السخط.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/03-Enjil-Loka/Tafseer-Angil-Luca__01-Chapter-19.html

تقصير الرابط:
tak.la/4m3b3ag