St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   03-Enjil-Loka
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي
سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

لوقا 18 - تفسير إنجيل لوقا

الصلاة الحية والصداقة الإلهية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب لوقا:
تفسير إنجيل لوقا: مقدمة إنجيل لوقا | لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24 | مراجع البحث

نص إنجيل لوقا: لوقا 1 | لوقا 2 | لوقا 3 | لوقا 4 | لوقا 5 | لوقا 6 | لوقا 7 | لوقا 8 | لوقا 9 | لوقا 10 | لوقا 11 | لوقا 12 | لوقا 13 | لوقا 14 | لوقا 15 | لوقا 16 | لوقا 17 | لوقا 18 | لوقا 19 | لوقا 20 | لوقا 21 | لوقا 22 | لوقا 23 | لوقا 24 | لوقا كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كان جوهر الحديث في الأصحاح السابق هو "الإيمان" كطريق للتمتع بالصداقة الإلهية، خلال تمتعنا بالملكوت الداخلي في القلب كعربون للملكوت الإلهي الأخروي أو الأبدي. هذا الإيمان يترجم خلال حياة الصلاة الدائمة أو العبادة الصادقة الملتحمة بروح التواضع والزهد مع قبول الألم، فتنفتح بصيرتنا الداخلية على الملكوت. هذا هو موضوع هذا الأصحاح!

 

1. الصلاة بلجاجة (الأرملة وقاضي الظلم)

   

1 - 8.

2. العبادة المتضعة (الفريسي والعشار)

   

9 - 14.

3. العودة إلى بساطة الطفولة

   

15 - 17.

4. التحرر من عبودية المال

   

18 - 30.

5. قبول الصليب

   

31 - 34.

6. الاستنارة (تفتيح عيني الأعمى)

   

35 - 43.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. الصلاة بلجاجة (الأرملة وقاضي الظلم)

1 وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلًا فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ، 2 قِائِلًا: «كَانَ فِي مَدِينَةٍ قَاضٍ لاَ يَخَافُ اللهَ وَلاَ يَهَابُ إِنْسَانًا. 3 وَكَانَ فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ أَرْمَلَةٌ. وَكَانَتْ تَأْتِي إِلَيْهِ قَائِلَةً: أَنْصِفْنِي مِنْ خَصْمِي! 4 وَكَانَ لاَ يَشَاءُ إِلَى زَمَانٍ. وَلكِنْ بَعْدَ ذلِكَ قَالَ فِي نَفْسِهِ: وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَخَافُ اللهَ وَلاَ أَهَابُ إِنْسَانًا، 5 فَإِنِّي لأَجْلِ أَنَّ هذِهِ الأَرْمَلَةَ تُزْعِجُنِي، أُنْصِفُهَا، لِئَلاَّ تَأْتِيَ دَائِمًا فَتَقْمَعَنِي!» 6 وَقَالَ الرَّبُّ: «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ قَاضِي الظُّلْمِ. 7 أَفَلاَ يُنْصِفُ اللهُ مُخْتَارِيهِ، الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَارًا وَلَيْلًا، وَهُوَ مُتَمَهِّلٌ عَلَيْهِمْ؟ 8 أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُنْصِفُهُمْ سَرِيعًا! وَلكِنْ مَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإِيمَانَ عَلَى الأَرْضِ؟»

 

سبق فأعلن السيد أن "الصليب" هو طريق الملكوت، إذ ينبغي أن يتألم ابن الإنسان ويُرفض لكي يملك فينا، هكذا ينبغي أن تتألم كنيسته وتحمل صليبه وهي تنتظر مجيئه الأخير. ربما يتساءل البعض: كيف يمكننا أن نحتمل الصليب ونقبل الآلام بفرح من أجل الملكوت؟ وقد جاءت الإجابة هنا: الصلاة كل حين! مقدمًا لنا "مثلًا في أنه ينبغي أن يُصلي كل حين ولا يُمل" [1].

* إذ تحدث ربنا عن المتاعب والمخاطر التي ستحل أضاف العلاج في الحال، أي الصلاة الدائمة بغيرة.

الأب ثيؤفلاكتيوس

St-Takla.org Image: The Parable of the Unjust Judge (the Parable of the Importunate Widow, the Parable of the Persistent Widow): "Then He spoke a parable to them, that men always ought to pray and not lose heart, saying: “There was in a certain city a judge who did not fear God nor regard man. Now there was a widow in that city; and she came to him, saying, ‘Get justice for me from my adversary.’ And he would not for a while; but afterward he said within himself, ‘Though I do not fear God nor regard man, yet because this widow troubles me I will avenge her, lest by her continual coming she weary me.’” Then the Lord said, “Hear what the unjust judge said. And shall God not avenge His own elect who cry out day and night to Him, though He bears long with them? I tell you that He will avenge them speedily. Nevertheless, when the Son of Man comes, will He really find faith on the earth?”" (Luke 18: 1-8) - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900. صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الأرملة المثابرة/قاضي الظلم/القاضي الظالم: "وقال لهم أيضا مثلا في أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل، قائلا: «كان في مدينة قاض لا يخاف الله ولا يهاب إنسانا. وكان في تلك المدينة أرملة. وكانت تأتي إليه قائلة: أنصفني من خصمي! وكان لا يشاء إلى زمان. ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنسانا، فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني، أنصفها، لئلا تأتي دائما فتقمعني!». وقال الرب: «اسمعوا ما يقول قاضي الظلم. أفلا ينصف الله مختاريه، الصارخين إليه نهارا وليلا، وهو متمهل عليهم؟ أقول لكم: إنه ينصفهم سريعا! ولكن متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض؟»" (لوقا 18: 1-8) - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

St-Takla.org Image: The Parable of the Unjust Judge (the Parable of the Importunate Widow, the Parable of the Persistent Widow): "Then He spoke a parable to them, that men always ought to pray and not lose heart, saying: “There was in a certain city a judge who did not fear God nor regard man. Now there was a widow in that city; and she came to him, saying, ‘Get justice for me from my adversary.’ And he would not for a while; but afterward he said within himself, ‘Though I do not fear God nor regard man, yet because this widow troubles me I will avenge her, lest by her continual coming she weary me.’” Then the Lord said, “Hear what the unjust judge said. And shall God not avenge His own elect who cry out day and night to Him, though He bears long with them? I tell you that He will avenge them speedily. Nevertheless, when the Son of Man comes, will He really find faith on the earth?”" (Luke 18: 1-8) - from: Christ's Object Lessons, by Ellen G. White, 1900.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الأرملة المثابرة/قاضي الظلم/القاضي الظالم: "وقال لهم أيضا مثلا في أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يمل، قائلا: «كان في مدينة قاض لا يخاف الله ولا يهاب إنسانا. وكان في تلك المدينة أرملة. وكانت تأتي إليه قائلة: أنصفني من خصمي! وكان لا يشاء إلى زمان. ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنسانا، فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني، أنصفها، لئلا تأتي دائما فتقمعني!». وقال الرب: «اسمعوا ما يقول قاضي الظلم. أفلا ينصف الله مختاريه، الصارخين إليه نهارا وليلا، وهو متمهل عليهم؟ أقول لكم: إنه ينصفهم سريعا! ولكن متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض؟»" (لوقا 18: 1-8) - من كتاب دروس المسيح الموضوعية، إلين ج. وايت، 1900 م.

* إن كنت لم تنل موهبة الصلاة أو التسبيح كن لجوجًا فتنلْ... لا تمِل من الانتظار، ولا تيأس من عدم نوالك، لأنك ستنال فيما بعد(755)

القديس أوغريس

* لم يأمرنا أن نقيم صلاة من عشرة آلاف عبارة، لنأتي إليه لمجرد ترديدها... فنحن لا نأتي لكي نعلمه وإنما لنصارع معه، ونلتصق به بالطلب المستمر والتواضع وتذكر الخطايا(756)

القديس يوحنا الذهبي الفم

* ذاك الذي فداك يظهر لك ما يريده منك أن تفعله؛ يريدك في صلاة دائمة؛ يودك أن تتأمل في قلبك البركات التي تصلي من أجلها؛ يريدك أن تسأله فتنال صلاحه الذي يشتاق أن يهبه لك.

إنه لن يبخل قط ببركاته على من يصلي، لكنه برحمته يحث البشر ألا يملوا في الصلاة.

 تقبل تشجيع الرب لك بفرحٍ، ولترد أن تتمم ما يأمر به وأن تكف عما يمنعك عنه.

 أخيرًا، تأمل ما يوهب لك من امتياز مغبوط، أنك تتحدث مع الله في صلواتك، مظهرًا له احتياجاتك، فإنه يجيبك لا بكلمات وإنما برحمته، إذ هو لا يستخف بالسؤالات، وهو لا يمل إلا إن توقفت أنت(757).

القديس يوحنا الذهبي الفم

* لا تكن الصلاة مجرد عمل لوقت معين إنما هي حالة دائمة للروح. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: تأكد أنك لا تحد صلاتك بجزءٍ معين من اليوم. اتجه إلى الصلاة في أي وقت، كما يقول الرسول في موضع آخر: "صلوا بلا انقطاع" (1 تس 5: 17). يخبرنا الرسول أن نصلي "في الروح" (أف 6: 18)، بمعنى أن الصلاة لا تكون فقط في الخارج (بكلمات مسموعة) بل وفي الداخل، فهي عمل العقل والقلب. بهذا يكون جوهر الصلاة هو رفع العقل والقلب نحو الله.

* كتب بولس إلى أهل تسالونيكي: "صلوا بلا انقطاع" (1 تس 5: 17). وفي رسائل أخرى يوصي: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح" (أف 6: 18)، "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها" (كو 4: 2)، "مواظبين على الصلاة" (رو 12: 12). وأيضًا يعلمنا المخلص عن الحاجة إلى الصلاة الدائمة بمثابرة خلال مثل المرأة التي بلجاجتها غلبت القاضي الظالم بسؤالها المستمر. من هذا كله يتضح أن الصلاة الدائمة ليست أمرًا عارضًا بل سمة أساسية للروح المسيحي. حياة المسيحي - بحسب الرسول - مختفية في الله بالمسيح (كو 3: 3)، لذا وجب على المسيحي أن يعيش في الله على الدوام بكل فكره ومشاعره؛ وإذ يفعل هذا إنما يصلي بلا انقطاع!

لقد تعلمنا أيضًا أن كل مسيحي هو "هيكل الله" فيه "يسكن روح الله" (1كو 3: 16؛ رو 8: 9). هذا الروح دائمًا حال فيه، ويشفع فيه، مصليًا في داخله "بأنات لا يُنطق بها" (رو 8: 26)، وهكذا يعلمه كيف يصلي بلا انقطاع.

* اُذكر أن القديس باسيليوس الكبير قد أجاب على السؤال: كيف استطاع الرسل أن يصلوا بلا انقطاع؟ قائلًا أنهم في كل شيء كانوا يفعلونه يفكرون في الله، عائشين في تكريس دائم لله. هذا الحال الروحي كانت صلاتهم التي بلا انقطاع(758)

الأب ثيوفان الناسك

قدم السيد المسيح مثل الأرملة وقاضي الظلم ليحثنا على الصلاة الدائمة،

"كان في مدينة قاضٍ لا يخاف الله، ولا يهاب إنسانًا.

وكان في تلك المدينة أرملة،

وكانت تأتي إليه، قائلة: انصفني من خصمي.

وكان لا يشاء إلى زمان،

ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله، ولا أهاب إنسانًا.

فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني أنصفها لئلا تأتي دائمًا فتقمعني.

وقال الرب: اسمعوا ما يقول قاضي الظلم.

أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهارًا وليلًا وهو متمهل عليهم؟!

أقول لكم إنه ينصفهم سريعًا،

 ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!" [2-8].

هكذا يحثنا السيد المسيح على الصلاة الدائمة بلا ملل، النابعة عن الإيمان بالله مستجيب الصلوات، لذا يعلن أنه في أواخر الدهور إذ يجحد الكثيرون الإيمان وتبرد المحبة تتوقف أيضًا الصلاة، فيفقد الإنسان صلته وصداقته مع الله. هذا هو ما عناه بقوله "ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!"، معلنًا حزنه على البشرية المحرومة من الصداقة الإلهية.

* فصل الإنجيل المقدس يبنينا في الالتزام بالصلاة والإيمان، بعدم اتكالنا على ذواتنا بل على الرب. أي تشجيع على الصلاة أكثر من مثل القاضي الظالم المُقدم لنا؟ فإن القاضي الظالم وهو لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا إلا أنه يصغي إلى الأرملة التي تسأله، مغلوبًا بلجاجتها وليس باللطف. إن كان قد سمع طلبتها ذاك الذي يكره أن يسأله أحد، فكم يسمع لنا نحن ذاك الذي يحثنا أن نسأله؟!

بالمقارنة العكسية إذ يعلمنا الرب أنه "ينبغي أن يُصلي كل حين ولا يمل" يضيف قائلًا: "ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض؟!" إن سقط الإيمان بطلت الصلاة، لأنه من يصلي لمن لا يؤمن به؟ لذلك عندما حث الرسول الطوباوي على الصلاة، قال: "لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص" (رو 10: 13). ولكي يظهر أن الإيمان هو ينبوع الصلاة أكمل قائلًا: "فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به؟!" (رو 10: 14). كي نصلي يلزمنا أن نؤمن ولكي لا يضعف ذلك الإيمان الذي به نصلي فلنصلِ. الإيمان يفيض صلاة، وفيض الصلاة يقوي الإيمان. أقول، إن الإيمان يفيض صلاة، وفيض الصلاة يهب قوة الإيمان عينه. فلكي لا يضعف الإيمان أثناء التجربة قال الرب: "اسهروا (قوموا) وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" (لو 22: 46)... ماذا يعني "تدخلوا في تجربة" إلا ترك الإيمان؟ فالتجربة تشتد برحيل الإيمان، وتنتهي بنمو الإيمان... ولكي تعرفوا أيها الأحباء بأكثر وضوح أن الرب بقوله: "اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة" يقصد ألا يضعف الإيمان ويهلك، يقول في نفس الموضع في الإنجيل: "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة، ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو 22: 31-32). ذاك الذي يحمي (إيماننا يصلي) أفلا يصلي ذاك الذي يتعرض للخطر؟

في كلمات الرب: "ولكن متى جاء ابن الإنسان ألعلّه يجد الإيمان على الأرض؟! [8]، يتحدث عن الإيمان الكامل، إذ يكون نادرًا على الأرض(759)

القديس أغسطينوس

* ينبوع كل بركة هو المسيح "الذي صار لنا حكمة من الله" (1 كو 1: 30)، إذ فيه صرنا حكماء وامتلأنا بالمواهب الروحية. الآن من كان متزن العقل يؤكد أن معرفة هذه الأشياء التي فيها نتقدم بكل وسيلة بالحياة المقدسة السامية والنمو في الفضيلة إنما هي عطية من الله، يتأهل الإنسان للفوز بها.

إننا نجد إنسانًا يسأل الله، قائلًا: "اظهر لي يا رب طرقك، علمني سبلك" (مز 24: 4). عديدة هي السبل التي تقودنا إلى الأمام نحو الحياة غير الفاسدة... لكنه يوجد سبيل واحد على وجه الخصوص نافع لكل السالكين فيه وهو الصلاة. لقد حرص المخلص نفسه أن يعلمنا إياه، مقدمًا لنا المثل الموضوع أمامنا كي نجاهد في الصلاة، إذ قيل: "وقال لهم أيضًا مثلًا في أنه ينبغي أن يصلى كل حين ولا يُمل" [1].

إنني أؤكد أنه من واجب من يكرسون حياتهم للخدمة ألا يتراخوا في صلواتهم، ولا يحسبونها واجبًا ثقيلًا ومرهقًا، بل بالحري يفرحوا من أجل الحرية التي يهبها الله لهم، فإنه يريدنا أن نتحدث معه كأبناء مع أبيهم.

ألا يُعتبر هذا فضلًا يستحق منا كل تقدير؟ لو بلغ إلينا إنسان عظيم ذو سلطان أرضي وسمح لنا أن نتحدث معه بكامل الحرية، أما نحسب هذا سببًا لائقًا للفرح العظيم؟! فلماذا نشك إن كان الله يسمح لكل واحدٍ منا أن يوجه حديثه له كيفما شاء، مقدمًا للذين يخافونه كرامة عظيمة كهذه، يتأهلون لنوالها؟!

لنبطل كل كسل هذا الذي يجعل الناس يمارسون الصمت الضار عن الصلاة، ولنقترب بالحري إليه بالمديح والفرح إذ نلنا وصية أن نتحدث مع رب الكل وإله الجميع، ولنا المسيح شفيعًا يهبنا مع الآب تحقيق طلباتنا. يكتب بولس الطوباوي: "نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب (وربنا) يسوع المسيح" (2 كو 1: 2). بل والمسيح نفسه يقول لرسله القديسين: "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي، اطلبوا تأخذوا" (يو 16: 24). إنه شفيعنا، إنه كفارة عنا، إنه معزينا، واهبنا كل سؤالاتنا.

من واجبنا أن نصلي بلا انقطاع ككلمات الطوباوي بولس (1 تس 5: 7)، وكما هو معروف لنا حسنًا ومؤكد لنا أن ذاك الذي نقدم له سؤالاتنا قادر أن يحقق لنا كل شيء. لقد قيل: "ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجًا من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئًا من عند الرب" (يع 1: 6-7). فمن هو مرتاب يرتكب بالحق سخرية، فإن كنت لا تؤمن أنه يقترب إليك ويبهجك ويتمم طلبتك لا تقترب إليه بالكلية، لئلا تُوجد متهمًا القدير بكونك في غباوة مرتابًا. إذن لنتجنب هذا المرض الدنيء (الارتياب).

الله ينصت للذين يقدمون له صلواتهم لا بتراخٍ أو إهمالٍ بل بجديةٍ واستمرارية، هذا ما يؤكد لنا المثل الماثل بيننا. فإن كان مجيء الأرملة المظلومة قد غلب القاضي الظالم الذي لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا، حتى وهبها طلبتها بغير إرادته، أفليس ذاك الذي يحب الرحمة ويكره الظلم، الذي يمد يده على الدوام لمحبيه، يقبل الذين يقتربون إليه ليل نهار، وينتقم لهم بكونهم مختاريه؟(760)

* لكن، ربما يقول قائل: هوذا المسيح يقول لرسله القديسين: "أحبوا أعدائكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم"، فكيف نصرخ ضدهم (نطلب النقمة) دون أن نحتقر الوصية الإلهية...؟

عندما تُرتكب معاصي ضدنا شخصيًا، فلنحسب ذلك مجدًا لنا أن نغفر لهم، فنمتلئ حبًا مشتركًا، ونقتدي بالآباء القديسين، حتى وإن ضربونا أو سخروا بنا. نعم حتى وإن مارسوا كل أنواع العنف ضدنا، إذ يليق بنا أن نتحرر من كل عيب، ونسمو فوق الغضب والحقد. مثل هذا المجد يليق بالقديسين ويفرح الله. ولكن إن كانت خطية موجهة ضد مجد الله (كالبدع والهرطقات ومقاومة الكرازة بالحق)، فلنقترب من الله ونسأله معونته ونصرخ ضد مقاومي مجده، كما فعل العظيم موسى، إذ قال: "قم يا رب، فلتتبدد أعداؤك، ويهرب مبغضوك من أمامك" (عد 10: 35). كذلك الصلاة التي نطق بها الرسل القديسون... "أنظر إلى تهديداتهم"، بمعنى أبطل مقاومتهم وهب لعبيدك الحرية أن ينطقوا بكلمتك(761)

القديس كيرلس الكبير

* إننا نجد أيضًا الشهداء في رؤيا يوحنا (رؤ 6: 10) يطلبون الانتقام مع أنه قد طُلب منا صراحة أن نصلي لأجل أعدائنا ومضطهدينا... لنفهم أن الشرير يهلك بطريقين: إما بتحوله إلى البرّ (فيهلك شره) أو بمعاقبته إن فقد فرصة التوبة. فإنه حتى لو تحول كل البشر إلى الله فسيبقى الشيطان مُدانًا حتى النهاية. إذن فالأبرار يطلبون الحياة العتيدة، وليس باطلًا يسألون النقمة(762).

القديس أغسطينوس

بمعنى آخر إن كانت هذه الأرملة تمثل الكنيسة كما تمثل كل عضو فيها، فإنها لا تطلب النقمة من الأشخاص بروح البغض والانتقام، إنما تطلب هلاك الشر من حياة الأشرار بقبولهم الإيمان، أو تطلب انقضاء الدهر حيث ينال أولاد الله الميراث ويُلقى عدو الخير وجنوده في الهلاك الأبدي.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The parable of the Pharisee and the Tax Collector ( Luke 18:9-14) - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908 صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الفريسي والعشار (لوقا 18: 9-14) - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908

St-Takla.org Image: The parable of the Pharisee and the Tax Collector ( Luke 18:9-14) - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908

صورة في موقع الأنبا تكلا: مثل الفريسي والعشار (لوقا 18: 9-14) - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908

2. العبادة المتضعة (الفريسي والعشار)

9 وَقَالَ لِقَوْمٍ وَاثِقِينَ بِأَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ، وَيَحْتَقِرُونَ الآخَرِينَ هذَا الْمَثَلَ: 10 «إِنْسَانَانِ صَعِدَا إِلَى الْهَيْكَلِ لِيُصَلِّيَا، وَاحِدٌ فَرِّيسِيٌّ وَالآخَرُ عَشَّارٌ. 11 أَمَّا الْفَرِّيسِيُّ فَوَقَفَ يُصَلِّي فِي نَفْسِهِ هكَذَا: اَللّهُمَّ أَنَا أَشْكُرُكَ أَنِّي لَسْتُ مِثْلَ بَاقِي النَّاسِ الْخَاطِفِينَ الظَّالِمِينَ الزُّنَاةِ، وَلاَ مِثْلَ هذَا الْعَشَّارِ. 12 أَصُومُ مَرَّتَيْنِ فِي الأُسْبُوعِ، وَأُعَشِّرُ كُلَّ مَا أَقْتَنِيهِ. 13 وَأَمَّا الْعَشَّارُ فَوَقَفَ مِنْ بَعِيدٍ، لاَ يَشَاءُ أَنْ يَرْفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ، بَلْ قَرَعَ عَلَى صَدْرِهِ قَائِلًا: اللّهُمَّ ارْحَمْنِي، أَنَا الْخَاطِئَ. 14 أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ، لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ، وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ».

 

إن كان كلمة الله في حبه لنا نزل إلينا بروح التواضع ليحملنا فيه أعضاء جسده المقدس، فإنه يليق بنا لكي نثبت في هذه العطية ونحسب بالحق أحباء وأصدقاء أن نحمل روح التواضع فينا. لذلك قدم لنا مثل الفريسي والعشار، وكما قال القديس يوحنا الذهبي الفم في عظته الخامسة ضد أنوميانوس Anomoeans أن الفريسي ركب مركبة يجرها البرّ مع الكبرياء بينما مركبة العشار تجرها الخطية مع التواضع؛ الأولى تحطمت وهوت، والثانية ارتفعت وعلت بعد أن غُفرت خطايا العشار بتواضعه.

* عندما أشرت أخيرًا إلى الفريسي والعشار، وافترضت أن لهما مركبتان هما الفضيلة والرذيلة، أشرت إلى حقيقة كل منهما، كم هو مفيد تواضع الروح، وكم هو مفسد الكبرياء؟!

فالكبرياء وإن لازمه البرّ والأصوام وتقديم العشور فإن مركبته تتقهقر، وأما تواضع الروح وإن لازمه الخطية، لكنه يسبق حصان الفريسي، ولو كان الذي يقوده فقيرًا (في أعمال البرّ)! لأنه من كان أشر من العشار، ومع ذلك إذ كانت روحه متواضعة ودعى نفسه خاطئًا، وهو بحق خاطئ، إلا أنه سما على الفريسي الذي كان له أن يتكلم عن أصوامه ودفع العشور...

لقد نُزعت الشرور عن العشار، إذ اُنتزعت عنه أم كل الشرور، أي المجد الباطل والكبرياء. وعلى هذا الأساس يعلمنا الرسول بولس، قائلًا: "ليمتحن كل واحد عمله، وحينئذ يكون له الفخر من جهة نفسه فقط لا من جهة غيره" (غل 6: 6).

أما الفريسي فتقدم متهمًا العالم كله جهرًا، حاسبًا نفسه أفضل من جميع البشر. ومع أنه ولو فضل نفسه عن عشرة فقط أو خمسة أو اثنين أو حتى عن واحد، فإن هذا ليس بمقبول؛ لكنه لم يقف عند حدّ تفضيل نفسه عن العالم كله، بل واتهم البشرية كلها، وبهذا تخلف عن الركب كله.

وكما أن السفينة إن جرت كثيرًا بسبب الأمواج غير المحصية والعواصف الشديدة، تتحطم على الصخور في داخل الميناء وتفقد كل ما تحمله من كنوز، هكذا فعل الفريسي، إذ قدم أصوامًا، وصنع بفيض فضائله، إلا أنه لم يحكم لسانه، فتحطمت نفسه داخل الميناء، ورجع إلى بيته بعد الصلاة - أي في داخل الميناء - وقد أصابه دمارًا عظيمًا، وبدلًا من أن ينال نفعًا أدركه التحطيم!!

أيها الإخوة، إذ عرفنا هذا كله فلننظر إلى أنفسنا أننا آخر الكل، ولو كنا قد بلغنا قمة الفضيلة عينها، عالمين أن الكبرياء قادر أن يُسقط حتى السمائيين إن لم يحذروا، بينما تواضع الفكر يرفع من هاوية الخطايا أولئك الذين يعرفون كيف يسمون، وهذا ما جعل العشار يسبق الفريسي.

الكبرياء، أقصد غرور النفس، أقوى حتى من القوات غير المتجسدة، أي الشيطان، بينما تواضع النفس ومعرفة الإنسان لخطاياه التي ارتكبها جعلتا اللص يسبق الرسل إلى الفردوس...

إنني لا أنطق بهذا لكي نهمل البرّ، وإنما لكي نتجنب الكبرياء، ولا لكي نخطئ، بل نسمو بأفكارنا، إذ تواضع الروح هو ينبوع الحكمة الخاصة بنا(763).

القديس يوحنا الذهبي الفم

St-Takla.org Image: The Pharisee and the Publican praying in the temple, by Fahmy Eshak صورة في موقع الأنبا تكلا: الفريسي والعشار يصليان في الهيكل، رسم الفنان فهمي إسحق

St-Takla.org Image: The Pharisee and the Publican praying in the temple, by Fahmy Eshak

صورة في موقع الأنبا تكلا: الفريسي والعشار يصليان في الهيكل، رسم الفنان فهمي إسحق

* عندما كان الفريسي يصلي ويشكر الله من أجل فضائله لم يكذب بل نطق بالحق، ولم يُدن من أجل هذا... لكنه عندما التفت نحو العشار وقال: "إني لست مثل هذا العشار" [11] ارتكب الإدانة!(764)

القديس دوروثيؤس

* مع أن الفريسي كان يصوم يومين في الأسبوع إلا أنه لم يستفِد شيئًا، لأنه افتخر بذلك على العشار(765)

القديس أثناسيوس الرسولي

* صلوات العشار غلبت الله الذي لا يُغلب!

* الكبرياء ضد التواضع، خلاله فقد الشيطان سموه كرئيس ملائكة... فكر أيها الأخ أية خطية هذه التي يقاومها الله؟!(766)

القديس جيروم

* في كل كلماته لم يطلب (الفريسي) شيئًا من الله، لذلك لم ينل شيئًا. صعد ليصلي لكنه لم يفكر في الصلاة لله، وإنما في تمجيد ذاته. أكثر من هذا استخف بذاك الذي كان يصلي.

* وقف العشار من بعيد لكنه بالحقيقة كان قريبًا من الله. بإحساس ضميره كان بعيدًا لكن بتقواه اقترب.

* لم يجسر أن ينظر إلى فوق، إذ كان ضميره يضغط عليه إلى أسفل، أما رجاؤه فقد رفعه إلى فوق.

* صار الفريسي ملومًا لكونه متكبرًا، وليس لأنه يشكر الله(767)

* ليظهر دنس قلبك في اعترافك فتنتمي لقطيع المسيح، فإن الاعتراف بالخطايا يستدعي شفاء الطبيب... أَلم يصعد الفريسي والعشار إلى الهيكل؟! واحد ظن أن حالته جيدة والآخر أظهر جراحاته للطبيب... بالتأكيد لم يكن الفريسي سليمًا، لكنه ادعى ذلك، فنزل بدون شفاء. أما الآخر فأحنى عينيه إلى أسفل ولم يجسر أن يرفعهما للسماء، وقرع صدره قائلًا: "اللّهم ارحمني أنا الخاطي". فماذا قال الرب: "أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبررًا دون ذاك، لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع" [13، 14].

كما ترون من يطلب الافتخار لا يدخل بل يسقط، أما من يتواضع فيدخل من الباب بواسطة الراعي ولا يسقط. (768)

القديس أغسطينوس

St-Takla.org Image: Jesus was with some proud people who thought God was impressed with their good deeds and the way they lived. So Jesus told them this parable ... (Luke 18: 9) - "Parable of Pharisee and Tax Collector" images set (Luke 18:9-14): image (1) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل" (لوقا 18: 9) - مجموعة "مثل الفريسي والعشار" (لوقا 18: 9-14) - صورة (1) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Jesus was with some proud people who thought God was impressed with their good deeds and the way they lived. So Jesus told them this parable ... (Luke 18: 9) - "Parable of Pharisee and Tax Collector" images set (Luke 18:9-14): image (1) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل" (لوقا 18: 9) - مجموعة "مثل الفريسي والعشار" (لوقا 18: 9-14) - صورة (1) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

* لقد نطق (الفريسي) بما هو صدق، نطق به ليس في سمع إنسان، ومع هذا فقد دين... فأية عقوبة تسقط فيها النساء الثرثارات وهن يتكلمن بالكذب في كل موضع حتى في الأمور التي لا يصدقن هن إياها؟!

لنُقم بابًا ومزلاجًا على الفم (ابن سيراخ 28: 29)، فإن شرورًا بلا حصر تصدر عن الثرثرة، فبسببها تتحطم عائلات، وتتمزق صداقات، وتحدث مآسي. لا تشغل يا إنسان نفسك بما يخص قريبك (لا تدنه)(769)!

القديس يوحنا الذهبي الفم

* واحد صلى فدين، لأنه لم يقدم صلاته بحكمة. قيل إن "إنسانين" صعدا إلى الهيكل ليصليا... فيدعو (المسيح) الذين يصلون بشرًا دون النظر إلى غناهم أو سلطانهم... إنه يتطلع إلى كل سكان الأرض كبشرٍ دون محاباة لأحد على حساب الآخر.

* كثيرة هي أخطاء الفريسي، أولًا لأنه كان متعجرفًا بلا إحساس، يمدح نفسه مع أن الكتاب المقدس يصرخ: "ليمدحك الغريب (قريبك) لا فمك، الأجنبي لا شفتاك" (أم 27: 2)...

* كن معتدلًا أيها الفريسي، وضع بابًا ومزلاجًا للسانك. أنت تتحدث مع الله العارف كل شيء، انتظر حكم الديان. ليس أحد من المهرة في ممارسة الصراع يضع الأكاليل لنفسه، وليس أحد يقبل التاج من نفسه، إنما ينتظر ما يقضي به الحكم. انحنِ بكبريائك، فالكبرياء مكروه لدى الله، ولعين في عينيه. مع أنك تصوم، فبذهنك المتعالي لا تنتفع به شيئًا. تعبك لا يُكلل، لأنك تمزج القاذورات بالروائح الطيبة. حتى حسب الشريعة الموسوية لا يمكن تقديم ذبيحة لله بها عيب، فقد قيل له إن كل غنم أو ثور يقدم ذبيحة لا يكون فيه عيب (لا 22: 21). لذلك فكل صوم يصحبه كبرياء توقع أن تسمع عنه من الله: "أليس هذا صومًا أختاره" (إش 58: 6) (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). أنت تدفع العشور لكنك إذ تدين البشر عامة تخطئ إلى ذاك الذي كرمته. مثل هذا العمل غريب عن الفكر الذي يخاف الله، إذ قال المسيح: "لاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ" (لو 6: 37). ويقول أحد تلاميذه: "واحد هو واضع الناموس... فمن أنت يا من تدين غيرك؟!" (يع 4: 12). ليس أحد بصحةٍ جيدةٍ يحتقر مريضًا ملقيًا على فراش، إنما يخاف لئلا يسقط هو نفسه تحت نفس الآلام...

* ولكن ماذا عن العشار؟ يقول إنه وقف بعيدًا، لم يجسر حتى أن ينطق أو يرفع عينيه إلى فوق. ها أنت تراه خاليًا من كل نطق جسور، كمن ليس له حق في ذلك، بل كان مضروبًا بتوبيخات ضميره، يخشى حتى من أن ينظره الله، بكونه إنسانًا أهمل في شرائعه، حياته منحلة غير طاهرة.

ها أنت تراه يتهم نفسه بطريقة منظورة... لقد كان خائفًا من الديان، يقرع صدره، ويعترف بخطاياه، ويكشف مرضه كما إلى الطبيب، ويسأل نوال الرحمة. ماذا كانت النتيجة؟ اسمع ما يقوله الديان: "نزل (هذا الإنسان) إلى بيته مبررًا دون ذاك" [14] (770).

القديس كيرلس الكبير

St-Takla.org Image: ‘Two men went to the Temple to pray. One was a Pharisee, and the other was a despised tax collector. (Luke 18: 10) - "Parable of Pharisee and Tax Collector" images set (Luke 18:9-14): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسي والآخر عشار" (لوقا 18: 10) - مجموعة "مثل الفريسي والعشار" (لوقا 18: 9-14) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: ‘Two men went to the Temple to pray. One was a Pharisee, and the other was a despised tax collector. (Luke 18: 10) - "Parable of Pharisee and Tax Collector" images set (Luke 18:9-14): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسي والآخر عشار" (لوقا 18: 10) - مجموعة "مثل الفريسي والعشار" (لوقا 18: 9-14) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

* صلى (الفريسي) مع نفسه وليس مع الله، لأن خطية الكبرياء ردته إلى ذاته(771).

القديس باسيليوس الكبير

* لم يكفه الازدراء بكل جنس البشر لكنه هاجم أيضًا العشار. ربما كان خطأه أقل لو لم يهاجمه، لكن بكلمة هاجم الغائبين، وجرح من هو حاضر(772)

القديس يوحنا الذهبي الفم

هذا وقد أراد القديس باسيليوس الكبير(773) في تعليقه على تصرف هذا الفريسي موضحًا الفارق بين الفكر المتعالي المملوء عجرفة وكبرياء والفكر السامي النبيل الذي يرتفع فوق الأهواء، لا يحطمه اليأس، ولا تشغله الزمنيات. بمعنى آخر التواضع لا يعني انحطاط الفكر بل سموه وارتفاعه خلال اتحاده بالسيد المسيح المتواضع، فنحمل مع الرسول بولس فكر المسيح.

أخيرًا فقد حمل هذا المثل صورة رمزية عامة، فالفريسي يمثل بوجه عام جماعة اليهود الذين حسبوا أنفسهم أبرارًا بالناموس دون سواهم، أما العشار فيشير إلى جماعة الأمم التي اشتاقت إلى الخلاص رغم فقرها في المعرفة، وحرمانها من كل ما سبق فتمتع به اليهود من عهود ووعود وشريعة ونبوات إلخ.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. العودة إلى بساطة الطفولة

15 فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ الأَطْفَالَ أَيْضًا لِيَلْمِسَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمُ التَّلاَمِيذُ انْتَهَرُوهُمْ. 16 أَمَّا يَسُوعُ فَدَعَاهُمْ وَقَالَ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ، لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللهِ. 17 اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ».

 

إذ قدم لنا مثلًا عن التواضع كطريق حق به تُستجاب صلواتنا، فننعم لا بطلبات مادية، إنما ما هو أعظم الصداقة مع عريسنا السماوي المتواضع، الآن يقدم درسًا عمليًا ليكشف عن تواضعه وبساطته، موضحًا أنه يبسط ذراعيه للأطفال الصغار، أي للنفوس البسيطة المحبة للتواضع، إذ يقول الإنجيلي:

"فقدموا إليه الأطفال أيضًا ليلمسهم،

فلما رآهم التلاميذ انتهروهم.

St-Takla.org Image: Jesus and children: “Let the little children come to Me, and do not forbid them; for of such is the kingdom of heaven” (Matthew 19:14; Mark 10:14; Luke 18:16) صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح مع الأطفال: "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات" (متى 19: 14؛ مرقس 10: 14؛ لوقا 18: 16)

St-Takla.org Image: Jesus and children: “Let the little children come to Me, and do not forbid them; for of such is the kingdom of heaven” (Matthew 19:14; Mark 10:14; Luke 18:16)

صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح مع الأطفال: "دعوا الأولاد يأتون إلى ولا تمنعوهم لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات" (متى 19: 14؛ مرقس 10: 14؛ لوقا 18: 16)

أما يسوع فدعاهم، وقال:

دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم،

لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله.

الحق أقول لكم من لا يقبل ملكوت الله مثل ولدٍ فلن يدخله" [15-17].

لقد جاء السيد المسيح للبشرية جميعها، لليهود كما الأممي، للرجال كما النساء والشيوخ والأطفال والشبان إلخ.، جاء للكل ليقيم صداقة معهم. لقد تذوق آباء الكنيسة حلاوة صداقة المسيح، فشعروا بحقٍ أنه لا يليق أن يُمنع أحد ولو كان طفلًا عن اللقاء معه، لينعم بمخلصه -حتى وإن كان لم يرتكب خطية فعلية- وإنما ليقدس طبيعته التي تسلمها فاسدة، فتتجدد بالسيد المسيح في مياه المعمودية، ويقبل الرب صديقًا له.

* ليأتِ الصغار، ليأتِ المرضى إلى الطبيب، ليأتِ الذين هم مفقودون لمخلصهم، ليأتوا ولا يُمنع أحد عن المجيء.

إن كانت الفروع (الأطفال) لم ترتكب أية خطية بعد، لكنهم هلكوا بسبب أصلهم، "يبارك الرب الصغار مع الكبار" (مز 115: 13). ليلمس الطبيب الصغار مع الكبار...

إذ كان الفقدان شاملًا هكذا ليكن الخلاص عامًا. كلنا قد ضعنا، لنوجد جميعنا في المسيح... ليته لا يُعزل أحد عن خلاصه(774)

القديس أغسطينوس

[راجع أقوال القديسين كيرلس الكبير وأمبروسيوس ويوحنا الذهبي الفم وغيرهم في تفسير الإنجيل بحسب مرقس 10: 13-16].

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4. التحرر من عبودية المال

St-Takla.org Image: Then Jesus said to His disciples, ‘It is hard for someone who is rich to enter the kingdom of heaven. It is easier for a camel to go through the eye of a needle than for someone who is rich to enter the kingdom of God.’ (Matthew 19: 23-24) (Mark 10: 23-25) (Luke 18: 24-25) - "A rich man questions Jesus" images set (Matthew 19:16-30, Mark 10:17-31, Luke 18:18-30): image (6) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقال يسوع لتلاميذه: «الحق أقول لكم: إنه يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت السماوات! وأقول لكم أيضا: إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله!»" (متى 19: 23-24) - "فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه: «ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله!» فتحير التلاميذ من كلامه. فأجاب يسوع أيضًا وقال لهم: «يا بني، ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله! مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله»" (مرقس 10: 23-25) - "فلما رآه يسوع قد حزن، قال: «ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله! لأن دخول جمل من ثقبإبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله!»" (لوقا 18: 24-25) - مجموعة "الرجل الغني يسأل يسوع" (متى 19: 16-30, مرقس 10: 17-31, لوقا 18: 18-30) - صورة (6) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Then Jesus said to His disciples, ‘It is hard for someone who is rich to enter the kingdom of heaven. It is easier for a camel to go through the eye of a needle than for someone who is rich to enter the kingdom of God.’ (Matthew 19: 23-24) (Mark 10: 23-25) (Luke 18: 24-25) - "A rich man questions Jesus" images set (Matthew 19:16-30, Mark 10:17-31, Luke 18:18-30): image (6) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فقال يسوع لتلاميذه: «الحق أقول لكم: إنه يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت السماوات! وأقول لكم أيضا: إن مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله!»" (متى 19: 23-24) - "فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه: «ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله!» فتحير التلاميذ من كلامه. فأجاب يسوع أيضًا وقال لهم: «يا بني، ما أعسر دخول المتكلين على الأموال إلى ملكوت الله! مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله»" (مرقس 10: 23-25) - "فلما رآه يسوع قد حزن، قال: «ما أعسر دخول ذوي الأموال إلى ملكوت الله! لأن دخول جمل من ثقبإبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله!»" (لوقا 18: 24-25) - مجموعة "الرجل الغني يسأل يسوع" (متى 19: 16-30, مرقس 10: 17-31, لوقا 18: 18-30) - صورة (6) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

18 وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ قِائِلًا: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ. 20 أَنْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ». 21 فَقَالَ: «هذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي». 22 فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ ذلِكَ قَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ أَيْضًا شَيْءٌ: بعْ كُلَّ مَا لَكَ وَوَزِّعْ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِي». 23 فَلَمَّا سَمِعَ ذلِكَ حَزِنَ، لأَنَّهُ كَانَ غَنِيًّا جِدًّا. 24 فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ قَدْ حَزِنَ، قَالَ: «مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ! 25 لأَنَّ دُخُولَ جَمَل مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» 26 فَقَالَ الَّذِينَ سَمِعُوا: «فَمَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْلُصَ؟» 27 فَقَالَ: «غَيْرُ الْمُسْتَطَاعِ عِنْدَ النَّاسِ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللهِ». 28 فَقَالَ بُطْرُسُ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ». 29 فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ، 30 إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً، وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ».

 

إن كان هذا الأصحاح يركز على الصلاة كطريقٍ رئيسيٍ للتمتع بالصداقة الإلهية، فقد رأينا أن الصلاة تلتحم بالإيمان الذي يدفعنا إليها لنمارسها بلا انقطاع ولا ملل، هذا وحياة الصلاة ليست حياة تعبدية مجردة وإنما تلتحم مع سمة المؤمن الذي يلزم أن يكون بسيطًا كالأطفال في حكمة الروح. الآن يحذرنا من عدو خطير يفقدنا روح الصلاة ألا وهو التعبد للمال. لقد التقى شاب بالسيد المسيح وكان يود أن يتبعه، قائلًا له: "أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟"... وقد وقف حبه للغنى عقبة في تبعيته للسيد المسيح.

سبق لنا في شيء من التفصيل أن عرضنا لهذا اللقاء والحوار الذي تم بين السيد المسيح وهذا الشاب الرئيس عند دراستنا للإنجيل بحسب مرقس 10: 17-25، وأوردت بعض أقوال للآباء في هذا الشأن، أرجو الرجوع إليها، مكتفيًا هنا بعرض مقتطفات أخرى لأقوال بعض الآباء القليلة مكملة للسابقة.

* لا أتردد في دعوة هذا الرئيس طماعًا، منتهرًا إياه مع السيد المسيح، لكنني لا أقول إنه مجرِب للسيد (كالفريسيين)(775)

القديس يوحنا الذهبي الفم

* لم يخبرنا أن نبيع ما لنا لأنها أشياء شريرة بطبعها، وإلا ما كانت من صنع الله. لم يأمرنا أن نلقيها عنا كأمور رديئة بل نوزعها. لا يُدان أحد لأنه يملك شيئًا وإنما لأنه يفسد ما يملكه. بهذا فإنه بحسب وصية الله نلقي عنا ما لنا لغفران خطايانا والتمتع بالملكوت(776).

القديس باسيليوس الكبير

* حتى إن كنتَ غنيًا، فالطبيب قادر أن يشفيك. إنه لن ينزع الغنى، إنما ينزع العبودية للغنى ومحبة الطمع في الربح(777)

القديس يوحنا الذهبي الفم

* يستطيع الله أن يشبع الفقراء دون أن نحنو نحن عليهم، لكنه يطلب من الذين يقدمون العطاء أن يرتبطوا بالحب مع من يقبلون منهم العطاء(778)

القديس يوحنا الذهبي الفم

* الله صالح، كامل الصلاح وحده، وإذ أنت صورته يليق بك أن تكون صالحًا. إنه سخي مع الجميع، فينبغي عليك أن تكون كريمًا، تتجنب الجشع، ولا تبخل على قريبك بأي شيء مادي زائل، فإن هذا أعظم كارثة وجهالة.

الأب يوحنا من كرونستادت

St-Takla.org Image: When the disciples heard this, they were astonished and asked, ‘Who then can be saved?’ (Matthew 19: 25) (Mark 10: 26) (Luke 18: 26) - "A rich man questions Jesus" images set (Matthew 19:16-30, Mark 10:17-31, Luke 18:18-30): image (7) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "فلما سمع تلاميذه بهتوا جدا قائلين: «إذا من يستطيع أن يخلص؟»" (متى 19: 25) - "فبهتوا إلى الغاية قائلين بعضهم لبعض: «فمن يستطيع أن يخلص؟»" (مرقس 10: 26) - "فقال الذين سمعوا: «فمن يستطيع أن يخلص؟»" (لوقا 18: 26) - مجموعة "الرجل الغني يسأل يسوع" (متى 19: 16-30, مرقس 10: 17-31, لوقا 18: 18-30) - صورة (7) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: When the disciples heard this, they were astonished and asked, ‘Who then can be saved?’ (Matthew 19: 25) (Mark 10: 26) (Luke 18: 26) - "A rich man questions Jesus" images set (Matthew 19:16-30, Mark 10:17-31, Luke 18:18-30): image (7) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "فلما سمع تلاميذه بهتوا جدا قائلين: «إذا من يستطيع أن يخلص؟»" (متى 19: 25) - "فبهتوا إلى الغاية قائلين بعضهم لبعض: «فمن يستطيع أن يخلص؟»" (مرقس 10: 26) - "فقال الذين سمعوا: «فمن يستطيع أن يخلص؟»" (لوقا 18: 26) - مجموعة "الرجل الغني يسأل يسوع" (متى 19: 16-30, مرقس 10: 17-31, لوقا 18: 18-30) - صورة (7) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

* رجل الله هو من مات عن حاجاته الضرورية لرأفته الكثيرة. من يرحم فقيرًا تتلقفه عناية الله، ومن يفتقر من أجل الله يجد كنوزًا لا تفرغ(779)

مار إسحق السرياني

والعجيب أنه حينما يخلع الإنسان عنه محبة العالم ويتحرر من قيود عبودية حب الغنى وشهوة المال يهبه الرب أضعافًا كثيرة من البركات حتى الزمنية مع المجد الأبدي. هذا ما أكده صديقنا الحقيقي بإجابته على بطرس القائل: "ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك" [28]، قائلًا: "الحق أقول لكم إن ليس أحد ترك بيتًا أو والدين أو إخوة أو امرأة أو أولادًا من أجل ملكوت الله، إلا ويأخذ في هذا الزمان أضعافًا كثيرة وفي الدهر الآتي الحياة الأبدية" [29-30]. وقد سبق لنا عرض أقوال بعض الآباء وتعليقاتهم على كلمات السيد المسيح هذه في تفسير (مت 19: 26-27؛ مر10: 28-30)، أرجو الرجوع إليها.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

5. قبول الصليب

31 وَأَخَذَ الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَسَيَتِمُّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ بِالأَنْبِيَاءِ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ، 32 لأَنَّهُ يُسَلَّمُ إِلَى الأُمَمِ، وَيُسْتَهْزَأُ بِهِ، وَيُشْتَمُ وَيُتْفَلُ عَلَيْهِ، 33 وَيَجْلِدُونَهُ، وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». 34 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذلِكَ شَيْئًا، وَكَانَ هذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ.

 

إن كان يليق بالمسيحي أن يتحرر من عبودية محبة المال وقيود طلب الغنى الزمني لترتفع نفسه بالروح القدس متحررة نحو السماويات، تعيش مع عريسها الأبدي تحمل سماته، فإنه لا يمكن التمتع بالمسيح المصلوب في أمجاده دون مشاركته الصليب، لهذا كان السيد المسيح يوجه أنظار تلاميذه نحو صليبه وآلامه وموته كطريق حقيقي للمجد.

"وأخذ الاثني عشر، وقال لهم: ها نحن صاعدون إلى أورشليم،

وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان.

لأنه يُسلم إلى الأمم ويُستهزأ به ويُشتم ويُتفل عليه.

ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم.

وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئًا،

وكان هذا الأمر مخفي عنهم،

ولم يعلموا ما قيل" [31-34].

سبق لنا التعليق - بأقوال الآباء - على هذه الكلمات المقدسة في تفسير مت 20: 17؛ مر 10: 32-34؛ مر 8: 31-33). على أي الأحوال إن كان السيد قد سبق فأعلن لتلاميذه عن آلامه لكي يهيئهم لقبولها كسمة رئيسية في حياة صديقهم السماوي، فإنه يعلن دومًا وبصراحة عن التزامنا بقبول آلامه لنحمل سمته فينا، فنتأهل أن ندخل شرف دائرة صليبه ونكون شركاء المصلوب!

* إذ سبق فرأى المخلص قلوب تلاميذه تضطرب لآلامه سبق فأخبرهم بما يحتمله من آلام ومجد قيامته(780)

البابا غريغوريوس (الكبير)

* تحدث مع تلاميذه عن آلامه منفردًا، إذ لم يكن لائقًا أن يعلن ذلك للجماهير لئلا يضطربوا، إنما سبق فأخبر تلاميذه حتى إذ يتوقعونها يقدرون أن يحتملونها...

لقد سبق فأنبأ إشعياء عن ذلك، قائلًا "بذلت ظهري للضاربين، وخدّي للناتفين، وجهي لم أستر عن العار والبصق" (إش 50: 6)، كما أنبأ عن الصلب: "سكب للموت نفسه، وأُحصي مع آثمة" (إش 53: 12)... لكن داود أنبأ عن قيامة المسيح: "لا تترك نفسي في الجحيم" (مز 16: 10)(781)

القديس يوحنا الذهبي الفم

* طريق الله صليب يومي. لم يصعد أحد إلى السماء براحة. إننا نعلم إلى أين يؤدي طريق الراحة، وأين ينتهي. أما من يكرس نفسه لله من كل قلبه فلن يتركه الله بدون اهتمام، بل يجعله يهتم من أجل الحقيقة، وعندئذ يدرك أن الأحزان المرسلة إليه ليست سوى دليل عناية الله به(782)

مار إسحق السرياني

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: A blind man was sitting by the side of the road, begging. He heard many people going by and asked what was happening. (Luke 18: 35-37) - "Jesus heals a blind man" images set (Luke 18:35-43): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "كان أعمى جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع الجمع مجتازا سأل: «ما عسى أن يكون هذا؟» فأخبروه أن يسوع الناصري مجتاز" (لوقا 18: 35-37) - مجموعة "يسوع يشفي الرجل الأعمى" (لوقا 18: 35-43) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: A blind man was sitting by the side of the road, begging. He heard many people going by and asked what was happening. (Luke 18: 35-37) - "Jesus heals a blind man" images set (Luke 18:35-43): image (2) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "كان أعمى جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع الجمع مجتازا سأل: «ما عسى أن يكون هذا؟» فأخبروه أن يسوع الناصري مجتاز" (لوقا 18: 35-37) - مجموعة "يسوع يشفي الرجل الأعمى" (لوقا 18: 35-43) - صورة (2) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

6. الاستنارة (تفتيح عينيّ الأعمى)

35 وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْ أَرِيحَا كَانَ أَعْمَى جَالِسًا علَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. 36 فَلَمَّا سَمِعَ الْجَمْعَ مُجْتَازًا سَأَلَ: «مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟» 37 فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ. 38 فَصَرَخَ قِائِلًا: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!» 39 فَانْتَهَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ لِيَسْكُتَ، أَمَّا هُوَ فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!» 40 فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُقَدَّمَ إِلَيْهِ. وَلَمَّا اقْتَرَبَ سَأَلَهُ 41 قِائِلًا: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، أَنْ أُبْصِرَ!» 42 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَبْصِرْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». 43 وَفِي الْحَالِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَهُ وَهُوَ يُمَجِّدُ اللهَ. وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ رَأَوْا سَبَّحُوا اللهَ.

 

إن كان الرب قد طالبنا بالمثابرة على الصلاة بلا انقطاع لكي نبقى دومًا في حضرته ننعم بالحديث الحبّي معه، وأن حياة الصلاة يلازمها روح التواضع (كما فعل العشار) ممتزجة ببساطة الطفولة والتحرر من كل عبودية لمحبة المال، مع قبول للصليب بفرح، فإن غاية هذه الحياة هي تفتيح البصيرة الداخلية لمعاينة الصديق السماوي. هنا نسمع صلوات الأعمى الجالس على الطريق يستعطي، الفعّالة رغم قلة كلماتها، إذ "صرخ قائلًا: يا يسوع ابن داود ارحمني" [38].

لقد رذل المحيطون بالسيد هذه الكلمات أو الناطق بها، إذ انتهروه ليسكت، لكنه في لجاجة "صرخ أكثر كثيرًا يا ابن داود ارحمني" [39]. استطاع بصرخات قلبه المملوء إيمانًا أن يوقف الموكب كله ليجد السيد المسيح يأمر بأن يُقدم إليه، وإذ اقترب منه سمعه يقول: "ماذا تريد أن أفعل بك؟" [41]. بالصلاة الملتهبة تمتع الأعمى باقترابه من السيد وسماعه صوته ونوال نعمة البصيرة والتبعية للسيد، إذ يقول الإنجيلي: "وفي الحال أبصر، وتبعه وهو يمجد الله، وجميع الشعب إذ رأوا سبحوا الله" [43]. انفتحت بصيرته لرؤية الرب، ولسانه لتمجيد الله، وكان علة تسبيح جميع الشعب لله.

لقد سبق لنا الحديث عن تفتيح عيني هذا الرجل في [دراستنا لإنجيلي متى 20: 29 إلخ. ومرقس (10: 46 إلخ]، مكتفيًا هنا ببعض تعليقات قليلة.

* لقد تمم ربنا المعجزة في الطريق ليظهر أنه لا يسير حتى في الطريق دون أن يفعل صلاحًا، مقدمًا نفسه مثالًا لتلاميذه، لنكون نافعين في كل الأشياء، ولا يكون شيء باطلًا فينا.

الأب ثيؤفلاكتيوس

* يرمز العمى للجنس البشري، الذي في أبينا الأول الذي لم يجد بهاء النور السماوي، فسادت الظلمة (على الجنس البشري).

"أريحا" تعني "القمر"، هذا الذي يتضاءل كل شهر إشارة إلى ضعفنا كقابلين للموت. أما أن اقتراب خالقنا إلى أريحا قد وهب الأعمى بصيرة، فيعني أنه إذ أخذ ضعف جسدنا ردّ للبشرية البصيرة التي فقدتها...

الذين كانوا يتقدمون يسوع وهو قادم يمثلون الشهوات الجسدية والرذائل الكثيرة، التي تعمل في قلوبنا، وتشتت أفكارنا وتفسد صلواتنا. لكن الأعمى كان يصرخ أكثر كثيرًا، لأنه كلما هاجمتنا الأفكار التي لا تهدأ يلزمنا بالأكثر أن نصلي في حرارة(783).

البابا غريغوريوس (الكبير)

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(755) On Prayer 87, 88.

(756) In Matt. Hom 19: 4.

(757) Catena Aurea.

St-Takla.org Image: Blind Bartimaeus cries: Jesus healing the blind near Jericho: Bartimaeus (Mark 10: 46-52; Matthew 20: 29-34; Luke 18: 35-43), by Julius Schnorr,. B9.84 - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909. صورة في موقع الأنبا تكلا: صراخ بارتيماوس الأعمى: معجزة شفاء المسيح للأعمى قرب أريحا (مرقس 10: 46-52; متى 20: 29-34; لوقا 18: 35-43) - رسم الفنان يوليوس شنور - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909.

St-Takla.org Image: Blind Bartimaeus cries: Jesus healing the blind near Jericho: Bartimaeus (Mark 10: 46-52; Matthew 20: 29-34; Luke 18: 35-43), by Julius Schnorr,. B9.84 - from "The Bible and its Story" book, authored by Charles Horne, 1909.

صورة في موقع الأنبا تكلا: صراخ بارتيماوس الأعمى: معجزة شفاء المسيح للأعمى قرب أريحا (مرقس 10: 46-52; متى 20: 29-34; لوقا 18: 35-43) - رسم الفنان يوليوس شنور - من كتاب "الإنجيل وقصته"، إصدار تشارلز هورن، 1909.

(758)Timothy Ware: The Art of Prayer, 1966, p 80-83.

(759) Ser. On N.T. Lessons 65 (115 Ben.).

(760) On Luc hom 119.

(761) On Luc hom 119.

(762) Quaest. Ev 2: 45.

(763) اتضاع الفكر، طبعة 1966، ص 10-12 (ترجمة المؤلف).

(764) توجيهات بخصوص التداريب الروحية 36 [راجع الفيلوكاليا، ترجمة المؤلف].

(765) Fest. Letters 1: 4.

(766)Ep 16, 12.

(767) Ser. On N.T. 65: 2,3.

(768) Ser. On N.T.  87: 4.

(769) In Hebr. Hom 21: 7,8.

(770) On Luke hom 120.

(771) In Easi 2.

(772) De Poen hom 2.

(773) In Easi 2:12.

(774) Ser. On N.T. 65: 4.

(775) In Matt. Hom 63.

(776) Catena Aurea.

(777) In Matt. Hom 74: 4.

(778) In 1 Cor. Hom 22.

(779) منشورات النور: إسحق السرياني: نسكيات 1983، ص 34.

(780) In Evang. hom 2.

(781) In Matt. Hom 65.

(782) منشورات النور: إسحق السرياني: نسكيات 1983، ص 28.

(783) In Evang. hom 2.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إنجيل لوقا: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/03-Enjil-Loka/Tafseer-Angil-Luca__01-Chapter-18.html

تقصير الرابط:
tak.la/kkq9zx9