St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   03-Enjil-Loka
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

لوقا 7 - تفسير إنجيل لوقا

 

* تأملات في كتاب لوقا:
تفسير إنجيل لوقا: مقدمة إنجيل لوقا | تسلسل الأحداث في إنجيل لوقا | لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24

نص إنجيل لوقا: لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24 | لوقا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← الآيات (1-10): في كتاب إنجيل متى (مت5:8-13‌)

 

الآيات (11-17): (إقامة ابن أرملة نايين)

 

الآيات (11-17): "وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ، وَذَهَبَ مَعَهُ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ، ابْنٌ وَحِيدٌ لأُمِّهِ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا رَآهَا الرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: «لاَ تَبْكِي». ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ النَّعْشَ، فَوَقَفَ الْحَامِلُونَ. فَقَالَ: «أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ: قُمْ!». فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ، وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ، وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ». وَخَرَجَ هذَا الْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ".

رأينا الرب يسوع في الآيات السابقة (لو7: 1 - 10) وهو يحول قائد المئة الوثني النجس إلى مؤمن طاهر، وفي هذه المعجزة يحول الموت وهو نجاسة إلى حياة. كان الرب في كفرناحوم وذهب مع تلاميذه إلى نايين التي تبعد 25 ميلا عن كفرناحوم ليصل عند مساء اليوم، وهو الموعد الذي يدفنون فيه موتاهم. وهناك تقابل موكب رئيس الحياة مع موكب جنازة حزين. وكانت مواكب الجنازات تسير وراء نعش الميت كنوع من احترام الميت، إذ كانوا يعتقدون أن روح الميت تظل تحوم حول الميت فترة من الزمان. ومن لا يستطيع السير وراء الميت كان عليه أن يقف احترامًا عند مرور الجنازة. وبجانب الحزن المفهوم لدى كل الشعوب على الموتى، نجد اليهود لهم طقوسهم المؤلمة. فيسير وراء النعش ندابات يستأجرونهن للعويل وترديد بعض العبارات عن الميت مثل يا أسد و يا بطل [وهذا إلى حد بعيد نراه في مصر]. وحتى الربيين والفاهمين ما كان لديهم كلمات معزية فهم أنفسهم بلا رجاء، أين سيذهبون بعد الموت. بل لديهم أفكار مخيفة طفولية عن الموت. ولنتصور من كانت أفكارهم هكذا كيف سيعزون الأم الحزينة في خطبهم التي يقولونها عادة في هذه المناسبات. وكان يصاحب الموكب الحزين قارعي طبول ومزمرين. وكانت الأم الثكلى أو الأرملة لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا فترة طويلة مكتفية بأكل زهيد.

ويقابل الرب يسوع رئيس الحياة هذا الموكب، يتقابل الحياة مع الموت والحزن، ليغير الحزن إلى فرح. فهو لهذا أتى وتجسد. ولمس نعش الميت ينجس، وكان الربيين يحذرون من العواقب الوخيمة وتحذيرات مرعبة بلا نهاية لمن ينجس نفسه ويتلامس مع نعش ميت غير الذين يحملونه طبعا. ولكن القدوس الطاهر لمس النعش وأقام الميت، فهو لا يتنجس.

1- لا تبكي= قبل أن يلمس الرب النعش لمس قلب الأم قائلًا لها لا تبكي. ولا تبكي هذه لو قالها أي إنسان لأم فقدت وحيدها فهي لن تعزيها، أمّا لو سمعتها من المسيح نفسه لدخل العزاء إلى قلبها. فالناس معزون متعبون (أي 16: 2) غير قادرين على تعزية أحد. لكن الله وحده هو الذي يحول النار التي في القلب إلى برودة.

2- هذه المعجزة تختلف عن إقامة ابنة يايرس وإقامة لعازر، فهنا نجد أن المسيح هو الذي يبادر بصنع المعجزة دون أن يسأله أحد ليعلن أنه أتى ليعطي حياة للبشر، فهو ليس قادر على أن يقيم من الموت الجسدي فقط، بل هو قادر أن يقيمنا من موت الخطية (يو25:5). ومن يقوم من موت الخطية تكون له حياة أبدية. هذه المعجزة تشير تمامًا لما عمله المسيح، فهو أتى ليعطي للبشرية حياة دون أن يسأله أحد. فمن كان يتصور من البشر أن هناك حل لمشكلة الموت.

3- إيليا وإليشع وغيرهم ممن أقاموا أموات، أقاموهم بالصلاة لله أما المسيح فكان يعطي أمرًا دون أن يصلي.

4- الأرملة تشير للبشرية التي صارت كأرملة بفقدها نعمة الله ولذة العشرة مع الله. أما الشاب الميت فيشير لكل نفس وقد أفقدتها الخطية حياتها فصارت ميتة.

5- هناك أموات كثيرين ماتوا أيام السيد المسيح ولم يقمهم، فالسيد لا يهتم بأن يقيم الأجساد لتموت ثانية، بل هو يريد أن يعلن أنه يريد قيامتنا من موت الخطية لحياة أبدية، وإقامته لهذا الشاب خير دليل على إمكانية حدوث هذه القيامة الأبدية. وقول السيد هنا للأرملة لا تبكي يعطي فكرة عن إرادة الله أن يسود الفرح البشر، فالله لا يريد لنا أن نحزن. ولذلك أيضا بكى على قبر لعازر بسبب الآلام التي لحقت بالبشر.

6- الثلاث معجزات التي أقام فيها السيد أموات، تشير لثلاث درجات الخطية (راجع معجزة إقامة ابنة يايرس في كتاب إنجيل متى).

7- لمس السيد للنعش يظهر أن جسد المسيح المتحد بلاهوته قادر أن يعطي حياة لمن يتلامس معه، فهو له سلطان على محو الموت والفساد "من يأكلني يحيا بي" (يو57:6). وبنفس المفهوم حين تفل المسيح ولمس لسان الأصم فهو كان ينقل له حياة، وحين تفل ليلمس عين الأعمى (مر33:7+ مر23:8+ يو6:9). من هنا نفهم أن جسد المسيح كان له تأثير في خلاص الإنسان، وهذا لإتحاده باللاهوت. ونرى تطبيقًا لهذا قول السيد المسيح عن سر الافخارستيا "من يأكلني يحيا بي" ففي جسده حياة.

8- كان مع السيد المسيح كثيرون رأوا هذه المعجزة. والسيد قصد هذا لتثبيت إيمانهم.

 

الآيات (18-23): في كتاب إنجيل متى (مت1:11-6‌)

الآيات (24-28): في كتاب إنجيل متى (مت7:11-11‌)

الآيات (29-35): في كتاب إنجيل متى (مت16:11-19‌)

 

الآيات (36-50) (المرأة الخاطئة)

الآيات (36-50): "وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَا مُعَلِّمُ». «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ». ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا». ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ»."

1. الآية السابقة مباشرة الحكمة تبررت من جميع بنيها، نجد تطبيقها المباشر في هذه القصة، فها هي المرأة الخاطئة ولكنها كانت حكيمة، فهي أتت للمسيح معترفة بخطاياها في إنكسار نفس، دون اعتراض أو كبرياء أو عجرفة، فحصلت على الخلاص. أما الفريسي صاحب الوليمة ينسب الخطأ للمسيح.

2 هناك من يخلط بين هذه القصة وبين ساكبة الطيب في (مت6:26-13). ولكن هناك فروق.

 

 

مـت 26

لــو 7

المضيف:

المرأة:

اعتراض الحاضرون:

الزمن:

المكان:
 

سمعان الأبرص

مريم القديسة

ثمن الطيب أولى به الفقراء

في نهاية حياة المسيح

بيت عنيا قرب أورشليم

سمعان الفريسي

امرأة خاطئة

اقتراب الخاطئة من المسيح

في بداية خدمة المسيح

في الجليل

وبالتالي نستنتج أنهما قصتان مختلفتان تمامًا ولاحظ أن اسم سمعان كان منتشرًا وفي (متى 26) سكبت مريم القديسة أخت لعازر التي اختارت النصيب الصالح الطيب حبًا في يسوع. وفي (لو7) تسكب هذه المرأة الطيب طلبًا للغفران واعترافًا بخطاياها. وهي امرأة سيرتها سيئة في المدينة. ويمكننا القول من سياق القصة وأنها أتت ومعها زجاجة طيب، أنه ربما حدث لقاء سابق مع المسيح مع هذه المرأة لمست فيه غفرانه، وكان هذا تعبيرا عن محبتها وشكرها على الغفران الذي حصلت عليه، أو هي أتت بالطيب ملتمسة الغفران.

St-Takla.org Image: The sinner woman crying and washing the feet of Jesus Christ with her tears, and we see the Pharisee behind, by Amgad Wadea صورة في موقع الأنبا تكلا: المرأة الخاطئة تبكي وتمسح قدمي يسوع بشعر رأسها، ويظهر الفريسي في الخلف، رسم أمجد وديع

St-Takla.org Image: The sinner woman crying and washing the feet of Jesus Christ with her tears, and we see the Pharisee behind, by Amgad Wadea.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المرأة الخاطئة تبكي وتمسح قدمي يسوع بشعر رأسها، ويظهر الفريسي في الخلف، رسم أمجد وديع.

3. كانت أبواب اليهود مفتوحة بداعي الكرم، وخصوصًا في مناسبة كهذه. لذلك دخلت هذه المرأة. هي كانت قد سمعت أن المسيح يقبل الخطاة ويغفر لهم فأتت وكلها أمل في الغفران وبدء حياة جديدة بلا إثم. ووقفت هذه المرأة وراء السيد وسكبت الطيب على رجليه ولما لم يمنعها أو يرفض ما عملته، وربما نظر لها نظرة قبول، وهي تعرف عدم استحقاقها بكت عند قدميه فبلت قدميه وهو متكئ، ولما سقطت دموعها على قدميه خجلت فمسحتهما بشعرها (ولاحظ أن شعر المرأة مجدها 1كو15:11) فهي بهذا تضع كل مجدها وكرامتها تحت قدمي المسيح. (ملحوظة: هم كانوا يخلعون النعال إذا اتكأوا للطعام).

4. وماء لرجلي لم تعطي= كان من عادة اليهود أن المضيف ليظهر احترامه لضيفه، وتقديره له، أن يغسل قدميه ويمسح رأسه بالدهن الطيب الرائحة (زيت مضاف له روائح طيبة). فسمعان تكلف مالًا كثيرًا في الوليمة ولكنه لم يعط لضيفه من مشاعره، ربما خوفًا من بقية الفريسيين لئلا ينتقدوه وربما شعر أنه يكفي أن يقيم وليمة للمسيح المرفوض من الجميع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). هو بهذا شعر أنه صاحب فضل على المسيح، والمسيح يكفيه هذا. ومن يشعر بهذا سريعًا ما يُدين المسيح، وهذا ما حدث "لو كان هذا نبيًا، لعلم من هذه..).. (من يداين المسيح سريعًا ما يدينه). وهذا ما حدث لنا فنحن إذا شعرنا أننا أصحاب فضل على الله حينما نصلي ونصوم، فسريعًا ما ندينه إذا حدثت لنا أي تجربة قائلين.. لماذا يا رب تفعل ذلك.. كأن الله قد أخطأ. لذلك ينبه المسيح "لا تعرف شمالك ما تعمله يمينك" فاليمين هو عمل البر من صلاة وصوم..إلخ. والشمال هو الافتخار بهذا والشعور بأننا أصحاب فضل. وتعليم رب المجد "إن فعلتم كل البر فقولوا إننا عبيد بطالون، فمن يشعر أنه عبد بطال غير مستحق لشيء، إذا جاءته تجربة يقول. هذا بسبب خطيتي، لكنه لا ينسب خطأ لله وكأنه يدين الله.

5. لقد اقتحمت هذه المرأة مجلس السيد المسيح ولكنه قبلها، إذ قد أتت بتوبة صادقة. وهو يقبل كل من يأتي بتوبة صادقة غافرًا له. لقد صارت هذه المرأة نموذجًا لكثيرين، تعلموا منها وأتوا للسيد المسيح فغفر لهم.

6. هذه المرأة تعطي درسًا لكل منَّا وهو.. أن الطريق الشرعي المقبول لكي نقترب من المسيح ونكون مقبولين.. هو أن نأتي معترفين بخطايانا معترفين بعدم استحقاقنا (راجع قصة الفريسي والعشار). بل أن المسيح في اشتياق لمثل هذه النفوس التائبة المعترفة الباكية، التي تشعر باحتياجها إليه كرب غافر. ومهما كانت خطايانا فرحمة الله أعظم. فهذه المرأة بحسب الناموس تستحق الرجم لكن مراحم الله خلصتها.

7. هذا الفريسي دعا المسيح إلى بيته، لا إلى قلبه، ولكن المرأة الخاطئة إقتحمت البيت بدالة المحبة. الفريسي يمثل النفس التي تتخفى وراء المظاهر الخارجية دون الأعماق، أما المرأة فتمثل النفس الجادة في خلاصها فتهتم باللقاء الخفي مع العريس السماوي. وربما كان هذا الفريسي يريد أن يرى آية من آيات الرب التي سمع عنها أو هو رأى أن مستقبل هذا المعلم مشرق وأراد أن يستفيد منه، عمومًا فارتباطنا بالمسيح بسبب أغراض ومطامع مادية يضيع منّا الخلاص. أمّا لو أتينا له كخطاة مثل هذه المرأة سننال الخلاص.

8. طريقة الجلوس أثناء الطعام: كانوا يجلسون حول موائد ذات أرجل قصيرة، وكانوا يجلسون على أرائك أي مقاعد أرضية مستندين على المائدة، وأرجلهم إلى خلف، وخالعين نعالهم، لذلك أتت تلك المرأة من خلف السيد وسكبت الطيب عند قدميه، وطالما مسحت قدميه بشعرها، فَيُفْهَم أنها كانت في وضع أقرب للسجود.

9. قول الكتاب "وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة" هذا القول يشير لأن سمعتها كانت سيئة ومنتشرة في كل المدينة. ولكن واضح أنها تابت، ودموعها خير شاهد لذلك، ودموعها، دموع التوبة عند المسيح هي أثمن من أي قارورة طيب.

10. شك الفريسي في أن المسيح ليس بنبي لأن من يلمس زانية يتنجس، ولكن من يلمس المسيح يتقدس والسيد أظهر له أنه أعظم من نبي، فالنبي لا يعلم ما في القلوب، لكن السيد المسيح أجاب علنًا على تساؤلات سمعان التي في قلبه. والسيد المسيح أظهر للفريسي أن هذه المرأة أعظم منه حبًا. فالفريسي [1] لم يقم بواجبات المضيف من غسل الأرجل فكانوا يلبسون صنادل فتتسخ أرجلهم من التراب. [2] الدهن بالزيت لإنعاش الضيف. [3] التقبيل (أي إبداء مشاعر المحبة). (ملحوظة: الزيت يحتوي على عطور للإنعاش).

St-Takla.org Image: Icon of the woman who loved much (the Sinful Woman who was weeping and washed Jesus' feet with her tears and wiped them with the hair) (Luke 7: 36-50), private collection, Egypt, 1731 A.M. (2014-2015 - which corresponds with the year 6256 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة المرأة التي أحبت كثيرًا (المرأة الخاطئة التي كانت تبكي وغسلت قدميّ يسوع بدموعها وغسلتهما بشعر رأسها) (لوقا 7: 36-50)، مقتنيات خاصة، مصر، 1731 ش. (2014-2015 م. - والذي يوافق سنة 6256 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: Icon of the woman who loved much (the Sinful Woman who was weeping and washed Jesus' feet with her tears and wiped them with the hair) (Luke 7: 36-50), private collection, Egypt, 1731 A.M. (2014-2015 - which corresponds with the year 6256 according to the ancient Egyptian calendar), Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة المرأة التي أحبت كثيرًا (المرأة الخاطئة التي كانت تبكي وغسلت قدميّ يسوع بدموعها وغسلتهما بشعر رأسها) (لوقا 7: 36-50)، مقتنيات خاصة، مصر، 1731 ش. (2014-2015 م. - والذي يوافق سنة 6256 حسب التقويم المصري القديم)، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

 والمرأة [1] غسلت قدمي السيد ومسحتهما بشعرها [2] دهنت قدميه بالطيب [3] قبلت قدميه. وما سبب هذا العطاء؟ الحب الذي ملأ قلبها. وما سبب هذا الحب؟ شعورها بغفران السيد لها، ولاحظ أنها ما كانت ستشعر بحب السيد وغفرانه إلاّ لو كانت قد انفتحت عيناها على خطاياها، بل وعلى محبته وغفرانه لها. والسؤال كيف أدركت هذا الحب؟ لا نعرف. فالله له طرقه الخاصة التي تختلف من إنسان لإنسان. وهو أعطى لها من محبته (ربما في هذا اليوم أو قبل هذا اليوم فصارت تسير وراءه) ما جعلها تفهم أنه غفر لها فأحبته. أما الفريسي المعجب بنفسه، فهو يرى أنه كامل بلا خطية وبالتالي فهو لا يحتاج لغفران، ولذلك فمحبته محدودة. ولاحظ أن محبة المرأة كانت أيضًا لإيمانها بأن المسيح غفر، وله سلطان أن يغفر= إيمانك قد خلصك.

11. إننا نحتاج لقضاء أوقات طويلة في الصلاة ودراسة الكتاب المقدس فهذا يفتح أعيننا [1] لنعرف شخص المسيح [2] لنعرف نجاسة قلوبنا وكم غفر المسيح لنا، وكيف قبلنا ونحن هكذا. وإذا انفتحت أعيننا ورأيناه وعرفنا ما فعله لأجلنا سيمتلئ القلب حبًا له. ولكن هذا الفريسي كانت عينه مغلقة، فهو شعر أنه أعطى المسيح ولم يأخذ شيئًا من المسيح، فلم يحب المسيح.

12. لم يكن لهما ما يوفيان= هذا يعني عجز البشر عن إيفاء الله ما عليهم من دين الخطية، زادت خطاياه أم قلت.

13. اذهبي بسلام= هذه ليست مثل "مع السلامة" ولكن المسيح يهبها سلامًا عجيبًا.

14. لأهمية هذا الجزء تصليه الكنيسة يوميًا في صلاة نصف الليل، لأننا نرى فيه الطريق الصحيح للاقتراب من المسيح لننال الغفران والسلام وننعم بمحبته، ألا وهو الانسحاق أمام الله طالبين الرحمة والغفران.

15. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا = هل كانت خطايا هذا الفريسي قليلة حقًا؟ لا بل هو الذي لا يرى خطاياه، وهكذا كل من كانت عينه مغلقة. وبالتالي هو لا يشعر بالغفران الذي قدمه له المسيح بدمه، وبالتالي لن يقدم الحب المطلوب إذ لا يشعر بقدر النعمة التي أعطيت له. أما المرأة الخاطئة فكان لها العين المفتوحة فرأت:- 1) بشاعة خطيتها 2) قدر الغفران الذي حصلت عليه... والنتيجة – أحبت كثيرا. وهذا ما قيل وتكرر في سفر حزقيال النبي أن الله سيؤدبهم على خطاياهم فيرجعون بالتوبة وحينئذ "تمقتون أنفسكم" (حز20: 43). فالتوبة الحقيقية تفتح العين وتدرك بشاعة الخطايا السابقة فيكره الإنسان نفسه، وفي نفس الوقت يقدم الشكر للمسيح على ما صنعه لكي تغفر خطيته.

كما بدأ المخلص في بداية خدمته بتطهير الهيكل (يو2) هكذا أنهى خدمته قبل صلبه بأيام بتطهير الهيكل، وذلك ليعلن هدف مجيئه - تطهير هيكل الله (الكنيسة والإنسان). هكذا نجد قصتيّ ساكبات الطيب، وهذه هي الأولى في بداية خدمته، وفيها نراه يقبل هذه الخاطئة ويعطيها غفران الخطية ووعد بالخلاص، وأنهى أيضًا خدمته في الأسبوع الأخير بمريم ساكبة الطيب إعلانًا عن محبتها الكبيرة. فمن عرف المسيح وغفرانه ومحبته سيبادله الحب، وهذا ما يريده أن يعيد الصورة الفردوسية الأولى. ولكن لاحظ أن هذا الحب من مريم جاء بعد تلمذة طويلة ليسوع، إذ كان يسوع يذهب كثيرا لبيت لعازر. ولاحظ أنه احتراما لمشاعر المرأة التي كانت خاطئة أخفى الإنجيل اسمها.

St-Takla.org Image: The guests reclined on couches around the meal table. A woman (with a reputation for living immorally) heard that Jesus was at Simon’s house and brought an exquisite flask filled with expensive perfume. (Luke 7: 37) - "A woman who anoints Jesus finds forgiveness" images set (Luke 7:36-50): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة، إذ علمت أنه متكئ في بيت الفريسي، جاءت بقارورة طيب" (لوقا 7: 37) - مجموعة "غفران خطايا المرأة ساكبة الطيب" (لوقا 7: 36-50) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The guests reclined on couches around the meal table. A woman (with a reputation for living immorally) heard that Jesus was at Simon’s house and brought an exquisite flask filled with expensive perfume. (Luke 7: 37) - "A woman who anoints Jesus finds forgiveness" images set (Luke 7:36-50): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة، إذ علمت أنه متكئ في بيت الفريسي، جاءت بقارورة طيب" (لوقا 7: 37) - مجموعة "غفران خطايا المرأة ساكبة الطيب" (لوقا 7: 36-50) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ولاحظ التناقض الكبير بين المرأة التي جاءت فرحة بقبول المعلم لها ولم يحتقرها كباقي معلمي اليهود بل غفر لها، وكانت تبكي وحينما نزلت دموعها وبللت قدميه خجلت وإنحنت لتمسح دموعها من على قدميه بشعرها. وبين الفريسي الذي دعاه وأدانه وفكر فيه أفكارا غير لائقة. وعند اليهود كانوا يعطون كرامة كبيرة للمعلمين لم يعطها هذا الفريسي للمسيح. لذلك نقول أنه لم يدعه إلى بيته لأنه كان مقتنعا به بل لأنه كانت هذه هي العادة أن يدعو الفريسيين المعلمين الكبار إلى مائدتهم. وربما حدثت هذه الحادثة في نايين بعد إقامة ابن الأرملة فازدادت شهرة المسيح لذلك دعاه هذا الفريسي. [لاحظ أن قصة المرأة أعقبت مباشرة قصة إقامة ابن أرملة نايين]. وبهذا نتأكد أن هذا الفريسي المزهو بنفسه هو من أراد أن يستفيد من شهرة المسيح، ولكنه في داخله إستنكر وتضرر من قبول المسيح لهذه المرأة.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/03-Enjil-Loka/Tafseer-Angil-Luca__01-Chapter-07.html

تقصير الرابط:
tak.la/77by439