ما هي البُشْرَى الطبية التي تحملها في هذه السنة المقبولة أمام الله؟ ما هي بشراك يا رب، وكل سنواتك مقبولة؟
جئت لأبشر شاول مضطهد الكنيسة بأنه سيصير بولس الكارز العظيم... وجئت أبشر كثيرين من أمثاله:
أبشر موسى الأسود، القاتل السارق الشرير، بأنه سيصير القس موسى العظيم، أب الرهبنة، وصاحب القلب الحاني الطيب الوديع... أيضًا أبشره بأنه سيكون شهيدًا... جئت لأبشر أوغسطنيوس الفاسِد، الذي تبكي عليه أمه، بأنه سيصبح كنز الروحيات والتأملات الذي تنتفع به أجيال كثيرة.
جئت لأبشر مريم القبطية الزانية بأنه ستصبح سائحة قديسة، يتبارك منها الأنبا زوسيما القس.
جئت لأبشر المسبيين بالعتق، والمأسورين بالإطلاق، جئت لأبشركم بسنة سعيدة مقدسة مقبولة أمام الله، وأقول لكم إنه لا يوجد شيء غير مستطاع عند الله... ولا توجد مشكلة يعصى حلها على خالقها العظيم، الذي يفتح ولا أحد يغلق (رؤ 3: 7).
جئت لأبشر الأرض المظلمة الخربة المغمورة بالمياه...
الأرض التي قيل عنها في سفر التكوين أنها خربة وخاوية ومغمورة بالماء، وعلى وجه الغمر ظلمة (تك 1: 2). جئت أبشر هذه الخربة بأن روح الله يرف على وجه المياه، وأن الله سينيرها، ويقيم فيها كل نفس حية، مع جنات وبساتين، ويجعل فيها أزهارًا وزنابق، ولا سليمان في كل مجده كواحدة منها...
وستكون هذه الأرض رمزًا لكل نفس خربة وخالية.
هذا هو الله المحب القادر، وهذه هي بشارته المفرحة.
لذلك كل من يعقد الطريق أمامك، لم يفهم الله بعد...
الذي لا يذكر لك سوى الجحيم وجهنم والعذاب والبحيرة المتقدة بالنار والكبريت، ويعطيك صورة مسودة عن الأبدية، هذا لم يعرف الله بعد، وكلامه غير مقبول في بداية سنة جديدة، نريد فيها بشري طيبة.
الأولى إذن أن نبشركم بإلهنا الطيب الحنون، الذي غني بمراحمه وإحساناته داود النبي، فقال في مزمور 103 كلامًا جميلًا محببًا إلى النفس، نقتبس منه قوله:
"باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل إحساناته".
ويتذكر المرتل في فرح إحسانات الله إليه، ويذكر بها نفسه فيقول:
الذي يغفر جميع ذنوبك،
الذي يشفي كل أمراضك، الذي يفدي من الحفرة حياتك،
الذي يكللك بالرحمة والرأفة، الذي يشبع بالخير عمرك،
فيتجدد مثل النسر شبابك (مز 103).
ثم يذكر المرتل إحسانات الرب من جهة مغفرة الخطايا، فيقول:
لا يحاكم إلى الأبد، ولا يحقد إلى الدهر،
لم يصنع حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا.
لأنه مثل ارتفاع السموات والأرض، قويت رحمته على خائفيه،
كَبُعْد المشرق عن المغرب، أبعد معاصينا...
إذن ليس هو إلهًا يترصد الخطايا، ليدخل الناس إلى جهنم، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى...
إنه رحيم ورءوف، طويل الروح وكثير الرحمة، يتراءف على خائفيه، كما يترأف الأب على بنيه. ومادام هكذا فلنفرح إذن بالرب.
علينا أذن أن نفرح الناس، لكي يطمئنوا إلى إله أخذ الذي لنا، ليعطينا من الذي له. صار أبنا للإنسان، ليجعلنا أولادًا الله... هذا الذي أتى ليخلص شعبه من خطاياهم. كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلى طريقه. والرب وضع عليه إثم جميعًا" (أش 53: 6).
هناك أشخاص أفكارهم سوداء. كلها قسوة وعنف وعدم مغفرة.
ويلقون ثيابهم السوداء على الله، ليلبس كواحد منهم.
ولكن الرب، كل ما فيه أبيض ناصع، ما أبعده عن أفكار الناس السوداء. ونشكر الله أنه حتى الملائكة الذين ظهروا، ظهروا بثياب بيض، ثياب من نور.
إلهنا إله طيب. وتأكد أنه سيفتح له طريق الخلاص، وأنه سيخلصك من جميع خطاياك.
إنه لا بُد سيفتقدك، ولو في آخر الزمان...
ولو في الهزيع الأخير من الليل، ولو بعد أن يضطرب البحر، ويخيل إليك أن السفينة ستنقلب... إنه لن يتركك، بل ستدركك رحمته، ولو ساعة الموت أو قبيل ذلك بقليل... نعم لن يتركك.
إن كانت الخطية أقوى منك، فرحمة الله أقوى من الخطية.
إن كانت الخطية تزداد، فالنعمة تكثر جدًا... إن خفت من الذين قاموا عليك، فاعرف أن "الذين معنا أكثر من الذين علينا" (2مل 6: 6). إننا نحب أن نعيش في فرح دائم... تهب الأمواج، وته الرياح، وتسيل الأمطار، وتتزلزل الجبال... أما نحن فنسبح الرب تسبيحه جديدة. نغني أغنية جديدة للرب. نعيش في فرح"، "راسخين غير متزعزعين" (1كو 15: 58)، واضعين في أنفسنا حقيقة هامة، وهي أن الله يتدخل في كل مشكلة، ليحلها.
الله يَتَدَخَّل. والله أقوى من العالم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/new-year/year.html
تقصير الرابط:
tak.la/2q33xa9