يحمل إلينا شهر يناير عددًا من الأعياد: عيد رأس السنة، وعيد الميلاد، وعيد الختان، وعيد الغطاس.
نشكر الله إذ أعطانا بركة كل هذه الأعياد وفاعليتها في حياتنا.
وإذ نحتفل بعيد الغطاس المجيد، يسرنا أن نقف عنده قليلًا للتأمل:
إنه عيد الغطاس أو عيد العِماد...
هذا العيد يسمونه أيضًا بعيد الظهور الإلهي (الثييئوفاتيا).
إذ فيه ظهر الثالوث القدوس: الابن يعتمد، والآب من السماء يقول "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت، والروح القدس يظهر على هيئة حمامة" (مت3: 16-17). ولذلك فإن عماد السيد المسيح يُظهر عقيدة الثالوث...
وهكذا يكون العماد دائمًا باسم الثالوث.
حسب قول الرب لتلاميذه قبل صعوده "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت 28: 19). ولم يقل بأسماء، لأن الثلاثة واحد" كما ورد في (1 يو 5: 7) "الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد.
![]() |
وحسنًا أن الكنيسة سَمَّت هذا العيد بعيد الغطاس.
لأنها بذلك تذكر الشعب فيه أن السيد المسيح تعمد بالتغطيس، كما قيل إنه لما اعتمد "صعد للوقت من الماء" (مت3: 15). وتذكرهم أيضًا بأن المؤمنين في العهد الجديد يتعمدون بالتغطيس، (وليس بالرش، كما عند بعض الطوائف). وهكذا تعمد الخصي الحبشي في بداية العصر الرسولي على يد فيلبس "ولما صعدا من الماء، خطف روح الرب فيلبس" (أع8: 39).
وأيضًا لأن المعمودية صبغة (باللاتينية Baptisma)، والصبغة تتم بالتغطيس. ولأن المعمودية دفن مع المسيح (كو2: 12)، والدفن يتم بالتغطيس في القبر، ولا يمثله أبدًا الرش بالماء...
كذلك في كل الآثار القديمة.
نجد أنه كان العماد يتم في جرن يُسَمَّى (جرن المعمودية). وهذا يدل على أن المعمودية كانت بالتغطيس، وليس بالرش.
ونذكر في هذا العيد الكثير من المعاني الروحية والعقائدية، سواء بالنسبة إلى عماد السيد المسيح من يوحنا المعمدان، أو أهمية المعمودية في الكنيسة...
نذكر أيضًا أن السيد الرب تقدم إلى معمودية يوحنا وهو غير محتاج إليها.
إنما ليكمل كل بر، ليكون بلا لوم أمام الناس، حتى وهو غير محتاج. وهنا يضع أمامنا مبدأ الطاعة ومبدأ الإلتزام، دون أن نسأل ماذا يفيدنا؟
وأيضًا دخل معمودية يوحنا لكي ينوب عنا، كما صام عنا، وكما صلب عنا!
كثير مما كان يفعله، كان من أجل غيره، وليس من أجل نفسه. لقد ناب عنا في أن يقدم لله الآب صورة للإنسان الكامل، يرضي الآب بحياته، كما يرضيه بفدائه للبشرية.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ونحن في عماده: نذكر تواضعه...
ونذكر محبته والتزامه، ورقته في الحديث مع يوحنا، إذ يقول له (اسمح الآن).
على أن معمودية السيد المسيح، إنما تذكرنا بمعموديتنا نحن أيضًا. وبعمق اهتمام الكنيسة بالمعمودية.
فالمعمودية هي الأولى في أسرار الكنيسة وباب الدخول إلى باقي الأسرار.
والعامة يقولون "نصرنا فلانا" أي عمدناه. لأنه بالعماد صار نصرانيًا... وهو تعبير سليم في معناه اللاهوتي يذكرنا بقول السيد المسيح "مَن آمن واعتمد خلص" (مر16: 16).
لذلك يوم العماد هو يوم عيد بالنسبة إلى الطفل وأسرته.
وفي هذا اليوم تمنحه الكنيسة ثلاثة أسرار مقدسة هي المعمودية والميرون (المسحة المقدسة)، وسر التناول أيضًا. وتمهده للمشاركة في حياة الكنيسة. ويصبح عضوًا فيها، ويأخذ أول شهادة كنسية في حياته...
وتعين الكنيسة للطفل المعمد أشبينًا يتولى رعايته روحيًا، وغالبًا ما تكون الأم هي أشبينة طفلها.
وتتعهد الأم أمام الله والكنيسة أن ترعَى طفلها في خوف الله، وتكون هي المعلم الأول له، تلقنه كل أمور الدين، وتدربه عليها عمليًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/pamphlet-4-epiphany/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/q5hcgz4