كثيرون يهمهم المقياس الطولي في الصوم مثلًا، وفي الصلاة وعدد المزامير، وفي المطانيات metanoia، دون أن يهتموا بالعمق في العبادة. وقد يصوم الإنسان أربعين يومًا أو خمسة وخمسين، وربما يشتد على نفسه من جهة الطعام. ولكن بغير عمق في العمل الروحي، في الانتصار على النفس، في ضبط الإرادة والحواس، الفكر أثناء الصوم. وكأن الصوم مظهر خارجي، وفي الداخل في الأعماق، لا شيء على الإطلاق. ويخرج من الصوم بنفس الطباع والأخطاء. أما الذي يصوم بعمق روحي، وتصوم نفسه مع جسده ويصحب صومه بانسحاق القلب والتوبة والخشوع والتداريب الروحية، فهذا يأتي بثمر كثير.
كذلك المطانيات، في عمقها لا في عددها.
إنسان تلصق بالتراب نفسه، ليست مجرد رأسه تنحني، دون أن تنحني كبرياؤه من الداخل.
ونفس الوضع في القراءة وعمقها وتأثيرها.
ليس المهم أن تقرأ عددًا كبيرًا من الأصحاحات، وإنما ما تتركه هذه القراءة في نفسك من عمق وتأثير.
إن آية واحدة سمعها الشاب أنطونيوس، وأخذها بعمق، أمكنها أن تغير حياته كلها، وتنشئ منهجًّا روحيًّا كبيرًا اتبعه الآلاف من الملائكة الأرضيين والبشر السمائيين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وامتد تأثيرها إلى أجيال طويلة سارت على نفس النهج... فهل أنت تقرأ بنفس العمق الذي استمع به القديس أنطونيوس إلى تلك الآية.
إن الكتبة والفريسيين كانوا يقرأون كثيرًا، بل كانوا، بل كانوا من علماء عصرهم بالكتاب. ولكن لم يكن لهم عمق، لا في الفهم ولا في التطبيق. فلم يستفيدوا شيئًا، بل أعثروا غيرهم.
انظر إلى داود النبي في عمق قراءاته.
إنه يقول للرب "الكل كمال رأيت منتهى، أما وصاياك فواسعة جدًا" (مز 119). ويقول "اكشف عن عيني، لأرى عجائب من شريعتك". وعمقه في القراءة، كان يجلب له الفرح واللذة، كمن وجد غنائم كثيرة. ويكون كلام الله أحلى من العسل والشهد في فمه (مز 119).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spiritual/adoration.html
تقصير الرابط:
tak.la/kg444k9