محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26
آية 1: - "فَتَقَوَّ أَنْتَ يَا ابْنِي بِالنِّعْمَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ."
الرسول يقدم
النعمة الإلهية كسر القوة في الجهاد، أما بطرس الذي اعتمد على قوته وغيرته البشرية بل وسيفه الذي قطع به أذن ملخس أنكر. والنعمة تزداد بجهادنا في الصلاة واستعمال وسائط النعمة من أسرار الكنيسة (إيجابيات) والهروب من الشر (سلبيات). والنعمة كالرصيد ينبغي أن نزيده فهي تستنفذ في مقاومة حروب إبليس وفي الخدمة. ولنرى ماذا قدم الرسول لتلميذه لتزداد له النعمة:1. اهرب من الشهوات الشبابية (2 تي 22:2) سلبيات.
2. اعكف على القراءة والوعظ والتعليم (1تى 4: 13) + أضرم موهبة الله التي فيك (2 تي 6:1) إيجابيات.
يا ابني = تمثل بي أنا أبوك في الإيمان فكما واجهتني آلام لكنني مازلت قويًا، فافعل هذا، وتحمل كما تحملت أنا معلمك وأبوك.
آية 2:- "وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا."
التقليد هو تسليم وتَسَلُّم، فالتلاميذ أقاموا تلاميذ لهم وسلموهم ما استلموه من المسيح. وما سلمه المسيح لتلاميذه، وسلمه التلاميذ للكنيسة هو الإيمان الصحيح. وأيضًا بولس استلم من المسيح وسلم تيموثاوس وعلى تيموثاوس أن يودع ما استلمه لمن هو قادر أن يسلم غيره. والراعي الصالح هو الذي يقيم تلاميذ قادرين على الخدمة.
بشهود كثيرين = فتعاليم المسيحية ليست أسرار ولا في الخفاء.
أودعه = ككنز.
"فَاشْتَرِكْ أَنْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ. وَأَيْضًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا. يَجِبُ أَنَّ الْحَرَّاثَ الَّذِي يَتْعَبُ، يَشْتَرِكُ هُوَ أَوَّلًا فِي الأَثْمَارِ."
يقدم الرسول ثلاثة أمثلة للجهاد الروحي:-
1. الجندي الصالح:- آيات 4،3 وهذا يحارب لحساب ملكه أو رئيسه بأمانة. وهكذا المسيحي يحارب ضد إبليس وضد الخطية تحت قيادة رب المجد نفسه الذي جنَّده (عب 10:2) وقائدنا غلب في معركة الصليب وما زال يغلب فينا، فإن غلبنا ننسب الفضل كله له. (رؤ 2:6) وكما للجندية مشقاتها هكذا للخدمة آلامها ولكن على الجندي أن يضحي بنفسه. هنا نرى أن المؤمن يجب أن يجاهد لأجل المسيح الملك.
2. المتسابقون في الألعاب الرياضية:- آية 5 وهؤلاء يناضلون لكي يحصلوا على إكليل، ويتحملون تداريب يومية ويمتنعون عن بعض الأطعمة والملذات حتى ينعموا بالفوز (الفائز كانوا يلبسونه إكليل).
3. الحراث:- آية 6 وهذا يتعب لأجل الثمر، ومن يحرث ويتعب من المؤكد يشترك في الثمر فهو يستحق نصيبه، وهكذا نحن في جهادنا من المؤكد لنا نصيبنا المحفوظ عند الرب. ومن يتعب في خدمته ينال هنا عزاء داخلي وهناك مجد أبدي إكليل مجد سمائي.
وعدم الارتباك بأعمال الحياة لها معنيين:
1. للشعب العادي:
تعني تكريس القلب لله فيكون القلب والشعور والحب لله. ولكن يحيا الإنسان حياته بطريقة عادية ويكون طبيعيًا في عمله، على أن يفهم أن العمل وسيلة وليس غاية.2. الكاهن والمكرسين لله:
عليهم أن لا يعملوا سوى خدمتهم، ولا يكون لهم عمل خارجي بالإضافة لتكريس القلب لله (1كو9: 7–14) + (مت10: 10) + (لو 10: 7).يجاهد قانونيا:- يصل في جهاده إلى حد موت شهواته وأهوائه وعليه أن يقبل كل صليب، كما يضحي الجندي بحياته لأجل الملك، على المسيحي أن يقدم نفسه ذبيحة حيَّة (غل20:2) + (غل24:5) + (رو1:12). لكن عليه أن لا يُعَرِّف يساره ما تفعله يمينه أي لا يشعر بالبر الذاتي، أو لا ينسب لنفسه الفوز، وكما أن الفوز في المعارك العادية ينسب للملك لا للجندي. هكذا النصرة في معاركنا الروحية تنسب للمسيح (رو 3: 27، 28)، نحسب أنفسنا كلا شيء والمسيح هو كل شيء، لا نرى في أنفسنا سوى أننا عبيد بطالون وأنه هو الإله الصالح المتحنن. المسيح بنعمته يساندنا، ونحن ما علينا أن نصدق وننفذ الوصية فنجد النعمة تساندنا، ولكن علينا ألاّ نفتخر (أف2: 8، 9)، ويؤكد الرسول هذا في (1كو4: 7) لأن من ينتفخ يسقط في الكبرياء.
وعلينا أن نجاهد بلا يأس، فإن سقطنا نقوم "لا تشمتي بي يا عدوتي، إذا سقطت أقوم"
(مى7: 8)، وأيضا لا نيأس من بلوغ المستويات العالية. فاليأس ضد فكرة أن المسيح هو الذي ينتصر وليس أنا، فعليَّ الجهاد برجاء ودون كبرياء أو شعور بالبر الذاتي. والجهاد يكون بالصوم والصلاة "فهذا الجنس الذي نحاربه ويحاربنا لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" . والصوم يعمل به المتسابقون الرياضيون، والصلوات الطويلة بها نمسك بالله فيهزم هو عدونا. ونحتاج لدراسة الكتاب فكلمة الله سلاح قوي، وعلينا بالسهر ومحاولة تنفيذ الوصايا (فلا معنى مثلًا للصلوات والخدمة دون محبة). فاللاعب له مدرب وكل لعبة لها قوانينها، وحياتنا مع المسيح لها وصايا علينا أن نجاهد لننفذها. والحراث يحرث الأرض ليزرعها وينتظر بثقة نمو النبات ليفرح، وهكذا فلنجاهد بثقة وصبر لنكلل بدون ارتباك بأمور الحياة، فلنعمل ولكن القلب يكون مكرسًا لله، ليكن العمل وسيلة نعيش بها ولكن لا يكون هدف يشغل القلب سوى مجد المسيح راجع تفسير (1تى1: 8).
آية 7:- "افْهَمْ مَا أَقُولُ. فَلْيُعْطِكَ الرَّبُّ فَهْمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ."
على تيموثاوس أن يتأمل في نصائح معلمه ويأخذها باهتمام = افهم فليعطك الرب فهمًا = لن يفهم الوصية كما ينبغي إن لم يفتح الروح بصيرته. فالروح هو روح النصح (2تي 1: 7).
"اُذْكُرْ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ بِحَسَبِ إِنْجِيلِي، الَّذِي فِيهِ أَحْتَمِلُ الْمَشَقَّاتِ حَتَّى الْقُيُودَ كَمُذْنِبٍ. لكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ. لأَجْلِ ذلِكَ أَنَا أَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ، لِكَيْ يَحْصُلُوا هُمْ أَيْضًا عَلَى الْخَلاَصِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، مَعَ مَجْدٍ أَبَدِيٍّ."
ليشجع الرسول تلميذه على احتمال المشقات يذكره بالرب يسوع الذي احتمل الصليب، وهكذا يقول القديس بطرس (1بط4: 1) وكما تمجد المسيح هكذا سيتمجد كل مجاهد.
الْمُقَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ = وسيقيم معه كل مؤمن مجاهد.
بِحَسَبِ إِنْجِيلِي هذا موضوع كرازة بولس، أنه كما أن الموت لم يستطع أن يحبس المسيح فقام، هكذا سيقيمنا معه = كَلِمَةَ اللهِ لاَ تُقَيَّدُ = المسيح هو كلمة الله ولا يستطيع الموت أن يحبسه أو يقيده فهو الخالق المحيي. ولاحظ قول الرسول أيضًا "وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدة قوته. الذي عمله في المسيح، إذ أقامه من الأموات، وأجلسه عن يمينه في السماويات" (أف1: 19 ، 20). فالقوة الإلهية التي أقامت المسيح من الموت هي موجهة ناحيتنا لتقيمنا. فلهذا تجسد المسيح ومات ليقوم فيقيمنا معه وفيه. وهذا هو إنجيل بولس الرسول. وهكذا في خدام الله مثل بولس يمكن أن يقيدوهم لكن كلمة الله التي يكرزوا بها لا تقيد. وبعد أن قدم المسيح كمثال قدم نفسه كمثال فهو أيضًا يحتمل المشقات. وبولس يقيدوه أما كلمة الله فلا تقيد، وهو لا يهتم بنفسه لكي يحصل من يكرز لهم على الحياة الأبدية = يَحْصُلُوا هُمْ أَيْضًا عَلَى الْخَلاَصِ.
لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ = هو يكرز للجميع ولكن الله عرف أناس إنهم سيقبلون البشارة فاختارهم "الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم" (رو8: 29) ، وهؤلاء تألم المسيح عنهم فيجب على خدام المسيح أن يكرزوا لهم ويتألموا لأجلهم.
آيات 11-13:- "صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: أَنَّهُ إِنْ كُنَّا قَدْ مُتْنَا مَعَهُ فَسَنَحْيَا أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نَصْبِرُ فَسَنَمْلِكُ أَيْضًا مَعَهُ. إِنْ كُنَّا نُنْكِرُهُ فَهُوَ أَيْضًا سَيُنْكِرُنَا. إِنْ كُنَّا غَيْرَ أُمَنَاءَ فَهُوَ يَبْقَى أَمِينًا، لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يُنْكِرَ نَفْسَهُ."
إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضًا معه = غالبًا هي ترتيلة كانت معروفة في ذلك الوقت.
متنا معه = في المعمودية (رو 6: 4-6) ومتنا معه عن الخطية (2كو 10:4) ومستعدين للموت بالاستشهاد إن اقتضى الأمر ذلك.
إن كنا نصبر = نحتمل الآلام بصبر لكي نملك معه = فسنملك أيضًا معه = نملك أي نرث ملكوت السموات (متى 34:25) + (عب 28:12) + (رؤ 21:3 + 10:5 +4:20 + 5:22) + (2كو 17:4، 18) + (رو17:8، 18). وإن أنكرناه ينكرنا (مت 10: 32، 33).
فهو يبقى أمينًا = إن كان البعض أنكره فهو سيظل أمينًا مع الباقين الذين لم ينكروه فالأمانة هي طبعه (عد 19:23) + (رو 3:3، 4) وهؤلاء الذين لم ينكروه خوفًا من الاضطهاد سيتمم لهم وعوده.
لن يقدر أن ينكر نفسه = إن أنكر أحد أنه المسيح فهو سيظل المسيح وإن أنكر أحد تجسده فهذا لن يغير من الأمر شيء، عدم إيماننا لن يضره، كما أنه لن يغير شيئًا من الحقيقة. وتفيد الآية أن وعوده للأمناء لن تسقط
تعليق على الآيات السابقة 5-13
هنا نرى أن المؤمن ما هو إلا جندي صالح في جيش الرب، هو مكلف بأن يحارب تحت اسم الملك وراية الملك دون أن يرتبك بأمور الحياة وهذا ما قاله السيد المسيح "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون"... (مت 25:6-34) وينهي هذه الآيات الرائعة بقوله فلا تهتموا للغد. والسيد المسيح يقول لمرثا، مرثا مرثا أنت تهتمين وتضطربين لأجل أمور كثيرة ولكن الحاجة إلى واحد (لو 38:10-42). فلنعمل طول النهار لكن باشتياق للخلوة مع الرب يسوع، كما كانت مريم تجلس عند قدميّ يسوع. وهذه الخلوة تكون يوميا يسمع فيها الرب صوت تسابيحنا ونسمع نحن فيها صوته الذي يعطي سلامًا. والجهاد يجب أن يكون قانونيًا أي لا نسرق من الرب يسوع عطاياه وننسبها لأنفسنا فإذا ما جلسنا عند قدميّ يسوع سنأخذ حياة وغلبة وقوة وتعزية وعيون مفتوحة، ولكن علينا أن لا ننسب كل هذا لأنفسنا فكل عطية صالحة هي نازلة من فوق من عند أبي الأنوار (يع 1: 17) فلماذا ننسب الصالح لأنفسنا، إذا كنا قد أخذنا فلماذا نفتخر كأننا لم نأخذ (1كو 6:4، 7). بل ماذا يكون الحال لو تخلت عنا نعمة المسيح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). حينئذ سنرى حقيقة أنفسنا ونجاسة قلوبنا، بل هذا ما سنكتشفه إذا ما جلسنا عند قدميّ يسوع ولذلك قال المسيح "إن فعلتم كل البر فقولوا إننا عبيد بطالون" (لو17: 10). وكون أننا ننسب الصالح الذي يعطيه لنا الرب لأنفسنا فهذا هو ما عناه السيد المسيح بلا تعرف شمالك ما تصنع يمينك.
وعلى الجندي الصالح أن يجاهد حتى إلى الموت (عب 12: 4). ويكون جهادي كمتسابق يبحث عن الإكليل يدرب نفسه ويحرم نفسه (بصلوات وأصوام وخدمة باذلة) وعلى الخادم أن يكون كحراث، يأخذ من الثمار ولكن الثمار كلها للمالك (أي المسيح) الخراف لصاحب القطيع أما الراعي فله أن يشرب من لبن القطيع (الخادم يشبع ويتعزى ولكن القطيع هو للمسيح).
آية 14:- "فَكِّرْ بِهذِهِ الأُمُورِ، مُنَاشِدًا قُدَّامَ الرَّبِّ أَنْ لاَ يَتَمَاحَكُوا بِالْكَلاَمِ. الأَمْرُ غَيْرُ النَّافِعِ لِشَيْءٍ، لِهَدْمِ السَّامِعِينَ."
فكر= ذكر شعبك.
مناشدًا = مناشدًا شعبك.
لا يتماحكوا = أمثلة ونماذج للمماحكات الكلامية (1تى 1: 4؛ 6: 4) + (تي 1: 14؛ 3: 9) فالمماحكات الكلامية تهدم الروحيات، والمماحكات هي كثرة الكلام غير البناء يتماحكوا = مناقشات غير مجدية حول كلمة فالرسول يعرف طبع البشر وميلهم للنزاعات والمناقشات لإثبات الذات.
آية 15:- "اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ للهِ مُزَكُى، عَامِلًا لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلًا كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ."
عِوَض الكلام غير البَنّاء، اهتم بأن تجاهد وتكون حياتك العملية في تقوى، لتتزكى أمام الله وتكون قدوة للناس. مفصلًا كلمة الحق بالاستقامة = تكلم بالحق لترضي الله ولا تعوج كلمة الله لترضي الناس. والمعنى أن لا تجاري الغنوسيين في مبارياتهم الاستعراضية لفلسفتهم بل اهتم بأن تكون حياتك في تقوى وتعلم كلمة الحق وَمَنْ يفعل هذا لا يخزى.
آيات 16-19:- "وَأَمَّا الأَقْوَالُ الْبَاطِلَةُ الدَّنِسَةُ فَاجْتَنِبْهَا، لأَنَّهُمْ يَتَقَدَّمُونَ إِلَى أَكْثَرِ فُجُورٍ، وَكَلِمَتُهُمْ تَرْعَى كَآكِلَةٍ. الَّذِينَ مِنْهُمْ هِيمِينَايُسُ وَفِيلِيتُسُ، اللَّذَانِ زَاغَا عَنِ الْحَقِّ، قَائِلَيْنِ: «إِنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ صَارَتْ» فَيَقْلِبَانِ إِيمَانَ قَوْمٍ. وَلكِنَّ أَسَاسَ اللهِ الرَّاسِخَ قَدْ ثَبَتَ، إِذْ لَهُ هذَا الْخَتْمُ: «يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ». وَ«لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ»."
إعلان الراعي في حزم عن بطلان الأفكار الهدامة هو بتر لها وقد يبتر بعض الأعضاء لكن هذا يكون لصالح الجسم، فأفكار الهراطقة هي كأنها آكلة = غرغرينا جزء فاسد في الجسم يجب بتره حتى لا ينتشر المرض في الجسم كله وتهلك الكنيسة. فالغنوسيون اعتقدوا أن الجسد شر ولأنه شر رفضوا القيامة فكيف يقوم الشرير، ولأنه شر منعوا الزواج وبعض الأطعمة، ولكنهم أباحوا الزنا لأن الجسد في نظرهم عنصر ظلمة فلماذا لا يتركوا العنان لشهواته، وهكذا كانوا ينحدرون من شر إلى ما هو أشر، وشرهم هذا ينتشر بين الناس من واحد إلى واحد ومن شعب إلى شعب آخر، كما انتشرت بدعة أريوس، وعلى الراعي أن لا يدخل في حوارات فلسفية معهم بل يبترهم ويتجنب الشر.
هيمينايس وفيليتس = هذين قالا إن القيامة قد حدثت للنفس وأنكروا أن هناك قيامة في المستقبل للأجساد. والحقيقة أن هناك قيامتان، قيامة للنفس الآن "إبني هذا كان ميتا فعاش" وقيامة في نهاية الأيام للجسد وهذا ما أشار إليه السيد المسيح (يو 5: 25 -29).
أساس الله الراسخ قد ثبت = مهما دخلت الضلالات والهرطقات فلا خوف فمن هم للمسيح سوف يرفضون هذه الهرطقات، الكنيسة لا خوف عليها ومن ينشق فقد حكم على نفسه، مهما دخلت الهرطقات فأساس الله ثابت وكنيسته قائمة وسيظل أولاده معروفون ومحفوظون، مختوم عليهم بختم الروح القدس، هؤلاء متأسسون على المسيح نفسه.
الختم: كانت العادة في أي بناء وما زالت وضع وثائق تبين هوية البناء وغرض أقامته، توضع مع حجر الأساس. وهذا ما تم بالنسبة للكنيسة، إذ كان الختم الذي وضع عند بنائها له وجهين:
1. الوجه الأول للختم:-
"يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ" = الله يعلم كل واحد وقد اختارهم بسابق علمه الإلهي (رو8: 29-30). ولكن ليسأل كل واحد نفسه هل هو لله أم للشيطان ولكل إنسان حريته (تث 11: 26-28؛ 30: 15–20) + (يش 24: 14-15).2. الوجه الثاني للختم: -
لْيَتَجَنَّبِ الإِثْمَ كُلُّ مَنْ يُسَمِّي اسْمَ الْمَسِيحِ = يتجنب الإثم كل من يسمي باسم المسيح. فكل من يدخل الكنيسة ويعلن انضمامه لها عليه أن يتجنب كل إثم ومن يفعل الإثم يرفضه الله يوم الدينونة (مت 7: 22-23) + (لو 13: 27). ومن له هذا الختم (الروح القدس) سيكون له مجد أبدي.
آية 20:- "وَلكِنْ فِي بَيْتٍ كَبِيرٍ لَيْسَ آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا، وَتِلْكَ لِلْكَرَامَةِ وَهذِهِ لِلْهَوَانِ."
يوجد كثيرون يدعون مؤمنين في الكنيسة ولكن هناك من له الختم، وهؤلاء
آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، ومن ليس له الختم هم آنية خَشَبٍ وَخَزَفٍ، الأولى لِلْكَرَامَةِ والثانية لِلْهَوَانِ.الذهبٍ
يشير لطبيعتهم الجديدة السماوية.الفِضَّةٍ
تشير لأنه مفديين بدم المسيح، وتشير أيضًا لأنهم يحبون كلمة الله المصفاة كفضة سبع مرات (مز 12: 6).أما
الخَشَبٍ فهم أولئك الذين يحترقون بنار الشهوات فلا يوجدون.و
الخَزَفٍ هم من يحملون الفكر الترابي ويطلبون الماديات فقط ولا يقدرون على معاينة السماويات أو التعرف عليها. يقول فم الذهب لا تتعجبوا من وجود أشرار في الكنيسة (آنية خشب) فلا بد من وجود كل الأنواع في الكنيسة كما يوجد كل أنواع الآنية في بيت كبير ووجود هذه الآنية الخشبية لن يكون سببًا في ضياع أو فتور الكنيسة. وكما أن صاحب المنزل لن يستخدم الآنية الخشبية إلا فيما يناسبها، فالله يستخدم الأشرار فيما يناسبهم. كل له دوره فيهوذا كان له دور في الفداء، والشيطان لو دور في تأديب أولاد الله (1كو5: 5). وفي يد كل إنسان أن يتحول نوعه كإناء. فبولس كان آنية خشبية وتحول لآنية ذهب، ويهوذا العكس تمامًا. وحينما قال الرسول في (2كو4: 7) أننا لنا كنز في أوان خزفية كان يقصد المادة المصنوع منها الجسد أي الطين ولا يقصد جوهر الإنسان ولأننا آنية خزفية ننكسر ونموت فهذه هي طبيعة الجسد.يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ
= إذًا لا نحكم نحن على إنسان فالله وحده هو الذي يعلم طبيعة كل نفس. وعلى الخادم أن يقدم الخدمة للجميع دون أن يفكر في أن يحكم على أحد هل هو آنية خشب أم أنية ذهب.
آية 21:- "فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ."
عندما نغطس في جرن المعمودية نَتَعَرَّى من خطايانا إذ نتخلص من الإنسان القديم ونتجدد، وعندما نخرج من المعمودية نلبس المسيح مخلصنا. وبعد المسح بالميرون ندمغ بختم الروح القدس علامة جنديتنا وعلامة حماية الله لنا. والإنسان بحريته يعود ليعيش بالإنسان العتيق وبحريته ينضم للكنيسة ويعيش بالإنسان الجديد، الفرصة متاحة للجميع للخلاص.
فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هذِهِ
= الله يدعو الجميع للتوبة ومن يستجيب يطهره الله. هذه الآية تظهر أن الله لم يخلق إنسانا ليكون آنية ذهب وآخر ليكون خشب، بل الأمر في يد كل إنسان ليتحول من خشب إلى ذهب والعكس. لقد كان بولس إناء خزفيا فصار ذهبًا ويهوذا كان ذهبًا فصار خشبًا واحترق.
آية 22:- "أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ."
الشهوات الشبابية فاهرب منها = كان تيموثاوس شابًا وبتولًا وعلى كل إنسان أن لا يظن أنه محصن ضد الشر مهما كان ماضيه أو درجته الكنسيّة أو عمره ولا يحسب هروبه ضعفًا بل علامة جدية. والشهوات الشبابية ليست هي فقط شهوة الزنا بل حب السلطة والملذات الجسدية والغنى والإعجاب بالقوة وحب المدح وحب الافتخار بالذات.
وإتبع البر و... = أن يهرب من كل ما هو معثر أو كل ما هو مثير، هذا هو الجانب السلبي، وهذا لا يكفي، بل عليه أن يسعى وراء الإيجابيات وأن يلتزم باتباع البر أي كل فضيلة (فى4: 8). وأن تكون معاشراته مع الأطهار = مع الذين يدعون الرب من قلب تقي = التصق بهؤلاء لتساندوا بعضكم وعمومًا فليس المهم ترك المعثرات بل أن يكون الوقت كله مشغولًا في ما هو بناء، فهناك مثل معروف (اليد البطالة نجسة) فعلى الشاب أن يملأ حياته من أعمال البر والإيمان والمحبة ويتعاون مع إخوته الذين لهم نفس الهدف فتهرب الشهوات الشبابية منهم فهي لن تجد في القلب فراغًا فضلًا عن أن أعمال البر تتسامى بالروح والأفكار، وتجذب الإنسان لكل ما هو حق ولاحظ أن هناك من يدعو الرب وقلبه غير نقي.
"وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ، وَعَبْدُ الرَّبِّ لاَ يَجِبُ أَنْ يُخَاصِمَ، بَلْ يَكُونُ مُتَرَفِّقًا بِالْجَمِيعِ، صَالِحًا لِلتَّعْلِيمِ، صَبُورًا عَلَى الْمَشَقَّاتِ، مُؤَدِّبًا بِالْوَدَاعَةِ الْمُقَاوِمِينَ، عَسَى أَنْ يُعْطِيَهُمُ اللهُ تَوْبَةً لِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ، فَيَسْتَفِيقُوا مِنْ فَخِّ إِبْلِيسَ إِذْ قَدِ اقْتَنَصَهُمْ لإِرَادَتِهِ."
لا يقف تقديس الحياة الداخلية عند الهروب من الشهوات الشبابية وإتباع البر بل هناك جانب هام آخر وهو رفض الخصومات المفسدة لنقاوة النفس تحت ستار الدفاع عن الحق، فالراعي عليه أن يدعو للحق دون منازعات سخيفة تفسد نقاوة قلبه وسلامه الداخلي ولا يجب أن تكون هناك خصومات لأن الله إله سلام (مت 12: 19) مترفقًا بالجميع = صبورا على أخطائهم ويحتملها ولا ييأس من أحد ولا يخاصم أحد ولاحظ أن الوداعة مع المخطئين ربما تجعلهم يستفيقوا.
← تفاسير أصحاحات تيموثاوس الثانية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير تيموثاوس الثانية 3 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير تيموثاوس الثانية 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/83g83xm