St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   02-Sefr-El-Khoroug
 

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب

سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

الخروج 7 - تفسير سفر الخروج

 

الأصحاحات 7-10

الضربات العشر

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب خروج:
تفسير سفر الخروج: مقدمة سفر الخروج | الخروج 1 | الخروج 2 | الخروج 3 | الخروج 4 | الخروج 5 | الخروج 6 | الخروج 7 | الخروج 8 | الخروج 9 | الخروج 10 | الخروج 11 | الخروج 12 | الخروج 13 | الخروج 14 | الخروج 15 | الخروج 16 | الخروج 17 | الخروج 18 | الخروج 19 | الخروج 20 | الخروج 21 | الخروج 22 | الخروج 23 | الخروج 24 | الخروج 25 | الخروج 26 | الخروج 27 | الخروج 28 | الخروج 29 | الخروج 30 | الخروج 31 | الخروج 32 | الخروج 33 | الخروج 34 | الخروج 35-40

نص سفر الخروج: الخروج 1 | الخروج 2 | الخروج 3 | الخروج 4 | الخروج 5 | الخروج 6 | الخروج 7 | الخروج 8 | الخروج 9 | الخروج 10 | الخروج 11 | الخروج 12 | الخروج 13 | الخروج 14 | الخروج 15 | الخروج 16 | الخروج 17 | الخروج 18 | الخروج 19 | الخروج 20 | الخروج 21 | الخروج 22 | الخروج 23 | الخروج 24 | الخروج 25 | الخروج 26 | الخروج 27 | الخروج 28 | الخروج 29 | الخروج 30 | الخروج 31 | الخروج 32 | الخروج 33 | الخروج 34 | الخروج 35 | الخروج 36 | الخروج 37 | الخروج 38 | الخروج 39 | الخروج 40 | الخروج كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تتحدث هذه الأصحاحات الأربعة (7-8-9-10) عن التسع ضربات الأولى بينما تحدث الأصحاحان (11-12) عن الضربة الأخيرة التي ارتبطت بخروف الفصح:

 

1. مقدمة للضربات

 

[7: 1 -13].

2. تحويل الماء دمًا

 

[7: 14 -25].

     

3. ضربة الضفادع

 

[8: 1 -15].

4. ضربة البعوض

 

[8: 16 -19].

5. ضربة الذباب

 

[8: 20 -32].

     

6. ضربة المواشي

 

[9: 1 -7].

7. ضربة البثور

 

[9: 8 -12].

8. ضربة البرد والنار

 

[9: 13 -35].

     

9. ضربة الجراد

 

[10: 1 -20].

10. ضربة الظلام

 

[10: 21 -29].

     

11. ضربة الأبكار

 

[11، 12].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. مقدمة للضربات:

1 فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلهًا لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ. 2 أَنْتَ تَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ، وَهَارُونُ أَخُوكَ يُكَلِّمُ فِرْعَوْنَ لِيُطْلِقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِهِ. 3 وَلكِنِّي أُقَسِّي قَلْبَ فِرْعَوْنَ وَأُكَثِّرُ آيَاتِي وَعَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْرَ. 4 وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمَا فِرْعَوْنُ حَتَّى أَجْعَلَ يَدِي عَلَى مِصْرَ، فَأُخْرِجَ أَجْنَادِي، شَعْبِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِأَحْكَامٍ عَظِيمَةٍ. 5 فَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَمَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى مِصْرَ وَأُخْرِجُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَيْنِهِمْ». 6 فَفَعَلَ مُوسَى وَهَارُونُ كَمَا أَمَرَهُمَا الرَّبُّ. هكَذَا فَعَلاَ. 7 وَكَانَ مُوسَى ابْنَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَهَارُونُ ابْنَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً حِينَ كَلَّمَا فِرْعَوْنَ. 8 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلًا: 9 «إِذَا كَلَّمَكُمَا فِرْعَوْنُ قَائِلًا: هَاتِيَا عَجِيبَةً، تَقُولُ لِهَارُونَ: خُذْ عَصَاكَ وَاطْرَحْهَا أَمَامَ فِرْعَوْنَ فَتَصِيرَ ثُعْبَانًا». 10 فَدَخَلَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى فِرْعَوْنَ وَفَعَلاَ هكَذَا كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ. طَرَحَ هَارُونُ عَصَاهُ أَمَامَ فِرْعَوْنَ وَأَمَامَ عَبِيدِهِ فَصَارَتْ ثُعْبَانًا. 11 فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَيْضًا الْحُكَمَاءَ وَالسَّحَرَةَ، فَفَعَلَ عَرَّافُو مِصْرَ أَيْضًا بِسِحْرِهِمْ كَذلِكَ. 12 طَرَحُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَصَاهُ فَصَارَتِ الْعِصِيُّ ثَعَابِينَ. وَلكِنْ عَصَا هَارُونَ ابْتَلَعَتْ عِصِيَّهُمْ. 13 فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ.

 

قبل أن يبدأ الله بالضربات أكد لموسى عدة حقائق:

St-Takla.org Image: Moses' Staff Becomes a Snake - Aaron's Rod Changed to a Serpent (Exodus 7:10) - Jannes and Jambres - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908 صورة في موقع الأنبا تكلا: عصا موسى تتحول إلى أفعى (ثعبان) - السحرة العرافان ينيس ويمبريس - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908

St-Takla.org Image: Moses' Staff Becomes a Snake - Aaron's Rod Changed to a Serpent (Exodus 7:10) - Jannes and Jambres - from "The Book of Books in Pictures", Julius Schnorr von Carolsfeld, Verlag von Georg Wigand, Liepzig: 1908

صورة في موقع الأنبا تكلا: عصا موسى تتحول إلى أفعى (ثعبان) - السحرة العرافان ينيس ويمبريس - من كتاب "كتاب الكتب بالصور"، جوليوس شنور فون كارولسفيلد، فيرلاج فون جورج ويجاند، ليبزيج، 1908

أ. "أنا جعلتك إلهًا لفرعون" [1]. أي جعلتك سيِّدًا عليه، فلا تخافه ولا ترهب قسوة قلبه، وكما يقول القديس باسيليوس: [يقدم هذا اللقب برهانًا على نوع من السلطان في التدبير أو في العمل(118)]. فالمؤمن يحذر من إبليس، لكنه يؤمن أن له سلطان عليه كقول الرب: "ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيَّات والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شيء" (لو 10: 19)، وكما يؤكد القديس يوحنا الذهبي الفم في أكثر من مقال إنه ليس للشيطان سلطان علينا، إنما يقدم إغراءاته غير الملزمة وحيله وخداعاته لكي نسقط في فخاخه(119).

 

ب. "أخوك يكون نبيك" [1]. أي المتكلم عنك، إذ التحمت الوصية (موسى) بالعمل الكهنوت التعبدي (هرون)، صارت العبادة معلنة للوصية وكاشفة عنها، هذا هو إيماننا أن عبادتنا الليتورﭽية ليست شيئًا منفصلًا عن إنجيلنا، بل عاملة به وكارزة، يستطيع الأُمّي والطفل أن يدركا الأسرار الإنجيلية خلال بساطة الطقس وروحانيته، ويقدر المتعلم والناضج أن يجد أعماق المفاهيم اللاهوتية الإنجيلية فيه.

 

ج. غاية الضربات: "يعرف المصريون إنيّ أنا الرب" [5]، أي يبدد ظلمة الجهل التي طمست عينيّ الإنسان في شره. بمعنى آخر، لم يهدف الله بها إلى إلقاء الرعب في قلوب الحاضرين، إنما أراد أن تكون سندًا للخلاص. وكما يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [بهذه المعجزات عينها يُهزم العدو (الشيطان) ويتقوى شعب الله(120)]. ذكرَّهم بها الرب بعد مرور قرون طويلة ليرُدهم إليه، ففي المزمور (مز 78: 43-53) كان يعاتبهم كيف خلصهم بيد قوية وضرب العدو ليُعينهم، أما هم فلا زالوا يسلكون في قساوة قلبهم.

 

د. استدعى فرعون ساحرين: ذكر القديس بولس الرسول اسميهما "ينيس ويمبريس" (2 تي 3: 8)، عن التقليد اليهودي، قام هذان الساحران بمقاومة موسى وهرون ليس بإلقاء الرعب والتهديد كما فعل فرعون، وإنما خلال حرب خطيرة هي حرب التمويه بين الحق والباطل، بين عمل الله وعمل إبليس، فحاولا أن يفعلا ما يفعلانه موسى وهرون لكنهما فَشَلَا، إذ يقول الكتاب:

* "عصا هرون ابتلعت عصيِّهم" [12].

* "فعل كذلك العرّافون بسحرهم ليخرجوا البعوض فلم يستطيعوا... فقال العرّافون لفرعون هذا إصبع الله" (خر 8: 18، 19).

* "لم يستطع العرّافون أن يقفوا أمام موسى من أجل الدمامل، لأن الدمامل كانت في العرافين وفي كل المصريين" (خر 9: 12).

بمعنى آخر، إن كان السحرة حاولوا الخداع بإبراز بعض أعمال تحمل صورة ما فعله موسى وهرون، وذلك بفعل السحر، لكنهم كانوا في ضعف، وسقط الساحران تحت الضربات كغيرهما، ولم يكونا قادرين على إبطال الضربات أو إنقاذ فرعون وجنوده... واضطرَّا أن يعترفا بقوة "إصبع الله".

في دراستنا لسفر الرؤيا رأينا حربًا مشابهة، فكما يعلن الثالوث القدوس أعماله مع الإنسان يحاول الثالوث الدنس "ضد المسيح والوحش البرّي والوحش البحري" أن يخدعوا البشر، بل وأحيانًا يقدمون أعمالًا تبدو كما لو كانت تشبه أعمال الثالوث القدوس، مثل عمل المعجزات بفعل شيطاني(121).

 

ه. العصا التي كانت في يد موسى النبي دُعيت "عصا الله" (خر 4: 20)، "عصا هرون" (خر 7: 22)، "عصا موسى" (خر 10: 13)، هي عصا الخلاص التي تعمل في حياتنا تُشير إلى الإيمان بالصليب الخشبة المُحيية، لذا دُعيت عصا الله، كما تُشير للوصية الإلهية أو كلمة الله الكارزة بالصليب (عصا موسى)، وأيضًا تشير للحياة التعبُدية التي خلالها ندخل في حياة الشركة مع المصلوب (عصا هرون)، وكأن الإيمان يلتحم بالكتاب المقدس والعبادة بغير انفصال.

 

St-Takla.org Image: The rods became serpents (Exodus 7:7, 11) صورة في موقع الأنبا تكلا: العصي تتحول إلى حيات (خروج 7: 7، 11)

St-Takla.org Image: The rods became serpents (Exodus 7:7, 11)

صورة في موقع الأنبا تكلا: العصي تتحول إلى حيات (خروج 7: 7، 11)

و. العصا بين الناموس والصليب: العصا الذي جاء بها موسى إلى مصر هي الناموس الذي يضرب به الضربات العشر، أي يُدين الخطية ويفضحها، وهي أيضًا الصليب الذي جَرَّد إبليس من سلطانه وقهر قوته معطيًا للمؤمنين قوة الغلبة والخلاص، في هذا يقول العلامة أوريجانوس: [موسى يأتي إلى مصر حاملًا العصا التي يعاقب بها ويضرب بها الضربات العشرة، أي بالوصايا العشر. أما العصا التي تمت بها هذه الأمور، والتي أخضعت مصر وروضت فرعون، فهي صليب المسيح الذي غلب العالم، وانتصر على (رئيس هذا العالم) وعلى [الرؤساء والسلاطين] (كو 2: 15)، إذا ما أُلقيت على الأرض تتحول إلى حيَّة، فتلتهم حيَّات سحرة مصر الذين قاموا بعمل نفس الشيء، وقد كشف لنا الإنجيل أن هذه الحيَّة هي الحكمة بالقول: "كونوا حكماء كالحيَّات" (مت 10: 16)، وفي موضع آخر: [وكانت الحيَّة أحكم جميع الحيوانات التي في الجنة] (تك 3: 1)، إذن فصليب المسيح الذي كانت البشارة به تُعْتَبَر نوعًا من الجنون(*)، كان موجودًا في موسى، أي في الناموس، كقول الرب: [لأنه مكتوب عنيّ] (يو 5: 46)، هذا الصليب الذي كتب عنه موسى، إذ طُرح على الأرض، أي آمن به البشر، تحول إلى حكمة تلتهم كل حكمة المصريين، أي يبتلع كل حكمة هذا العالم، أنظر كيف صَيَّر الله حكمة هذا العالم جَهَالَة؟! (1 كو 1: 21)، برفع المسيح على الصليب الذي هو قوة الله وحكمته].

 

ز. سرّ الضربات العشر: يرى بعض الآباء في الضربات العشر صورة رمزية لعمل الصليب في قلب الإنسان الذي صار محبًا للعالم، أي صار كأرض مصر، حتى ينطلق به إلى الحياة المقدسة، ففي اختصار نقول أن:

الضربة الأولى: أو تحويل ماء النهر دمًا، يُشير إلى ضرورة تحويل مياه القلب البارد إلى حياة الجهاد، كقول الرسول: [لم تجاهدوا بعد حتى الدم](**).

 والضربة الثانية: الخاصة بالضفادع تُشير إلى الحياة المملوءة كلامًا فارغًا بلا عمل، كنقيق الضفادع طوال الليل، فبالروح القدس ندخل من كثرة الكلام إلى الحياة الإيمانية العاملة.

والضربة الثالثة: الخاصة بالبعوض تُشير إلى الأفكار الشريرة حيث لا يشعر الإنسان بالبعوضة على جسده إلاَّ عندما تلدغه، وهكذا كثيرًا ما يستسلم الإنسان للأفكار ولا يدري بها إلاَّ بعد أن تثير أحاسيسه نحو الخطية، فينطبق عليه قول الكتاب: [يشربون الإثم كالماء](***). فبالروح القدس نغلق باب الفكر عن الشر لينفتح منطلقًا نحو العمل الإيجابي البنّاء.

الضربة الرابعة: خاصة بالذباب الذي يقدم عن الأماكن القذرة ويسبب أمراضًا، مُشيرًا بهذا إلى ضرورة الهروب من مصدر الخطية ومثيراتها، كأصدقاء الشر وأماكن الدنس حتى لا تُصاب بالضعف.

St-Takla.org Image: Pharaoh’s magicians did the same thing by their secret arts. Pharaoh refused to obey God and turned and went back to the palace. (Exodus 7: 22) - "Moses and the ten plagues I" images set (Exodus 7-9): image (3) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "وفعل عرافو مصر كذلك بسحرهم. فاشتد قلب فرعون فلم يسمع لهما، كما تكلم الرب" (الخروج 7: 22) - مجموعة "موسى والضربات العشرة 1" (الخروج 7-9) - صورة (3) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Pharaoh’s magicians did the same thing by their secret arts. Pharaoh refused to obey God and turned and went back to the palace. (Exodus 7: 22) - "Moses and the ten plagues I" images set (Exodus 7-9): image (3) - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وفعل عرافو مصر كذلك بسحرهم. فاشتد قلب فرعون فلم يسمع لهما، كما تكلم الرب" (الخروج 7: 22) - مجموعة "موسى والضربات العشرة 1" (الخروج 7-9) - صورة (3) - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

الضربة الخامسة: خاصة بالوباء الذي أصاب الماشية، يُشير إلى الانحطاط إلى الأفكار الجسدية الحيوانية، فيليق بنا ألاَّ نسلك حسب شهوات الجسد بل نقبل شهوة الروح.

الضربة السادسة: أي البثور والقروح، تشير إلى فساد الجسد وعدم تقديسنا له، وإذ يلزمنا أن نتقبل عمل الروح القدس حتى في أعضاء جسدنا.

الضربة السابعة: أي حدوث أصوات رعد وبرد ونار، تشير إلى عمل الله داخل القلب فيُرعد بروحه القدوس فينا، ليُزلزل كل خطية استكانت داخل القلب وتأسست فيه، ويسقط البرد لقتل كل بداية زرع شيطاني (الأعشاب)، وبناره المقدسة يحرق الأشواك الخانقة للنفس ويلهب القلب بنار الحب الإلهي.

الضربة الثامنة: خاصة بالجراد تُشير إلى عدم ترك أي أثر للخطية في حياتنا، كما فعل الجراد حيث لم يترك ورقة خضراء في كل الأرض.

الضربة التاسعة: هي الظلام، أي اكتشاف الإنسان عمى بصيرته الروحية، صارخًا إلى الله ليهبه استنارة روحية داخلية.

أخيرًا الضربة العشرة: ضربة الأبكار التي تُشير إلى قتل إبليس وجنوده، لكي نصير نحن أنفسنا أعضاء في كنيسة الأبكار.

قدم لنا العلامة أوريجانوس تفسيرًا لهذه الضربات العشر قائلًا: [كل نفس في هذا العالم تعيش في ضلال وجهل للحقيقة، إنما هي (رمزيًا) في مصر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). عندما يقترب منها ناموس الله(122) تتحول لها المياه إلى دم، أي تتحول الحياة السهلة المملوءة كسلًا إلى دم العهدين القديم والجديد، ثم تجتذبها بعيدًا عن الأحاديث الباطلة التي في نظر عناية الله نقيق ضفادع، ثم تُنقيها من الأفكار الشريرة التي تشبه لدغة البعوض، وتنزع عنها إبر الشر. تضمد فيها الجراحات التي تسببها النشوة التي يرمز لها بالذباب، وتهدم فيها الغباء والإدراكات الحيوانية... يهتم الناموس بجراحات خطاياها وينزع عنها انتفاخ الكبرياء وحروق الغضب، ويقدم لها أصوات الرعد أي تعاليم الإنجيل، ويستخدم تأديبات البرد لكي تخضع فيها تنعُمات الحواس وتلذُّذاتها، كما يُقدم لها نار التوبة لكي تُردد النفس قائلة: "ألم يكن قلبنا ملتهبًا فينا" (لو 24: 32)، لا يتأخر الناموس عن أن يرسل لها الجراد الذي يهاجم العواطف الثائرة غير النقية فيلتهمها، فتتهذب النفس بتعاليم الرسل "ليكن كل شيء بلياقة وبحسب ترتيب" (1 كو 14: 40). وعندما تستوفي التأديبات عن عاداتها الشريرة وتلتزم بتغيير حياتها إلى الحياة الفضلى تعترف بصاحب الضربات، وتقول أنه "إصبع الله"، حينئذ تدرك ظلمة أعمالها وتعترف بظلمة خطاياها، فإن بلغت هذا الحد يُهلك الله في داخلها أبكار مصر (الشر)(123)].

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. تحويل الماء دمًا:

14 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَلْبُ فِرْعَوْنَ غَلِيظٌ. قَدْ أَبَى أَنْ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 15 اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ فِي الصَّبَاحِ. إِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى الْمَاءِ، وَقِفْ لِلِقَائِهِ عَلَى حَافَةِ النَّهْرِ. وَالْعَصَا الَّتِي تَحَوَّلَتْ حَيَّةً تَأْخُذُهَا فِي يَدِكَ. 16 وَتَقُولُ لَهُ: الرَّبُّ إِلهُ الْعِبْرَانِيِّينَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ قَائِلًا: أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي فِي الْبَرِّيَّةِ. وَهُوَذَا حَتَّى الآنَ لَمْ تَسْمَعْ. 17 هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: بِهذَا تَعْرِفُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: هَا أَنَا أَضْرِبُ بِالْعَصَا الَّتِي فِي يَدِي عَلَى الْمَاءِ الَّذِي فِي النَّهْرِ فَيَتَحَوَّلُ دَمًا. 18 وَيَمُوتُ السَّمَكُ الَّذِي فِي النَّهْرِ وَيَنْتِنُ النَّهْرُ. فَيَعَافُ الْمِصْرِيُّونَ أَنْ يَشْرَبُوا مَاءً مِنَ النَّهْرِ». 19 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «قُلْ لِهَارُونَ: خُذْ عَصَاكَ وَمُدَّ يَدَكَ عَلَى مِيَاهِ الْمِصْرِيِّينَ، عَلَى أَنْهَارِهِمْ وَعَلَى سَوَاقِيهِمْ، وَعَلَى آجَامِهِمْ، وَعَلَى كُلِّ مُجْتَمَعَاتِ مِيَاهِهِمْ لِتَصِيرَ دَمًا. فَيَكُونَ دَمٌ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ فِي الأَخْشَابِ وَفِي الأَحْجَارِ». 20 فَفَعَلَ هكَذَا مُوسَى وَهَارُونُ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ. رَفَعَ الْعَصَا وَضَرَبَ الْمَاءَ الَّذِي فِي النَّهْرِ أَمَامَ عَيْنَيْ فِرْعَوْنَ وَأَمَامَ عُيُونِ عَبِيدِهِ، فَتَحَوَّلَ كُلُّ الْمَاءِ الَّذِي فِي النَّهْرِ دَمًا. 21 وَمَاتَ السَّمَكُ الَّذِي فِي النَّهْرِ وَأَنْتَنَ النَّهْرُ، فَلَمْ يَقْدِرِ الْمِصْرِيُّونَ أَنْ يَشْرَبُوا مَاءً مِنَ النَّهْرِ. وَكَانَ الدَّمُ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ. 22 وَفَعَلَ عَرَّافُو مِصْرَ كَذلِكَ بِسِحْرِهِمْ. فَاشْتَدَّ قَلْبُ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَسْمَعْ لَهُمَا، كَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ. 23 ثُمَّ انْصَرَفَ فِرْعَوْنُ وَدَخَلَ بَيْتَهُ وَلَمْ يُوَجِّهْ قَلْبَهُ إِلَى هذَا أَيْضًا. 24 وَحَفَرَ جَمِيعُ الْمِصْرِيِّينَ حَوَالَيِ النَّهْرِ لأَجْلِ مَاءٍ لِيَشْرَبُوا، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ مَاءِ النَّهْرِ. 25 وَلَمَّا كَمُلَتْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ مَا ضَرَبَ الرَّبُّ النَّهْرَ.

 

يلاحظ في الضربات العشر أن الله كان يوجهها ضد آلهة المصريين نفسها ليكشف ضعفها، إذ يقول: "وأصنع أحكامًا بكل آلهة المصريين أنا الرب" (خر 12: 12)، ومن ناحية أخرى كان يهدف بها إلى فضح حياتهم التي يسلكونها في الشر. فتحويل مياه النيل إلى دم دنس أوقع المصريين في حيرة إذ رأوا معبودهم قد صار دنسًا! ومن جهة أخرى كشف لهم أن فكرهم كله جسداني(124)، يرون كل شيء حسب اللحم والدم وليس بمنظار روحي.

هذا ونهر النيل يُشير إلى حكمة المصريين وفلسفاتهم المتغيرة، فبتحويله إلى دم ظهر أنه لا خلاص لهم بالحكمة البشرية والفلسفة الزمنية، إنما بالإيمان بدم السيِّد المسيح الذي يمتص كل حكمة وفلسفة. لهذا بدأت الضربات بالدم وانتهت أيضًا بالدم، حيث ذُبح خروف الفصح، ووُضعت علامة الدم على العتبة العليا والقائمتين، فهلك أبكار المصريين وأُنقِذ شعب الله.

St-Takla.org Image: The water turned to blood (Exodus 7:14-25) صورة في موقع الأنبا تكلا: الماء يتحول إلى دم (خروج 7: 14-25)

St-Takla.org Image: The water turned to blood (Exodus 7:14-25)

صورة في موقع الأنبا تكلا: الماء يتحول إلى دم (خروج 7: 14-25)

لقد طلب الرب من موسى أن يذهب إلى فرعون في الصباح [15]، لأن حربنا مع عدو الخير تبدأ مع صباح حياتنا الروحية وبدء انطلاقها. كما طلب منه أن يلتقي به على حافة النهر، يخرج إليه عند المياه [15]. وكأن ذلك إعلان للمؤمن أن يلتقي مع صاحب الفلسفات بذات فلسفاتهم، فلا تخاف الكنيسة من دراسة العلوم الفلسفية، واشترط أن يأخذ العصا التي تحولت إلى حيَّة في يده، فلا إمكانية للغلبة على الشر بدون الصليب واهب النصرة.

أما النتيجة فهي: "يكون دم في كل أرض مصر في الأخشاب وفي الأحجار" [19]، فإن كان الأرض قد صار "أرض مصر" أي محبًا للعالم، فإن الدم يُدخل إليه ليقدسه، والخشب الذي فيه بلا حياة يجري فيه الدم ليصير أشجارًا حيَّة مثمرة، والحجارة الجامدة تتحول إلى "أولاد لإبراهيم"، كقول السيِّد المسيح نفسه "إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ"!

أما موت السمك ونتانته [18، 21] فيُشير إلى هلاك ما ظنه المصريون غذاءً لهم في الفلسفات الزمنية، فتصير رائحة الفلسفات الوثنية بجانب الإيمان غير لائقة، لا تستريح لها النفس.

ويلاحظ أن الماء لم يصر دمًا للعبرانيين، وكما يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص: [ليس بالأمر العجيب أن العبرانيين وهم يقطنون بين الغرباء لا يتأثرون بشرور المصريين، هذا ما يمكن ملاحظته في المدن المزدحمة الآن حيث يتمسك الناس بآراء متناقضة، فبالنسبة للبعض مجاري الإيمان التي يستقون منها التعاليم الإلهية منعشة وواضحة، أما بالنسبة للآخرين الذين يعيشون كالمصريين حسب أهوائهم الشريرة صارت المياه دمًا فاسدًا(125)].

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(118) St. Basil, Epis. 189: 7.

(120) Vita Mos. 2: 64.

(121) للمؤلف: رؤيا القديس يوحنا اللاهوتي، طبعة 1979.

(*) توضيح من الموقع: يقصد أوريجانوس أن فكرة تحمُّل الله اللعنة هو أمر عجيب ومُستغرَب وخاصة لغير المؤمنين.. كقول الكتاب: "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»." (غل 3: 13).

(**) إضافة من الموقع: (عب 12: 4).

(***) إضافة من الموقع: (أي 15: 16).

(122) يقصد هنا الشريعة الإلهية بوجه عام أو الوصية الإلهية.

(123) Origen: In Exod, hom 4: 8.

(124) St. Augustine: On Ps. 78.

(125) Vita Moses 2: 66.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/02-Sefr-El-Khoroug/Tafseer-Sefr-El-Khroug__01-Chapter-07.html

تقصير الرابط:
tak.la/qh38qyg