معمودية يوحنا كانت معمودية التوبة. ولم يكن السيد المسيح محتاجًا إلى توبة. فلماذا تعمد؟
تعمد نائبًا عن البشرية في الدخول إلى معمودية التوبة...
كما صام عنا، وهو غير محتاج إلى صوم... وكما مات عنا، وهو غير مستحق للموت...
وكل ذلك ليقدم للآب صورة كاملة للبشرية، ويدفع ثمن خطاياها... كذلك هو أيضًا تقدم إلى المعمودية "لكي يكمل كل بر" (مت 4: 15) لكي لا يبكته أحد على خطية... لكي يكون أمام الكل خاضعًا للناموس، مع أنه فوق الناموس...
وهكذا سار مع الشعب، كواحد منهم متقدمًا إلى معمودية التوبة.
أي تواضع هذا، الذي يقدمه الرب لنا؟! ولما اعتفَى يوحنا، وقال أنا المحتاج أن أعتمد منك" أجابه الرب "اسمح الآن..."
وبنفس الوضع(***) سمح أن أمه العذراء المثالية في طهرها، التي ولدته من الروح القدس بغير دنس، تتقدم "لما تمت أيام تطهيرها" لتقدم محرقة (لو 2: 22)... وما كانت هي محتاجة إطلاقًا إلى أيام تطهير...
![]() |
إن السيد المسيح ما كان خاطئًا ليتقدم إلى معمودية التوبة. لكنه كان (حامل خطايا). حمل خطايا العالم كله.
وبهذا شهد عنه يوحنا الذي عمده (يو1: 19).
لقد حمل المسيح خطايا العالم، ونزل بها إلى المعمودية. وكذلك حمل هذه الخطايا على الصليب، ومحاها بدمه... "كلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش 53: 6).
السيد المسيح مع أنه بار بلا خطية، وقد تحدى اليهود فيما بعد قائلًا لهم "من منكم يبكتني على خطية" (يو8: 46)... لكنه تمم طقس معمودية التوبة. ولم يشذ عن هذا العمل الروحي الذي تقدمت إليه الجماهير التائبة. فوجدناه يسير كما سار باقي الشعب الخاطئ متقدمًا نحو معمودية التوبة.
كلهم تعمدوا معترفين بخطاياهم. أما هو فتعمد حاملًا خطايا الشعب كله.
وفعل هذا، لئلا تمسك عليه غلطة أو يحسب عليه نقص. وأيضًا ليكمل كل بر.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
بنفس التواضع أيضًا "لكي تكمل كل بر"، سلكت والدته القديسة العذراء أيضًا.
فقد ورد في قصة دخولها به إلى الهيكل "ولما تمت أيام تطهيرها حسب شريعة موسى ليقدموه للرب... ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس موسي زوج يمام أو فرخي حمام" (لو 2: 22-24)...
عجيب أن تقال عن العذراء عبارة "ولما تمت أيام تطهيرها"...!! هذه التي قدس الروح القدس مستودعها أثناء الحبل المقدس. فحلبت به بلا دنس الخطية الأصلية... وما كانت تحتاج مطلقًا إلى تطهير... ولكنها -لكي تكمل كل بر- خضعت لوصية الناموس، وهي غير محتاجة إلى ذلك.
حقًا هناك أمور لا يكون الإنسان ملزمًا أن يعملها، ولكنه يفعل ذلك: لكي لا يعثر الآخرين، ولكي يكمل كل بر...
ومن تواضع الرب أيضًا، أنه نال العماد من يوحنا.
رئيس الكهنة الأعظم، ومانح الكهنوت، نال المعمودية من أحد کهنته، من أحد أولاده... من إنسان اعترف قائلًا له "أنا المحتاج أن أعتمد منك" (مت 4: 14). كما اعترف قائلًا "لست مستحقًا أن أنحني وأحُلَّ سيور حذائه...
كهنوت السيد المسيح ملكي صادقي، وكهنوت يوحنا هاروني.
والمعروف أن كهنوت ملكي صادق أعظم من كهنوت هارون، كما شرح معلمنا القديس بولس الرسول في (عب7). كما أن ملكي صادق بارك أبانا إبراهيم، الذي كان هارون في صلبه (عب7). ومع ذلك بكل تواضع تقدم الذي هو كاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق (مز110: 4) لينال المعمودية من أحد أولاد هارون!
وفي هذا أيضًا توقير منه للكهنوت في عصره.
كما حدث حينما شفي الرجل الأبرص، أن قال له "اذهب أر نفسك للكاهن، وقدم القربان الذي أمر به موسي شهادة لهم" (مت 8: 4).
حقًا إن قصة العماد مملوءة بأمثلة عديدة من التواضع.
من تواضع الرب أيضًا، أنه بعد كل الأمجاد التي ظهرت أثناء عماده، في شهادة الآب، وحلول الروح القدس، وشهادة يوحنا... بعد كل هذا صعد إلى الجبل. ليجرب من الشيطان، وسمح للشيطان أن يجربه، بكل جرأة، أو على الأصح بكل كبرياء... ورد عليه الرب بكل هدوء. وبتواضعه قهر كبرياء الشيطان...
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ومن تواضع الرب أنه خضع للناموس في السن كما في المعاد.
انتظر حتى بلغ سن الثلاثين حسب الناموس، وما كان أسهل عليه أن يبدأ قبل ذلك بسنوات طويلة، وهو الذي في سن الثانية عشرة أذهل الشيوخ المعلمين، فبهتوا من فهمه وأجوبته (لو2: 47)... ولكنه أنتظر إلى سن الثلاثين، وأنتظر حتى أعتمد، وحتى قضى فترة خلوة على الجبل... ثم بدأ العمل...
تواضع المسيح منذ بدء رسالته، ليرد على خطية آدم الأول.
آدم الأول استجاب للإغراء في أن يصير مثل الله (تك 3: 5). وهذا لون من الكبرياء بلا شك. فجاء السيد المسيح ابن الله، في شبه الناس، في صورة عبد (في 2: 7) يسلك في اتضاع، في مولده في مزود يمثل الفقر. (لو 2: 7). وكذلك في عماده من عبده يوحنا المحتاج أن يعتمد منه...
ويوحنا المعمدان الذي عمده كان متواضعًا...
على الرغم من أنه كان عظيمًا. وقد شهد له الرب نفسه بالعظمة، وشهد له ملاك الرب أيضًا، كما سنرى.
_____
(***) توضيح من الموقع: هذه الجملة موجودة في النبذة، ولكنها سقطت من الطباعة في الكتاب الكبير (تأملات في عشرة أعياد).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/pamphlet-4-epiphany/humility-of-the-lord.html
تقصير الرابط:
tak.la/vfmm8qp