بعض الخدام يقيسون خدمتهم بمقاييس خاطئة، لها المظهر الشكلي من الخارج وليس لها العمق. مثل من يقيس خدمته بكثرة عدد تلاميذه، أو بكمية الدروس ونوعيتها، وما يتلقاه التلاميذ من المعرفة الدينية. أو خادم يقيم خدمته بارتقائه من خادم ابتدائي إلى خدمة ثانوي أو إعداد خدام، أو بمظهريات أخرى من تنظيمات في الخدمة، كراسات تحضير الدروس أو كراسات الافتقاد. وينسى الخادِم في كل ذلك ما يتعلق بعمق الخدمة، وعملها في قيادة التلاميذ إلى التوبة، وإلى محبة الله.
وقد يوجد خادم بلا فصل، وخدمته أكثر عمقًا.
كخادم يشتغل في العمل الفردي. وكل من يلتقي به يجذبه إلى محبة الله، ويلهب قلبه بكلمات النعمة التي تخرج من فمه. وفي كل يوم يضم إلى الكنيسة أعضاء جدد ما كانوا يدخلون الكنيسة من قبل...
أو أنه يخدم في حل المشاكل العائلية، بكل تعب وعمق ومثابرة. وقد يقضي أيام طويلة ويسهر ويقنع، لكي يدخل سلام الله إلى البيت. ولا أحد من كبار الخدام في الكنيسة يعرف عن خدمته شيئًا.
وأعرف خادم كان يعمل معنا منذ أكثر من أربعين عامًا، كنا نسمي فصله (فصل الشواذ)(1)، لأنه كان يجذب الأولاد المتسكعين في الشوارع، أو في المقاهي وأمام دور اللهو ويحولهم ليس فقط إلى تلاميذ ثابتين في الكنيسة، بل أن بعضهم صاروا خدامًا...
ومن أمثلة الخدمة العميقة، قصة فيلبس مع الخصي الحبشي...
فيلبس، وهو سائر في الطريق، يرى مركبة الخصي وهو يقرأ سفر إشعياء، فيبدأ أن يشرح له في عمق، حتى يجذبه إلى الإيمان، إذ يعلن الخصي إيمانه من كل قلبه، ينزل الاثنان فيعمده... هل أخذت هذه الخدمة ساعة أو أكثر أو أقل. لكنها كانت عميقة ومثمرة...
مثالها أيضًا خدمة المعمدان واسطفانوس الشماس.
في عمق شديد خدم المعمدان حوالي ستة أشهر أو أكثر بقليل. وفي خلال تلك المدة القصيرة، مهد الطريق أمام الرب، بشعب مستعد، قادة المعمدان إلى التوبة ومعمودية التوبة... حتى أن الرب قال: لم تلد النساء من هو أعظم من يوحنا المعمدان، وقال إنه أعظم من نبي (مت 11: 11،9).
كذلك اسطفانوس الشماس، كانت خدمته قصيرة، ولكن عميقة جدًا. سيرته بدأت في (أع 6) واستشهاده في (أع 7)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. واستطاع في تلك الفترة القصيرة أن يجعل جماهير كثيرة تنضم إلى الإيمان، وأفحم كثيرًا من المجامع. ولم يستطيعوا أن يقاوموا القوة، ولا الروح الذي كان يتكلم به (أع 6: 10).
إن الكلمة العميقة تستطيع أن تأتي بثمر كثير.
عظة واحدة بعمق عمل الروح القدس فيها استطاعت أن تضم إلى الإيمان ثلاثة آلاف تعمدوا معًا في يوم الخمسين...
إنسان يكلمك كلمة فتلمس قلبك، ولا تفارق ذهنك مطلقًا، تتمشَّى معك في الطريق، وتصاحبك في نومك وفي صَحوك. وتعمل فيك عملًا كثيرًا. إنها كلمة خرجت من العمق، ووصلت إلى العمق. وكان لها تأثيرها وفاعليتها وقوتها. وأصبحت تعمل عملًا عميقًا مثلها...
ننتقل إلى نقطة أخرى وهي العمق في العبادة:
_____
(1) توضيح من الموقع: يقصِد المختلفين عن المخدومين المُعتادين.. هؤلاء الذين يشذون عن القاعدة العامة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spiritual/service.html
تقصير الرابط:
tak.la/k7jsan4