St-Takla.org  >   books  >   pope-sheounda-iii  >   spirits-and-religion
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الأرواح بين الدين وعلماء الروح - البابا شنوده الثالث

11- هل هناك توبة بعد الموت؟

 

هل هناك توبة بعد الموت؟

سؤال:

هل يمكن أن يتوب الإنسان بعد الموت، كما وَرَدَ في كتابات البعض، الذين قالوا إن الرسل في العالم الآخر يكرزون ويبشرون ويقودون أُناسًا إلى الإيمان وإلى التوبة..؟

 

الجواب:

الدينونة تكون لإنسان كله روحًا وجسدًا.

ولذلك فالدينونة تكون لفترة وجودنا بالجسد على الأرض.

وفي هذا يقول الكتاب: "لأنه لا بُد أننا جميعًا نظهر أمام كرسي المسيح، لينال كل واحد ما كان بالجسد، بحسب ما صنع خيرًا كان أم شرًا" (2 كو 5: 10).

وهذا ما تؤيده طقوس الكنيسة، إذ نقول في صلاة النوم:

"توبي يا نفسي ما دمتِ في الأرض ساكنة..".

ويعلل ذلك بقولنا: "لأنّ التراب في القبر لا يُسبِّح. وليس في الموتى مَن يذكر، ولا في الجحيم مَن يشكر..". أي أنه ليس بعد الموت مجال للتسبيح وللشكر لِمَن مات في الخطية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وهنا نسأل سؤالًا هامًا وهو:

St-Takla.org Image: Hell - illustration from "Communicating Christ" book, Bogota, Colombia صورة في موقع الأنبا تكلا: الجحيم - من صور كتاب توصيل المسيح، بوجوتا، كولومبيا

St-Takla.org Image: Hell - illustration from "Communicating Christ" book, Bogota, Colombia

صورة في موقع الأنبا تكلا: الجحيم - من صور كتاب توصيل المسيح، بوجوتا، كولومبيا

الذين يكرزون في العالم الآخر فرضًا، هل يكرزون لإنسان كاملًا أم لروحه فقط؟ طبعًا للروح فقط.

فإن تابت الروح، ماذا عن الجسد وتوبته؟!

وكيف تتوب الروح، ولا تواجهها معطلات الجسد والمادة؟

هل تعتبر هذه توبة حقيقية كاملة؟! بينما الإنسان في العالم الآخر لا توجد أمامه المغريات المادية، ولا المحاربات الجسدية على كافة أنواعها، ولا توجد أمامه العثرات التي في هذا العالم الحاضر، من " شهوة الجسد، وشهوة العين، وتَعَظُّم المعيشة" (1 يو 2: 16).

ما معنى التوبة، حيث لا توجد حروب للجسد والحواس؟!

بل حيث لا توجد حروب للروح أيضًا، من المعاشرات الردية، ومؤامرة الناس الأشرار، والطموح العالمي، وردود الفعل إزاء تصرفات الآخرين، وأيضًا شهوة تعظُّم المعيشة..!!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هناك دليل آخر على أن الذي يموت في خطاياه، لا مجال له في التوبة، وهو:

إننا لا نُصلّي على الذي يموت في خطيته.

فإن مات الإنسان وهو غير مؤمن أو هو هرطوقي أو مبتدع، لا نُصلّي عليه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى... ولو كان هناك مجال لتوبته عن طريق تبشير الرُّسُل في العالم الآخر، لكنا نُصلّي من أجله، ونذكره في أوشية الراقدين، لعلَّ الله يرسل له بعد الموت إنسانًا قويًا في نشر الإيمان مثل بولس الرسول، أو القديس أثناسيوس الرسولي، ليهديه فيؤمن..!

ولو مات إنسان منتحرًا وهو عاقل، لا نُصلّي عليه...

ولو مات إنسان وهو في حالة زنى أو سرقة، أو وهو يعتدي على آخرين ظُلمًا، أو ما أشبه... لا نُصلّي عليه... بينما لو كانت أمامه فرصة للتوبة في العالم الآخر على يد واعظ مؤثِّر، مثل القديس يوحنا ذهبي الفم أو مارافرام السرياني، أو القديس أوغسطينوس، لكنا نُصلّي لكي يرسل له الله مَن يهديه في العالم الآخر..!!

وكيف يهديه مادامت لا توجد أمامه فرصة للزنى ولا للسرقة ولا للظلم ولا للاعتداء في العالم الآخر.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولعلَّ عدم الصلاة على أمثال هؤلاء يؤيده قول القديس يوحنا الرسول:

"توجد خطية للموت، ليس لأجل هذه أقول أو يُطلَب" (1 يو 5: 6).

بينما هناك خطايا أخرى يمكن الصلاة من أجلها.

إذن ما جدوى التبشير في العالم الآخر؟ وهل تكون مثل هذه الكرازة ضد تعليم القديس يوحنا الرسول؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بل أن هذه أيضًا ضد قول السيد المسيح لليهود:

"أنا أمضي وستطلبوني. وتموتون في خطاياكم. وحيث أمضي أنا لا تقدرون أن تأتوا" (يو8: 21).

فما معنى عبارة "تموتون في خطاياكم" هنا؟ وقد كرّرها الرب ثلاث مرات في تلك المناسبة... مثل قوله: "إن لم تؤمنوا إني أنا هو، تموتون في خطاياكم" (يو 8: 24).

وإن كان هناك مجال للتوبة أو للإيمان في العالم الآخر، فما معنى قول الرب: "وحيث أمضي أنا، لا تقدرون أن تأتوا" (يو 8: 21).

أليس هذا حكمًا قاطعًا بعدم إمكانية التوبة، وعدم إمكانية الإيمان في العالم الآخر؟!

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هناك أيضًا نصوص من الكتاب تثبت هذه الحقيقة، منها:

أ- قصة الغني الغبي
ب- زمانًا لكي يتوب
ج- العذارى الجاهلات

 

أ- قصة الغني الغبي:

لم تكن هناك فرصة لهدايته، مع أنه كان يبدو استعداده لذلك:

فأبونا إبراهيم كان يمكنه أن يقوم بعمل كرازي من جهته، بدلًا من قوله له "بيننا وبينكم هوة عظيمة قد أثبتت. حتى أنّ الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون، ولا الذين من هناك يجتازون إلينا" (لو 16: 26).

إن كان هناك مجال للتوبة، فلماذا هذه الهوة العظيمة الفاصلة، واستحالة العبور إلى الجانب الآخر؟!

ولماذا لم يقم أبونا إبراهيم بهداية هذا الغني، الذي يتشفَّع من أجل أهله وأقاربه في العالم، حتى لا يأتوا إلى موضع عذابه. وهذا يدل على رغبة الخلاص..!

 

ب- زمانًا لكي يتوب:

ورَدَت هذه العبارة في قول الرب لرسوله يوحنا في سفر الرؤيا عن المرأة إيزابل (وهي رمز بلا شك).. "وأعطيتها زمانًا لكي تتوب عن زناها، ولم تتب" (رؤ 2: 21).. ولا شكّ أن أقصى مدة لهذا الزمان هي الحياة على الأرض قبل الموت. وهنا نورد قول الكتاب:

"وُضِعَ للناس أن يموتوا مرّة، ثم بعد ذلك الدينونة" (عب 9: 27).

ولم يقل إنَّ هناك توبة بعد الموت، بل دينونة.

نذكر من الكتاب مثالًا آخر، قاله رب المجد وهو: العذارى الجاهلات.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ج- العذارى الجاهلات:

وهن يمثلنَ كل الجنس البشري، الذي فقد الخلاص...

لقد كنّ عذارى، ولهذا معناه الروحي. وكنّ ينتظرن العريس، ومعهنّ مصابيحهنَّ. فلما جاء العريس وكانت مصابيحهنّ تنطفئ. وذهبنَ ليبتعنَ لهنَّ زيتًا... أتراهنَّ استطعنَ أن يبتعنَ زيتًا؟! هل أعطيت لهذه الأنفُس فرصة أخرى، مع سعيها لابتياع الزيت؟! أم قد أُغلِقَ الباب في وجوههن، وقال لهنَ الرب: "الحق أقول لكنَّ إني لا أعرفكنَّ" (مت 25: 12).

ومَن يظن أن هناك فرصة لابتياع زيت بعد الموت، فليأخذ درسًا من مصير العذارى الجاهلات...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نقطة أخرى أساسية نقولها وهي:

فكرة إمكانية التوبة بعد الموت، تقدم فرصة للاستهتار واللاّمُبالاة...

على اعتبار أن الإنسان يسلك حسب هواه هنا على الأرض، ولا يسير زمان غُربته بخوف (1 بط 1: 17)، معتمدًا على توبته بعد الموت!!

وهكذا يجمع واهمًا بين المتعة في الدنيا، والتوبة والخلاص في الآخرة...

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنَّ الكتاب ليس فقط يُعلَّمنا التوبة خلال هذه الحياة، بل أكثر من هذا يقول لنا:

"اذكر خالقك في أيام شبابك" (جا 12: 1).

ويُعلِّل ذلك بقوله: "قبل أن... تجيء السنون، إذ تقول ليس فيها سرور" أي قبل أن تزول فترات الحروب الشبابية... أفماذا إذن عن زوال الدنيا كلها، والخروج من هذا الجسد أيضًا؟!

"مَنْ له أذنان للسمع فليسمع" (مت 13: 43).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spirits-and-religion/repentance-after-death.html

تقصير الرابط:
tak.la/4h7y44m