محتويات |
كان في خطة الله، أن ينقذ يوسف من كل متاعبه. ولكننا نلاحظ في كل أحداث القصة أن الله يسمح بأن تأتي التجربة، ثم ينقذ منها بالطريقة الإلهية في الوقت المناسب.
طلب يوسف من رئيس السقاة أن يذكره أمام فرعون ليخرجه من بيت السجن (تك 40: 14). ولكن رئيس السقاة "نسيه" (تك 40: 23). واستمر نسيانه لمدة سنتين... والعجيب أن هذا النسيان كان في صالح يوسف... إلي أن أرسل الله حلمين لفرعون. وجمع فرعون كل الحكماء والسحرة، فلم يستطيعوا تفسير الحلمين. وهنا تذكر رئيس السقاة يوسف الصديق، وقص علي فرعون حكمة يوسف في تفسير الأحلام. وكان ذلك بتدبير إلهي لكي يرفع شأن يوسف ويعوضه عن أيام التعب.
وهنا نري حكمة الله في العمل في الوقت المناسب.
· لو أن رئيس السقاة ذكر يوسف أمام فرعون، حالمًا رجع إلي منصبه، كان أقصي ما يصل إليه يوسف أن يخرج من السجن، ثم لا يعلم إلي أين يذهب بعد ذلك.
· كذلك لو أن فوطيفار لم يصدق امرأته في اتهامها الكاذب ليوسف، وقال لها إن هذا الشاب إنسان مبارك... ولو أنه حقق في الأمر جيدًا واتضحت له براءة يوسف، لكانت النتيجة هي بقاء يوسف عبدًا أمينًا في بيت فوطيفار! وما كان قد أصبح الثاني في المملكة: يركع الكل أمامه، ومن ضمنهم فوطيفار طبعًا.." وبدونه لا يرفع إنسان يده ولا رجله في كل أرض مصر" (تك (40: 44). وطبعًا فوطيفار أصبح كالباقين لا يرفع يده ولا رجله إلا بأمر يوسف.
· كذلك أخوة يوسف: لو أن الله أنقذه من أيديهم وقتذاك، فلم يلقوه في البئر، ولم يبيعوه كعبد... لبقي يوسف طول عمره مجرد راع للغنم.
· لذلك فإن تمنيات الإنسان شيء... وما يعده الله له أعظم بكثير مما يتمني، ولو عن طريق التجارب والمتاعب.
· عن الله قد يسمح للخطاة أن يرتكبوا كل ما يشاءون ضد أولاده. ويبدوا كما لو كان الله ساكتًا لا يعمل..!! أو كما شكا داود قائلًا للرب في المزمور "لماذا تقف بعيدًا؟ لماذا تختفي في أزمنة الضيق؟!" (مز 10: 1).. ولكن في نفس الوقت الذي يظن فيه الإنسان المجرب أن الله بعيد عنه، يكون الله يدبر كل شيء في صالحه. وكما قال الرسول "كل الأشياء تعمل معًا للخير، للذين يحبون الله" (رو 8: 28).
وكما أن الله لم يتخل عن يوسف، كذلك يوسف لم يتخل عن الله.
ظل متمسكًا بالرب في كل المتاعب التي أصابته. وظل ثابتًا علي إيمانه. وكان اسم الله علي شفتيه في كل حديثه مع فرعون. لقد ذكر اسم الله أكثر من مرة أمامه (تك 41: 16، 25، 28، 32).. قال هذا وهو يعرف أن فرعون يعبد رع وآمون وإيزيس وأوزوريس وبتاح وغيرهم... لكنه لم يقل أمامه سوي اسم الله (ألوهيم ويهوه). علي عكس أولئك الذين لا يذكرون اسم الله أمام الذين يعبدون غيره غما خجلًا أو خوفًا أو ضعفًا. لعل هذا يذكرنا بقول داود النبي للرب:
"تكلمت بشهاداتك قدام الملوك ولم أخز" (مز 119).
أما الإنسان المخلص لإلهه، أسم الله علي لسانه أما الكل... هكذا كان يوسف. ونري أن يوسف فيما بعد: لما رزقه الله بابنين، دعا اسم البكر منسي قائلًا: لأن الله أنساني كل تعبي. "فلم ينس اسم الله في تسميه أبنه البكر. وكذلك بالنسبة إلي أبنه الثاني، دعاه أفرايم قائلًا لأن الله جعلني مثمرًا في أرض مذلتي" (تك 41: 51، 52). ذلك لأن معني كلمي (أفرايم) هو الثمر المضاعف. هناك أشخاص إذا حلت بهم المشاكل أو المتاعب يتذمرون علي الله أو يجدفون عليه أو يشكون قائلين: لماذا يفعل الله بنا هكذا؟ وأين هي رحمته؟! وأين استجابة الصلوات؟! أما يوسف، وكذلك أيوب الصديق، لم يفعل أحد منهما هكذا...
يوسف لم يفسر فقط الحلمين لفرعون، بل قدم له الحل أيضًا.
لم يكن مثل الكثيرين الذين يتحدثون عن المشاكل الذين يتحدثون عن المشاكل، دون أن يساهموا في ذكر الحلول، وكان الحل الذي قدمه حلًا عمليًا وحكيمًا، أعجب به فرعون، واعترف أن يوسف "رجل فيه روح الله" وأيضًا "بصير وحكيم". لذلك منحه كل السلطات لكي يقوم بنفسه بهذا الحل. فقام بذلك وأنقذ الشعب من المجاعة.
كان يوسف أمينًا في عمله ومدبرًا حكيمًا. كان انجح وزير تموين في كل تاريخ مصر.
كان مدبرًا ميدانيًا. لا يجلس علي مكتب ويصدر الأوامر. إنما كان ينزل إلي ميدان العمل ويشتغل. كان يخزن القمح بنفسه. وكان يبيع أحيانًا بنفسه. لقد أعطانا مثالًا عمليًا عن رجل العمل الناجح. قد يظن البعض أن الديانة مجرد صوم وصلاة وباقي أمور العبادة. أما يوسف فقدم لنا النموذج للديانة المخلصة في العمل، سواء في عمله مع فوطيفار، أو مع فرعون. وهكذا نفذ بكل دقه وبكل نجاح الخطة التي وضعها لإنقاذ مصر من المجاعة، بل إنقاذ كل البلاد المحيطة أيضًا. فأخوته أتوه من بلاد أخرى...
بقيه قصة مع أخوته. كيف قابلهم؟ وكيف تصرف معهم؟
البلاد المجاورة جاعت هي أيضًا. فقال يعقوب لأبنائه "قد سمعت أنه يوجد قمح في مصر. أنزلوا إلي هناك، واشتروا لنا من هناك قمحًا ولا نموت" (تك 42: 1).
"فأتي أخوة يوسف وسجدوا بوجوههم إلي الأرض" (تك 42: 6).
سجدوا كما كان يسجدون الباقون أيضًا له... بل سجدوا له بعد ذلك مرات عديدة. وتحققت أحلام يوسف التي هزأوا بها من قبل، حينما رأوه مقبلًا لافتقادهم وهو شاب "فقالوا بعضهم لبعض: هوذا صاحب الأحلام قادم. فالآن هلم نقتله... فنري ماذا تكون أحلامه" (تك 37: 18-20).. أتريدون أن تعلموا ماذا تكون أحلامه؟ إنها أحلام من الله، وها هي قد تحققت. لقد عوضه الله عن آلامه، بتحقيق أحلامه...
أما يوسف فكان -في لقائه بأخوته- يدبر خطة معينة، يستطيع بها أن يلتقي أيضًا بأبيه وبأخيه الشقيق بنيامين الذي احتجزه أبوه معه فلم يحضر مع أخوته. لو أنه أعطاهم القمح بسهوله ورحلوا، ما كانت ستتحقق خطته. لذلك "تنكر لهم وتكلم معهم بجفاء "حتى يصل إلي ما يريده.
وهنا نلاحظ ثلاث نقاط:
الأولي إنه عرفهم، أما هم فلم يعرفوه (تك 42: 8). كما إنه من سؤاله لهم عرف أنهم من أرض كنعان، وان لهم أخًا مفقودًا، وأخًا صغيرًا يحبه أبوه... أما النقطة الثانية، فهي أنه كان يتحدث معهم عن طريق "ترجمان كان بينهم" (تك 42: 23). كان يكلمهم بالهيروغليفية التي تعلمها وهو في مصر، وما كانوا هم يعرفونها. أما هم فكانوا يتكلمون بالعبرانية التي يعرفها، ولا يظنون مطلقًا. فكانت أحاديثهم الخاصة مكشوفة كلها أمامه، من حيث لا يعلمون.
أما النقطة الثالثة فهي انه كان يتصرف بجفاء من الخارج، بينما كان قلبه داخله مملوء حبًا... وكان يتأثر أحيانًا من مذلتهم، ويبكي.
كان يقسو علي أخوته ظاهريًا. بينما لم تكن القسوة من طبعه. وهذه القسوة الظاهرية هي التي قادتهم إلي إدراك خطاياهم السابقة والندم عليها. حتى أنه حينما قال لهم "جواسيس أنتم. جئتم لتكشفوا الأرض... أحضروا أخاكم الصغير إلي فيتحقق كلامكم" (تك 42: 9-20).. حينئذ قالوا بعضهم لبعض:
"حقًا إننا مذنبون إلي أخينا، الذي رأينا ضيقة نفسه، لما استرحمنا ولم نسمع. لذلك جاءت علينا هذه الضيقة "وأجابهم رأوبين قائلًا: ألم أكلمكم قائلًا: لا تأثموا بالولد، وانتم لم تسمعوا، فهوذا دمه يطلب" (تك 42: 21- 23).
"فتحول يوسف عنهم، وبكى" (تك 42: 23). هكذا كان قلبه الرقيق الحساس، علي الرغم من كلامه معهم بجفاء...
كان بكاؤه حبًا وتأثيراً... إنه لم يبك حينما ألقي في البئر وحينما بيع عبدًا. ولم يبك حينما أتهم ظلمًا، وألقي في السجن بدون تحقيق، وطالت مدته في السجن... لكنه بكي حينما رأي أخوته مذلولين قدامه..! حقًا إنه هو الذي أذلهم. ولكنه في الداخل كان عطوفًا عليهم ويقودهم إلي التوبة.
أخوته لم يتمكن أبوهم من تربيتهم كما من تربيتهم كما ينبغي، فتولي يوسف تربيتهم. ونجح في ذلك.
كان يسويهم علي نار هادئة، وهادفة... ولمعرفته بطباعهم وخبرته بهم، وكان يري أنه لو سلك معهم باللين علي طول الخط، لن يصل إلي نتجه معهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وقد لا يري أخاه بنيامين، ولا يري أباه أيضًا... ولكنه في حكمة استطاع أن يذكرهم بصورة ما فعلوه من قبل... أولئك الذين بكل استهانة ألقوه في البئر، وجلسوا يأكلون ويتكلمون..! (تك 37: 24، 25).
وهكذا أخذ شمعون، وقيده أمام أعينهم (تك 42: 24). ولكن لماذا شمعون بالذات؟
ربما لأنه كان أعنفهم. هذا الذي اشترك من قبل مع أخيه لآوي، في قتل أهل شكيم ظلمًا، بعد أن اختنوا جميعًا طبقًا للاتفاق (تك 34: 25- 29). وهكذا أن أباه يعقوب في بركته الخيرة لأولاده قبل وفاته، قال شمعون ولاوي أخوان. آلات ظلم سيوفهما. في مجلسهما لا تدخل نفسي. بمجمعهما لا تتحد كرامتي... ملعون غضبهما فإنه شديد، وسخطهما فإنه قاس" (تك 49: 5-7)..
لذلك أمر يوسف بتقييد شمعون أمام أخوته، ليريهم أن العنف الذي فيهم، هوذا ضعيف وذليل أمامه. لكي يخفض كبرياءهم، ولكي يخيفهم فلا يتمردون عليه... كان قلبه يذوب اشتياقًا لرؤية شقيقه بنيامين. ولذلك قال لهم:
ليتحقق أن كلامكم صدق، اذهبوا واحضروا أخاكم الصغير (تك 42: 15، 16).
في الأول أمر بحسبهم جميعًا، وواحد منهم يذهب لإحضار الأخ الصغير. ثم تحنن عليهم وقال: "فليجس واحد منكم. وانطلقوا أنتم وخذوا قمحًا لمجاعة بيوتكم. واحضروا أخاكم الصغير إلي. فيتحقق كلامكم ولا تمتوا" (تك 42: 19، 20). بهذا أعرف أنكم أمناء، ولستم جواسيس (تك 42: 34). ففعلوا هكذا وأخبروا أباهم بكل ما حدث "وإذ كانوا يفرغون عِدالهم، إذا صرة كل واحد في عدله" (تك 42: 35).. هذا ما كان قد فعله يوسف... فخافوا.
ما كانوا يعرفون الحب، لذلك قادهم يوسف بواسطة الخوف.
ورفض أبوهم أن يرسل بنيامين معهم. وقال لهم: أعدمتموني الأولاد. يوسف مفقود وشمعون مفقود. وبنيامين تريدون أن تأخذوه!! وتعهد رأوبين بإعادته إليه، وقال لأبيه: اقتل أبني، إن لم أجي به إليك. ورفض يعقوب. ولكن لما اشتد الجوع في الأرض، عاد أبوهم يرسلهم إلي أرض مصر. وأصروا علي أخذ بنيامين معهم. وقال يهوذا "أنا أضمنه. من يدي تطلبه. إن لم أجي به إليك... أصر مذنبًا لك كل الأيام... ورضخ يعقوب أخيرًا. وسلم بنيامين مع هدية ثمينة يقدمونها للرجل. وقال لهم خذوا فضة أخري في أياديكم. والفضة المردودة في أفواه عِدالكم، ردوها. لعله كان سهوا" (تك 43: 12).
عادوا إلي يوسف. وسلموه الهدية. وسجدوا إلي الأرض. سألهم عن أبيهم "أسالم أبوكم الشيخ الذي قلتم عنه؟ أحي هو بعد". وسجدوا (تك 43: 26- 28).
كانوا قد أعادوا الفضة، ولما أروه بنيامين، كان اللقاء طيبًا، وأجلسهم ليأكلوا علي مائدته. أجلسهم علي المائدة بترتيب أعمارهم. فاندهشوا لذلك.
يوسف، لما رأي أخاه بنيامين، استعجل لأن أحشاءه حنت إلي أخيه. فطلب مكانًا ليبكي. ودخل مخدعه وبكي هناك (تك 43: 30).
في الواقع لا نجد في سفر التكوين كله إنسانًا كثير البكاء والتأثر، مثل يوسف الصديق... علي أنه بعد أن بكي، غسل وجهه، وتجلد وجلس معهم وأكل. وكان قد أعطي بنيامين من حصص الطعام أضعاف ما أعطاهم وأمر لهم يوسف بقمح أخذوه في عدالهم، وصرفهم وبنيامين معهم.
ولكن القصة لم تكن قد تمت فصولا. بقي التأديب الخير لهم، والاعتراف منهم. والإذلال، وشرح القصة كلها...
حيله أخري دبرها يوسف. قبل أن يصرفهم، كان قد وضع كأسه في أمتعه بنيامين. وبعد انصرافهم أرسل وراءهم من يفتشهم. فتعجبوا من اتهامهم بسرقة شيء أن أعادوا الفضة من قبل... وقالوا: من يوجد معه شيء يموت، ونحن نصير عبيدًا لسيدي. ولما وجد كأس يوسف في أمتعة بنيامين، مزقوا ثيابهم... واقتيدوا إلي بيت يوسف. ووقعوا أمام علي الأرض، فوبخهم علي (سرقتهم!ّ).
فقال له يهوذا: ماذا نقول لسيدي؟ وبماذا نتبرر؟! الله قد وجد إثم عبيدك... طلبوا أن يكونوا كلهم عبيدًا ليوسف، ولكنه قال: الذي وجد الطاس عنده هو يصير لي عبدا. وأما أنتم فارجعوا إلي أبيكم... وهنا وقف يهوذا متذللًا بكل أنواع التذلل، يكلم يوسف بكلام مؤثر جدًا "استمع يا سيدي. ليتكلم عبدك كلمه في أذني سيدي، ولا يحم غضبك علي عبدك.." ثم شرح ما حدث لهم مع أبيهم. "قال لنا عبدك أبي: أنتم تعلمون أن امرأتي ولدت لي اثنين، فخرج الواحد من عندي، وقلت إنما هو قد أفترس افتراسًا، ولم أنظره إلي الآن. فإذا أخذتم هذا أيضًا من أمام وجهي وأصابته أذية، تنزلون شيبتي بشر إلي الهاوية" (تك 44: 27- 29).
وشدد يهوذا علي هذه النبرة المؤثرة، وهي موت أبيهم في حزن أن لم يرجع بنيامين...
قال: أننا لا نقدر أن ننظر وجه الرجل، وأخونا الصغير ليس معنا... فالآن متى جئت إلي عبدك أبي، والغلام ليس معنا، ونفسه، يكون متى رأي أن الغلام مفقود، أنه يموت، فينزل عبيدك أبينا بحزن إلي الهاوية. لأن عبدك ضمن الغلام"، "فالآن ليمكث عبدك عبدًا لسيدي، وليصعد الغلام مع أخوته. لأني كيف أصعد إلي أبي والغلام ليس معي، لئلا أنظر الشر الذي يصيب أبي" (تك 44: 30- 34).
كلام مؤثر، ومن القلب، وفيه وفاء للأب، وحزن علي ما يحث لهذا الأب الذي يحبه يوسف، لأنه أبوه. حينئذ لم يستطيع أن يضبط نفسه، فأطلق صوته بالبكاء وعرف أخوته بنفسه.
كان أقدم أوصلهم إلي التوبة والمذلة. ولم يعد هناك مجال آخر للمعاملة الجافة. كما أنه تأثر جدًا من خوفهم علي أبيه. وحسنًا أن الله أوصلهم إلي هذا الوضع المنسحق الذليل. مع أنهم كانوا في هذا الموقف أبرياء، وقد وقعوا تحت ما شعروا به ظلمًا فتذكروا كيف كان يوسف بريئًا، وقد وقع تحت ظلم منهم. وحسنًا قالوا ليوسف "الله قد وجد إثم عبيدك".. ومتى وجده؟ بعد حوالي عشرين سنة...
إن الخطية لا تمحي بالمدة، وإنما تمحي بالتوبة.
فلما وصلوا إلي هذه المذلة، واعترفوا بخطيتهم واستحقاقهم للعقوبة، انفتح أمامهم باب المغفرة. حينئذ بكي أخوهم الذي أساءوا إليه. وصرخ وقال لهم أنا يوسف. احي أبي بعد؟ فخافوا منه. فقال لهم: لا تتأسفوا إذ بعتموني إلي هنا. لأنه لاستبقاء حياة أرسلني الله قدامكم لستم أنتم أرسلتموني إلي هنا، بل الله.
وهو قد جعلني أبًا لفرعون، وسيدًا لكل بيته، ومتسلطًا علي كل أرض مصر أسرعوا واصعدوا إلي أبي.." (تك 45: 1-9). "ثم وقع يوسف علي عنق أخيه بنيامين وبكي. وبكي بنيامين علي عنقه". ويبدو أن هذا أمر طبيعي، لأنه شقيقه ويحبه. ولم يكن قد اشترك معهم في إساءتهم إليه... لكن العجيب هو أن الكتاب يقول عن يوسف "وقبل جميع أخوته وبكي عليهم" (تك 45: 15).
أن وصيه "أحبوا أعدائكم... أحسنوا إلي مبغضيكم" التي قالهما السيد المسيح علي الجبل، نفذها يوسف قبل أن يقولها الرب بحوالي ألفي عام.
وأيضًا نفذ وصية العفة، قبل أن يكتب الله الوصية في اللوح من لوحي الشريعة السابعة (لا تزن) في أيام موسى النبي. كان ضميره حيًا، ينفذ وصايا الله بطبيعته النقية، قبل الشريعة المكتوبة.
كان مستواه الروحي أعلي من عصره.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/jacob-joseph/meeting.html
تقصير الرابط:
tak.la/v8aa3v9